الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

المُطلَق والمُقَيَّد

تعريف المطلق والمقيد

المُطلَق والمُقَيَّد
أحمد فريد
السبت ٢١ نوفمبر ٢٠١٥ - ١٤:٤٦ م
1473

المُطلَق والمُقَيَّد

كتبه/ أحمد فريد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تعريف المُطلَق والمقَيَّد:

المُطلَق هو: ما دل على الحقيقة بلا قيد، فهو يتناول واحدًا لا بعينه من الحقيقة، وأكثر مواضعه النكرة في الإثبات، كلفظ (رَقَبَةٍ) في مثل (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) فهو يتناول عتق إنسان مملوك، وهو شائع في جنس العبيد مؤمنهم وكافرهم على السواء، وهو نكرة في الإثبات؛ لأن المعنى: فعليه تحرير رقبة.

وكقوله عليه الصلاة والسلام: "لا نِكاحَ إلا بِوَلِيٍّ" رواه أحمد والأربعة.

وهو مطلق في جنس الأولياء، سواء كان رشيدًا أو غير رشيد.

ولهذا عَرَّفَه بعضُ الأصوليين بأنه عبارة عن النكرة في سياق الإثبات.

فقولنا: "نكرة" احتراز عن أسماء المعارف وما مدلوله واحدٌ معين.

وقولنا: "في سياق الإثبات" احتراز عن النكرة في سياق النفي فإنها تِعُمّ جميع ما هو من جنسها.

والمقيد هو: مادل على الحقيقة بقيد، كالرقبة المقيدة بالإيمان في قوله تعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ) (النساء: 92).

قال الزركشي: إن وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه، وإلا فلا، فالمطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده؛ لأن الله خاطبنا بلغة العرب.

والضابط أن الله تعالى إذا حكم في شيء بصفة أو شرط، ثم ورد حكم آخر مطلق نُظِر، فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به، وإن كان له أصل غيره لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر.

فالأول مثل اشتراط الله العدالة في الشهود على الرجعة، والفراق، والوصية، وإطلاقه الشهادة في البيوع وغيرها، والعدالة شرط في الجميع.

ومنها تقيد ميراث الزوجين بقوله: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) (النساء: 12).

وإطلاقه الميراث فيما أطلق فيه، وكان ما أطلق من المواريث كلها بعد الوصية والدين.

وكذلك ما اشترط في كفارة القتل من الرقبة المؤمنة، وأطلقها في كفارة الظهار واليمين، والمطلق كالمقيد في وصف الرقبة.

وكذلك تقييد الأيدي إلى المرافق في الوضوء، وإطلاقه في التيمم.

وكذلك: (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (المائدة: 5)، فأطلق الإحباط عليه، وعلقه بنفس الردة، ولم يشترط الموافاة عليها.

وقال في الآية الأخرى: (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) (البقرة: 217).

وقيد الردة بالموت عليها، والموافاة على الكفر، فوجب رد الآية المطلقة إليها وألا يقضي بإحباط الأعمال إلا بشرط الموافاة عليها، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه، وإن كان قد نوزع في هذا التقرير.

ومن هذا الإطلاق تحريم الدم، وتقييده في موضع آخر بالمسفوح.

وقوله: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) (النساء: 43).

وقال في موضع آخر: (فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ) (المائدة: 16).

وقوله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا) (الشورى: 20)، فإنه لو قيل: نحن نرى مَن يطلب الدنيا طلبًا حثيثًا ولايحصل له منها شيءٌ، قلنا: قال الله تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ) (الإسراء: 18)، فعلق ما يريد بالمشيئة والإرادة.

ومثله قوله تعالى: (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (البقرة: 186)، وقوله: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فإنه معلق.

قال: والثاني: كإطلاق صوم الأيام في كفارة اليمين، وقيدت بالتتابع في كفارة الظهار والقتل، وبالتفريق في صوم التمتع، فلما تجاذب الأصل تركناه على إطلاقه.

هذا كله إذا كان الحكمان بمعنى واحدٍ، وإنما اختلفا في الإطلاق والتقييد، وأما إذا حكم في شيء بأمور لم يحكم في شيء آخر بنقض تلك الأمور وسكت فيه عن بعضها، فلا يقتضي الإلحاق، كالأمر بغسل الأعضاء الأربعة في الوضوء، وذكر في التيمم عضوين، فلم يكن في الأمر بمسح الرأس وغسل الرجلين في الوضوء دليل على مسحهما بالتراب في التيمم.

ومن ذلك ذكر العتق والصوم والإطعام في كفارة الظهار، ولم يذكر الإطعام في كفارة القتل، فلم يجمع بينهما في إبدال الطعام عن الصيام.

وقريب من هذا قول السلف في قوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ) (النساء: 23)، أن اللام مبهمة، وعللوا ذلك بأن الشرط في الربائب خاصةً.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة