الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

من أخلاق النصر في جيل الصحابة... استنصارهم بالله عز وجل، وطلبهم العزة بما أعزهم الله به

ما كان عند الله فلا يُنال إلا بطاعته

من أخلاق النصر في جيل الصحابة... استنصارهم بالله عز وجل، وطلبهم العزة بما أعزهم الله به
أحمد فريد
الأحد ٢٦ أبريل ٢٠١٥ - ١٠:١٢ ص
1648

من أخلاق النصر في جيل الصحابة... استنصارهم بالله عز وجل، وطلبهم العزة بما أعزهم الله به

كتبه / أحمد فريد

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله ، صلى الله عليه وسلم ..أما بعد ..

استنصارهم بالله عز وجل، وطلبهم العزة بما أعزهم الله به

كان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون النصر من الله عز وجل؛ لأن الله عز وجل قال: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ )، وما كان عند الله فلا يُنال إلا بطاعته فلا يحصل النصر بموالاة الغرب الكافر أو الشرق الكافر، ولا يُنال النصر بمعصية الله عز وجل، أو بالتنازل عن ثوابت الدين -أصوله أو فروعه- كما يفعل ذلك كثير من المسلمين اليوم من البعيدين عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدى الصحابة رضي الله عنهم، فلا يحصِّلون إلا النكسات والنكبات، فأسأل الله أن يردهم إلى الدين ردًّا جميلًا، وهذه بعض الأمثلة من استنصار الصحابة بالله عز وجل.
 

عمرو بن العاص رضي الله عنه وفتح مصر

 
أخرج ابن الحكم عن زيد بن أسلم قال: لما أبطئ على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح مصر كتب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه:
 
أما بعد، لقد عجبت لإبطائكم عن فتح مصر، تقاتلون منذ سنين، وما ذاك إلا لما أخذتم وأحببتم من الدنيا ما أحب عدوكم، وإن الله تعالى لا ينصر قومًا إلا بصدق نياتهم، وكنت قد وجهت إليك أربعة نفر، وأعلمتك أن الرجل منهم مقام ألف رجل على ما أعرف، إلا أن يكون غيَّرهم ما غيَّر غيرهم، فإذا أتاك كتابي هذا فاخطب الناس وحضهم على قتال عدوهم، ورغَّبهم في الصبر والنية، وقدم أولئك الأربعة في صدور الناس، وأمُرِ الناس أن يكونوا لهم صدمة رجل واحد، وليكن ذلك عند الزوال يوم الجمعة؛ فإنها ساعة تتنزل فيها الرحمة، ووقت الإجابة، وليحج الناس إلى الله، وليسألوه النصر على عدوهم. فلمَّا أتى عَمرًا الكتابُ، جمع الناس، وقرأه عليهم، ثم دعا أولئك النفر فقدمهم أمام الناس، وأمر الناس أن يتطهروا ويصلوا ركعتين، ثم يرغبوا إلى الله، وليسألوه النصر؛ ففتح الله عليهم.
 

أبو عبيدة رضي الله عنه ومعركة اليرموك

 
عن عياض الأشجعي قال: شهدت اليرموك، وعليها خمسة أمراء: أبو عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وخالد بن الوليد، وعياض رضي الله عنهم، وليس عياضًا هذا الذي حدَّث. فقال إذا كان قتال فعليكم أبا عبيدة، فكتبنا إليه أنه قد جاش إلينا الموت، واستمددناه، فكتب إلينا: إنه قد جاءني كتابكم، وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر جندًا؛ الله عز وجل فاستنصروه فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم نصر يوم بدر في أقل من عدتكم.
 

أبو بكر الصديق وعمرو بن العاص رضي الله عنهما

 
أخرج الطيالسي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: كتب أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه:
 
السلام عليك أما بعد، فقد جاءني كتابك تذكر ماجمعت الروم من الجموع وإن الله لم ينصرنا مع نبيه بكثرة عدد ولابكثرة جنود، وقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معنا إلا فرسان، وإن نحن إلا نتعاقب الإبل، وكنا يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معنا إلا فرس واحد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركبه، ولقد كان يظهرنا ويعيننا على من خالفنا، واعلم ياعمرو أن أطوع الناس لله أشدهم بغضا للمعاصي، فأطع الله، ومرْ أصحابك بطاعته.
 

خالد بن الوليد رضي الله عنه ومعركة اليرموك

 
أخرج ابن جرير في تاريخه (2/594) عن عبادة وخالد رضي الله عنهما قالا: قال رجل لخالد: ما أكثر الروم وأقل المسلمين، فقال خالد: ما أقل الروم وأكثر المسلمين، إنما تكثر الجنود بالنصر، وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال، والله لوددت أن الأشقر براء من توجيه، وأنهم أضعفوا في العدد، وكان فرسه قد حفي في مسيره.
 
وكان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون العزة بما أعزهم الله عز وجل فهو العزيز، ومن أراد العزة فليطع العزيز: "مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ"، وكان الإمام أحمد يدعو: اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك.
 
 
عن طارق بن شهاب قال: خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فأتوا على مخاضة، وعمر على ناقة له فنزل عنها وخلع خفيه ووضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة.
 
فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا، تخلع خفيك، وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟! مايسرني أن أهل البلد استشرفوك، فقال عمر رضي الله عنه: أواه، لو قال هذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم:"إنا كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله عز وجل به، أذلنا الله".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة