الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أسباب الغلو والتطرف

الإسلام ما جاء لكي يُشقي الناس ولا لكي يضيق عليهم بالعنت والشدة بل جاء لراحتهم وسعادتهم والتيسير عليهم

أسباب الغلو والتطرف
محمود عبد الحميد
السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤ - ١٣:٥٣ م
1739

أسباب الغلو والتطرف

كتبه/ محمود عبد الحميد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

للتدين الحق مقياسان:

1-   مقياس الاستجابة لمطالب المنهج ومقتضياته "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم"

2-   مقياس الطاقة والقدرة "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، "لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها"، القاعدة "لا تكليف إلا بمقدور"، "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به"، "وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت".

أما الغلو فهو مخالف لهذين المقياسين كليهما، إذ لا يبرح الغالي أن يخرج في فهم الدين عن القواعد العلمية المنهجية الهادية لطريقة التفكير.

وعند الأخذ العملي بالدين يحمل نفسه ما لا يطيق فيسلك سبيلا غير سبيل المؤمنين وإن حسنت نيته فإن حسن النية لا يغني عن سداد المنهج ولا يصح أن يكون بديلا له.

وإن من هذا المنهج أن نعلم أن الغلو شقوة غلبت وأن الإسلام ما جاء لكي يُشقي الناس ولا لكي يضيق عليهم بالعنت والشدة بل جاء لراحتهم وسعادتهم والتيسير عليهم "طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى" "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، "ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج"، "إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا"، "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا"، "وما جعل عليكم في الدين من حرج"

إن أناسًا خالفوا الدين الحق ليس بسبب كراهيتهم له ولا بسبب ضعف الاستعداد في الأخذ بعزائمه وفضائله وإنما تورطوا في ذلك بسبب الشطط في العلاقة بالدين فهمًا واعتقادًا وسلوكا.

إن الخوارج كانوا عبادا ومجاهدين في الجملة ولكن غلوهم الاعتقادي والعملي جعلهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هلك المتنطعون" قالها ثلاثا، والمتنطعون المخالفون المجاوزون الحق.

أولا-  أسباب الغلو:

1-   السبب الأول "الجهل":

وهو صفة في أهل الغلو، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم" فهم لا يتدبرون القرآن ولا يعقلونه وإنما يكتفون بمروره على ألسنتهم.

قال ابن عمر في الخوارج "إنما انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين"، وأبرز جوانب الجهل المؤثرة:

1– الجهل بالكتاب

2– الجهل بالسنة

3– الجهل بمقاصد الشريعة

4– الجهل بمآخذ الأدلة وأدوات الاستنباط

5– الجهل بأقوال العلماء وآثارهم

6– الجهل بالتاريخ والسنن الكونية

7– الجهل بالواقع وظروفه وملابساته

2-   السبب الثاني "الخلل في المنهج":

أبرز جوانب الخلل في المنهج

1– المنهج الحرفي في فهم النصوص

2– انعدام النظرة الشمولية

3– التأويل

4– التلقي المباشر من النص

5– عدم الجمع بين الأدلة

6-  اتباع الهوى

7– الاجتهاد مع عدم الأهلية

8 - عدم الأخذ من المصادر المعتبرة شرعا

9– الخروج عن قواعد الاستدلال عند أهل السنة

3-   السبب الثالث:

التضييق على الإسلام وفتح المجال للأفكار الهدامة، فقد صودرت حرية الدعوة إلى الله في بعض ديار المسلمين بينما تركوا الساحة لأصحاب الأفكار الهدامة لنشرها في بلاد المسلمين

4-   الفساد والتحلل الأخلاقي الذي اكتسح ديار المسلمين ولا يملك الصالحون تغيير ذلك، ولذلك اندفع هؤلاء الغلاة إلى القول بجاهلية المجتمعات وكفرها.

