الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وقفات مع قانون دور العبادة الموحد

والمسألة مريبة، وضغوطات الأمريكان والاتحاد الأوربي معروفة، والتحيز والكلام عن الفتنة الطائفية، وحقوق الأقليات، وهو كلام لا يكاد يكون له وجود أو واقع، وخصوصاً إذا نظرنا إلى...

وقفات مع قانون دور العبادة الموحد
سعيد عبد العظيم
الاثنين ٢٧ يونيو ٢٠١١ - ١٥:٢٤ م
4302

وقفات مع قانون دور العبادة الموحد

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد،

فقد تناقلت وسائل الإعلام قانون دور العبادة الموحد، والناس فيه بين موافق ومخالف، بل حتى قطاعات من النصارى لها اعتراضات عليه وتصويبات من وجهة نظرهم.

وهذا الأمر حري بالوقوف معه عدة وقفات:

- القانون في مادته الأولى يفوض المحافظون، كل فى نطاق محافظته، فى مباشرة الاختصاص بالترخيص ببناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو بإجراء تعديلات لها أو توسيعها أو ترميمها أو تدعيمها.

والنصارى معترضون على تخويل الأمر في ذلك إلى المحافظ، لئلا يترك الأمر لرأي المحافظين.

- والمادة الثانية تنص على أنه: يجب على المحافظين عند إصدار الترخيص بالبناء لدور حديث للعبادة مراعاة عدد من الشروط، وهى: أن يقدم طلب البناء مشفوعا بموافقة وزارة الأوقاف، أو من مسئولى الطائفة الدينية المختصة، والمعترف بها فى جمهورية مصر العربية، وأن يتناسب عدد دور العبادة لكل ديانة من الديانات المعترف بها فى جمهورية مصر العربية فى كل قسم أو مركز داخل كل محافظة مع عدد وكثافة السكان المقيمين بالفعل فى القسم أو المركز لتلك المحافظة والمنتمين للديانة المطلوب بناء دور العبادة فيها، وبما يفى بحاجتهم الفعلية لممارسة شعائرهم الدينية.

وهذا البند اعترض عليه النصارى، وقالوا: لماذا يشترط التناسب مع عدد وكثافة السكان، على تقدير أن تكون إحدى العائلات في منطقة من المناطق يحتاجون إلى كنيسة للصلاة فيها، فلا داعي للتقيد بالتناسب مع عدد السكان وكثافتهم.

- وألا تقل المسافة بين المكان المطلوب بناء دور العبادة فيه وبين أقرب دور عبادة مماثل وقائم بالفعل عن ألف متر.

واعترضوا على هذا أيضاً، وتكلم أسقف الشباب نيابة عن البابا شنودة طالباً تقليص المسافة إلى 200 متر بين كل دار للعبادة وأخرى.

واعتراضات على مثل هذا النحو، والمواد وصلت تقريباً إلى نحو سبع مواد.

- لماذا التسرع بإصدار قانون دور العبادة في هذه الأيام قبل إنشاء مجلس الشعب أو مجلس الشورى، وهو على وشك أن يتم؟! ولكن يبدو أن البعض يريد استباق الأحداث قبل تكوين مجلس الشعب، ويمارسون ضغوطاً على المجلس العسكري، وهو الأمر الذي يهدد بنوع من عدم الاستقرار.

- لماذا استفزاز غالبية المسلمين بقانون كهذا، وهناك نوع من الضغط على المجلس العسكري. وإذا كانت النصارى الأقلية المستبدة المدللة تمارس هذه الضغوط فمن الممكن أن تمارس نفس الضغوط غالبية البلد وكلهم من المسلمين.

فلماذا هذا الاستفزاز والاستبداد واستباق الأحداث، ومحاولة إصدار قوانين قبل أن يتكون مجلسا الشعب والشورى.

- والمسألة مريبة، وضغوطات الأمريكان والاتحاد الأوربي معروفة، والتحيز والكلام عن الفتنة الطائفية، وحقوق الأقليات، وهو كلام لا يكاد يكون له وجود أو واقع، وخصوصاً إذا نظرنا إلى الغرب، وأنا قد سافرت إلى هناك، فلم أجد مثلاً في إيطاليا مسجداً واحداً، فأين حقوق المسلمين في الغرب التي نساويها بحقوق النصارى عندنا هنا.

- والكنائس مفتوحة في مصر ليل نهار، ولا يمكن مراجعة النواحي المالية في الكنيسة، فهل هذا موجود في المساجد؟ لا، أبداً. فالمساجد تغلق عقب الصلاة. فأين حتى مساواة المسلمين بالأقباط هنا في مصر.

وأنا في أيطاليا لم أجد مسجداً واحداً، وحكوا لي عن مسجد في روما عاصمة الفاتيكان حاولوا أن يقيموه وكان ذلك منذ أكثر من عشرين سنة، ولم يكتمل بناؤه بسبب الإجراءات والقوانين.

والمساجد الموجودة في إيطاليا أقيمت بنوع من الاحتيال، يسمونها مركزاً ثقافياً لكي يصلوا فيها، فأين حقوق الإنسان والأقليات.

وفي باريس نحو من خمسة أو ستة مساجد لا تتناسب مع عدد المسلمين، والمسألة تخضع للإجراءات، والمسلمون هناك كأنهم يحترمون هذه الإجراءات.

- والمسألة في مصر كأنها تختلف اختلافاً كبيراً عنها في أوربا، حتى لو نظرنا إلى عدد الكنائس، ومساحات الكنائس والأديرة كثير منها حقوق مساحة الحرم المكي، وليس مسجد عندنا بل مساحة الحرم المكي، وطريقة بنائها تدعو إلى نوع من الريبة، فتبدو وكأنها قلاع حصينة.

فهل يتناسب عدد النصارى مع عدد الكنائس والأديرة الموجودة؟ بالقطع لا.

- ومن عجيب الأمر أنهم اعترضوا على قانون دور العبادة الموحد، وكأنه نوع من التدليل دفعهم إلى مزيد من الطمع. فهم يتمتعون بحقوق لا يتمتع بها المسلمون لا في الغرب ولا حتى في مصر.

- مسألة أخرى: ما نص عليه أهل العلم، وهذا أمر لا نتكتمه، فباتفاق العلماء يحرم بناء كنيسة جديدة، وهذا هو الوضع الشرعي.

والمسألة صارت هذه الأيام سياسية، وفيها إظهار نوع من القوة، والتلويح بالتدخل الأجنبي واستثارة الأمريكان أو الغرب على البلد، وهذا ما يفعله أقباط المهجر.

- وعلى جهة الإجمال والاختصار:

عندما نقول: لا محبة، لا أخوة، لا مودة، لا موالاة، نعود فنقول: البيع والشراء معهم يجوز، ويجوز هديتهم، وضيافتهم، ورحمتهم بالرحمة العامة، والتزوج من نسائهم، وأكل ذبائحهم، كل ذلك يجوز، والعدل معهم واجب (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة:8].

- هناك أشياء تجوز في التعامل مع أهل الكتاب، وأشياء أخرى لا تجوز، وعلينا أن ندور مع إسلامنا حيث دار، فالحلال ما أحل، والحرام ما حرَّم، والدين ما شرَّع، وليس لنا إلا أن نقول: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) ولا بد من الرجوع إلى كتاب الله، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

ربما يهمك أيضاً