الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مهلا .. لم نغرد خارج السرب

وقد كتب بعض الأفاضل مقالا طويلا وذيله بكلام العلماء وإجماعهم عن عدم انعقاد البيعة لفاسق ابتداء ، وهذا كلام

مهلا .. لم نغرد خارج السرب
إيهاب شاهين
الأحد ٢٥ مايو ٢٠١٤ - ٠٨:٥٠ ص
4204

مهلا .. لم نغرد خارج السرب

كتبه / إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فكثيرون هم من شغلوا أنفسهم بحزب النور وقادته ومواقفه إما بالتعليق أو الشتم والبذاء أو السخرية والاستهزاء - ولا أرى ذلك إلا لأن الحزب بفضل الله أصبح له واقع كبير فى حياة هؤلاء جميعا ، وإن أخفوا ذلك بعبارات ظاهرها الانهيار وباطنها يدل على التماسك والانتشار لهذا الحزب المبارك ، يقولون إن الحزب لم يعد ينتمى إليه أحد أصبحتم أفرادا معدودين ، ولا يكاد يمر يوم بل ساعة إلا وتجد تعليقا أو مقالا على قول أو فعل أو موقف لحزب النور وهذا كله دليل واضح على قوة الحزب وانتشاره بفضل الله تعالى - وانشغال المخالفين له به أشد الإنشغال طريقة يعرفها علماء النفس جميعا "من انشغل بأحد- أكثر من ذكره "- .

وأقول لهؤلاء جميعا دع عنك أمر الحزب وكن منشغلا بحالك إن كنت أخذت طريقا غير طريقه فانشغل به ودعنا نعمل - أما سبابك وشتمك وتجهيلك فإنه يعود عليك بالسوء – وأكثر ما يتعجب له المرء تعليقات بعض الأفاضل على مواقف الحزب خاصة الأخيرة منها من التأييد للمشير تجد الردود بعيدة تماما عن الواقع الذى نتكلم فيه ، فلقد اخترنا تأييد من أيدناه حفاظا على استقرار البلاد ولا يعنى ذلك إقرارا بظلم وقعوا فيه ولكن منعا لإزدياد الظلم وحفاظا على مصلحة البلاد والعباد .               

       فقد بايع من بقي من الصحابة كأنس بن مالك والتابعين كالحسن البصري عبد الملك بن مروان خليفة للمسلمين ، وهو الذي دك الكعبة بالمنجنيق وقتل عبدالله بن الزبير (الخلفية الشرعي) وقتل الآلاف من أتباعه وقتل أكثر من 20 ألف من أتباع الزاهد الصالح ابن الاشعث !

- وقد بايع المسلمون ومنهم الامام مالك بن أنس وأبوحنيفة وبقايا التابعين أبا العباس السفاح أول خليفة عباسي للخلافة !وهو الذي قتل 80 ألف من بني أمية وأتباعهم ووضع الحصير على جثثهم وأمر بصنع مائدة طعام أكلها عليهم وقتل (الخليفة الشرعي ) مروان بن محمد ! 

وقد كتب بعض الأفاضل مقالا طويلا وذيله بكلام العلماء وإجماعهم عن عدم انعقاد البيعة لفاسق ابتداء ، وهذا كلام  بعيد عن تحرير محل النزاع لأننا لم نقل يوما أن هذه إمارة شرعية لهذا الرئيس ولا لمن قبله حتى يتم الاستدلال بمثل هذا الكلام – ثم إن كان الإجماع منعقدا على ذلك فأقوى منه الإجماع على عدم انعقادها لكافر وانفساخها لمن طرأ عليه الكفر ، ومع ذلك نرى العلماء يقولون بجواز انتخاب رئيس كافر لأنه الأقل ضررا على المسلمين – ترى هل ترى هؤلاء العلماء خائنين لدينهم ولا يقًدرون مصلحة البلاد والعباد ، وهؤلاء العلماء أمثال (ابن باز والسعدى والعثيمين والألبانى رحمهم الله جميعا ) .

 فللشيخ ابن عثيمين رحمه الله فتوى بجواز مشاركة المسلمين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وهذا نص السؤال :

الولايات المتحدة الآن تمر بفترة انتخابات رئاسية لانتخاب الرئيس ، فهل يجوز للمسلمين الأمريكيين التصويت في هذه الانتخابات لأحد المرشحين الذي يُعتقد أنه أنفع للمسلمين في هذه البلاد أم أن يتجنبوا هذه الانتخابات قطعيا؟

فأجاب رحمه الله :

"أرى أن ينتخبوا من يرونه أنفع للمسلمين ولا حرج في هذا ، واستمع إلى قوله عز وجل : (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) (الروم/1-5) ومن الذي ينتصر ؟ الروم على الفرس ، لأن الروم أهون على المسلمين من الفرس ، والمؤمنون يفرحون إذا انتصر الكافر الذي هو أقل ضررا على المسلم من الكافر الآخر ، فكذلك الانتخابات ، فأرى أنهم ينتخبون من يرون أنه أبعد عن الإساءة للمسلمين" انتهى. فالشيخ رحمه الله يجيز اختيار الرئيس الكافر إذا كان أقل شراً من كافر آخر .

فكيف إذا كان المرشح مسلماً أفلا تكون المشاركة واختيار هذا المرشح أولى وأولى !

يقول الشيخ السعدى رحمه الله في تفسيره "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان". عند قوله تعالى : (قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)[هود:91] قال رحمه الله في الفوائد المتحصلة من هذه الآية العظيمة ومنها: أن الله يدفع عن المؤمنين بأسباب كثيرة، وقد يعلمون بعضها وقد لا يعلمون شيئاً منها وربما دفع عنهم بسبب قبيلتهم وأهل وطنهم الكفار كما دفع الله عن شعيب رحمة قومه بسبب رهطه ، وأن هذه الروابط التي يحصل بها الدفع عن الإسلام والمسلمين لا بأس بالسعي فيها ، بل ربما تعين ذلك لأن الإصلاح مطلوب على حسب القدرة والإمكان .

وهذا مع الكفار فكيف الحال إذا كانوا مسلمين متلبسين بظلم

هؤلاء العلماء ليسوا خائنين لدينهم وأوطانهم بل هم يعملون قاعدة المصالح والمفاسد مع معرفتهم الراسخة  للنصوص ولكنهم يميزون بين السلطة فى الدولة الحديثة وبين الإمارة الشرعية وشروطها ، ونظروا إلى الواقع والمصلحة والمفسدة وموازين العجز والقوة ومراعاة أحوال المسلمين هل هم ممكنون أم مستضعفون ، وهل الساحة متروكة لهم وحدهم أم بها علمانيون وليبراليون وأصحاب فكر منحرف ، فلابد من المزاحمة لتقليل الشروالفساد .

 ولك أن تتدبر هذا الكلام من كلام سلطان العلماء العز ابن عبد السلام يقول: إذَا تَفَاوَتَتْ رُتَبُ الْفُسُوقِ فِي حَقِّ الْأَئِمَّةِ قَدَّمْنَا أَقَلَّهُمْ فُسُوقًا، مِثْلَ إنْ كَانَ فِسْقُ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ بِقَتْلِ النُّفُوسِ وَفِسْقُ الْآخَرِ بِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ، وَفِسْقُ الْآخَرِ بِالتَّضَرُّعِ لِلْأَمْوَالِ، قَدَّمْنَا الْمُتَضَرِّعَ لِلْأَمْوَالِ عَلَى الْمُتَضَرِّعِ لِلدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَقْدِيمُهُ قَدَّمْنَا الْمُتَضَرِّعَ لِلْأَبْضَاعِ عَلَى مَنْ يَتَعَرَّضُ لِلدِّمَاءِ، وَكَذَلِكَ يَتَرَتَّبُ التَّقْدِيمُ عَلَى الْكَبِيرِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْأَكْبَرِ وَالصَّغِيرِ مِنْهَا وَالْأَصْغَرِ عَلَى اخْتِلَافِ رُتَبِهَا.

فَإِنْ قِيلَ: أَيَجُوزُ الْقِتَالُ مَعَ أَحَدِهِمَا لِإِقَامَةِ وِلَايَتِهِ وَإِدَامَةِ تَصَرُّفِهِ مَعَ إعَانَتِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ دَفْعًا لِمَا بَيْنَ مَفْسَدَتَيْ الْفُسُوقَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ وَدَرْءًا لِلْأَفْسَدِ فَالْأَفْسَدِ، وَفِي هَذَا وَقْفَةٌ وَإِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّا نُعِينُ الظَّالِمَ عَلَى فَسَادِ الْأَمْوَالِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْأَبْضَاعِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ.

وَكَذَلِكَ نُعِينُ الْآخَرَ عَلَى إفْسَادِ الْأَبْضَاعِ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الدِّمَاءِ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ، وَلَكِنْ قَدْ يَجُوزُ الْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَا لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً بَلْ لِكَوْنِهَا وَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَكَذَلِكَ إذَا حَصَلَ بِالْإِعَانَةِ مَصْلَحَةٌ تَرْبُو عَلَى مَصْلَحَةِ تَفْوِيتِ الْمَفْسَدَةِ كَمَا، تُبْذَلُ الْأَمْوَالُ فِي فِدَى الْأَسْرَى الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْكَفَرَةِ وَالْفَجَرَةِ نقلا من كتاب  قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 85-87).

يقول الشوكانى رحمه الله في رسالة "رفع الأساطين في حكم الإتصال بالسلاطين" بعد أن بين شرعية ذلك:


فإن قلت: قد يكون من الملوك من هو ظالم جائر، قلت نعم، ولكن هذا المتصل بهم لم يتصل بهم ليعينهم على ظلمهم وجورهم، بل ليقضي بين الناس بحكم الله، أو يُفتي بحكم الله، أو يقبض من الدعاوي ما أوجبه الله، أو يجاهد من يحق جهاده، ويعادي من تحق عداوته، فإن كان الأمر هكذا، فلو كان الملك قد بلغ من الظلم إلى أعلى درجاته، لم يكن على هؤلاء من ظلمه شيء، بل إذا كان لأحدهم مدخل في تخفيف الظلم، ولو أقل قليل، أو أحقر حقير، كان مع ما هو فيه من المنصب مأجوراً أبلغ أجر.

فهذه نقول للعلماء الراسخين يظهر بها أننا لم نغرد خارج سربهم فعلى من يغرد خارج السرب أن يراجع نفسه وأقواله.

وأخيرا أقول يرحمكم الله كل هذا الأمر مبناه على الاجتهاد ونرى أننا رأينا الصواب في هذا الرأى وأنت كذلك ترى رأيك صوابا فلا تجعل الخلاف يفسد ما تبقى من ود يرحمك الله.

والحمد لله رب  العالمين .

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي

 

تصنيفات المادة