السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

لماذا يؤيد الإخوان المسلمون حزب الله؟

لماذا يؤيد الإخوان المسلمون حزب الله؟
صوت السلف
الاثنين ٢٨ يونيو ٢٠١٠ - ١٨:٣٠ م
3622

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

لماذا يؤيد الإخوان المسلمون حزب الله؟

سؤال قد يبدو ساذجاً وسطحياً، فالإخوان لهم مواقفهم المعروفة من التقريب بين السنة والشيعة، وهم يرون من جانب واحد أن الخلاف بين السنة والشيعة خلاف تاريخي ولَّى زمانه ـ وإلا فالشيعة ما زالوا يقتلون أهل السنة في العراق بمعاونة الأمريكان ـ وإذا كان بعض من لا يرى التقريب بين السنة والشيعة في زمن السلم، قد يرى أنه في زمان الأزمات بحيث نطوي الخلافات، فما بالنا بمن ينادي بالتقريب على طول الخط.

إذن فالموانع التي تمنع السلفيين من التهليل لحزب الله ـ وإن فرحوا بأي نكاية في العدو الإسرائيلي ـ ليست موجودة عند الإخوان. وأما الدوافع فمعروفة من حب الجهاد والتفاعل مع أزمات المسلمين.

 فلماذا أعترض عليهم بأنه واضح لكل ذي عيان أن حزب الله يقاتل من أجل مصالح حزبية محدودة، وأنه لا يلعب إلا لمصلحة إيران لا مصلحة عموم المسلمين  ـ على الطريقة الإخوانية التي لا ترى الخلاف الحقيقي القائم بين السنة والشيعة ـ وجدت من يغالط ويحاول إثبات أن حسن نصر الله يريد تحرير بيت المقدس، وأنه يقاتل باسم الأمة ككل، وعلى الرغم من سعة صدور الإخوان ـ التي تقبلت سابّي الصحابة والطاعنين في ديننا ـ إلا أن صدورهم تضيق جداً بأي فصيل إسلامي لا يرى ما يرونه ـ حتى وإن كان تحليلاً سياسياً ـ فواجب عليك أن ترى حزب الله يدافع عن الأمة بأسرها شئت أم أبيت، فإذا ما اعترضت أو حتى سألت وأين كان حسن نصر الله منذ انسحبت إسرائيل من الجنوب اللبناني؟، ولماذا لم يسع إلى تحرير بيت المقدس؟، ولماذا لا يستجيب للنداءات التي خرجت في  كل مكان تحت قيادة الإخوان "نصر الله يا حبيب أضرب أضرب تل أبيب"، لماذا لم يضربها حتى الآن؟ لن تجد إجابة واضحة.

 كل هذا ليس بعجيب، ولكن العجيب حقاً هو هذه المقالة التي نشرها  (موقع إخوان أون لاين)  تحت عنوان "المقاومة  اللبنانية حساب الربح والخسارة" لقد اعترفت المقالة، بأن دوافع حزب الله من هذه العملية العسكرية هو العودة إلى دائرة الضوء بعدما انحسرت عنه الأضواء بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، واعترفت بأن من دوافع إثبات أنه الفصيل الأقوى بين جميع فصائل المقاومة بما في ذلك حركة أمل ـ الشيعية ـ، واعترفت بأنه توقيت العملية قبل اجتماع قمة الدول الثماني كان الغرض منه تخفيف الضغوط على الحليفة إيران.

إذن فحزب الله حزبية طائفية باعتراف (إخوان أون لاين)، ولكنهم يرون في النهاية أن حزب الله قد حقق أهدافه منها، وقد نجح في ذلك بنسبة تقترب من المائة في المائة، ولم يذكر لنا المقال من الذي دفع ثمن هذه الأهداف؟ إلا في عبارة غامضة خاطفة قال فيها "إن حزب  الله حقق أهدافه رغم سياسة الأرض المحروقة التي تمارسها إسرائيل"، ولم يعلق المقال عن هذه الأرض التي حرقت ومدى دخولها في حساب الربح والخسارة، ولم يوضح لنا عدد القتلى والجرحى والمشردين على هذه الأرض المحروقة، وهل دخلوا في حسابات كاتب المقال أم لا؟ وإذا أضفنا إلى ذلك مواقف سلبية كثيرة وقفتها جماعة الإخوان من حركات جهادية أفضل بكثير أو على أقل الأحوال مثل حزب الله، كان من آخرها الموقف الرافض للدعم والتعاون بل والتنسيق مع المحاكم الشرعية في الصومال بحجة أنهم أطياف شتى، تبين لنا أن ثمة دوافع أخرى عند الإخوان للتأييد المطلق لحزب الله ومن قبله للثورة الخومينية، والتي يمكن أن نجملها فيما يلي:

1-   الدور الذي يقوم به حزب الله حتى ولو كان وراءه إيران يحرج الحكومات العربية إحراجاً شديداً فيما يتعلق بمسألة الهرولة إلى السلام والفرار من الحرب، وهذا يصب في مصلحة المعارضة ـ أي معارضة ـ ولذلك نجد كثير من المعارضين الذين يحملون المجاهدين في أماكن أخرى مسئولية  كل قطرة دم، مع أنهم ليسوا هم البادئين، يهللون أيضاً لحزب الله.

2-      أن موقف حزب الله يدعم المعارضة الإسلامية دعماً خاصاً، لا سيما إذا قُدم لجمهور الناس على أن هذا هو النموذج الإسلامي.

3-   وإذا ذهبنا إلى ما هو أبعد من ذلك، فإن النموذج الإيراني الذي يصل فيه إسلاميون ـ بغض النظر عن مذهبهم ـ إلى السلطة عن طريق طرق شعبية و سياسية ، في ظل تأييد دولي صريح أو ضمني هو النموذج الأقرب إلى طريقة تفكير الإخوان، ومن ثم فهم حريصون على إثبات نجاح هذه التجربة، كما أنهم حريصون على محاولة محاكاة خطاب الثورة الإيرانية الذي كان ثورياً دينياً اجتماعياً عندما يوجه إلى الشعب، سياسياً مصلحياً عندما يوجه إلى العالم الخارجي، سياسياً معارضاً عندما يوجه إلى السلطة.

4-   وإذا ذهبنا إلى ما هو أبعد من ذلك فإن الخوميني كان قد أعلن دعم للحركات الإسلامية في العالم الإسلامي بغض النظر عن انتمائها الطائفي  ـ سني أو شيعي ـ وكانت هناك محاولة لتبني ملف حقوق الإنسان في مصر ـ لا سيما فيما يخص الإخوان ـ وإن كانت السياسة الخاصة الإيرانية قد تراجعت عن ذلك بعض الشيء إلا أن كثير من الاتجاهات المعارضة في العالم الإسلامي تمني نفسها بأن إيران عندما تمتلك النووي قد تتحول إلى ثورة إقليمية أكثر تأثيراً، ومن ثم قد تستطيع إعادة تبني حماية الاتجاهات الإسلامية المضطهدة.

www.salafvoice.com