الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أثر مواد الدستور في الحفاظ على الدولة والمجتمع من العبث والشرور

عندما اشترك حزب النور في لجنة الخمسين لتعديل مواد الدستور، ثارت علينا ثائرة البعض، واستنكروا علينا القبول بهذا التمثيل المزري للصوت الإسلامي داخل اللجنة

أثر مواد الدستور في الحفاظ على الدولة والمجتمع من العبث والشرور
أحمد الشحات
الجمعة ١٦ أكتوبر ٢٠١٥ - ١٦:١٠ م
2180

أثر مواد الدستور في الحفاظ على الدولة والمجتمع من العبث والشرور

كتبه / أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:-

مقدمة:

عندما اشترك حزب النور في لجنة الخمسين لتعديل مواد الدستور، ثارت علينا ثائرة البعض، واستنكروا علينا القبول بهذا التمثيل المزري للصوت الإسلامي داخل اللجنة، وكانت علتهم في ذلك هي قلة فرص الإصلاح وتحقيق النتائج الإيجابية من خلال هذه التجربة، خصوصًا أن قواعد التصويت تحتاج لكتلة كبيرة وليس لفرد واحد.

وقلنا وقتها؛ فلنسعَ جاهدين للحفاظ على ما حققناه من مكتسبات في الدستور موضع التعديل بقدر وسعنا وتوفيق الله لنا، وإلا فالبديل هو الانسحاب من الواقع حتى يتشكل بعيدًا عنا، وعندها لن نملك إلا أن نذعن لهذا الواقع الجديد مع التباكي والتحسر على الفرص الضائعة.

وقلنا لهم إن الظروف التي تمر بها البلاد لا تحتمل مطالبات خيالية، ولا تصورات حالمة، ونحتاج لإدراك حقيقي لتغير موازين القوى، والتعامل وفق المعطيات الجديدة بالمرونة التي لا تجعلنا نفقد ما حققناه من إنجازات، كما فقدها غيرنا.

وقلنا لهم أيضًا إن العبرة بالنتائج، ولعل الله أن يرحم ضعفنا وعجزنا ويوفقنا في مهمتنا رغم قلة العدد وقلة الحيلة، ولنا أسوة في ذلك حيث كانت لجنة الـ 30 التي وضعت دستور 1923 ذات التوجه العلماني الجارف, ولم يكن ممثلا للصوت الإسلامي بها سوى رجل واحد وهو ????? ???? ???? مفتي ?????? ?????ية ?????? رحمه الله، وقد وفقه الله لوضع مادة الإسلام دين الدولة التي تطورت في دستور 71 إلى المادة الثانية بهذا الدستور التي صارت عمدة الدساتير المصرية بعد ذلك.

راهن كثيرون على عدم تحملنا أو بالأدق طعنوا في نوايانا، واستبقوا الأحداث ليعلنوا لكل الناس أننا سننسحب في اللحظة الفارقة رغبة في تفخيخ اللجنة وتعطيل عملها، بينما راهن آخرون على فشلنا وعجزنا عن تحقيق أية أهداف.

ومرت الأيام وأثبت التاريخ أننا كنا فصيلًا وطنيًّا حقا، ننافح عن منهجنا وأفكارنا بشرف وقوة ووضوح، ولا نيأس سريعًا، وفي الوقت نفسه نعي خطورة المسئولية ، ودقة الظرف الذي تمر به البلاد، وواصلنا عملنا حتى خرج الدستور بشكل خيب رهان كل المشككين والمثبطين.

ما الذي ترتب عليه وجودنا في لجنة الخمسين من ناحية الحفاظ على الدين:-

يمكن القول بأن الأهداف الرئيسية للحزب من المشاركة في الدستور تتمثل في أربعة أهداف كما يلي، وضع دستور موافق للشريعة، وضع آلية تُلزم أجهزة الدولة بعدم مخالفة الشريعة، ضبط باب الحقوق والحريات بما لا يخالف الشريعة، تحديد جهة إسناد تحدد الأمور التي تدخل في نطاق الشريعة أو التي تخرج عنها، بحيث تكون هذه الجهة هي الأزهر، مع ما يمكن إدخاله من تحسينات أخرى بقدر المستطاع.

وقد تحققت هذه الأهداف بفضل الله تعالى في دستور 2012، وكذلك تحققت بنفس الدرجة في تعديله عام 2013، والذي كان يُعد وقتها الاستحقاق الأول من استحقاقات خريطة الطريق، وظهرت بصمة الحزب فيما يلى:-

1- بقاء نص المادة الثانية كما هي: (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع).

2- بالنسبة لتفسير (مبادئ الشريعة) والتي كانت مفسَّرة في المادة (219)، فتم حذفها ووُجد بدلاً منها في الديباجة صيغة أضبط من الناحية الدستورية والقانونية، وأفضل من الناحية الشرعية وهى: (مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا)، والتي أهمها حكم 4 قضائية بتاريخ (21-12-1985)، مع وجود مادة تتحدث عن أن الدستور وحدة واحدة ، مع تضمين المضبطة حكمًا من أحكام المحكمة الدستورية يصف شرب الخمر بأنه "من جرائم الحدود في الشريعة الإسلامية" وهو الحكم رقم 141 لسنة 4 قضائية، ويُستفاد من مجموع أحكام المحكمة الدستورية لزوم رجوع المشرع إلى أحكام الشريعة، وأنه يلتزم بالحكم الصريح إذا وجد وبقواعد الاجتهاد في غيره، ولا يجوز الرجوع لمصدر آخر غير الشريعة، ويجب تغيير منظومة القوانين في مصر لتكون في إطار القرآن والسنة وأحكام المجتهدين من الأئمة والعلماء.

3- مرجعية الأزهر في المادة رقم (7) : - (أن الأزهر هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية).

4- مادة "تجريم سب الأنبياء والرسل" تم الإثبات في المضابط أنها من الثوابت لدى الشعب المصري وإن كان تم حذفها لأن مكانها القانون ولوجود حساسية لدى البعض من كثرة المواد ذات الصبغة الدينية ولكن لا يوجد أي شيء يستفاد منه الإباحة وقد كانت مسودات دستور 2012 تتضمن تجريم سب الصحابة وتم حذفها أثناء المناقشات لنفس العلة.

5- النص على "حكومتها مدنية" عندما أصر البعض على وضع كلمة مدنية وهي عندما تأتي وصفًا لحكومة تؤكد معنى الرفض التام لذكر العلمانية صريحة كانت أو مقنعة.

أحداث معاصرة تؤكد خطورة عملية التشريع :-

بعد إتمام مرحلة إقرار الدستور بسلام، قدر الله عز وجل أن تقع أحداث كثيرة، تعد موطن اختبار إما لمواد الدستور، أو للقانون، أو لتجاوب السلطة التنفيذية مع روح الدستور، وضوابط القانون، مع ضرورة الانتباه إلى أن الأفكار المنحرفة على اختلاف تنوعاتها كانت قد انفتحت شهيتها بعد أحداث 30/6، وظنوا أن الدولة والشعب قد انقلبوا على الدين، وتوهموا أن الخلاف بين الدولة والإخوان خلاف ديني، فاجتهد كل منهم فى إخراج ما في جعبته، أهل الفن في فنهم، وأصحاب الفكر في فكرهم، ومن هنا انتشرت المبادرات الفردية في الخروج على ثوابت الدين والمجتمع، حتى بعض من تولى مناصب حكومية من هؤلاء، لم يستطع أن يخفي توجهه المخالف لنص القانون والدستور، ولا أدل على ذلك من تصريح وزير الثقافة الحالى عن مصر بأنها دولة علمانية.

وفيما يلى بعض الأمثلة على مواقف حدثت خلال الفترة السابقة، القاسم المشترك بينها أنها تمت على يد بعض الراغبين في الخروج على نظام الدولة والمجتمع، وفي المقابل تمسكت الدولة بمواجهة هؤلاء الخارجين على نظامها بالقانون والدستور:-

1) تأييد الحكم على "إسلام بحيري" بالسجن خمس سنوات في قضية ازدراء الأديان :-

حيث قضت محكمة جنح مصر القديمة برئاسة المستشار محمد السحيمي، بمعاقبة المتهم إسلام بحيري بالسجن 5 سنوات، مع الشغل والنفاذ والمصاريف، لاتهامه بازدراء الأديان.

وأكد المدعي بالحق المدني أن المتهم "إسلام بحيري" سيكون خلف الأسوار خلال أيام قليلة وأن البحيري لم تعد أمامه سبل للتقاضي غير آخر درجة وهي محكمة الاستئناف وبعدها سيكون الحكم واجب النفاذ.

وقد قررت محكمة مستأنف جزئي مصر القديمة في يوم السبت 10/10/2015 والمنعقدة بمجمع محاكم زينهم بالسيدة زينب، برئاسة المستشار أحمد أبو العطا وحضور ممثل النيابة أحمد فؤاد وسكرتارية محمد الشاذلي، اعتبار معارضة الباحث إسلام إبراهيم بحيري على حكم سجنه 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، لاتهامه بازدراء الأديان، "كأن لم تكن" وألزمته بالمصاريف الجنائية وأيدت الحكم الصادر من محكمة أول درجة.

2) استبعاد الراقصة "سما المصري" من الانتخابات البرلمانية المقبلة 2015:-

حكمت المحكمة باستبعاد "سما المصري" من الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقالت المحكمة: إن طيب الخصال من الصفات الحميدة المتطلبة في الفرد بصفة عامة، وفي عضو مجلس النواب بصفة خاصة، باعتبار أنه بدون توافر هذه الصفات تختل الأوضاع وتضطرب القيم في جميع مناحي عمله البرلماني.

وأشارت المحكمة إلى أن طيب الخصال لا يحتاج في التدليل على نقصه صدور أحكام قضائية خاصة بها، إنما يكفي في هذا المقام وجود دلائل أو شبهات قوية في هذا الشأن، وتلقى ظلالا من الشك على شخص المترشح حتى يتسم بسوء الخصال، أخذًا في الاعتبار بيئة المجتمع التي يعيش فيها وطبيعة المهام التي من المفترض أن يضطلع بها.

وأكدت المحكمة أنها اطلعت على المقاطع التي حوتها الأسطوانات المدمجة التي تضمنتها بعض البرامج والحوارات التليفزيونية التي أجريت مع "المصري"، وتناولها الكثير من وسائل الإعلام المختلفة والمتاح مشاهدتها للكافة، موضحة أنه تبين للمحكمة إقدام سما المصري على مجموعة من التصرفات بما يخرجها عن المسلك القويم والتمسك بحسن الخلق وتوشحها بالحياء اللازم للمرأة.

وتابعت المحكمة: "وهي أمور يتعين على أهل الفن الصحيح مراعاتها والتمسك بها، حيث لا يجوز التذرع بالإبداع والابتكار للخروج عن القيم، وإنما يكون الإبداع والابتكار في ظل القيم والأخلاق، وبالتالي لا يجوز التمسك بالإبداع الفني لتبرير ما أقدمت عليه "المصري" من مشاهد وأفعال اطلعت عليها المحكمة".

وأضافت المحكمة أن، يتعين لتربية النشء والشباب في المجتمع بما يعينه على تمسكه بالمبادئ والقيم وليس إهدارها، مشيرة إلى أن هذه هي رسالة عضو المجلس النيابي، إذا أتاها على وجهها الصحيح وهو ينبري دفاعًا عن قويم المسلك ويفزع لما يؤدي إلى إفساد الأخلاق، وهو ما كانت ترجوه المحكمة أن يتوافر في "سما المصري"، ولكنها لم تبرهن على ذلك فيما طالعته المحكمة من مشاهد وحوارات تليفزيونية منسوبة لها.

3) رد منتقبات جامعة القاهرة على قرار رئيس الجامعة بوقف "منعهن من التدريس" :-

قامت العضوات المنتقبات بهيئة التدريس بجامعة القاهرة بإصدار بيان للرد على قرار رئيس الجامعة بمنع العضوات المنتقبات من التدريس، جاء فيه أن قرار رئيس الجامعة يخالف الدستور في المواد التالية :-

المادة 2 التي تنص على : "أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".

المادة 9 التي توضح : "أن تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز".

المادة 11 التي تنص على : "أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا صادقا في المجالس النيابية على النحو الذى يحدده القانون كما تكفل للمرأة حقها في تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها".

المادة 14 التي تنص على : أن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة وتكليف القائمين بها لخدمة الشعب وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي إلا في الأحوال التي يحددها القانون.

المادة 53 التي تؤكد : أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر.

المادة 64 التي تنص على : أن حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون، وكذلك المادة 92 التي تنص على: "أن الحقوق والحريات اللصيقة بالمواطن لا تقبل تعطيلا أو انتقاصا ولا يجوز لأي قانون ينظم الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها".

واستندت عضوات هيئة التدريس المنتقبات أيضا للمادة 99 من الدستور التي تنص على: " أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر وتكفل الدولة تعويضًا عادلًا لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منصفا للمضرور بناء على طلبه وذلك كله على الوجه المبين بالقانون".

هذا هو الإجراء الذى احتكمت إليه مجموعة من المواطنات رأين أنه تم فرْض قرارٍ تعسفي عليهن من جانب موظف حكومي، وعلى الجانب الآخر فقد عارض قرار رئيس جامعة القاهرة بعض الزملاء الأفاضل من رؤساء الجامعات الأخرى، وهو ما يعد تقدما إيجابيًّا ملحوظا فيما يخص تجاوب الحكومة مع روح القانون والدستور.

وكان الدكتور رشدي زهران، رئيس جامعة الإسكندرية، أحد من عارضوا قرار رئيس جامعة القاهرة ، حيث وصف النقاب والحجاب واللحية داخل الجامعة بـ«الحرية الشخصية»، مؤكدًا أنها «طالما تدور في فلك الحرية المسئولة والالتزام بالأعراف الجامعية».

وقال : «إذا كانت أستاذة الجامعة تشعر بأن ارتداءها النقاب أو الحجاب، وكذا الأستاذ الذي يطلق لحيته نوع من التدين والالتزام والتقرب إلى الله أثناء العمل، فهذا شأنهم، أما أننا نقف بينهم وبين تدينهم، الذي لم يؤثر على أداء مهمتهم داخل الجامعة يبقى إحنا دخلنا في حتة مش بتاعتنا».

وأضاف: «لا أنا ولا مجلسي أصدرنا قرارًا بمنع المنتقبات أو المحجبات أو الملتحين من إلقاء المحاضرات على الإطلاق، وبالتالى لا يوجد داع لتضخيم الأمور وإعطائها أكثر من حجمها الطبيعي، خاصة أنهم موجودون في الجامعات منذ سنوات، ولم يشتكِ أحد».

4) منع الاحتفال بمولد الحاخام اليهودي"أبو حصيرة" :-

حيث صدر حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية فى 29/12/2014 بمنع الاحتفال بمولد الحاخام اليهودي، المعروف بـ"أبو حصيرة" حيث ألغى قرار فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق لعام 2001 ، وأصدرت المحكمة حكمها برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، في 5 مطالب هي:

أولًا: إلغاء قرار وزير الثقافة رقم 57 لسنة 2001، فيما تضمنه من اعتبار ضريح الحاخام اليهودي يعقوب أبوحصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله، والتل المقام عليه بقرية «ديمتوه» بدمنهور بمحافظة البحيرة ضمن الآثار الإسلامية والقبطية، لانطوائه على خطأ تاريخي جسيم يمس كيان تراث الشعب المصري.

ثانيًا: إلزام الوزير المختص بشئون الآثار بشطب هذا الضريح من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية، لفقدانه الخصائص الأثرية بالكامل, وإلزامه بنشر قرار الشطب بالوقائع المصرية.

ثالثا: إلزام الوزير المختص بشئون الآثار بإبلاغ اللجنة الدولية الحكومية «لجنة التراث العالمي» بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» بشطب هذا الضريح من سجلات الآثار الإسلامية والقبطية، تطبيقًا للاتفاقية الدولية الخاصة بحماية التراث العالمي والثقافي والطبيعي والقانون المصري، وإعمالا لمبدأ السيادة على الإقليم المصري الكائن به هذا الضريح، على أن يكون ذلك الإبلاغ مشفوعًا بترجمة معتمدة من الصورة الرسمية من حكم هذه المحكمة، باعتباره الوثيقة والسند لهذا الإبلاغ.

رابعًا: رفض طلب إلزام الجهة الإدارية بنقل هذا الضريح إلى إسرائيل استنادًا إلى أن الإسلام يحترم الأديان السماوية وينبذ نبش قبور موتاهم، ودون الاستجابة للطلب الإسرائيلي من منظمة «اليونسكو» بنقل الضريح إلى القدس، إعمالًا لقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقية «جنيف» الرابعة، واللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية «لاهاي»، باعتبار أن القدس أرض محتلة، لا ترد عليها تصرفات الدولة الغاصبة وتخرج عن سيادتها، وتلافيًا لإضفاء شرعية يهودية الدولة بتكريس سلطة الاحتلال الإسرائيلي بوجود هذا الضريح على أرض فلسطين العربية.

خامسًا: إلغاء إقامة الاحتفالية السنوية لمولد الحاخام اليهودي يعقوب أبوحصيرة بصفة نهائية، لمخالفته النظام العام والآداب، وتعارضه مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها، وذلك كله على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

5) الحكم على بعض حوادث العري والفجور :-

مما يؤسف حقًا أن جرعة العرى والفساد والتحريض على الفجور كانت قد زادت حدتها بدرجة مقززة للغاية، ووقف وراء هذه الحملة المسعورة بعض من باعوا أنفسهم للشهوات، ورغبوا أن ينشروا الرذيلة والفساد في كل طبقات وشرائح المجتمع.

وكانت أولى هذه الحوادث، عرض دور السينما لفيلم شديد الخطورة على أخلاق وقيم المجتمع، مما جعل رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب يقرر وقف عرض فيلم "حلاوة روح" بدور العرض، حتى يتم إعادة عرضه على الرقابة.

ولكن للأسف جاء حكم القضاء مخالفًا لقرار رئيس الوزراء، وهذا ما يؤكد خطورة الدستور والقانون الذي يضبط أداء القاضي؛ حيث قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار يحيى دكروري نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية المستشارين عبد المجيد المقنن وسامى درويش نائبي رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار وزير الثقافة بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للثقافة رقم 286 لسنة 2014 بسحب الترخيص الصادر لعرض فيلم "حلاوة روح"، ووقف عرضه بجميع دور العرض السينمائي.

ومن ذلك قرار المستشار أحمد خطاب مدير نيابة العجوزة، برئاسة المستشار أحمد دبوس رئيس النيابة، بحبس، صاحبة كليب "سيب إيدي "، 4 أيام على ذمة التحقيقات، في اتهامات بنشر الفسق، والرذيلة بالمجتمع من خلال نشر فيديوهات تحمل الايحاءات الجنسية. كما أمرت النيابة بضبط وإحضار مخرج كليب "سيب إيدي" وذلك لاتهامه بإشاعة الفسق والفجور.

ومن ذلك ما كشفته تحريات الإدارة العامة للآداب، بإشراف اللواء مجدي موسى مدير الإدارة العامة للمباحث أن الراقصتين المعروفتين بالظهور على بعض القنوات الفضائية اعتادتا التحريض على الفسق والفجور وممارسة أفعال وتصرفات خادشة للحياء والآداب العامة، وأبرزها نشر العري، موضحة أن الأفعال التي تقوم بها الراقصتان تتنافى مع قيم وأخلاق الشعب المصري، وأيضًا تحريات إدارة مباحث الآداب حول البلاغ المقدم من محمد النمر المحامي، والذي يتهم من خلاله الراقصة هيفاء وهبي، بإشاعة الفاحشة والعري، والتحريض على الفسق والفجور.

وأخيرًا تحديد محكمة جنح مدينة نصر لجلسة 10 نوفمبر المقبل، لنظر أولى جلسات محاكمة "انتصار" بتهمة التحريض على الفسق والفجور؛ حيث كان هناك بلاغ اتهمها، بالدعوة للفسق والفجور، من خلال مقطع فيديو ظهرت فيه ببرنامج "نفسنة" على فضائية "القاهرة والناس" تحرض الشباب على مشاهدة الأفلام الإباحية.

6) التصدي للشيعة ومحاولات نشر التشيع:-

حيث أعلنت السلطات المصرية مصادرة ثلاث شحنات من الكتب الشيعية واردة من العراق في مطار القاهرة، وبحسب ما ذكرت شبكة "سي إن إن الإخبارية"، فإن هذا الإجراء جاء وسط تأكيدات القائم بأعمال وزير الإعلام، عصام الأمير، عدم وجود قنوات شيعية تبث على القمر الصناعي المصري "نايل سايت."

وأكد عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون خلال اجتماعه بجهاز المطبوعات التابع لوزارة الإعلام، ضرورة محاربة التشيع من كل الجوانب سواء بمصادرة الكتب التي تتنافى مع الفكر السني، وتتنافى أيضًا مع الأزهر وصحيح الدين، كذلك أكد منع القنوات الشيعية على القمر الصناعي نايل سات.

جاء ذلك بعدما قام جهاز المطبوعات التابع لوزارة الإعلام، بمصادرة مجموعة من الكتب الشيعية وإحالتها للأزهر الشريف لدراستها ومراجعتها والبت في إصدارها من عدمه؛ حيث إن بعض الكتب التي يتم الاشتباه في مضمونها من الناحية الدينية، تحال بشكل مباشر للأزهر للبت فيها، ولكن في الوقت نفسه ، هناك بعض الكتب يمكن مصادرتها بمجرد مشاهدة غلافها مثلما حدث مع كتاب "الفاحشة الوجه الآخر لعائشة" لياسر الحبيب الشيعي من الكويت.

وفي محاولة أخرى لوقف محاولات الغزو الشيعي، أكد مصدر أمني بمطار القاهرة الدولي أنه تم إيقاف الدكتور أحمد راسم النفيس القيادي الشيعي بمطار القاهرة عقب وصوله من إيران لأنه مدرج ترقب وصول لإحدى الجهات الأمنية, وتم تفتيش حقائبه وعثر بداخلها على عدد من الكتب التي تحمل الفكر الشيعي, وتم السماح له بمغادرة المطار.

وفي واقعة أخرى أصدرت محكمة جنح الجمالية برئاسة المستشار طلال رضوان، بمجمع محاكم زينهم بالسيدة زينب، الحكم في قضية نجل سفير مصر بالسودان الأسبق والمتهم بسب الصحابة والسيدة عائشة رضى الله عنهم، ومحاولة اقتحام مسجد الحسين. وكان المستشار تامر الفرجاني، المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، قد أحال طالبًا جامعيًا، لمحكمة الجنح، لاتهامه باستغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة، وازدراء الدين الإسلامي وسب الصحابة والطعن فيهم. ووجهت النيابة إلى المتهم عدة اتهامات منها استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة، وازدراء طائفة منتمية لأحد الأديان السماوية "أهل السنة" والإضرار بالوحدة الوطنية على شبكة الإنترنت.

أهمية البرلمان القادم 2015

لا نغالي إذا قلنا إن البرلمان القادم هو أهم برلمان في تاريخ مصر الحديث، ليس فقط لأنه يعد استكمالا لخريطة الطريق التي بدأت في 3/7/2013، ولا لكونه مسئولًا عن مراجعة القوانين التي صدرت عن السلطة التنفيذية خلال فترة غيبة البرلمان، ولا لكونه سيقوم بتشكيل الوزارة كما نص على ذلك الدستور في تعديله الأخير، ولا لمباشرته وضع قوانين الانتخابات البرلمانية والمحليات.

ولكن الأهمية الكبرى لهذا البرلمان أنه من خلاله سوف تتشكل ملامح الممارسة السياسية في الواقع المصري خلال العقود القادمة، ومن خلاله سوف تتضح معالم المشاركة الحزبية في صنع السياسة المصرية، ومن خلاله سوف تُقرر طريقة الممارسة البرلمانية، ومن خلاله سوف يتحدد حجم الثقة بين أعضاء مجلس النواب وبين الشعب الذي اختارهم، والتي ستلقى بظلالها على طبيعة المشاركة الشعبية في السياسة من عدمها.

ويبقى هناك محور على درجة عالية من الأهمية والخطورة، وهو أن البرلمان القادم سوف يقرر هوية هذه الدولة عن طريق توجهات الأغلبية بداخله، هذا الهدف الخطير صرح المخالفون عن رغبتهم فيه بوضوح؛ حيث قال المهندس أحمد السجيني، المتحدث الإعلامي باسم قائمة «في حب مصر » لغرب الدلتا، إنه يجب أن يعلم الجميع أن اختلافنا مع حزب النور ليس خلافًا سياسيًّا فقط، ولا يأتي في إطار المنافسة الانتخابية فحسب، بل هو في المقام الأول اختلاف حول الهوية الإسلامية للدولة المدنية.

إلى أن قال: «نرى أن وجود أحزاب مثل النور لا يخدم الدين ولا يساعد في تنمية المجتمع بل يضعفه ويضره مهما حسنت النوايا، فوجود أحزاب سياسية تزايد على الدولة ومؤسساتها الدينية الرسمية في الحفاظ على المرجعية الدينية، سوف يؤدي حتمًا إلى فوضى فكرية وعبث عقائدي يؤثر في النهاية بالسلب على الهدف الأصلي».

كانت لنا خطوات وبقيت لنا خطوات :

مما سبق يتبين أن المعركة القادمة ليست سهلة، وأنها فكرية في المقام الأول؛ حيث يسعى كل فصيل لفرض رؤيته الفكرية من خلال ما يمتلكه من سلطة البرلمان، والأمر هنا لا يمكن التعامل معه بمنطق "دعه يعمل دعه يمر" حيث كان يحلو للبعض في الاستحقاقين السابقين، الرئاسة والدستور، أن يصور للناس أن الأمور تجري وفق ما يريده صانعو القرار، وأنه لا عبرة بالصوت الانتخابي حيث إن كل ما يجرى معد له مسبقا ومعروفة نتائجه سلفا، والحقيقة أن هذا الاستحقاق الأخير سوف يؤثر حتمًا على مستقبل البلاد في الفترة القادمة، خصوصًا إذا ما رأيت حجم ما يُبذل من جهود، وما يُنفق من ملايين، فضلا عن قدر الشوق والوله الذي يجاهر به البعض، ومن ذلك الرغبة الجامحة من أحد أحزاب رجل الأعمال المعروف في السيطرة على ما يزيد على نصف مقاعد البرلمان، وتصريحه شخصيًّا بالعزم على تشكيل الحكومة إذا ما حصل على الأغلبية، وبل وتصريحه برغبته في إسناد حقائب الثقافة والإعلام والتعليم لأحد أبرز الكارهين للتراث الإسلامي، ولمظاهر التدين بشكل عام، وهو يطل علينا كل يوم من خلال إحدى النوافذ الإعلامية المعروفة.

إذن فالأمر جد لا هزل فيه، والكل الآن يُعرب عن نفسه بوضوح، ويُظهر نواياه للمستقبل بكل صراحة، وها نحن على بعد ساعات من موعد الاقتراع، والأمور واضحة وضوح الشمس كما صرح المتحدث باسم قائمة حب مصر، هناك من يمثل المرجعية الإسلامية وهو حزب النور، وعليه اجتمعت كل القوى والمناهج كذبًا وتشويهًا وطعنًا وتجريحًا، والقوى الأخرى من أصحاب المصالح والنفوذ والمال التي تعلن هويتها ورؤيتها لما تريده من هوية البلاد.

لا يسع كل منصف، قلق على مصير بلاده، من أن يخلع عنه ربقة السلبية وأن ينهض مختارًا لمن يظنه أمثل الناس في الحفاظ على هوية البلاد، وقيمها وثوابتها، لا يسع أحد الآن أن يفتش في خلافات قديمة أو مواقف سابقة، فمهما كانت درجة الخلاف أو تباين الرؤى فإن المشروع القادم لا يحتمل – فيما يبدو – سوى وجهتين، فإما المحافظة على مكتسبات الدستور وترسيخ الهوية الإسلامية للدولة، وإما أن تسيطر القوى العلمانية والليبرالية على دفة التشريع، فتتحكم في السلطة التنفيذية وتتغول عليها، وتوجه السلطة القضائية وتحرف مسارها، ووقتها سيكتوي الجميع بنار محرقة أشعلوا شرارتها بسلبية مريرة فلربما قضت على حاضرهم وعلى مستقبل بلادهم.

اللهم بلغت اللهم فاشهد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة