الأربعاء، ٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

قبل أن تحترق بلادي!!

فقرأت ما هالني وصدمني ، ولا أُخفيكم كنت أقرأ بنفسية حزينة حزن المصدوم فيمن وثقت فيه وحسبته شيئاً .. فإذا هو سراب بل هو عليك

قبل أن تحترق بلادي!!
عصام حسنين
الخميس ١٦ يناير ٢٠١٤ - ١٦:٠٤ م
3374

قبل أن تحترق بلادي !!

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛

لقد كنت أنظر إلى جماعة الإخوان على أنها جماعة دعوية عاملة على الساحة كباقي الجماعات ، تتخذ من الطريق السياسي طريقاً للتغيير ، مع وجود بعض المخالفات المنكرة عندهم ، ولم أكن أشغل بالي بهم كثيراً إلّا عند الحاجة ، ثم لما كانت المشاركة السياسية ونزولي الانتخابات رأيت ما لم يصدقه عقلي من الممارسات التي لا تمت لا لشرع ولا أخلاق ، وكانت صدمة لنا جميعاً حتى إني قلت لأحد المشايخ وقتئذٍ :

 هذه الجماعة  ينبغي ألّا يطلق عليها تيار إسلامي ، إنّما هي تنظيم سياسي !

ثم ازدادت قناعتي بذلك مع الأيام من خلال احتكاكي المباشر وغير المباشر بهم .

 ثم أردت أن أتعرف عليهم أكثر فرجعت إلى كتبهم التأريخية لهم ؛ فوقع في يدي كتاب "الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ"

فقرأت ما هالني وصدمني ، ولا أُخفيكم كنت أقرأ بنفسية حزينة حزن المصدوم فيمن وثقت فيه وحسبته شيئاً .. فإذا هو سراب بل هو عليك ، وسبب في تأخرك بسوء تصرفاته ، وما زال هذا شعوري ، لكن الوقت لا يحتمل العواطف التي يجب أن تنضبط أمام الحقائق إنقاذاً لمن يمكن إنقاذه من الشباب أن يُسفك دمه أو يضيع شبابه في غياهب السجون ، أو أن تحترق بلادي .

وحاولت الإصلاح باجتزاء بعض المواقف من حقبة 54 وما قبلها لعلهم يرجعون ويفيقون ! لكنّي وجدت الأوضاع تزداد سوءاً ، فالآذان مسدودة ، والأقوال سيئة ، والأفعال استباحية لكل شيء ؛ مما زاد يقيني بأنّهم يستبطنون تكفير المجتمع والمخالفين ، وأن التأثّر بكتابات سيد قطب في القول بالمجتمع الجاهلي وغيره قد غلبت عليهم ! لاسيما وأن رئيس مكتب الإرشاد وغالبيته  قطبيون .

 - ثم قرأت كتابا آخر بإرشاد بعض المشايخ الفضلاء لعلّي أصل إلى أسرارهم وخباياهم أكثر ، وماذا يريدون حقيقة ؟ حيث إنّي لا يمكن أن أصدّق بهذه الأفعال أنّهم يعملون لعز الإسلام والتمكين له في الأرض ؟

ـ نعم ، وجدت في كتاب " التاريخ السرّي لجماعة الإخوان المسلمين " .
لعلي عشماوي أحد رجال التنظيم الخاص للإخوان إجابة عمّا أبحث عنه .
 

 - نعم ، بينهم شباب تتوقد جذوة الجهاد والتغيير في نفسه ، لكن القائمين على الجماعة يذهبون به إلى أتون الفتن بسبب أغراض معينة في أنفسهم ، هذا يشهد به "علي عشماوي" 

*وعلي عشماوي متهم بالخيانة والعمالة عند الإخوان ، ولا عجب فكل من خالفهم أو كان معهم ثمّ تركهم فهو متهم بالخيانة والعمالة والنفاق ، وفي الدرك الأسفل من النار كما قرأتم ذلك بأعينكم وسمعتموه بآذانكم!

 وهو نفسه يحكي لنا ذلك ، بل وراموا قتله . وهذا سنتعرض له فيما بعد إن شاء الله لتفسير بعض الأحداث ؛ لكن يهمني الآن أمر مهم يعتبر أخطر ما جاء بمقدمة الكتاب مما يخص الأحداث الأخيرة التي تمر بها مصر ويُخشي منه إن لم يتحمل الجميع مسئوليته ، ويعالجوا الأمور بحكمة ، أن تتدهور الأحوال خاصة مع التصاعد الأخير والذي يظهر في كادره ( الإخوان ، وجماعات التكفير التي تسمي نفسها جهادية ، والغرب خاصة أمريكا ، وقطر وذراعها الإعلامي قناة الجزيرة ، وتركيا ، وبعض أجهزة المخابرات ، وإسرائيل ) .!!

يقول الأستاذ/ علي عشماوي :

" ولكنني أفتح هذا الملف اليوم ـ أي : ملف نظرة الإخوان للأستاذ البنا ـ وأعرف أنه سوف يغضب الكثيرين ، لكن آن الأوان أن نناقش كل الأمور ، وأن نفتح جميع الملفات ؛ حيث إن هذا سوف يتوقف عليه الكثير من النتائج ، إنني أعلم مكانة الأستاذ البنا وتوجيهاته بين الإخوان ، فهم ينزلونه منزلة تقترب من منزلة الأنبياء ، حتى إنه حين دب الخلاف بين الإخوان وهم في السجون وكانت خطة الأستاذ سيد قطب وأفكاره قد بدأت تنتشر بشدة بين الإخوان في السجون ، ولما انقسم الإخوان إلى قسمين ، طالب المعترضون أن يتم الاحتكام إلى أقوال الشيخ حسن البنا لحسم الخلاف ، ولم يقل أحدهم لنحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله !

تعارض النظرة في إنشاء الأحزاب :

 لقد صرح الأستاذ محمد هلال ـ رئيس الإخوان في الدقهلية ، وعضو مكتب "الاسترشاد" ـ أنهم يقومون بالتصعيد حتى  يسمح لهم بتأسيس حزب يتحركون من خلاله في الحياة السياسية ، ويعطيهم الفرصة مع باقي قوى الشعب .

وفى رسالة للأستاذ البنا باسم نظام الحكم قال فيها رأيه في الأحزاب ، التي يطالب الإخوان الآن الحصول على ترخيص بأحدها قال : ما الذي فرض على هذا الشعب الطيب المجاهد المناضل الكريم هذه الشيع والطوائف من الناس التي تسمى أنفسها الأحزاب السياسية ؟

إن الأمر جدُّ خطير ، ولقد حاول المصلحون أن يصلوا إلى وحدة ولو مؤقتة لمواجهة هذه الظروف العصيبة التي تجتازها البلاد ، ونبشوا وأخفقوا ، ولم يعد الأمر يحتمل أنصاف الحلول ، ولا مناص من أن تحل هذه الأحزاب جميعاً وتجمع قوى الأمة في حزب واحد .

هذا رأى الأستاذ البنا مؤسس الجماعة ، وواضع أسس عملها والذي تربى على يديه بعض القائمين على القيادة الآن ، إنهم خرجوا على رأيه ونزلوا إلى الشارع مطالبين بتأسيس حزب ، وهل هذه جماعة الإخوان المسلمين ؟ أم أنه تجمع غريب على هذا البناء القديم ؟ إن هذا التوجه يتسم مع فكر البنا الذي يقول بتجميع الشباب و تدريبهم حتى يصبح لديه جيش من 12 ألف جندي ، يحارب بهم الجميع ويغزو بهم كل عزيز جبار ، كما قال في عبارته فهل يا ترى هذا التوجه الجديد الذي يقوم به القادة الحاليون هو مناورة سياسية للعامة ، لكنهم يعدون العدة في الخفاء للانقضاض إذا حانت الفرصة ، أم أنه ترهل في الجماعة حكم بأن يسلكوا هذا المسلك حرصاً على مبرر الوجود في الساحة ، وأنهم يتطورون مع الزمن ، وهم لذلك يتراجعون خطوة بعد الأخرى حتى يتوافقوا مع الفهم الأوروبي الأمريكي ، كما يجب أن يكون عليه الإسلام الحديث ، وأنهم مستعدون للقيام بتلك الرسالة المعروضة في الساحة .

إذا كان الأمر كذلك ، فإنهم فكر آخر وتجميع آخر ، وأنه أصبح القول الذي قاله بعض المراقبين السياسيين إن إخوان اليوم ليست لهم علاقة بإخوان الأمس ، ومن التغير الجديد الذي لم يكن موجوداً في الجماعة من قبل ، هو تلك النغمة العنصرية الكريهة التي لم يكن لها وجود ، حيث كان الكل سواسية كأسنان المشط ، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ، كل ذلك قد اختفى وأصبحت المباهاة بأن المقبوض عليهم من الأساتذة والأطباء والمهندسين ، وكأن المقبوض عليهم من العمال والفلاحين والطلبة ، لا وزن ولا كرامة لهم عند الإخوان المسلمين الجدد .

صرح سيادة النائب الأول للمرشد "وهو الدكتور محمد حبيب" الذي فارق الإخوان وأنشأ حزباً جديداً !

هذا هو صراع الكبار فهل يعي الصغار ؟!

إن المظاهرات التي يقوم بها الإخوان هي في المقام الأول ضد سياسة أمريكا في الشرق الأوسط ، وفى نفس الوقت يصرح الرئيس الأمريكي مرتين في أسبوع واحد بتصريحات لحماية المظاهرات ، ترى نصدق من ؟! القائمون بالمظاهرات ، أم الذين يعملون على حماية تلك المظاهرات ، أم أنها نكتة سياسية كبرى تجعل الإنسان لا يعلم أيضحك أم يبكى على ما وصل إليه الحال ؟!

إن من يقومون بالمظاهرات اليوم مطالبون بحزب سياسي هم في الأصل من أنصار الحزب الواحد ، هذا ما قاله مؤسس الجماعة ، وهذا أيضًا ما طبقه من ادعوا أنهم يقيمون دولة الإسلام ، فهم كذلك قد منعوا قيام أحزاب ، وقد حدث ذلك في أيام حكم طالبان في أفغانستان ، كذلك في إيران ، وغير مصرح بقيام أحزاب أخرى في البلاد ، أم أنهم قد عدوا العدة حين ينجحون في الانتخابات وتصبح السلطة في أيديهم أن ينقضوا على مقدرات البلاد ويحكموا قبضتهم عليها ، ثم يقومون بتصفية الخصوم وفرض الحكم الذي يريدون على رقاب العباد ؟

 - إنهم لا يقرؤون التاريخ ، فإن الحركات الإسلامية التي خدمت الأمريكان كانت دائما هي الوقود بعد انتهاء المهمة ، وليس الأمس ببعيد ، فقد سمعت بالأمس في إذاعة لندن نبأ القبض على رئيس الإخوان في العراق من قبل السلطات الأمريكية ، وهذا الرجل كان قد شارك في التمكين للأمريكان في العراق ، وكان من مجموعة الحكام الذين حكموا العراق بالتناوب ، لكن الآن قد انتهت مهمته ولم يعد إليه حاجة فتم القبض عليه ، وانتهى الدور ، وتولى آخرون إكمال المسرحية .

قلت : نعم ، تماماً كما فعلوا بعد ثورة يناير ، تركوا الثوار وذهبوا إلي عمر سليمان وجلسوا معه يفاوضونه ، ثم كان الاستفتاء والانتخابات والرئاسة والدستور علي دماء الشهداء والجرحى ، فهل قال أحد كما تقولون الآن "دستور الدم وغيره" ، ليس من الإسلام : الكيل بمكيالين ، بل الاجتهاد بضوابط الشريعة ورعاية الموازين الشرعية لتحقيق مصالح البلاد والعباد ودرء الفساد عنهم .

ـ فيا إخواننا ، ألا تسمعون ؟! ألا تقرؤون ؟! ألا تتدبرون ؟! إنني أخاف عليهم وهم الأتباع الذين كانوا وسوف يكونون وقودًا لا يحس بهم أحد ولا يدافع عنهم أحد ، لكن القول والدفاع والتمجيد كله سوف يعود على المثقفين من الجماعة ؛ لأنهم يظنون أن الحديث عن هذه الفئة سوف يساعد في تعزيز مركزهم عند الأسياد، عند من يخططون لهم فينفذون، وعند من يعدونهم فيصدقون !

يبدو أنهم يريدون أن يدفعوا بالأمور حتى نهايتها كما يخططون لها ، ويبدو أن أحداً ما قد أوهمهم بالمساندة وبالدعم ، إنهم ينفذون خطتهم الجاهزة لكل الأزمان ، وجميع الحالات ، وهى توليفة مدروسة بشدة تقوم على إحداث بعض المتغيرات والضغوط ، والخطة كالآتي:

تدهور الأحوال مع تصاعد قوة المعارضة ، مع ضعف السلطة ولجوئها إلى العنف ، مع غليان شعبي يؤدى بالضرورة إلى صاعقة التغيير !!

هذا هو نوع التغيير الذي يعرفونه ، إنهم يعملون على إثارة الفوضى وتحريض جميع القوى ليصلوا إلى الهدف الأول وهو تصاعد قوة المعارضة .

قلت ، وليس التغيير الذي يحبه الله ويرضاه ليكون الناس عبيداً لله تعالي ، وتكون الأنظمة موافقة لنظام الإسلام ، بهذه الطريقة ، وقد حدث هذا من قبل سنة 48 وفقد الشيخ البنا السيطرة علي الجماعة نفسها ، وأصبح يفاجأ بالاغتيالات والتفجيرات ؛ مما اضطره إلي إصدار بيان استنكر فيه ذلك وطالب الشعب بالوقوف مع الحكومة لمواجهة العنف ، وبعد البيان بيومين كان حادث آخر اضطر معه إلي إصدار بيان آخر أشد من الأول ؛ حيث وصف فيه من فعل ذلك بأنهم ليسوا إخواناً ولا مسلمين ، ثم كان التدبير لاغتياله !

إنما التغيير الحقيقي يكون بالبيان والحكمة والموعظة الحسنة ، وبتحبيب الناس في الله وفي دينهم ؛ لذلك يا إخواننا في حزب النور والدعوة السلفية عليكم مهمة كبيرة في تصحيح الصورة وتغيير الصورة الذهنية عند الجميع ، فبدلاً من معاداة الجميع يكون الإصلاح والألفة ، وبدلاً من الأثرة يكون الإيثار والتوافق مع الجميع ؛ يجب أن تنتهي حالة العداء هذه من المجتمع باستخدام جميع وسائل الدعوة .

لكنهم إلى حد كبير يجدون معارضة وعدم تفاهم من بعض قوى المعارضة الواعية لهذا المخطط ، ويعملون على إضعاف السلطة أو محاولة إظهارها بهذا الشكل ليدفعوها دفعا إلى استعمال العنف معهم ، وهم بذلك يرفعون قميص عثمان متباكين على الحريات المهدرة وحقوق المواطنين الممتهنة ، وسوف يتصاعدون بالموقف تصاعدًا مدروسًا جيدًا حتى يحصلوا على النتيجة التي يريدون .

قلت ، وهذا واضح لكل متابع جيد ؛ فعلي منصة رابعة كان صفوت حجازي وغيره يستفز الشرطة ، مثل : وزير الداخلية استرجل واشرب بيريل ، وسنفعل في الشرطة كما فعلنا بهم في 28 يناير" ، وكانوا يعلمون بموعد الفض كما هو موجود علي شبكة رصد ، وأعدوا مكانا للجثث !

وجاءت الفاجعة ثم هربت القيادات وتركوا النساء والأطفال والمغرر بهم يلاقون الحتوف ! ثم ظهروا بعد ذلك بصورة الضحية المظلومة ، ثم رفعوا شعار رابعة يزايدون به علي الجميع ويريدون به أن يحرقوا اليابس والأخضر كما نري الآن وحسبنا الله ونعم الوكيل .

لكنهم لن ينجحوا هذه المرة أيضًا ؛ حيث إن الناس قد كشفت ألاعيبهم المتكررة بنفس الأسلوب على مر التاريخ ، إنهم يعملون على تشجيع جميع القوى الكامنة والمتربصة للخروج من جحورها ، وكما خرجت مجموعة جديدة حتى ولو كانت إرهابية ، فهى تصب في طريقهم وتساعد خططهم حتى وإن لم يرد منفذوها ذلك .

إن البلاد لم تعد تحتمل هذا العبث بأقدار الناس ومقدرات الأمة ، فالمتربصون في الخارج لا علم لنا بالأسلوب الذي سوف يتخذونه للاستفادة من الفوضى التي يحدثها الإخوان ، حتى ولو لم يكونوا على تنسيق معهم واتفاق مسبق على أسلوب العمل ، وهم بهذا لا يدركون أنهم يقدمون لهم بلدهم على طبق من ذهب ، لكن الظاهر من الأحداث المتلاحقة والمعلومات التي تلهث الواحدة تلو الأخرى تقول وتؤكد أن التنسيق موجود ، وأن الدعم بكل أشكاله موجود ، فالإخوان لا يمكن أن يقوموا بهذا التحرك ، وبهذه الشدة مهددين أنهم سوف يتصاعدون بموقفهم ، وهم بهذا يصعدون حتى يصلوا إلى نهاية المعادلة "الوصول إلى صاعقة التغيير" .

إنهم لا يتصرفون بهذا الإقدام وتلك الخطوات المتصاعدة ما م يتيسر لهم أمران ، هما الدعم السياسي والمعنوي من قوى استطاعت بالفعل ، وثانيها تمويل مستمر ومتصل وبلا حدود .

أما الأولى وهى الدعم ، فلكي يحصلوا عليه فعليهم أن يقوموا بتلك الأعمال الفوضوية مستغلين جميع أشكال السلبيات الموجودة في المجتمع ، ثم يقومون بالنفخ فيها وتكبيرها محرضين بذلك الجماهير ضد الحكومة ، محاولين كسب أرضية وإقناع قوى أخرى بالانضمام إليهم والتحرك معهم ، إنهم يعملون على إرضاء الأمريكان بكل السبل حتى ينالوا دعمهم الكامل والمستمر ، وهم يعلمون جيداً منذ فترة طويلة أيام كانوا يقيمون المؤتمرات داخل أمريكا ، ويرسلون مندوبيهم كل عام لحضور تلك المؤتمرات ، أن كل ما يطلبه منهم الأمريكان هو إتباع فكرة أمركة الإسلام ، والأمريكان يعملون للوصول إلى هذا الهدف منذ سنين ، والمفاوضات بينهم وبين الإخوان قد أخذت وقتا طويلاً وعهداً متصلاً من الطرفين .

وكانت إحدى أدوات الضغط التي استعملها الأمريكان لترويض الإخوان هو إنشاء منظمة بديلة وهى ضرب تأسيسه في الأردن على يد تقي الدين النبهاني ، وظلوا يؤيدون هذا الخب الذي يحمل راية الإسلام الأمريكاني ، فظلوا يحاربون به الإخوان سنين طويلة حتى يكسروا شوكتهم ؛ حتى وصلوا إلى مرادهم في نهاية الأمر ، وسلم لهم الإخوان قيادتهم وساروا مع خططهم عاملين على إرضائهم بشتى السبل ، وزاد هذا الاندفاع حين سنحت الفرصة وأصبح الأمريكان يديرون فى هذه المرحلة .

ولقد ورد على لسان "أحمد منصور" في مقال الأسبوع الماضي الخبر الآتي ، : نجح اليستر كروك في عقد لقاء غير مسبوق في بيروت يومي 21,22 مارس الماضي بين شخصيات أمريكية مقربة من دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة ، وقادة أو ممثلين لبعض الحركات الإسلامية في المنطقة ، وكان من أبرز الشخصيات من الجانب الأمريكي مليك بيرن مدير عمليات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق في أفغانستان ، وجراهام فولر هو مسئول سابق عن مركز دراسات الشرق الأوسط في "السى أي أيه"، وألفريد وهوف مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ومدير هيئة ميتشل التي قادت المفاوضات في أيرلندا، وجورج كرايل المنتج التنفيذي لبرنامج "ستون دقيقة" ، أشهر برنامج للتحقيق الوثائقي التلفزيوني في الولايات المتحدة ، وبوبى مولر رئيس جمعية المحاربين القدامى في فيتنام ، وأحد الشخصيات البارزة في الحزب الديمقراطي الأمريكي ، وهو صديق مقرب من مرشح الرياسة السابق جون كيري والسيدة هيلاري كلينتون .

أما عن الجانب البريطاني بخلاف كروك ، فقد حضر سفير بريطانيا السابق عن سوريا والدكتورة بيفرلى مليتون إدوارز المحاضرة بجامعة كوينز في بيلفاست بأيرلندا ، وحضر مندوبون من محطتي الجزيرة الفضائية والبى بى سى ممثلة الحركات الإسلامية ، فقد حضر ممثلون لأربعة تنظيمات إسلامية هي حزب الله اللبناني ، ومثله نواف الموسوي المسئول السياسي في الحزب ، ومن الجماعات الإسلامية في لبنان ومثلها إبراهيم المصري وأحمد هرموش ، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ومثلها موسى أبو حمدان ، وترددت حركة الإخوان في مصر عن الحضور ، لكن حضر مندوب الجماعة الإسلامية في لبنان الذي يعتبر امتداداً طبيعياً للإخوان ، وقبلها عبد الغفار عزيز ومحمد إبراهيم خالد وعاطف لقمان قاضي .

قلت : وبهذا يُعلم لماذا تُمارس قناة الجزيرة هذا الدور الحقير لهدم مصر وإشاعة الفوضى ، كما فعلوا مع سوريا ثم تركوها ! إنها يد أمريكا للهدم ! ثم سؤال للجزيرة : لماذا لا تذكرون شيئا عن الشأن القطري الداخلي ؟! رغم أن أكبر قاعدة عسكرية لأمريكا موجودة في قطر ، ومنها تنطلق الطائرات للضرب يمينا وشمالاً ؟ ولماذا لا تذكرون شيئاً عن انقلاب حمد أمير البحرين السابق علي أبيه وتحديد إقامته ؟! علي شعبنا الواعي ألا ينساق وراء من يريد للبلد الانهيار وللجيش الانشقاق ! ومن ثَم ضياع الدين والدولة ، بل العام الإسلامي كله ، وتنفيذ مخططات تقسيم البلاد ؛ إنه الجيل الرابع من الحروب الذي تنتهجه أمريكا اليوم .. فالحذر .. الحذر .

هذا الجزء لا ينبغي أن يمر دون تسليط الضوء عليه من جميع قوى الإعلام ؛ حيث إن الاتصالات جارية على قدم وساق مع مندوبي الأجهزة الأمريكية المختلفة ، لكنهم ينكرون باستمرار ، وهكذا فهم واثقون من هذا الدعم بسبب المصالح المشتركة التي  اتفقت على إحداث الفوضى التي تريدها وزيرة خارجية أمريكا لإحداث الأثر المطلوب ؛ هكذا فقد وضح اتصالهم بالأمريكان بأكثر من طريق ، وهم بذلك قد أمنوا الدعم السياسي والمعنوي ، وأحيانا الدعم المادي عن طريق الأمريكان ، وللأمريكان طرق متعددة لدفع الأموال ، فأحياناً تدفع عن طريق وسيط ، وأحياناً أخرى تدفع على هيئة صفقة تجارية مع أحدهم يكسب فيها المبالغ المطلوبة ، وهكذا يكون الدفع مغطى تغطية كاملة أو عن طريق أحد الإخوان العاملين في الخليج العربي الذي يمكن من أموال يستطيع التصرف ؛ فيغرف منها ويعطى للإخوان ما شاء الله من أموال .

ولديهم فتوى دائمة لكل موقف يحلل لهم كل شيء ، وقد ظهر الأستاذ حسام البهنساوى وهو من الإخوان وتحيط اسمه وموقعه علامات استفهام كبيرة ، خاصة حول علاقاته بالإخوان في الكويت والإخوان في مصر ، فقد ظهر في حديث مثير للاهتمام خلال برنامج "شبكة التلفزيون" ، كشف فيه أنه كان مسئولاً عن التصرف في أموال القُصّر واليتامى في دولة الكويت عن طريق عمله في وزارة الأوقاف الكويتية ، وأنهم أفتوا أن تلك الأموال ينبغي أن تستثمر حتى لا تأكلها أموال الزكاة سنة بعد أخرى ، واستثمروها هم وأخرجوا الزكاة عنها ، وهذه الأموال تقدر بالمليارات .

ولك أن تتصور حجم الأموال التي تم تحويلها للإخوان عن هذا الطريق ، وهو سبيل واحد ، فما بالك بباقي دول الخليج وباقي الأساليب الأخرى المتبعة للسيطرة على المال وإنفاقه في سبيل تحقيق أغراضهم !

ناهيك بجمع أموال الزكاة من جميع أغنياء المسلمين في الخليج وفى غير الخليج ، حتى هنا في مصر فإنهم يتقربون من كل الأغنياء الذين تعدت رؤوس أموالهم المليون ، ويحيطونه كظله حتى لا يرى إلا من خلالهم ويتم السيطرة عليه لحسابهم ، ثم يمتصون أمواله ، ويا حبذا لو كان غير متعلم ولا متحضر ، فيكون فريسة أسهل ، وللدين تأثير السحر على الأفراد من هذا النوع فيسهل قيادته وتوجيهه .

وقديماً حين خرج الإخوان من السجون بعفو من الرئيس السادات الذي كافؤه بالاشتراك في قتله يوم عيد النصر ، حين خرج الإخوان وظهر أن الأستاذ عمر التلمساني هو المرشد الجديد انهالت عليه الأموال من جميع بلاد العام ، وتم إهداؤه خمس سيارات لاستعماله الشخصي ، وكان مبهوراً من كل هذا ، ولا يدرى أي سيارة يركب ، المهم أن الإخوان لهم وسائل كثيرة في جمع الأموال . 
وعادة الإخوان أن يطلقوا الفتاوى المناسبة لإرضاء حكام الخليج ، حتى يتركوهم ويطلقوا أيديهم ليفعلوا ما يريدون ، وقد أصدر الأستاذ سام البهنساوى في الكويت فتوى تقول إن للحاكم الحق في اختيار الرأي الذي يطبق في البلاد حتى ولو لم يكن الرأي الراجح ، وقد استدل بوقائع ثابتة ، والفتوى صحيحة ، لكنهم يطلقون للبعض ويحجبونها عن البعض الآخر .

والسؤال الآن : هل يمكن السماح للحاكم في مصر أن يتعامل مع هذه الفتوى ويستعملها ، أم أن للحاكم في مصر له فتوى أخرى بها الكثير من التشدد ؟! وهذا يدل على أن الجماعة تكيل بمكيالين وتفتى برأيين ، وهذا هوى يحاسبون عليه ، ولا يتفق مع من يدعى تحكيم الإسلام في كل فعله وقوله .

إن سلوك الجماعة ينكشف كل يوم عن مخالفات للشرع وإهمال للرأي الفقهي إن لم يتمش مع المرحلة ولا يخدم مصالحهم ، وهذا عبث بالدين يحاسبون عليه ، والأرجح أنهم قاربوا أن يتعاملوا مع الإسلام على الطريقة الأمريكية ، ويدخلوا في المنافسة مع حزب التحرير الإسلامي ، الذي يهتم في الإسلام بالحكم والدولة وتشريعاتها ، ولا يهتمون بالعبادات والمعاملات .

ولهذا فإنهم يجمعون المريدين ، ويحشدون الأتباع لأنهم لا يؤاخذون الأفراد على أية التزامات ، وهم الآن يُستعملون لإحداث الفوضى في أوزبكستان ، وهذا أيضاً لحساب الأمريكان ، الذين يستعملون الإسلام ومنظماته في كل مكان ، وقد عاشت تلك المنظمات طيلة عمرهم يقولون إن أمريكا هي الدولة الأكبر ، ويتحدثون دائماً عن المخططات الأمريكية ضد الإسلام والمسلمين .

ولكن بعد أن ظهر الأمريكان بخططهم وأفكارهم المعادية للإسلام والمسلمين ، بعد أن ظهر كل هذا ، فإنه يضعون أيديهم في أيديهم ، ويضعون أنفسهم في خدمة أغراضهم ، يسيرون خلفهم ، ويجعلون أنفسهم وأتباعهم الذين لا يفكرون ولكن يتبعون دون تفكير تحت بند السمع والطاعة ، ثم يجدون أنفسهم يحاربون في صف الأمريكان الذين يحاربون الإسلام في هذه الأيام .

والحقيقة أنني حين قررت أن أكتب في الجهاد من وجهة النظر الإسلامية ، وجدتني وكأنني أمشى على الشوك أتلمس خطاي ببطء ؛ فطالما أجلت الحديث في هذا الأمر حيث إنني سوف أغضب الكثيرين الذين تعلموا من الجهاد معاملة خاطئة من وجهة نظري ، فالجهاد هو البلورة التي يغازل بها الإخوان عيون الشباب المملوء بالحماس والاندفاع ، وهو موضوع الساعة وكل ساعة ، وهو الذي أرغم الشباب على السمع والطاعة دون تفكير أو روية .

ويقول أيضاً :

هذا وقد سحر الإخوان عيون الشباب بالحديث عن الجهاد ، ولما طال الأمد ولم يجاهدوا بدأوا يمارسون الجهاد ممارسة خاطئة ، وأن الجهاد أمر آخر غير ذلك ؛ بدأت الجماعة تتفسخ وتخرج منها مجموعات من الجماعات الإسلامية ، وكلٌّ وضع تخيلاً خاصاً للإسلام والجهاد وزادوا في التطرف .

قلت : كما استنفروا كثيراً من الشباب الذي تتوقد فيه الحماسة باسم الجهاد والقيام في وجه الظالم ، وأنها حرب علي الدين ! فقتل من قتل وسجن من سجن ، ثم يتكلمون الآن علي الشرعية !ويلوون الأدلة ويصدرون لكل موقف الفتاوى الباطلة ؛ ليخدعوا السذج من الشباب الذي تحركه العاطفة غير المضبوطة بالضوابط الشرعية .

كما أن الجهاد له أشكال أخرى غير القتال ، فقد روى أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال حين العودة من إحدى الحروب رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، وهو جهاد النفس ، فهذا النوع من الجهاد قد انحسر حتى ممن يحملون راية الإسلام ، فمحاسبة النفس أولا بأول وتقويمها باستمرار يساعد على استقامة الأفراد ؛ وبالتالي استقامة الأمة على الجهاد .

قلت : كما أن الجهاد له شروطه ولا بد من تعلمها حتى لا ترتكب الموبقات من التكفير وسفك الدماء المحرمة ، وتشويه الدعوة والدعاة ، وتنفير الناس من دينهم باسم الجهاد ؛ وكان الأحرى بهم أن يتعلموا أن التوافق مع الآخرين خير من الاستئثار بالرأي والتشبث بأن يكون الأمر كله بيدهم وحدهم ؛ وهذا لن يحدث الفرصة الذهبية التي أضاعتها الجماعة .

 

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً