الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تعليقًا على مناظرة خيرى – الأزهرى – الجفرى – البحيرى.. اللقاء كشف العوار

فقد تابع الكثيرون اللقاء التليفزيونى الماراثونى الذى

تعليقًا على مناظرة خيرى – الأزهرى – الجفرى – البحيرى.. اللقاء كشف العوار
عبد المنعم الشحات
السبت ٢٥ أبريل ٢٠١٥ - ٢٢:١٧ م
3500

تعليقًا على مناظرة خيرى – الأزهرى – الجفرى – البحيرى.. اللقاء كشف العوار

كتبه /عبد المنعم الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله .. صلى الله عليه وسلم .. أما بعد ..

فقد تابع الكثيرون اللقاء التليفزيونى الماراثونى الذى أداره الإعلامى خيرى رمضان بين الشيخ أسامة الأزهرى والشيخ حبيب الجفرى و(الأستاذ) إسلام البحيرى، وهى المناظرة التى كشفت الكثير من عوار (الأستاذ) إسلام فشاهد الجميع ذلك (الباحث) وهو يغير أقواله عدة مرات فى المجلس الواحد مع عناده وإصراره على أن كل هذه الأقوال متطابقة؛ فهو ينقل عن مقدمة الموطأ، فلما بين له الشيخ أسامة أن الموطأ بلا مقدمة قال إنه يعنى (الورقات التى فى الأول)، ثم نبهه الأزهرى مرارًا إلى أنه لا يوجد للموطأ أى نوع من أنواع (الأوراق اللى فى الأول)، قال نقلت هذا عن الطاهر بن عاشور فى شرحه على الموطأ المسمى التحرير والتنوير لأن قدامى المالكية اطلعوا على أقوال لمالك غير مطبوعة، فبين له الأزهرى أن ابن عاشور معاصر وأن التحرير والتنوير كتاب تفسير، وليس شرحًا للموطأ، فما كان منه إلا إعادة هذا الكلام المتناقض عدة مرات. وقد يبدو الأمر لدى البعض شكليًا ولكن إذا تأملت لوجدته كارثيًا أن ينقل من يسمى نفسه باحثًا عن مصدر لم يطلع عليه قط سواء الموطأ أو التحرير والتنوير أو غيرهما من المصادر التى اتضح أنه لم يرها فى حياته قط، وهذا ما يؤكد أنه مجرد ناقل لأبحاث غيره دون أن يحيل إليهم إما خجلاً من أن يحيل إلى المستشرقين وأشباههم أو خجلاً من تكرار شبهات مثيرى الفتنة قبله كأبى رية أو غيره مع علمه بوجود عشرات الردود عليها، أو مجرد رغبة فى نسبة جهد غيره إلى نفسه وإن كان جهدًا مذمومًا، كما سنبين فى مقالة لاحقة المصادر التى نقل عنها الأشهر حول سن عائشة رضى الله عنها عند الزواج من النبى صلى الله عليه وسلم وقد تتبع الباحث "فهد العقيلة" تلك الدعوة وبين المصادر التى نقل عنها البحيرى بحثه هذا فى كتاب بعنوان "السنا الوهاج فى سن عائشة رضى الله عنها عند الزواج". ومن عجائبه التى أتى بها تباهيه بأنه يفسر آية من القرآن على خلاف جميع المتقدمين، وتكون هذه هى نقطة يتحدى بها مناظريه. ورغم كل هذه السقطات من حيث الإطار العام -ناهيك عن الردود التفصيلية التى أجابه بها المناظران، بل وأحيانًا الأستاذ خيرى رمضان- إلا أن البحيرى خرج ليعلن أنه انتصر على (عبدة التراث)، والمشكلة التى مكنته -من وجهة نظرى- من ادعاء الانتصار تكمن فى أن الجميع (خيرى – الأزهرى – الجفرى) مع حفظ الألقاب كانوا يتعمدون عدم إحراج الرجل والاكتفاء بالإشارة على اعتبار أن الحرج تكفيه الإشارة ولكن الإشارة لا تصلح مع من يصف التراث بالقمامة والأئمة الأربعة وغيرهم بالمجرمين وينسب أقوالاً للإجماع ثم يصفها بعدم الإنسانية؛ يعنى أن علماء الأمة قبل أن يمن الله عليهم بالطبع بالبحيرى الإنسان المهذب الرقيق كانوا غير إنسانيين. وبالطبع تحامل البحيرى على نفسه بعض الشىء فتجمل فى حواره مع مناظريه ثم انطلق لسانه فور انتهاء الحلقة على مواقع التواصل الاجتماعى ليعلن انتصاره على (عبدة التراث). ومع طول الحلقة وعلو صوت البحيرى وانتزاعه للكلمة أطول وقت ممكن، ومع الجهد الذى قام به الجميع لرده إلى الحق إلا أن بعض النقاط لم تأخذ حظها من البيان فأردت أن أعلق عليها على وجه الاختصار، وهى على النحو التالى: 1- البحيرى يناور بسن عائشة رضى الله عنها وبحد الردة: بعد مناظرة البحيرى مع الدكتور عبد الله رشدى كتبتُ مقالة بعنوان "البحيرى مع ممثلى الأزهر يناظر أم يناور" وقلت: إن البحيرى تعمد أن يصدر قضيتى حد الردة وسن عائشة رضى الله عنها عند زواج النبى صلى الله عليه وسلم لوجود شبهات لدى العامة فى هاتين القضيتين، وكلما واجهه أحد باستهزائه من السنة ومن علمائها وبمناداته لهدم علوم الفقه والتفسير فضلاً عن الحديث يفر بسرعة إلى هاتين القضيتين مع أنهما ليستا أبرز أخطائه التى من أجلها تحرك الأزهر ضده. وقلت: حيث إن هذه المناظرات جاءت عقب التحرك القانونى للأزهر ضده فكان يجب أن ترتب أقواله ابتداء من الأفدح إلى الذى يليه حتى نصل إلى هذه النقاط فى ترتيبها. وقد حاول الدكتور أسامة الأزهرى فعل ذلك فى منتصف الحلقة، ومع تأخر المحاولة (حيث كان يجب أن تكون فى بداية الحلقة) إلا أن البحيرى عاد وأفلت منها إلى هاتين القضيتين، حتى أن الأستاذ خيرى رمضان تعاطف معه فى قضية سن عائشة رضى الله عنها عند زواج النبى صلى الله عليه وسلم منها وسوف أعود لهذه القضية فى نقطة مستقلة. 2- تصحيح الأحاديث بالعقل والذوق: السنة وحى من عند الله داخل فى قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، فالسنة داخلة فى هذا الذكر المحفوظ بدليل قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}. وإذا كنا على يقين من وعد الله تعالى فلابد وأن نثق أن السنة محفوظة. فلما رجعنا إلى واقع ما نسب إلى النبى صلى الله عليه وسلم وجدنا أن فيه ما كان من رواية الكذابين وما كان من رواية صالحين مختلطى الحفظ، ووجدنا أن علماء الحديث قد وضعوا الضوابط التى نفرق بها بين ما نثق بنسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم وبين ما لا نثق به فنعمل بالأول ونهمل الثانى، وبهذا نكون قد عملنا بقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}، وبقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}. وبهذه الحالة يكون الشرع حاكمًا على المؤمنين به امتثالا لقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}. وكمزيد من التثبت ولوجود اجتمال أن يَهِمَ الثقاتُ -على ندرة هذا-، فقد قرر العلماء أن المتن وإن ثبت من رواية الثقات فإنه لا يقبل إن خالف القرآن أو القطعيات العقلية أو السنة الآكد ثبوتا، ومن هذا الباب ولج كثير من المنبهرين بالفلسفة الوافدة فى زمن الجهمية والمعتزلة والمنبهرين بالحضارة الغربية الحديثة فى زماننا، وأرادوا أن يمرروا عقائد وأحكامًا تخالف الشرع مدعين أنها وردت فى أحاديث تخالف العقل أو تخالف القرآن، وهى دعوى تصدر من غير منصف ويتعامل معها بغير الطريقة التى بينها الله تعالى بقوله: {هو الذى انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيع فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}، والآية تأمر برد مثل هذه النصوص القرآنية وهى مما لا ينازع أحد فى ثبوتها، ولكن عند تشابه معناها ترد إلى الراسخين فى العلم والذين يفسرون كل نص على ضوء النصوص الأخرى ولا يردون شيئًا من النصوص كتابا كانت أو سنة، فإذا استحكمت المخالفة حكموا أن النص المخالف لما هو أوثق منه من كل وجه هو وهم من قائله وإن كان ثقة. ومن أمثلة ذلك فى القضية التى شغب بها البحيرى كثيرًا وهى زواج الصغيرة، فقد اعتبر العلماء قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح البكر حتى تستأذن"، ولكنهم لما ثبت لديهم تزويج أبى بكر عائشة للنبى صلى الله عليه وسلم وهى صغيرة فقالوا هذا استثناء، فمنهم من بالغ فى تضييقه منهم ابن شبرمة من تابعى التابعين وابن حزم من الأئمة، وعبد الرحمن بن يحيى المعلمى اليمانى وابن عثيمين من المعاصرين (وهما ممن يوصفوا عند البحيرى بأنهم وهابية)، وأما الجمهور فتوسعوا فى الرخصة (وهذا هو واقع توصيفها الأصولى) فمنحوها كل أب كما هو مذهب مالك، وتوسع الشافعى أكثر فألحق به الجد، وانفرد أبو حنيفة بإعطاء هذا الحق لكل ولى للمرأة، ومع هذا نبه النووى بخطاب موجه إلى الولى وليس إلى القاضى بأن الأصل ما لم توجد حاجة أن ينتظر بلوغها ومن ثم إذنها. وهذا هو بيت القصيد فى الخلاف بين المذاهب الفقهية التى أبقت على ولاية الأب مصونة وغير منقوصة وبين الاتجاه المعاصر الذى يتجه إلى سحب كثير من صلاحيات الآباء وإحالتها للبرلمان كتشريع أو للقضاة فى الأمور التقديرية، ولا شك أن الأب أكثر شفقة، وأن ترك الأمور التقديرية له أكثر مرونة ليبقى التشريع العام على أعلى درجة من المرونة واليسر. على أن كثيرًا من المعاصرين يوافقون من حيث المبدأ على تقييد صلاحيات الولى متى شاع الفساد ووجد التقصير من الآباء فى رعاية مصالح البنات، ومن ذلك تقييد صلاحيتهم فى نكاح الصغيرة. ولكن الذى نخلص به من هذا العرض أن العلماء أعملوا جميع النصوص على خلاف طريقة البحيرى، ومن نقل عنهم فإنهم يتسرعون فى العدوان على نصوص صحيحة بدعوى وجود مصادمة متوهمة بينها وبين العقل أو بينها وبين القرآن أو بينها وبين سنة آكد. على أننا متى فتحنا الباب ليكون التصحيح والتضعيف للعقل فسوف يجرنا إلى الذوق وهى من المواطن النادرة التى كان فيها البحيرى صادقًا من أنه يريد التحاكم إلى "الذوق"؛ ومن ثم تسقط كل قيمة ملزمة للشريعة ويكون اتباع الهوى الذى ذم الله أصحابه فقال: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}. ومما يدل على اتباع الهوى فى ذات القضية التى اعتبرها البحيرى قضيته الأم وهو محاولة تزييف التاريخ وتغيير سن زواج النبى صلى الله عليه وسلم من عائشة ليوافق عادة عصور أخرى أن العقاد صاحب أول محاولة لهذا التزييف اتبع طريقة اللجوء لطرح تواريخ بعضها من بعض ليصل بنا إلى سن كان مقبولاً فى زمن العقاد وهو اثنا عشر سنة، بينما أعاد البحيرى ومن نقل عنه البحيرى الكرة ومع ذات التاريخ ليصل به إلى 18 عامًا ليوافق آخر ما استقرت عليه الأمم المتحدة. فإذا كان هذا هو فعل الأهواء فى التاريخ الذى لا يملك أى أحد حياله إلا روايته كما هو، فماذا سيفعلون بنا فى التشريع متى رجعنا فيه إلى أهوائهم؟ وبالإضافة إلى هذا فإن دعوى اعتبار العقل والذوق معيارًا للحكم على ما نسب للنبى صلى الله عليه وسلم لن ينتج عنه فقط استبعاد نصوص ثبتت عن النبى صلى الله عليه وسلم وبالتالى أطبق عليها قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}، فإن هذا المنهج سوف يفتح الباب أمام مرور الأحاديث الضعيفة بل والموضوعة؛ لأن البحيرى ينادى بإسقاط قواعد القبول والرد التى اتفقت الأمة عليها، وينادى باعتبار الذوق وحده هو المعيار، ومن ثم فلا عجب حينئذ أن يمر جمع كبير من الأخبار المكذوبة عن النبى صلى الله عليه وسلم. ثم إن البحيرى فى دعوته تلك قد توهم أنه من جيل الصحابة أو التابعين على الأكثر فأخذ يقرر قواعد لقبول الحديث ورده وكأن الأخبار ما زالت غضة طرية والعهد ما زال قريبًا بزمان النبوة، وأما أن يأتى أحد بعد 1400 سنة، ويخترع لنا معيارًا جديدًا فهو إما أن يبنى على جهود أنكرها وسفهها وإما أنه سوف يقضى على السنة بالضياع والعياذ بالله، وليضع لنا البحيرى وغيره دينًا جديدًا يرضونه لنا. 3- هل السنة كتب تاريخ: دخل البحيرى مع مناظريه فى جدل فى غاية الخطورة حول البخارى وغيره من كتب السنة هل هى كتب تاريخ أم لا، وكم أشفقت على المشاهد المسكين حينما يتناظر الطرفان فى قضية دون أن يوضحا للمعنيين بالمناظرة ما يسميه أهل العلم بثمرة الخلاف. وهو ما أريد أن أوضحه للقارئ: فالسنة فى اصطلاح أهل العلم هى كل ما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير. فيدخل فيها سيرته ومغازيه صلى الله عليه وسلم، ولكن عمل الأمة منذ عصر الصحابة فمن بعدهم قد استقر الاهتمام بكل ما له جانب تشريعى؛ فاعتنى الصحابة بتحديث التابعين به واعتنى التابعون بنقله إلى تابعيهم إلى أن دونت سنة النبى صلى الله عليه وسلم. بينما لم يعتنِ الصحابة والتابعون فى بداية الأمر ذات العناية بالسير فتجد تواريخ الغزوات والوقائع المهمة يروى فيها عدة تواريخ لعدم ترتب تشريع عليها، ثم جاء المحدثون فتركوا السير تعالج بمنهج المؤرخين فى التنقيح وهو مدى منطقية الأحداث المروية ومن النواحى الزمانية والمكانية ومجمل الأحوال المعروفة عند كل شخصية، بخلاف السنة التشريعية والتى لم يقبلوا فيها إلا ما كان من رواية العدل الضابط عن مثله من غير شذوذ ولا علة. وكانت إحدى الثغرات حيث تسربت الروايات التى سند لها إلى كتب السيرة ثم تسربت الإسرائيليات وتهاون العلماء معها من باب أنها من جملة التاريخ الذى لا حرج من التوسع فى روايته. ثم جاء الزنادقة وجاء المستشرقون وجاء البحيرى وتعمدوا تصدير روايات كتب التفسير والسيرة غير المسندة وغير المنقحة من باب الطعن تارة -كما فى قصة الغرانيق-، أو تقديما لها على الروايات المسندة المنقحة فى بعض الأبواب التى لهم فيها هوى، ومنها صنيع البحيرى فى سن عائشة رضى الله عنها. والخلاصة أن كل معلومة يترتب على إثباتها عقيدة أو خطاب تكليفى فيجب أن يطبق بشأنها قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، وما كان مما لا يترتب عليه عمل فيطبق عليه قول النبى صلى الله عليه وسلم: {حدثوا عن بنى إسرائيل ولا تصدقوهم ولا تكذبوهم}، وتطبيق هذا على عجائز المسلمين الذين بدأ ابن إسحق جمعه للسيرة منهم من باب أولى، ذلك أن ابن إسحق رأى أن جل اهتمام التابعين وتابعيهم متجه إلى الأخبار التى يترتب عليها تشريع فعمد إلى جمع الأخبار التى تمثل تفاصيل السياق التاريخى للسيرة النبوية منهم، وتعامل العلماء معها بالطريقة المشار إليها آنفًا. ثم إنه لما قلت معرفة كثير من المثقفين فضلاً عن العوام بمثل هذه الأمور توجهت همة كثير من العلماء للتنبيه عليها وعلى رأسهم الدكتور محمد محمد أبو شهبة كما تفضل الدكتور أسامة الأزهرى ببيان هذا فى المناظرة وبين أن كتابات العلامة أبو شهبة فى هذا الباب كانت بتكليف من شيخ الأزهر الأسبق الشيخ عبد الحليم محمود رحمه الله، كما توجهت همة بعض الباحثين إلى تأليف كتب للسيرة تجعل الروايات المروية بالأسانيد الصحيحة لا سيما تلك الواردة فى كتب الحديث أصلا وتستكمل التفاصيل بباقى الأخبار الواردة فى كتب السيرة، وممن اعتنى بذلك الدكتور أكرم ضياء العمرى حفظه الله. 4- هم رجال ونحن رجال: "هم رجال ونحن رجال" قالها الإمام أبو حنيفة لينسف بها شبهة وجود كهنوت فى الإسلام، وهى الشبهة التى يدندن حولها البحيرى كثيرًا، والعجيب أن البحيرى وأستاذته وموافقيه يجمعون على أن الكهنوت موجود فى النصرانية حيث ادعاء العصمة للبابا وللمجمع المقدس عندهم واحتكار تفسير الكتاب المقدس عندهم، بل واشتراط أداء عبادات معينة عن طريق فئة محدودة فى الكنيسة كل هذا ولا تتوافر همتهم إلى نقد تلك الفكرة أو مناقشتها فى حين أنهم يرمون الأئمة بأنهم ابتدعوا كهنوتًا منذ القرن الثانى الهجرى على حد وصف البحيرى وأن الأمة تواطأت على هذا نحوا من 1200 سنة، حتى جاءنا هؤلاء الأشاوس لكى يهدموا لنا هذا الكهنوت، مع إنهم إذا أرادوا أن يستدلوا على أن الإسلام ليس فيه كهنوت فلا يوجدون أوضح دلالة من قول أبو حنيف عن التابعين: "هم رجال ونحن رجال"، وقول مالك: "كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر يعنى النبى صلى الله عليه وسلم"، وقول الشافعى: "إذا صح الحديث فهو مذهبى" على أن أبا حنيفة رحمه الله قال هذا الكلام فى مواجهة من أراد أن يمنعه من الاجتهاد أمام اجتهاد التابعين، ولكنه لم ينكر أن ضرورة أن يحمل هذا العلم كل جيل عن الذى قبله كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" (أى العلماء الأثبات الذين ترضى الأمة عدالتهم) كما أن أبا حنيفة شأنه شأن كل أهل السنة يرى الإجماع حجة كما أنه يرى أن هناك أدوات للفهم لا بد وأن يحصلها الإنسان حتى يكون مجتهدًا. وقد أحسن الدكتور أسامة الأزهرى حينما قارن بينه وبين أطروحات بأن المجتمع كله منها، وذكر منها سيد قطب على أن استعمال قاعدة "هم رجال ونحن رجال" جاءت فى أفدح صورها على يد شكرى مصطفى مؤسس جماعة التكفير والهجرة فى جانب، وجمال البنا والبحيرى ومن وافقهم فى جانب، ولذلك أصاب الشيخ الجفرى حينما قال: إن فكر البحيرى وداعش وجهان لعملة واحدة مع التضاد الذى بينهما إلا أنهما انطلقا من آفة واحدة. وبصفة عامة فإن هذه المناقشة التى جرت مع إسلام البحيرى تدل على أمرين: 1- أنه لا بد لهذا العلم من أدوات. 2- أنه لا يوجد كهنوت فى الإسلام فالعالم الذى حصل هذه الأدوات سوف يشرح لنا فهمه وفق الأدلة والقواعد والأصول حتى إنه يمكن لعالم أن يتحمل مناقشة من هم على طريقة البحيرى فى "البحث" التى هى أقرب إلى العبث. 5- هل البحث العلمى الشرعى حكر على الأزهر: دائمًا ما نسمع خطابًا متشددًا جدًا فى هذا الباب من أنصار البحيرى ومن ضرورة منع غير الأزهريين من الدروس والخطابة وكل صور الدعوة إلى الله، إلا أنهم فجأة وجدناهم يتحدثون عن الباحث الإسلامى المستنير إسلام البحيرى الذى صحح للأمة خطأ ألف عام كما وصفه جمال البنا قبل وفاته، ولكن الذى مثل مفاجأة لى أن يسأل الأستاذ خيرى رمضان (بصورة بدت لى استنكارية) هل نحن نبحث عن ختم الأزهر؟ رغم أن الإجابة فى هذه المرة جاءت منضبطة من أن العلوم الشرعية علوم لها منهجية معينة من درسها اعتبر وإن لم يكن معه (الختم)، ونتمنى أن يثبت الجميع عند هذا الطرح الوسط على أننا نضيف إليه أمرين مهمين: الأول: أنه إذا اقتضت الضرورة تطبيق مذهب بعينه فى الشأن العام فالمرجع فيه إلى هيئة كبار العلماء فى الأزهر كما نص على ذلك الدستور وضوابطه. وهذا يختلف عن منع أى باحث من طرح بحوثه ومنهجه المنضبط بالمنهجية العلمية. الثانى: أن الدعاة غير الأزهريين يجب أن يتعاونوا مع الأزهر ويكملوا دوره، كما يجب على الأزهر أن يحتضنهم بصفة المؤسسة الأم طالما التزموا بالمنهجية العامة وتجنبوا العنف والتكفير، وما أحسن ما يردده الإمام الأكبر أحمد الطيب من أن أهل السنة عنده تشمل الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، وهذه درجة انفتاح مقارنة بطرح الكثير من الأزهريين مع أن هذه المناهج الثلاث تتنازع فيما بينها فى من أحق بوصف السنة والجماعة (وبطيعة الحال ومن وجهة نظرى أن أهل الحديث هم من يملكون أسانيد صحيحة بتفاصيل منهجهم إلى القرون الثلاثة الفاضلة الصحابة والتابعين وتابعيهم)، إلا أن هذه الدرجة من الانفتاح لتلك الجامعة العريقة قد تضع كثيرًا من الأمور فى نصابها. على أن أحد أبرز مجددى المنهج السلفى وهو شيخ الإسلام ابن تيمية سبق ووقف من الأشاعرة رغم خلافه معهم وكذلك معتدلى الصوفية موقفا فى غاية الإنصاف فأثنى على الأشعرى والبقلانى والغزالى وغيرهم من أئمة الفقه الذى لم يمنعه خلافه معهم فى الاعتراف بإمامتهم فى الفقه. 6- ابن تيمية غصة فى حلق أعداء السنة وثناء الشيخ محمد عبده عليه: ابن تيمية رجل رحل عن عالمنا منذ سبعة قرون تقريبًا ومع هذا فالجميع يظنه حاضرًا معًا لكثرة ما ترك من تراث، ولا يكاد يوجد من العلماء الصادقين حتى من يخالفه فى مسائل كثيرة كالشيخ محمد عبده. ومن عجيب أمر البحيرى وإبراهيم عيسى ومن على شاكلتهم أنهم دائما ما يحاولون نسبة أنفسهم إلى الشيخ محمد عبده رحمه الله ظنًا منهم أن أفكاره متطابقة مع باطلهم، ولا أظن أنهم يعلمون كل تراث الرجل وإلا فهو يخالفهم فى أكثر مواقفهم ومنها موقفه من شيخ الإسلام، وانظر إليه ماذا قال عن هؤلاء الذين يقعون فى ابن تيمية: "قال قوم يعدون أنفسهم مسلمين فى ابن تيمية -وهو أعلم الناس بالسنة وأشدهم غيرة على الدين- إنه ضال مضل ثم جاء على إثر هؤلاء مقلدون يملئون أفواههم بهذه الشتائم وعليهم إثمها وإثم من يقفوهم بها إلى يوم الدين". [كتاب الإسلام بين العلم والمدنية ط مؤسسة هنداوى صفحة 132]. استطراد: إبراهيم عيسى يسب الأزهر من أجل الثناء على ابن تيمية: من النقل السابق تعلم أن تقدير الأزهر لشيخ الإسلام ابن تيمية ليس وليد العشرين سنة الأخيرة، ولم يكن ممن تكلم به من العلماء الأزهريين وهم كثر بسبب "إنه بيجيب فلوس كتير" على حد ما تفوه به إبراهيم عيسى بل كان إقرار للرجل بعلمه وفضله، وقد كتب له العلامة أبو زهرة ترجمة حافلة تمم بها سلسلة تراجمه للأئمة الخمسة الكبار الأربعة وابن حزم، ومن قبله كانت هذه هى شهادة محمد عبده له، ولا أدرى من يوقف هذه البذاءات التى تجمع بين شذوذ الفكر وبذاءة اللسان وكلاهما ممنوع شرعا وقانونا. فائدة: الشيخ محمد عبده يدافع عن تطبيق حد الردة على الحلاج: وفى ذات الكتاب الذى يمثل مساجلة بين الشيخ محمد عبده وبين هاناتو وزير خارجية فرنسا آنذاك هو ذات القضايا التى أثارها المستشرقون والمحتلون وما زال أفراخهم يثيرونها إلى الآن من الادعاء بأن فى الإسلام أحكاما تعارض حرية العقيدة، وهذا ما قاله هاناتو واستشهد بقتل الحلاج، ورغم أن الشيخ محمد عبده كان فى موقف المدافع إلا أنه لم يفعل ما يفعله هؤلاء المنتسبين إليه زورًا، وإنما أقر فى الجملة بتطبيق حد الردة على مثل الحلاج، وإن كان قد برره بضره على العامة وهو أمر لا يكاد ينفك عنه مجاهر بردته فقال الشيخ محمد عبده رحمه الله: (يقول آخرون: إن التاريخ المروى لنا أن بعض أرباب الأفكار قد أخذه السيف لغلوه فى فكره، فلم يترك له من الحرية ما يتمتع به إلى منتهى ما يبلغ به، وليس يصح أن ينكر ما صنع الخليفة المنصور وغيره بالزنادقة. وأقول: إن كثيرًا من الغلو إذا انتشر بين العامة أفسد نظامها واضطرب أمنها، كما كان من آراء الحلَّاج وأمثاله، فتضطر السياسة للدخول فى الأمر لحفظ أمن العامة، فتأخذ صاحب الفكر، لا لأنه تفكر ولكن لأنه لم يرد أن يقصر حق الحرية على شخصه، بل أن يقيد غيره بما رآه من الحرية لنفسه، مع أن غيره فى غنى عما يراه هو حقًا له، وتخشى الفتنة إذا استمر مدعى الحرية فى غلوه، فلهذا يرى حفاظ النظام أن أمثال هؤلاء يجب أن ينقى منهم المجتمع، صونًا له عما يزعزع أركانه. ونحن نرى الفلسفة اليوم نضطهد الدين هذا الضرب من الاضطهاد. ألم تقض الحكومة الفرنسية على الراهبين والراهبات أن تكون جمعياتهم ومدارسهم تحت سيطرة الحكومة؟ وألا ينشأ شىء منها إذا بإذن من الحكومة، ومن لم يخضع لذلك تنحل جمعيته وتقفل مدارسه بقوة السلاح، وقد ينفى من البلاد كما نُفى كثيرون فى سنين سابقة، ولكن هل يسمى هذا اضطهاد؟ كلا، إنما الاضطهاد حق الاضطهاد هو اضطهاد محكمة التفتيش واضطهاد رؤساء الإصلاح بعدها فى أول نشأتهم). فائدة: الشيخ الجفرى وابن تيمية: وكأنى بالشيخ محمد عبده رحمه الله يعنى البحيرى وإبراهيم عيسى حينما يتحدث عن هؤلاء المقلدين الذين يرددون شتائم لابن تيمية والذى وصفه بأنه أعلم الناس بالكتاب والسنة وأكثرهم غيرة على الدين. وقد أحسن الشيخ الجفرى فى دفاعه عن ابن تيمية ردًا على بذاءات البحيرى فقال كلامًا قريبًا من هذا، إلا أنه استثنى موضوعات لم يكن موفقًا فيها -فيما نرى-: - منها أبواب القتال، فلعل الذى ينكرونه على ابن تيمية تأصيله لقتال الطائفة الممتنعة، فإن كان كذلك فتحت أى مبرر شرعى قاتلت الدول العربية الحوثيين فى اليمن. - أم تراهم ينكرون عليه فتواه فى لزوم القتال مع المماليك مع ما فيهم من ظلم أمام التتار؟! والذى يؤصل لمسألة الحفاظ على الجيوش المدافعة عن الحدود وإن وجد ظلم من الحكومات وبسببه يتهم الثوريون الجدد تلاميذ مدرسة ابن تيمية بالتخاذل. - كما استثنى الجفرى أبواب الإيمان، ومن المعلوم أن ابن تيمية لم يكفر إلا الكفار الأصليين، وهذا إجماع، ولم يكفر من المنتسبين إلى الإسلام إلا الطوائف المصرحة بعقائد مضادة صراحة للشهادتين كالعلوية والنصيرية الذى يقولون بأن الإله يحل فى حاكم الزمان. وكنا نتمنى أن يرد الجفرى على البحيرى تكراره أن من أخطاء ابن تيمية تكفير النصيرية، وأن يعتذر كل من خالف ابن تيمية فى شأن هؤلاء بعدما رأى مذابح النصيرية فى شعب سوريا الذى يحكمونه والكفريات التى أتى بها الشبيحة علنًا وعلى الهواء. - و أما الشيعة الاثنى عشرية فعلى الرغم حملته عليهم إلا أنه لم يكفر إلا من تمسك بعقيدة كفرية كالقول بأن القرآن محرف وغيرها، وأما من لم يظهر ذلك فلم يكفره. - وأما الصوفية فقد دافع عن أبى اليزيد والجنيد وغيرهما، ولم يكفر إلا من قال بالحلول والاتحاد وبالمعنى الشركى الصريح حتى قال قائلهم: "و ما الكلب والخنزير إلا الهنا"، وقد تقدم تأييد الشيخ محمد عبده رحمه الله لقتل الحلاج. - و أما الأشاعرة فمع أن من عاصر ابن تيمية منهم سعى فى سجنه ومن تأخر منهم كالجفرى نسب إليه التجسيم وهو منه برىء إلا أنه دافع عنهم ووقف فى وجه السلطان حينما أراد قتلهم وملأ كتبه نقولاً عن أئمة الفقه منهم. وقد قدمنا لك إن الشيخ أحمد الطيب لا يرى أن مذهب أهل الحديث الذى نصره ابن تيمية تجسيمًا وإنما يرى أنه داخل فى الجملة ضمن مذاهب السنة ويبقى الحوار بين أهل الحديث والأشاعرة والمناظرة العلمية قائمة دون أن نحابى هادمى السنن ومفسدى الشرائع. - و ختامًا نقول: ليت أن شيخ الإسلام قد نال من الجفرى عشر سعة الصدر التى أعطاها لمخرف كالبحيرى. 7- متفرقات: - فى المقاطع التى سمعتها للبحيرى دائما ما يقول: "الرسول"، ولا يصلى عليه -صلى الله عليه وسلم-، فضلا عن تركه الترضى على الصحابة، وأما العلماء فهم عنده على ما عرفتم. وهذا من محق البركة وسوء الأدب ولكى نعلم أن سوء الأدب مع العلماء فرع على سوء الأدب مع الصحابة وكلاهما فرع على سوء الأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. - فى محاولة منه لتعميم سبه لكل التراث فإن البحيرى يدَّعى فى كل المسائل التى ينتقدها أنها مجمع عليها ومنها جواز نكاح الصغيرة وربما يكون معذورا فى هذه ولكنه لو اطلع لوجد أن هذا الادعاء لم يمنع من ترجح لديهم خصوصية هذا الحكم بالنبى صلى الله عليه وسلم أن يتمسكوا بمذهب ابن شبرمة، وقد سمينا لك منهم ابن حزم والمعلمى اليمانى وابن عثيمين من المعاصرين (وهما ممن يلصقهما البحيرى بالوهابية المتشددة بزعمه). - و فى سبيل ذلك ادعى الإجماع على أن من ترك صلاة واحدة قد كفر ومر هذا القول على الشيخين فى زحمة أقواله، وفى الواقع أن الأئمة الثلاثة عدا أحمد لا يكفرون تارك الصلاة وأن للإمام أحمد روايتين والمختار عند بن قدامة الراوية الموافقة للجمهور، وإن كان متأخرو المذهب يختارون الأخرى، وأما ابن تيمية فله مذهب وسط هو أقرب لمذهب الجمهور -فيما نرى-، وليس هذا مقام تفصيله. الشاهد أنه أكثر العلماء على عدم تكفير تارك الصلاة كفرا مخرجا من الملة. - ينادى البحيرى بفتح باب الاجتهاد ثم يرتدى غاية ثوب التشدد من باب تهييج الحكام على الإسلاميين من أنهم لا يرون الحكام المعاصرين ولاة أمور، وقد رد عليه الشيخ الجفرى بأن أهل السنة يرون إمامة المتغلب، وهذا صحيح ولكن القضية التى استجدت هو أن واجبات الإمام التى كانت منوطة به كتب السياسة الشريعة قد أصبحت اليوم موزعة بين مؤسسات وسلطات ثلاث وفق الدساتير المعاصرة فلا يجوز لحاكم أن يتجاوز صلاحياته الدستورية استنادًا إلى صلاحيات الإمام فى كتب السياسى الشرعية، حيث أصبحت الدساتير عقدًا بينه وبين الأمة؛ ومن هنا يتضح من الذى ينادى بالجمود؟ ومن الذى يدعم الاستبداد؟ ومن الذى يتعامل مع النصوص بانتقائية؟ عتاب أخير: للأستاذ خيرى رمضان. تحمل الأستاذ خيرى رمضان عناء إدارة مثل هذه المناظرة وعبر بدرجة جيدة عن ما يمكن أن يكون رأى رجل الشارع، ولكنه وبعد أن بين له الشيخ الجفرى الأسباب التى من أجلها أعطى الشرع للأب استثناء زواج أبنائه الصغار، قال: إذن هذا يختلف عن ما كان الإخوان والسلفيون يريدون فعله فى دستور 2012 وكان السلفيين كانوا يريدون جعل نكاح الصغيرة أصلا يدعى إليه وينافح عنه. وهذا غير صحيح وإنما كان المقصود إبقاء الرخصة فى يد الأب تيسيرًا على من احتاج إليها على أن قضية زواج الصغيرة نظرًا للتغييرات البدنية والنفسية فى هذا الزمان تقريبا لم يعد لها حاجة، وإنما المشكلة فى تحديد سن يمثل الحد الأدنى للزواج مع العلم أن البلوغ يحدث عادة فى بلادنا قبله ومع هذا مررنا هذا الأمر لوجود وجه له فى الشريعة، وقد ثار هذا الأمر حينما حاولت الدولة العثمانية وضع حد أدنى لسن الزواج فأيده بعض علماء الأزهر منهم الشيخ الخضرى رحمه الله، وعارضه وبقوة معظم علماء الأزهر وعلى رأسهم العلامة محمد بخيت المطيعى شيخ الأحناف فى زمانه وممثل الأزهر الوحيد فى لجنة دستور 1923 وصاحب اقتراح مادة الإسلام دين الدولة التى تضمنها هذا الدستور. وأنا أدعو الأستاذ خيرى رمضان إلى أن يجرى تحقيقًا ميدانيًا فى الريف المصرى حول الآثار الاجتماعية المدمرة لرفع سن زواج الفتيات من 16 إلى 18 . بل إننا نتساءل: هل من حقوق الإنسان أن تمنع إنسانا نضج بدنيا واستقل ماليا (ويحدث هذا فى البادية المصرية قبل سن ال 18 أحيانًا)، واهم من ذلك إذن له خالقه، فبأى حق تمنعه من تلبية حاجاته الطبيعية؟ علمًا بان الدول التى نقلنا عنها هذا التشريع تمنح الحرية الجنسية فى سن مبكرة وتؤجل حق تكوين الأسرة لسن الـ18، وأما فى الإسلام فلا يمكن قضاء الشهوة إلا من خلال هذا الزواج إذن فالقضية الأكثر إلحاحا هى إلزام الجميع أن ينتظروا الحد الأعلى للبلوغ حتى وان وجدت لديهم دواعى الزواج وتيسرت أسبابه، وقد استندت اللجان التشريعية المتعاقبة على سن مثل هذه القوانين على وجه فى مذهب أبى حنيفة، وقدمنا لك اعتراض شيخ الأحناف فى عصره على هذا المبدأ ورده على المخالفين كما دونه العلامة محمد رشيد رضا فى مجلة المنار. نسال الله أن يهدينا إلى ما اختلفوا فيه من الحق بإذنه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com