الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الليبراليون يتداوون بـ"قنديل أم هاشم"!

الليبراليون يتداوون بـ"قنديل أم هاشم"!
غريب أبو الحسن
الخميس ١١ أغسطس ٢٠١١ - ١٦:٤٦ م
4275

الليبراليون يتداوون بـ"قنديل أم هاشم"!

كتبه/ غريب أبو الحسن

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد دأب العلمانيون على اصطناع معركة وهمية بيْن الإسلام وبين العلم، مستحضرين معركة حقيقية دارت بيْن "الكنيسة والعلم" راح ضحيتها العديد مِن العلماء حرقـًا، أو تحت حد المقصلة؛ لا لشيء إلا أن أحدهم قد يكون قال: "إن الأرض كروية"!

يقوم العلمانيون بافتعال هذه المعركة بين "الإسلام والعلم"؛ ولأنهم لو فتشوا في التاريخ الإسلامي لن يظفروا بحرق عالِم، ولا بحز رقبته -كما في تاريخ الكنيسة-، بل سيجدوا كل الدعم والاهتمام مِن الدولة الإسلامية بعلمائها في شتى أنواع المعرفة؛ فلهذا السبب حرص العلمانيون على اختصار المشهد الإسلامي الواسع وحصره في "الصوفية"، بل وحصره في "شطحات الصوفية"!

ومِن هذه القصص والمعارك المفتعلة.. تلك القصة الشهيرة: "قنديل أم هاشم" التي كتبها "يحيى حقي"، وملخصها كما في "ويكيبيديا": "إسماعيل طالب، يعيش في حي "السيدة زينب" مع أمه وأبيه، ثم يسافر لاستكمال دراسة الطب في إنجلترا، حيث يحتك بالحضارة الأوروبية وهناك يتعرف على فتاة إنجليزية تعلمه كيف تكون الحياة؟ ثم يعود إسماعيل.. ويعمل طبيبًا للعيون، ويفتح عيادة في نفس الحي -السيدة زينب-، ويكتشف أن سبب زيادة مدة المرض عند مرضاه هو استخدامهم قطرات من "زيت قنديل المسجد"، وعندما يكتشف أيضًا أن خطيبته تعالج بنفس الأسلوب يحطم قنديل المسجد، وينفض عنه مرضاه وأهله؛ لاعتقادهم أنه يهاجم ويتحدى معتقداتهم الدينية".

هكذا كانت خطة العلمانيين؛ لتنفير الناس مِن الإسلام.

إيهام الناس أن "الإسلام هو الصوفية"، ثم التركيز على "خرافات الصوفية"، وما بها من دجل وشعوذة، وتكون المحصلة النهائية: "أن الإسلام يعادي العلم"!

ولكن يدور الزمان دورته، وتقع مصر تحت حكم "جبري دكتاتوري" يسعي لوأد الكفاءات، وقتل الطاقات، فإما أن تدور في فلكه مسبحًا بحمده؛ وإلا كان نصيبك الإقصاء والإبعاد والاضطهاد.

وابتلي الناس جميعًا -علمانيون، وإسلاميون-؛ فاختار العلمانيون رغد العيش في كنف النظام وتولوا أرفع المناصب في نظام يصفونه بالدكتاتورية، بل كانوا سدنة النظام، وحماته المخلصون!

اختار العلمانيون "قاعات المؤتمرات المكيفة"، و"فنادق الخمس نجوم".. الأمر الذي جعل "وزير الثقافة السابق" يتباهي أنه أدخل جميع المثقفين الحظيرة!

اختاروا هذا المسلك على حساب منهجهم الذي ينتحلونه؛ فانفصلوا عن الناس، وانفصل الناس عنهم، وانعزلوا عن الناس، وانعزل الناس عنهم.

واختار "الإسلاميون" الثبات على منهجهم، ودفعوا ثمن ذلك غاليًا مِن حريتهم وأمنهم.. اختار "الإسلاميون" الثبات على منهجهم، ودعوة الناس إليه دون وعد بثواب دنيوي، بل الوعد بالثواب الأخروي، أما في الدنيا فكان معلومًا أن كل مَن يلتزم ذلك المنهج يلاقي شتى أنواع الاضطهاد.

اختار "الإسلاميون" البقاء وسط الناس يعانون مما يعاني منه الناس، بل اختاروا مع معاناتهم أن يخففوا عن الناس معاناتهم!

قام "الإسلاميون" بما يستطيعون من فروض الكفايات مِن جمع الصدقات وتوزيعها على الفقراء، وتعليم جاهلهم، وفض المنازعات، والسعي في الصلح بينهم.

أما "الليبراليون" فلما تغيرت ظروف البلاد بعض الشيء، تحول جزء منهم إلى "معارضة ظلت معارضة تدور في فلك النظام"، ومِن خلال الفنادق، ووسائل الإعلام.

ثم جاءت "ثورة يناير"؛ التي كشفت الغطاء عن الجميع، ووضعت الجميع أمام مرآة يرى فيها نفسه، ويراه كذلك الآخرين.

رحل "النظام".. وترك أيتامه حائرون.. ينظرون للمستقبل بعين الوجل والقلق.

لن نتحدث عن تحول الكثير من العلمانيين إلى ثوار، وكانوا بالأمس القريب حربًا على هؤلاء الثوار!

ولن نتحدث عن تعجب العلمانيين من أين أتى السلفيون؟! فلو كانوا يعرفون الشعب المصري حق المعرفة لم تكن أعينهم لتخطئ السلفيين؛ فيصدر هذا السؤال الساذج: "من أين خرج السلفيون"؟!

لن نتحدث عن رفع شعار: "دماء الشهداء"؛ لحشد الناس، ثم تحويل هذا الشعار: "للدستور أولاً"، ثم لمجلس رئاسي مدني، ثم اعتصام؛ لابتزاز الحكومة، والمجلس العسكري!

ولكن جاء رد فعل "الليبراليين" على "مليونية الإسلاميين" غاية في العجب والطرافة! كان وقع "المليونية المهيبة" على العلمانيين صادمًا جدًا، ومزعجًا جدًا..

ومرة أخري يتنكر العلمانيون لمنهجهم، ولكن هذه المرة بصورة أكثر فجاجة.. فقد طالعتنا وسائل الإعلام عن "مليونية" يتحد فيها "الليبراليون مع الصوفيين"؛ للرد على "الإسلاميين"!

أدرك "الليبراليون" أنهم غير قادرين على حشد الناس؛ لأن الناس لا تعرفهم إلا مِن خلال "البوق الإعلامي" الذي كان "يُسبح بحمد النظام السابق صباح مساء".. ثم هو هو وبنفس الأشخاص "الآن يلعن النظام السابق صباح مساء"!

راح العلمانيون يتسولون المَدد مِن الصوفية.. يتسولون المدد من جوار "قنديل أم هاشم"! فلا أدري: هل اقتنع "إسماعيل" أن "زيت قنديل أم هاشم" دواء ناجع، ثم عمد إلى شهادة الدكتوراه؛ فمزقها بعد أن ثبت عدم جدواها؟!

أم أن العلم الحديث أثبت أن "زيت قنديل أم هاشم" شفاء مِن كل داء؟!

معاشر المحترمين.. إن ما حدث سقطة مدوية.. "للمنهج الليبرالي"!

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي