الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وخالق الناس بخلق حسن

وبهذه الأخلاق الحسنة فُتحت القلوب في شرق آسيا، ووسط أفريقيا وجنوبها، وما زالت تفتح في أمريكا والغرب، لأن النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها

وخالق الناس بخلق حسن
عصام حسنين
الخميس ٢٦ ديسمبر ٢٠١٣ - ٠٥:٢٣ ص
2225
22-صفر-1435هـ   25-ديسمبر-2013     

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ(رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).

وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث حقين: حق الله -تعالى-: (اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا)، وحق الناس: (وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ) أي: معاملتهم بالأخلاق الحسنة الطيبة التي جاء بها الإسلام، مِن: الصدق، والعفو، والقول الحسن، وبذل الخير، واحتمال الأذى، والوجه الطلق، وترك الأخلاق المذمومة مِن: الغش، والغدر والخيانة، والغيبة والنميمة، وغيرها... كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْه(رواه مسلم).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ(رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه الألباني)، وقال: (إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ(رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).

وبهذه الأخلاق الحسنة فُتحت القلوب في شرق آسيا، ووسط أفريقيا وجنوبها، وما زالت تفتح في أمريكا والغرب، لأن النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها، وما زالت هذه النماذج الطيبة الملتزمة بالإسلام حقًّا وبأخلاقه وآدابه السامية يفتح الله بها قلوب مَن شاء من عباده، فالتاجر الصدوق أينما حلَّ يعامل أهلها بالصدق والأمانة فيبهرهم بعد أن تألفهم بما يفتقدونه من هذه الأخلاق! فيسألونه مَن هو؟ وما دينه؟ وهكذا ينتشر دين الله -عز وجل- والحمد لله.

وهناك نماذج سيئة تصد عن سبيل الله بأخلاقها السيئة من الغش في المعاملة، وأكل أموال الناس بالباطل فيقول الناس: لو كان دينه حقًّا ما غشنا، ولا أكل أموالنا! فكان سببًا لصده عن دين الله الحق، وقد قال الله -تعالى- محذرًا: (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(النحل:94). قال ابن زيد -رحمه الله- في قوله: (تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ(النحل:92): "يغر بها، يعطيه العهد، يؤمنه وينزله من مأمنه، فتزل قدمه وهو في مأمن، ثم يعود يريد الغدر". و(دَخَلاً بَيْنَكُمْ) قال قتادة: "خيانة وغدرًا".

قال ابن كثير -رحمه الله-: "لأن الكافر إذا رأى المؤمن قد عاهده ثم غدر به لم يبقَ له وثوق بالدين، فانصدَّ بسببه عن الدخول في الإسلام".

وهل يمكن أن يحدث تمكين لقوم سيئي الأخلاق؟ والجواب قوله -تعالى-: (إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(الأعراف:128)، وقوله -تعالى-: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ . وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(المائدة:54-55).

ومن نظر في هلاك الأمم الخالية التي كان لها الصولة والجولة يرى أنها هلكت لما ضاعت أخلاقها، فمن أراد تمكينًا فعليه بتحقيق شرط الإيمان والعمل الصالح كما قال -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(النور:55)، ومن العمل الصالح: الأخلاق الطيبة التي مدح الله -تعالى- بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم:4).

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ(رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ(رواه أحمد ورواه الترمذي، وصححه الألباني)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ: الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: (المُتَكَبِّرُونَ(رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

وللأسف آفة هذا الوقت خوض اللسان في عرض الناس بدون حق أو ضوابط! مع أن الله يقول: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(ق:18)، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لمعاذ -رضي الله عنه-: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ(رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).

ومن حصاد اللسان المر الذي صار فاكهة في ألسنة الكثير اليوم: الغيبة والنميمة، ورمي الناس بالباطل، وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه رأي ليلة الإسراء والمعراج أقوامًا لهم أظفار من نحاس يخمشون بها صدورهم، فسأل عنهم جبريل فقال: (هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ(رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني). وهذا يدل على أنها من الكبائر!

والواجب على المسلم إذا سمع غِيبة أخيه أن يرده لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْغَيْبَةِ كانَ حقا على الله أن يعتقه مِنَ النَّارِ(رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني).

ويجب على المسلم ألا يخشى في الحق لومة لائم، وأن يجعل رضا الله نصب عينيه، وأن يحذر إرضاءهم بمعصية الله أو مداهنة أحد من خلق الله من أجل دنيا أو جاه! وأن يقول الحق بدليله متحليًا بأخلاق وآداب الإسلام، ولا يغضب لنفسه، وإنما لله، وهذا يتطلب منا أن نتصدق بعرضنا على الناس؛ فلا نبال بمن مدح أو ذم، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير أسوة فقد كان يؤذَى فيقول: (رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ(متفق عليه).

وكذا هو دأب العلماء العاملين -رحمهم الله-، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الذي كان لا يبالي بأحد في الحق، وبسبب ذلك ابتلي وامتحن مرات، ومن كرم أخلاقه وطيب معدنه أنه جعل كل من آذاه في حل إلا من كان عدوًّا لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-!

وبعد خروجه من محبسه بالقاهرة -وقد مكث فيه ثمانية عشر شهرًا- كتب رسالة إلى أهل دمشق جاء فيها: "فتعلمون رضي الله عنكم أني لا أحب أن يؤذى أحد من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، لا باطنًا ولا ظاهرًا، ولا عندي عتب على أحد منهم ولا لوم أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال، والمحبة والتعظيم أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو لرجل إما أن يكون مجتهدًا مصيبًا أو مخطئًا أو مذنبًا، فالأول مأجور مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد فمعفو عنه مغفور له، والثالث فالله يغفر لنا وله ولسائر المؤمنين.

وتعلمون رضي الله عنكم أن ما دون هذه القضية من الحوادث يقع فيها من اجتهاد الآراء واختلاف الأهواء، وتنوع أحوال أهل الإيمان وما لابد منه من نزغات الشيطان ما لا يتصور أن يعرى عنه نوع الإنسان، وقد قال -تعالى-: (وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً . لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(الأحزاب:72-73)، بل أنا أقول ما هو أبلغ من ذلك تنبيهًا بالأدنى على الأعلى، وبالأقصى على الأدنى، فأقول: تعلمون كثرة ما وقع في هذه القضية من الأكاذيب المفتراة والأغاليط المظنونة والأهواء الفاسدة، وأن ذلك أمر يجل عن الوصف، وكل ما قيل من كذب وزور فهو في حقنا خير ونعمة، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ(النور:11).

وقد أظهر الله من نور الحق وبرهانه ما رد به إفك الكاذب وبهتانه، فلا أحب أن ينتصر من أحد بسبب كذبه عليَّ أو ظلمه وعدوانه، فإني قد أحللت كل مسلم، وأنا أحب الخير لكل المسلمين وأريد بكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي، والذين كذبوا وظلموا فهم في حل من جهتي! وأما ما يتعلق بحقوق الله فإن تابوا تاب الله عليهم، وإلا فحكم الله نافذ فيهم.

فلو كان الرجل مشكورًا على سوء عمله لكنت أشكر كل مَن كان سببًا في هذه القضية لما يترتب عليه من خير الدنيا والآخرة، لكن الله هو المشكور على حسن نعمه وآلائه وأياديه التي لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له، وأهل القصد الصالح يشكرون على قصدهم، وأهل العمل الصالح يشكرون على عملهم، وأهل السيئات نسأل الله أن يتوب عليهم.

وأنتم تعلمون هذا من خُلُقي، والأمر أزيد مما كان وأوكد، لكن حقوق الناس بعضهم مع بعض وحقوق الله عليهم هم فيها تحت حكم الله.

أنتم تعلمون أن الصديق الأكبر في قضية الإفك التي أنزل الله فيها القرآن حلف لا يصل مِسْطح بن أُثاثة؛ لأنه كان من الخائضين في الإفك؛ فأنزل الله -تعالى-: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(النور:22)، فلما نزلت قال أبو بكر: بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي، فأعاد إلى مسطح النفقة التي كان ينفق.

ومع ما ذكر من العفو والإحسان وأمثاله وأضعافه، والجهاد على ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة أمر لابد منه (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ . وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(المائدة:54-56)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليمًا" (مجموع الفتاوى).

نسأل الله المعونة على طاعته، والصبر والثبات.


www.anasalafy.com
موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً