الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

قراءة متأنية في الملف اليمني -1

عاصفة الحزم مقدمات ونتائج ودلالات

قراءة متأنية في الملف اليمني -1
أحمد الشحات
الخميس ١٦ أبريل ٢٠١٥ - ١٩:٢١ م
2749

قراءة متأنية في الملف اليمني (1) : عاصفة الحزم مقدمات ونتائج ودلالات

كتبه/ أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه أما بعد :-

1)   مقدمة :-

بات من الواضح أن الدولة الصفوية الفارسية (إيران) قد تعجلت تنفيذ حلمها الاستعماري الذي سعت إليه منذ زمن بعيد بإحتلال عددٍ من الدول السنية المحورية وإحاطة ما تبقي بقوس محكم من الدول التابعة لها ، وقد سقطت للأسف عدد من العواصم العربية الكبري في قبضة الشيعة منها بغداد ودمشق وبيروت وجاء الآن الدور علي صنعاء لكي يكتمل الطوق الشيعي علي بلاد الحرمين ومصر.

فالعراق تم تسليمها للشيعة من جانب الأمريكان علي طبق من ذهب مكافأة لهم علي ما بذلوه من جهود ساهمت في سقوط بغداد بفعل الخيانة والخسة والندالة ، وإمعاناً في إذلال السنة قام الأمريكان بتسليم صدام حسين إلي الشيعة ليشنقوه في صبيحة عيد الأضحي المبارك ، ولا يخفي ما لهذا الفعل الإجرامي من دلالات.

أما لبنان فإستطاعت إيران أن تصنع جيشاً مسلحاً ومدرباً تحت إسم " حزب الله " ، والذي صار له تحكم كبير في مجريات الأمور علي الساحة اللبنانية فضلاً عن دوره الإقليمي الظاهر.

أما دمشق فقد استطاعت إيران أن تُبقي علي حليفها التاريخي بشار الأسد في مواجهة الثورة التي قامت عليه وعلي نظامه الدموي الطائفي ، فدفعت ميليشياتها المسلحة وأجهزتها المخابرية إلي أرض سوريا لكي تحمي حليفها من السقوط الذي يعد خط الإمداد الأساسي لرجالاتها في لبنان.

أما اليمن فإنها محط أنظار الايرانيين منذ زمن بعيد ، وقد مكنت إيران من تواجدها علي أرض اليمن عبر جماعة الحوثي الشيعية المنتسبة إلي الزيدية ، والتي تخوض الآن حرباً كوكيل عن إيران ، التي ربما لم ترغب في مواجهة حاسمة في الوقت الحالي ولكنها وجدت الفرصة سانحة بدرجة يًخشي ألا تتكرر مرة أخري فقررت أن تحسم أمرها سريعاً ، وهنا كانت المفاجأة وهي عبارة عن صحوة سنية تقف في مواجهة الهجمة الشيعية ، الأمر الذي لم تتوقعه إيران بهذه السرعة وبهذه القوة.

2)   أضواء علي المشهد اليمني قبل الثورة وحكم " علي عبدالله صالح ":-

اليمن منذ القدم مليئة بالاضطرابات وحكم هذه البلاد ليس بالأمر الهين ، فالطبيعة الشخصية للمواطن اليمني تستعصي علي الانقياد وسطوة القبائل ومكانتها تقف في موقف الندية مع الحاكم ، فزعيم القبيلة مقدم عند قبيلته علي النظام والقانون والدستور ، والقبيلة بطبيعة الحال تمتلك المال والسلاح والشباب ، وبالتالي علي الحاكم أن يدير الحكم وفق موازنات غاية في التعقيد والصعوبة وقد لخص علي عبدالله صالح هذا التعقيد بقوله " إن حكم اليمن أشبه بالرقص علي رؤوس الثعابين " ومع ذلك كان هو أحد المتسببين في صناعة الثعابين التي عندما توحشت لدغته أول ما لدغت.

الحال في اليمن لم يكن يختلف كثيراً عن حال باقي الدول العربية التي قامت فيها الثورات ، فالاستبداد السياسي والقهر والفقر وانسداد الأفق وانقطاع الأمل كلها كانت قواسم مشتركة ليست خافية علي عين أحد ، وكان الجميع يتحين لحظة الانفجار لكن لم يكن أحد يتخيل التوقيت ولا الكيفية مع الاتفاق علي النتيجة الحتمية المتوقعة ، هذا هو المناخ العام الذي نشأت فيه هذه الثورات ويبقي أن لكل بلد أسبابه الخاصه به.

ورغم تعقيد الوضع اليمني إلا أن جموع القبائل اليمنية وخاصة الشباب قد خرجوا في 11 فبراير 2011 إلي الشوارع والميادين ولأول مرة في تاريخ اليمن بدون سلاح ، وهذه بالطبع ثقافة وافدة عليهم من دول الجوار التي قامت فيها الثورات ، ومن حسن الحظ أيضاً أن الجيش اليمني وقف موقفاً شبه محايداً محاكياً النموذج المصري لكن مع ولاء ظاهر للرئيس اليمني ، والفارق بين الحالتين أن عبدالله صالح قد عبأ الجيش من عائلته ومحبيه وأتباعه ،وكان ذلك بالطبع علي حساب تمثيل باقي القبائل في القوات المسلحة ، وهذا يفسر لنا أسباب إنشقاق الجيش اليمني وخروج جزء منه مع عبدالله صالح بعد ذلك.

 ورغم أن الجيش في معظمه موال للرئيس إلا أنه وقف موقفاً حائراً عندما فوجيء أن جميع القبائل شاركت في الثورة ورحبت بها وحضت شبابها علي النزول في الساحات والميادين ومرة أخري مع كامل الاحتفاظ بالسلمية ، بالإضافة للتدخل الخليجي الذي حد كثيراً من فكرة إستخدام القوة مع المتظاهرين.

نترك المشهد الداخلي قليلاً ونتجه صوب الأطراف الفاعلة علي المستوي الاقليمي ، فاضطرابات اليمن لا يمكن أن تمر علي المملكة العربية السعودية بسلام ، وإذا كانت القوات المسلحة السعودية قد تحركت لإجهاض ثورة شيعية في البحرين ، فمن باب أولي أن تتحرك لإنقاذ البوابة الجنوبية لها ، ومن ثم جاءت السعودية بما يسمي بالمبادرة الخليجية والتي كانت تهدف لإنقاذ النظام اليمني من الانهيار، وذلك لإدراكها حجم المخاطر المترتبة علي وجود فوضي في الأراضي اليمنية فضلاً عن وقوعها في أيدي مناوئين للملكة.

3)   المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية :-

حاول مجلس التعاون الخليجي التوسط لحل الأزمة اليمنية بعد عدة أشهر من اندلاع الثورة ، وقام بصياغة مقترحات عديدة لانتقال السلطة بشكل سلمي ، وأعلن صالح وقتها انه سيقبل الخطة وسيغادر السلطة بعد شهر من توقيع الاتفاقية التي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية في الفترة التي تسبق الانتخابات.

وعلى الرغم من رفض المتظاهرين لبنود المبادرة خصوصاً التي تمنح الحصانة لصالح من الملاحقة القضائية والتي تطلب من المعارضة الانضمام مع النظام في حكومة وحدة وطنية ، إلا أنهم في نهاية المطاف وافقوا علي التوقيع على المبادرة ، ثم فوجيء الجميع بتراجع صالح وأعلنت الحكومة انه لن يوقع على الاتفاقية ، وعُلقت المبادرة من مجلس التعاون حتى وقت آخر.

وظل صالح يناور مرات عديدة ، إلي أن تم التوقيع في المملكة العربية السعودية على خطة للانتقال السياسي في 23 نوفمبر 2011 ، والتي نصت على نقل سلطات الرئاسة قانونا إلى نائبه عبد ربه منصور هادي في غضون 30 يوما، وتقام الإنتخابات رسميا في 21 فبراير 2012 ، مقابل منح صالح الحصانة من الملاحقة القضائية له ولأسرته.

في 21 فبراير 2012، وافق مجلس النواب اليمني منح قانون الحصانة ، ورشح نائب الرئيس هادي كمرشح وحيد للانتخابات الرئاسية المقبلة ، ومن ثم أصبح هادي رئيساً شرعياً للبلاد ، غادر صالح اليمن في اليوم التالي لتلقي العلاج الطبي في الولايات المتحدة وانتهى حكم صالح عن السلطة رسمياً ، الذي حكم البلاد لمدة 33 سنه.

كانت السعودية تسعي لحل سياسي في المقام الأول ، لم يكن غرضها الانتقام من عبدالله صالح ، وكذلك لم يكن غرضها إجهاض الثورة بشكل تام، ولكنها فقط أرغمت النظام علي الشروع في خطة إصلاحية تنفيذية كانت الأحزاب والقبائل تطالب عبدالله صالح بها لفترة طويلة ولكنه لم يكن يعيرها اهتماماً إلي أن اندلعت الثورة.

وبالتالي فالمبادرة الخليجية من وجهة نظري عاقلة ومتزنة بدرجة ما – اللهم إلا في جزئية سنشير إليها بعد قليل - والأهم من ذلك أنها تحقق طموح الشعب قبل 11 فبراير وزيادة عليه إجبار عبدالله صالح علي التخلي عن السلطة ، ربما لم تعجب المبادرة بعض السياسيين لأن سقف طموحهم قد ارتفع بفعل الثورة إلي ما هو أبعد من ذلك ، بالإضافة إلي منح صالح الحصانة القضائية وبالتالي عدم ملاحقته أو مقاضاته ، والأكثر منه هو عدم حرمانه من ممارسة الحياة السياسية ، بل كما نري بعد ذلك ظل صالح هو الرئيس الفعلي لحزب المؤتمر الشعبي وعاد إلي اليمن مرة أخري ليدير إنقلاباً عكسياً علي هادي ومن معه ، وعندها لم يجد سوي الحوثيين لكي يتحالف معهم للأسف الشديد.

لا أدري أي سذاجة سياسية تلك التي تسمح لرئيس تم عزله بثورة شعبية أن يمارس عملاً سياسياً عادياً بدون أي عراقيل خصوصاً إذا علمت أن صالح كان لديه مشروع توريثي وكان يعد ابنه صالح للعودة إلي حكم اليمن ، لكن حتي ذلك التوقيت والأمور تسير في طريق إصلاحي متدرج من المؤمل أن يصل بنا إلي نتيجة إيجابية.

4)   ماذا بعد عزل عبدالله صالح وتولي عبدربه منصور :-

عبد ربه منصور هادي هو الرئيس الثاني للجمهورية اليمنية ، وكان قبل ذلك نائبًا للرئيس خلال الفترة من (1994 - 2011) ، وبحكم معرفة هادي بدهاليز الحكم فإن أول ما قام به هو إعادة هيكلة الجيش اليمني ، فقام بإقالة عدد من كبار المقربين من صالح من مناصبهم في الجيش ،علي رأسهم (قائد القوات الجوية اليمنية اللواء محمد صالح الأحمر وقائد الحرس الخاص العميد طارق محمد عبد الله صالح)، ثم أعاد تنظيم الجيش اليمني في خمس وحدات (القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات حرس الحدود وقوات الاحتياط الاستراتيجي)، وألغى الحرس الجمهوري اليمني (بقيادة أحمد علي عبد الله صالح) والفرقة الأولى مدرع (بقيادة علي محسن الأحمر) ، وتم استبدال قائد الأمن المركزي اليمني يحيى صالح، ابن شقيق صالح ، وعلاوة على ذلك ، أمر بتشكيل قوات عسكرية جديدة تحت سيطرته المباشرة سميت قوات الحماية الرئاسية.

كان هادي يعلم تماماً أنه رئيس مجرد عن كل أوراق القوة التي من الممكن أن يناور بها ، فعلي المستوي الشعبي لم يكن لهادي ظهور علي الساحة اليمنية في عهد صالح ، وعلي المستوي المؤسسي ؛ فهادي يدرك تماماً أن المؤسسات تم تقسيمها بشكل قبلي وعلي حسب الولاء أيضاً ، فهناك نسبة كبيرة تابعة لصالح وأخري تابعة للحوثيين ، وجزء يخص جماعة الإخوان (حزب الإصلاح ) وهكذا ، وبالتالي لم يشهد اليمن استقراراً خلال فترة حكم منصور، بل شهدت البلاد صراعات كثيرة جعلتها ضحية لتصارع مجموعة من القوى أبرزها الحوثيون وأنصار الرئيس السابق، بينما كانت السلطة الشرعية في اليمن المتمثلة بالرئيس منصور هي الحلقة الأضعف.

فعلى الرغم من حرب الحوثيين ضد علي عبدالله صالح  في السابق إلا أن الأخير تحول إلى حليف لهم، وسعي إلى استغلال الصراع الحالي بين الحوثيين وخلفه عبد ربه منصور هادي، بهدف العودة إلى السلطة والانتقام في الوقت ذاته من المبادرة الخليجية التي تجاوبت مع الشارع اليمني وأبعدته عن السلطة لمصلحة نائبه.

5)   التقدم الحوثي والسيطرة علي العاصمة صنعاء :-

وبسبب حالة التفكك التي يعيشها اليمن، وفي غياب أي سلطة فعلية للحكومة المركزية على القرارات السياسية والعسكرية، استمرت الهيمنة الفعلية لعلي عبدالله صالح على الجيش، وعلى الحرس الجمهوري كذلك، من خلال ابنه أحمد الذي كان قائداً للحرس، وهو ما أفسح المجال أمام مقاتلي الحوثيين للتقدم صوب صنعاء من دون مقاومة تذكر، حتى وصلوا إلي القصر الجمهوري ومقر إقامة الرئيس هادي منصور بعد أن سيطروا على مختلف المؤسسات العامة والمقرات الحكومية.

قام الحوثيون بعزل هادي من منصبة بعد سيطرة ميليشاتهم على صنعاء ومحاصرة القصر الرئاسي في 20 يناير 2015، وقدم هادي استقالته في 22 يناير إلى مجلس النواب، بعد استقاله الحكومة برئاسة خالد بحاح، ولم يعقد البرلمان جلسة لقبول الإستقالة أو رفضها، وأعلن الحوثيين عن اعلان "دستوري" قضى بحل البرلمان وبتولي اللجنة الثورية برئاسة محمد علي الحوثي، رئاسة البلاد ، وظل هادي قيد الإقامة الجبرية التي فرضها مسلحون حوثيون منذ إستقالته إلى أن فر من صنعاء متجهاً إلى عدن في 21 فبراير 2015، وأعلن منها سحب أستقالته واصدر بياناً قال فيه "أن جميع القرارات التي أتخذت من 21 سبتمبر باطلة ولا شرعية لها"، وهو تاريخ السيطرة على صنعاء من قبل ميليشيات الحوثيين. ودعى هادي لانعقاد اجتماع الهيئة الوطنية للحوار في عدن أو تعز حتى خروج المليشيات من صنعاء.

6)   نبذة عن الحوثية وهل خرجت عن المذهب الزيدي إلي الاثني عشري:-

1.   تعريف الزيدية :-

الزيدية فرقةٌ تنتسب إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وملخص أفكارالمذهب الزيدى هو أن على بن أبى طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة وأنه كان أحق بالخلافة من أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، لكن خلافة أبى بكر وعمر صحيحة، فقد حكما بالعدل وحفظا دولة الإسلام.

كما يجيز الزيدية أن يكون الإمام من كل أولاد فاطمة الزهراء رضى الله عنها، سواءً أكانوا من نسل الحسن أم من نسل الحسين رضى الله عنهما (البطنين)، والإمامة لديهم ليست بالنص، وليست وراثية، بل تقوم على البيعة، ويتم اختيار الإمام من قبل أهل الحل والعقد، بعكس ما يقول به الشيعة الاثنا عشرية الذين يكفرون من لا يؤمن بكل الأئمة الاثنى عشر، ويؤمنون بأن الإمامة بالنص وبأنها فى أبناء الحسين فقط، وبأن أبا بكر وعمر اغتصبوا الخلافة ومهدوا الطريق للحكم الأموى.

2.   العلاقة بين الزيدية والاثني عشرية في اليمن :-

شهدت العلاقة بين الزيدية والاثنى عشرية تحسناً ملموساً بعد الثورة الإيرانية 1978 حيث سعت إيران لتصدير مباديء الثورة ولنشر مذهبها (الاثنى عشرية) بين صفوف الزيدية في اليمن، وقد وجدت في بدر الدين الحوثي وأنصاره بيئة خصبة لذلك ، خاصة وأن الحوثي ينتمي إلى فصيل متطرف من الزيدية هو "الجارودية" التى تنسب إلي " أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني " وهو رجل إثنى عشرى المذهب انضم إلى أصحاب الإمام زيد، ولم يظهر رأيه في الإمامة والصَّحابة إلا بعد مقتل الإمام زيد، فكان بمثابة جسر لنقل الأفكار الإمامية إلى الزَّيدية ، وتتلخص أفكار الجاردوية فى أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي بن أبي طالب لمخالفتهم النص الوارد عليه.

ومن يطلع علي تراث بدر الدين الحوثى مؤسس الجماعة - ووالد عبد الملك الحوثى الزعيم الحالى للجماعة- سيجد له العديد من المؤلفات التى يهاجم فيها أبا بكر وعمر والسيدة عائشة رضى الله عنهم، وينتقد البخاري ومسلم ويتهمهما بالتقول والكذب على رسول الله إرضاءً للسلاطين؛ وعلى نهجه سار أبنائه وأتباعه ، وخصوصاً إذا علمت أن بدرالدين ذهب إلي طهران وأقام فيها عدة سنوات.

3.   الحوثي وممارسة العمل السياسي :-

فى عام 1991 وبعد الوحدة اليمنية شارك بدر الدين الحوثى فى تأسيس حزب الحق، باعتباره حزبا يمثل المذهب الزيدي، وبعدها بعام أنشأ الحوثى تنظيم "الشباب المؤمن" بهدف جمع علماء المذهب الزيدي فى اليمن تحت لوائه، وعمل تنظيم "الشباب المؤمن" على إحياء "يوم الغدير" وهي المناسبة التى يقول الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى فيها لعلى بن أبى طالب بالخلافة.

ولذلك حدث خلاف بين الحوثى وقيادات حزب الحق التى رفضت تبنى الحوثى لأقوال الشيعة الاثنى عشرية فى سب الصحابة والقول بعصمة الأئمة وعودة المهدي، فتقدم الحوثى فى عام 1996 باستقالة جماعية مع أبنائه من حزب الحق، متهما قيادة حزب "الحق" بالسيطرة على أنشطة وأعمال الحزب ، وبعد استقالته من حزب الحق بدأ الحوثي بتوسيع نشاطه خارج منطقة صعدة (معقل الجماعة) ونشر أفكاره، من خلال طلبته ومجموعة من الوافدين من خارج اليمن.

4.   الحوثي من السياسة إلي العمل المسلح :-

وقد تولى حسين الحوثى قيادة الحركة التى أطلقت على نفسها اسم أنصار الله، وبعد مقتل حسين الحوثى بتفجير موكبه عام 2004 تولى عبد الملك الحوثي قيادة الجماعة فأحدث تطورا نوعيا في أداء الحركة عسكريًا وتنظيميًا وسياسيًا وإعلامياً. وخاضت الحركة مجموعة من الحروب ضد الحكومة اليمنية (6 حروب كاملة)، شاركت السعودية فى أحدها عام 2009.

5.   الحوثية وثورة 2011 :-

ومع اندلاع شرارة ثورة 11 فبراير 2011 أعلن الحوثيون انظمامهم للثورة ومشاركتهم فيها، وعندما طرحت المبادرة الخليجية رفض الحوثيون المشاركة في التوقيع على المبادرة واعتبروها التفافاً على الثورة، فاستقطبوا بهذا الموقف الكثيرين من شباب الثورة الرافض للمبادرة الخليجية، وساهم ذلك في ازدياد شعبية الحوثيين نوعاً ما، ومنذ ذلك الحين أصبح عبد الملك الحوثي وجماعته يقودون التيار الثوري المعارض لحكومة الوفاق.

وبالرغم من رفض الحوثيين التوقيع على المبادرة الخليجية إلا أنهم شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني الذي افتتح في 18 مارس 2013 وحققوا من خلاله العديد من المكاسب السياسية من أبرزها انتزاعهم اعتذاراً رسمياً من الحكومة اليمنية عن الحروب التي شُنت عليهم في السابق.

6.   الحوثيون والانقلاب علي الثورة :-

خلال السنوات التى تلت ثورة 11 فبراير دأب الحوثيون على انتقاد حكومة الوفاق (تحالف ضم أعضاء من حزب المؤتمر وحزب الإصلاح والحزب الإشتراكى) وهي الحكومة التى انبثقت عن المبادرة الخليجية، خاصة وأن حكومة الوفاق فشلت فى إشعار اليمنيين بأى تغير ملموس بعد الثورة على المستوى الاقتصادى. وقد وجد الحوثيون فرصتهم للقضاء على حكومة الوفاق حين قررت رفع أسعارالنفط منتصف 2014، فقام الحوثيون بتنظيم احتجاجات التف حولها الكثير من أبناء الشعب اليمني واستمرت الاحتجاجات حتى 21 سبتمبر 2014 وتم خلالها اتخاذ خطوات تصعيدية بشكل تدريجي حتى تمكن الحوثيون من فرض الحصار على العاصمة صنعاء، واستمر التصعيد حتي تحولت صنعاء إلى شبه ساحة حرب، لكن المعركة لم تستمر لوقت طويل بسبب انقسام الجيش وتسليم العديد من الوحدات العسكرية مقارها للحوثيين، فسقطت صنعاء في يد الحوثيين الذين كانوا منذ وقت سابق قد احكموا السيطرة على محافظة عمران القريبة من العاصمة صنعاء.

ولم تمر شهور على تقديم حكومة الوفاق استقالتها، حتى بدأ الحوثيون فى الضغط على الرئيس عبدربه هادى وأجبروه على تقديم استقالته، ثم خطوا خطوة أخرى بحل البرلمان واصدار اعلان رئاسى. وتطور الأمر أكثر ففر الرئيس هادى إلى عدن متهما الحوثيين بالموالاة لإيران ومحاول فرض التشيع بالقوة، واستنجد الرئيس هادى بدول الخليج، لكن الحوثيون لم يعيروا الأمر كثير اهتمام. بل وقاموا باجراء مناورة عسكرية على الحدود السعودية كنوع من استعراض القوة والتحدى، وفى خطوة أكثر استفزازا أعلنوا عن اقامة خط جوى مع إيران، وارسلوا عددا من رجالهم لطهران لتوقيع اتفاقيات تعاون.

7.   لماذا سقط الرئيس علي عبدربه في قبضة الحوثيين :-

لم يفهم كثير من المراقبين السر في سقوط العاصمة المحصنة بقوات كبيرة من الألوية العسكرية وبمؤسسات حكومية عسكرية وأمنية عديدة، لأن السقوط السريع للعاصمة كان فوق التخيل، ذلك أن وحدات الجيش التي كانت مهمتها حماية العاصمة ومقار المؤسسات الحكومية المختلفة، بما فيها التلفزيون الحكومي ومبنى مجلس الوزراء وقيادة وزارة الدفاع وقيادة المنطقة العسكرية السادسة ( الفرقة الأولى مدرع) التي ظلت على مدى أعوام مرهوبة الجانب، والمصرف المركزي، سقطت بدون مقاومة، وبعضها قاوم بقرار شخصي من الجنود وليس بقرار رسمي من الجيش.

والسر من وجهة نظري ليس سراً ولكنه أمر ظاهر للعيان ، لأن الجيش اليمني يخضع لسيطرة شبه كاملة من عبدالله صالح الذي قرر أن يبيع الوطن وينتقم من اليمن ، ووفقاً للتسجيل المسرب والمنسوب له " احرقوا اليمن ، دمروا كل شيء جميل في اليمن " ، وبالتالي فالرجل قرر أن يجعل من اليمن كومة قش كبيرة ربما لن يستطع هو حكمها ، ولكن بما أنه ليس في الحكم فليس مهم أن تنهار البلاد أو لا ، لأن مقامرة بحياة البلد كهذه لن يخسر هو فيها شيئاً فأملاكه وقصوره في الخارج تجعل منه ملكاً متوجاً ما بقي حياً هو وأسرته.

8.   هل تخلت جماعة الاخوان اليمنية (حزب الاصلاح) عن الشرعية بتخليها عن مواجهة الحوثيين ؟

والسر الثاني يقبع داخل أروقة حزب الإصلاح ، حزب جماعة الإخوان وهو الحزب الحاكم ، والذي لديه أنصار داخل الجيش أيضاً ، وأنصار من القبائل ، ويستطيع علي الأقل أن يوقف التقدم الحوثي ، خصوصاً إذا علمنا سهولة ذلك عليه من وجهتين ، الأولي أن الشعب اليمني مسلح بطبعه ، والثانية أن الحوثيون قد تركوا صعدة وتمددوا في مناطق أخري صوب العاصمة وغيرها ، وبالتالي يسهل جداً دفع القبائل للوقوف أمام هذا التوغل.

وقامت جماعة الإخوان بالدفاع عن الشرعية ببيان هزيل لا يساوي أكثر من وقت كتابته قالت فيه " إن عودة الرئيس هادي إلى عدن في ذكرى انتخابه (21 فبراير) صورة للوفاء لأبناء المحافظة وكافة أبناء الشعب اليمني الذين خرجوا بالملايين لانتخابه وتأكيد شرعية مرحلة التغيير التي بدأت بانتخابه " ودعا البيان الرئيس المستقيل لـتفويت الفرصة على من وصفهم بـ"الانقلابيين"، الذين يسعون لفرض أمر واقع أقدموا فيه على إعادة الوطن إلى حقب الظلام والاستبداد مؤكدا علي أن الحفاظ على أمن الوطن وسلامته في هذا الوقت العصيب مسؤولية الجميع".

هكذا واجهت جماعة الإخوان الانقلاب المسلح علي الشرعية الذين كانوا هم جزء منها ، فلا مظاهرات ولا اعتصامات ولا افتداء للشرعية بالدماء ، ولا محاولة لفك حصار الرئيس المنتخب ولا أي شيء ، وجهوا تعليماتهم لأنصارهم بأن يلزموا بيوتهم حقناً للدماء وتجنباً لشرور الحرب الأهلية ، فهل يا تري كان موقفهم هذا محموداً وبالتالي يلحق المدح أيضاً بكل من وقف موقفهم ، أم أن هذه خيانة وعمالة وتخلي عن الشرعية فيتبرأ الإخوان منهم ومن صنيعهم؟!

كانت هذه هي المقدمات بين يدي عاصفة الحزم ، وفي العدد القادم بإذن الله نتناول عاصفة الحزم والمواقف المختلفة منها.

والله ولي التوفيق

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة