الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

سيناء والفريضة الغائبة

من أهم أسباب أزمة سيناء، رغم أهميتها الاستراتيجية القصوى، كونها خارج خطط الدولة للتنمية فعليًا منذ استردادها من المحتل الصهيونى

سيناء والفريضة الغائبة
الأحد ٠٢ يونيو ٢٠١٣ - ٢٠:١٧ م
1921

سيناء والفريضة الغائبة

كتبه/ محمد كمال الباز

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد :

بعد حمد الله على انتهاء أزمة اختطاف الجنود ، لابد من وقفة للمدارسة .

من أهم أسباب أزمة سيناء، رغم أهميتها الاستراتيجية القصوى، كونها خارج خطط الدولة للتنمية فعليًا منذ استردادها من المحتل الصهيونى، ورغم الأغانى والشعارات، لا جامعة حكومية أقيمت، اللهم إلا من كليتين للزراعة والتربية، ولا مصانع ولا خطط للاستصلاح الزراعى فى ظل توقف مشروع ترعة السلام، ولا توطين للبدو ولا رعاية صحية أو اجتماعية فى أغلب الأرجاء، لا خطوط للسكة الحديدية ولا طرق مناسبة، ضعف واضح فى الخدمات للمواطنين، مع التركيز على نشاط اقتصادى واحد هو السياحة فى الجنوب بالتعاون مع الشركاء الصهاينة، وهو النشاط الذى لا يصل من عائده لأهل سيناء إلا النزر اليسير، وهذه أمور من الطبيعى أن تكون استجابة للضغط الأمريكى الصهيونى لتبقى هذه المساحة الشاسعة من مصر مخلخلة السيادة، فقيرة الكثافة السكانية، ضمانا لأمن الدولة العبرية، وأرجو أن تكون حادثة الجنود نقطة تحول حقيقية نحو التعامل مع سيناء، والتخلص من قيد التبعية والإملاء الغربى .

إلا أننى يعنينى هنا فى المقام الأول تأخر علماء ودعاة العمل الإسلامى عن أداء فريضة الدعوة الغائبة فى هذه المنطقة بالشكل المكافء لخطورة المنطقة وأهميتها للوطن بأسره، فغياب التنمية وضعف التعليم والخدمات رفع معدلات الأمية والفقر، وساهم فى نشر البدع والسلوكيات المنحرفة والأهواء الضالة، وبالرغم من اشتهار أهل سيناء بالعروبة والنخوة والجهاد فى مواضع كثيرة، إلا أن فريقا من الضعفاء وقع نهبا لإغراءات العدو الصهيونى لمعاونته فى أعمال التجسس والتسلل والتهريب، ودفع فريقا آخر إلى المتاجرة غير المشروعة فى السلاح، أو إلى زراعة المخدرات وإيواء الخارجين عن القانون والمخربين .

كما قد ثبت الفشل الذريع للتعامل الأمنى والعسكرى مع الانحراف الفكرى وبدع العقيدة كالتكفير والهجرة، والتكفير لعموم رجال الشرطة والجيش، على مر عهد مبارك بأسره، وربما كان هذا التعامل ذاته أحد أسباب تفاقم المشكلة، فلا مجال لاستمرار هذا الحل تحت شعار فرض هيبة الدولة، الذى يستخدمه المرجفون الداعمون لاستباحة الأعراض والحرمات بلا بينة ولا تحقق، وثبت أيضا أن هذه البدع العقائدية والسلوكيات المنحرفة لم ترتع فى المحافظات التى كان للدعوة الإسلامية نصيب من العمل فيها ولو تحت الضغط البوليسى، كمحافظة الإسكندرية، ومحافظة مطروح، رغم تشابه الثانية مع نفس ظروف التهميش والإهمال التى تتعرض لها سيناء .

دعوة أهل سيناء إلى هداية الشرع وبيان فروضه وعقائده الصحيحة حق لهم بمقتضى الشريعة، كما هى واجب وفرض على أهل الديانة والدعاة الذين ورثوا مهمة النبوة وعلمها، وفرض على ولاة الأمر بمقتضى مهمة ولى الأمر الأولى فى حفظ الدين، فلابد من إدراج ذلك كأولوية فى خطط التعامل مع سيناء بتسيير قوافل الدعاة لا فى المدن فحسب، ولكن فى كل النجوع والتجمعات القبلية، وتيسير توطين الدعاة فى أرجاء سيناء، وتيسير المنح والحوافز المغرية لطلاب سيناء وخاصة من أبناء القبائل للالتحاق بالأزهر، كما ينبغى إقامة فروع لجامعة الأزهر فى شمال وجنوب سيناء لتأهيل الدعاة، وتقديم الفتوى العلمية الصحيحة .

الحرمان من من هداية الشرع أشد خطورة من الحرمان من التنمية والرفاهية، سواء فى الحال أو المآل.

جريدة الفتح – عدد85 – الجمعة 24/5/2013

www.anasalafy.com

انا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

مأساة الأحواز
2434 ٠٧ فبراير ٢٠١٣
الشريعة والرفاهية
1841 ١٥ ديسمبر ٢٠١٢
قوة التصديق
1575 ١٥ نوفمبر ٢٠١٢
فتح بيت المقدس
10 ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٨