الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الرمزية سهام الخارج

ويلعب الشق الإعلامي الجانب الأعظم في مرحلة التشويه حيث يتم مِن خلاله التشغيب على الكيان الأصيل

الرمزية سهام الخارج
مصطفى صبحي
الخميس ٠١ مايو ٢٠١٤ - ١٤:٥٤ م
2745

الرمزية سهام الخارج

كتبه/ مصطفى صبحي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال -تعالى-: (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) (الليل:4)، وهذا الشتات والاختلاف الذي قد يصل إلى درجة التباين إنما مرجعه إلى الفكر الذي يعتقده الساعي؛ فعندما يعتقد بعض الأفراد أو الجماعات في أنفسهم ومنهجهم أنهم أصحاب الحق، وهم مُلاكه حصريًّا، وما عاداهم فهم للباطل أقرب منهم للصواب؛ فيدفع هذا المعتقد أصحابه إلى فكرة الأحقية بالوجود التنظيمي الخاص بجماعتهم، وأن مَن سواهم فلابد من القضاء عليه؛ وذلك لخطره على المجتمع! وعلى إثر ذلك المعتقد تخطط هذه الجماعات لهدم أي كيان مناوئ لفكرها.

وهدم الكيانات -لا سيما العريقة- إجراء ليس باليسير، يحتاج إلى مراحل وخطوات متتابعة، ونخلص هنا لبعض هذه الخطوات في طريق الهدم:

التحجيم:

ويكون ذلك بإنشاء كيانات أخرى موازية تحمل نفس الشعارات -وليس الأهداف- للكيان المراد هدمه، وربما كانت تحمل اسمًا إعلانيًّا قريبًا منه، ومع بريق الكيانات الجديدة وظهورها في ثوب الأسد الهصور الذي يُكشِّر عن أنيابه مِن أجل أن يحقق أهدافه المزعومة.

فيؤثر ذلك بدوره على الكيان الأصيل في الآتي:

1- انفصال القاعدة الثورية المعترضة عن الكيان الأصيل، والتي كانت تظن أنها في معزل عن التأثير في المجتمع بفعل القادة الذين يتحكمون في اتخاذ القرارات، فوجدت الفرصة البديلة لتبحث عن طوق النجاة في كيان آخر ترى فيه إشباع رغباتها والتنفيس عنها.

2- تعدد البدائل أمام المجتمع، والتي تحمل نفس الشعارات؛ مما يعطي فرصة الاختيار عند مَن يريد أن ينتمي للكيان الأصيل أن عليه أن يفكر جيدًا قبل أن ينتمي، فلو كانت كل هذه الكيانات "الأصيل - والبدائل" واحدة لتجمعت على الأصيل، ولكن طالما كان هناك كيانات جديدة فهي تحمل أصالة الماضي وعصرية الحاضر.

ومِن ثَمَّ فإن إنشاء الكيانات الموازية يؤدي بدوره إلى انفصال عددٍ عن الكيان الأصيل، وإحجام آخرين عن المشاركة فيه، وكل ذلك يكون مرحلة من مراحل الهدم.

التشويه:

وهو تلك الحيلة "اللا أخلاقية" التي يستخدمها مَن أراد الهدم، وذلك بمحاولة إشاعة الكذب والأراجيف والاتهامات الباطلة والقدح في النيات، وهذه الحيلة هي بيت القصيد والأصل الأصيل حتى يَسهل الهدم، حيث تعتمد على تنفير القواعد للكيان الأصيل مِن خلال التشكيك في القيادات، وتخطيء اتخاذ القرار، معتمدة في ذلك على العقلانية المخالفة للشرع ومخاطبة العاطفة.

ويلعب الشق الإعلامي الجانب الأعظم في مرحلة التشويه حيث يتم مِن خلاله التشغيب على الكيان الأصيل متصيدين أحيانًا أخطاءً حقيقية، لكنها غير متعمدة الحدوث، وهذا ندرة إذا ما قرن بالأخطاء المزمعة الكاذبة.

كما لا يفوت قاصد الهدم أن يَنسب أخطاء الكيانات الموازية المستحدثة للكيان الأصيل على اعتبار أنه نمى عنه ويحمل نفس شعاره، وبالتالي فمسارات التطبيق متشابهة.

الترميز:

ونعني به اختزال الكيان الأصيل بعمله المؤسسي في رموز الكيان، ومتى استطاع قاصد الهدم أن يقضي على هذه الرموز، استطاع لتوه القضاء على البناء والكيان الأصيل.

ولتحقيق الرمزية في الكيان الأصيل يعمل على:

1- إشعال الفرقة والعداوات بين رموز وقيادات الكيان الأصيل، وذلك لتقسيم الرأس القيادية إلى رأس رمزية، فيرى كل رمز مِن هذه الرموز اختلافه عن مجموع رأس القيادة، كما يرى أنه في محلٍ أصغر وموضع أقل قدرًا مما يستحقه إذا ما كانت تدعوه الكيانات الموازية المستحدثة ليكون فيها رأسًا قيادية وبوصلة توجيه.

2- والأعظم مِن ذلك أن يُدعَى الرمز ليخرج مِن بوتقة الكيان الأصيل برمته، وترغيبه ليكون رمزًا عامًّا "صوريًّا بالطيع" لجميع الكيانات "الأصيل المراد هدمه - والكيانات المستحدثة - والكيانات الأصيلة الأخرى".

3- رفع بعض الرموز بعضها على بعض، والتقليل مِن شأن الرموز غير المستجيبة لمحاولة التفريق.

4- محاولة لصق إشاعات كاذبة وآراء -نفعية- لبعض الرموز مساقة في غير موضعها للاستفادة منها في تأجيج نار الاختلاف، وتوهين البناء للكيان الأصيل؛ لتكون بذلك الشخصية الرمزية هي سهام الخارج التي يُراشق بها الكيان مِن كل جوانبه لمحاولة إسقاطه وهدمه.

وكل هذه الخطوات في طريق الهدم ما هي إلا محاولات المكر والخديعة التي قد تصل في درجة مِن الأوقات إلى أشدها، قال الله -تعالى-: (وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا) (نوح:22)، ولكن تبقى سنة الله -والتي لا تتبدل- في كونه (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ) (فاطر:43).

ويبقى كذلك على كل سائر في الطريق أن يتبصر بالمخاطر التي تحيط به عساها ألا تؤثر فيه، وعساه أن يتصدى لها.

وصلِّ اللهم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً