الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الشريعة والرفاهية

طريق تمكين الشريعة لا ينتهى بمجرد إقرار المادة الثانية والمادة 219، ولكنه الخطوة الأولى، وكما واجهتنا الصعاب المختلفة حتى كُتب الدستور بهذه المواد، ينتظرنا المزيد والمزيد من الصعاب

الشريعة والرفاهية
السبت ١٥ ديسمبر ٢٠١٢ - ٢٠:١٤ م
1840
لشريعة والرفاهية
كتبه/ محمد الباز
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم وبعد

تحدث صديقى فى ألم عن حالة التوتر وعدم الاستقرار التى تشهدها مصر، معربا عن خيبة أمله فى الإسلاميين الذين صوت لهم فى كل الجولات الانتخابية حتى الرئاسة، وأنه ظن أن نهاية الآلام حين يضع البطاقة فى الصندوق ثم يتولى خارجا من اللجنة الانتخابية، معذرة صديقى، أخطأت حين ظننت أن آخر الطريق أن تنتخب الإسلاميين، وأن تحملهم وحدهم المسئولية، خاصة أنك حينها تتولى عنهم وتتركهم ليحملوها، تقف واضعا يديك فى جنبيك وتقول: ماذا صنع الإسلاميون فى الحكم؟ وأين ثمرات الشريعة؟ ولماذا نـُبتلى بالخوف والجوع ونقص الأنفس والثمرات؟ أين الغاز والبنزين؟ أين الوظيفة والزوجة؟.

عفوا، اختيار الإسلاميين هو أول الطريق، الطريق نحو التحرر واستقلال القرار الوطنى وإعادة بناء هذا الوطن، ومن السذاجة أن تظن أن هذا الطريق مفروش بالورود، أو أن تظن أن مجرد التعاطف والميل السياسى يكفى لاجتياز هذا الطريق، ومن نقص التقدير أيضا أن تظن أن المحتلين فى الخارج وأعوانهم فى مصر سيخلون بينك وبين غايتك بكل ترحاب، اختيارك سيستعدى عليك الداخل والخارج من أصحاب المصالح فى أن تظل مصر راكعة، تنتظر رحماتهم.

إن فقدان الثقة أو التردد فى هذه اللحظة الحاسمة سيجعلنا كبنى إسرائيل حين تضاعف عليهم العذاب والإهانة بعد دعوة موسى عليه السلام ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا )، بينما الحقيقة أننا باختيارنا الإسلاميين يقول لسان حالنا، اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، وطريق تمكين الشريعة لا ينتهى بمجرد إقرار المادة الثانية والمادة219، ولكنه الخطوة الأولى، وكما واجهتنا الصعاب المختلفة حتى كُتب الدستور بهذه المواد، ينتظرنا المزيد والمزيد من الصعاب والعقبات عند السير فى هذا الطريق، فهذا قدر الأحرار، أحرار العقيدة وأحرار الأوطان.

لا نخوِّف الناس ولا نثبط الهمم ولكننا نبصر بالعواقب فالابتلاء والتمحيص طريق الحرية فى الدنيا، وطريق الجنة فى الآخرة، فإن المصطفى حين بايع أصحابهم على الإسلام لم يبشرهم بالكنوز ولا بالراحة، ولكنه بشرهم بالجنة لمن وفَّى، ولم ينل من تخلف عنه إلا الخزى فى الدنيا قبل الآخرة.

ومن المقطوع به أن الشريعة والدستور الذى يؤهل الطريق للخطوة الأولى منها، ليست خيارا سياسيا، وأهمس فى أذن مشايخى وإخوانى مذكرا بخطورة تقديم الشريعة على أنها طريق للرفاهية، بل هى الطريق فى الحياة، سواء أدت إلى الرفاهية أم إلى الجوع والقتل، فالشريعة إيمان وتصديق قبل أن تكون منهجا إصلاحيا ومشروعا للنهضة، وقد خاض المصطفى – صلى الله عليه وسلم – أقسى لحظات الجوع، وعانى آلام الفقد للأهل والأصحاب صبرا على هذه العقيدة والشريعة، وغاية أمانينا أن نسلك من حيث سلك وأن ندرك ما أدرك من نصر فى الدنيا وجنة فى الآخرة.

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

سيناء والفريضة الغائبة
1921 ٠٢ يونيو ٢٠١٣
مأساة الأحواز
2433 ٠٧ فبراير ٢٠١٣
قوة التصديق
1574 ١٥ نوفمبر ٢٠١٢
فتح بيت المقدس
9 ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٨