5-   الضغوط الاجتماعية التي كان لها الأثر في تكوين نفسية معادية للمجتمع بسبب:

1– سوء توزيع الثروات والهوة الكبيرة بين الطبقات

2– تصدر أصحاب الطرق غير المشروعة في جمع الثروات وإهدار قيمة العمل

3– غلبة الحياة المادية على حساب الدين

6-   غياب الدور العلمي والتربوي:

1– البيت

2– المدرسة

3– غياب دور العلماء في التقويم

4– غياب دور الإعلام "دور مضاد في كثير من الأحيان"

5– غياب الدور الثقافي

7-   الظلم والاضطهاد يؤدي إلى التحفز إلى مقاومة هذا الظلم ومع غياب المفاهيم الشرعية يؤدي إلى التجاوز وظهور الغلو والتطرف واستخدام العنف والصدام المسلح

8-   التهميش والإقصاء يؤدي إلى تفشي روح الحقد والكراهية وانقسام المجتمع مما يؤدي إلى ظهور الغلو والتطرف

9-   العجلة "ولكنكم أناس تستعجلون"

10- اليأس والقنوط

مظاهر الغلو والتطرف عند التكفيريين:

1- الغلو في التكفير، التكفير بالمعصية، تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله بإطلاق، تكفير المحكومين بغير ما أنزل الله بإطلاق، تكفير الخوارج عن الجماعة، تكفير المعين دون مراعاة للضوابط الشرعية، تكفير من لم يكفر الكافر في زعمهم، بدعة التوقف والتبين، القول بجاهلية المجتمعات المسلمة المعاصرة، الحكم على ديار المسلمين بأنها ديار كفر.

2- الغلو في الولاء والبراء

- الغلو في مفهوم الجماعة وصف جماعتهم هي جماعة المسلمين وتكفير من لم يهاجر إليهم

- الغلو في التعصب للجماعة باعتقادات .. في جماعتهم

- الغلو في القائد واعتقاد وجوب بيعته وتكفير من لم يبايعه

- الغلو في البراءة من المجتمعات المسلمة

3 - الآثار المترتبة على مظاهر الغلو:

1- الخروج على الحكام بالسلاح مع عدم القدرة "الاغتيال- التفجير- الإفساد في الأرض"

2- تحريم التعليم والدعوة إلى الأمية

3- تجريم الصلاة في المساجد

4- إيقاف صلاة الجمعة

5- اعتزال المجتمعات ومفاصلتها "الشعورية"

6- هجرة المجتمعات

7- بدعة القول إننا نعيش في العهد المكي

8- تحريم العمل في الوظائف الحكومية

9- استحلال قتل المسلمين واستحلال أموالهم وأعراضهم

موقف الناس من قضية الغلو:

فريق ينتقد الغلو بغير علم ولا هدى ولا كتاب .. فلا يستطيع الرد على الشبهات التي يطرحونها على الشباب مما يؤدي إلى توسيع دائرة الغلو

فريق ينتقد الغلو ليتوصل بذلك إلى نقد الإسلام ذاته وهذا مما يوقع في النفوس أن هؤلاء يحاربون الدين والتدين ويترتب عليه توسيع دائرة الغلو

فريق يدعو إلى الغلو ويطرح على الناس الشبهات وما يتعرض له الإسلام من الداخل والخارج من عداء ومحاربة مما يشير به الحماسات والعواطف والتحفز لدى الشباب المتدين مما يؤدي إلى الانحراف الفكري وتوسيع دائرة الغلو

فريق ينتقد الغلو وينقضه ويرد على شبهاته بدحضها لينتصر لوسطية الإسلام وليرد الناس إلى منهج الاستقامة الاعتقادية والفكرية والسلوكية وهذه هي الطائفة الصادعة بالحق الصارحة بمنهج التوسط والاعتدال نحسب أننا منهم وندعو كل العلماء والحكماء والعقلاء  الذين من هذا الفريق أن تتحد جهودهم من أجل محاربة هذا الفكر والتخلص منه علمًا بأن المواجهة الأمنية غير كافية وحدها؛ لأن هذا الفكر قديم جدا وهو يظهر كلما أتيحت له الفرصة وينتهز فرصة اضطراب المجتمعات وعدم استقرارها لضربها في حالة ضعفها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com