الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

سبيل المؤمنين أتباع السابقين من المهاجرين والأنصار أهل الصدق واليقين

لابد من وجود أولئك لكل عصر من العصور، فلن تخلوا الأرض من قائم لله بحجته

سبيل المؤمنين أتباع السابقين من المهاجرين والأنصار أهل الصدق واليقين
إبراهيم بركات
الأربعاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٥ - ١١:٥٧ ص
1436

سبيل المؤمنين أتباع السابقين من المهاجرين والأنصار أهل الصدق واليقين

كتبه/ إبراهيم بركات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أسباب الوصول لأتباع سبيل المؤمنين والسير على صراط الله المستقيم:

1- صلاح العباد وفلاحهم ونجاحهم وسعادتهم في الدارين متوقف على معرفة أول مفروض عليهم، والعمل به، وهو الأمر الذي خلقهم الله عز وجل من أجله. وأخذ عليهم الميثاق به وأرسل به رسله وأنزل به كتبه ولأجله خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار. ذلك الأمر هو معرفة الله عز وجل بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته وتوحيده بذلك.

ومعرفة ما يناقضه أو بعضه من الشرك والتعطيل والتشبيه واجتناب ذلك والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وتوحيد الطريق إلى الله عز وجل بمتابعة كتابه ورسوله والعمل وفق ما شرعه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما يناقضها من البدع المضلة ويميل بالبعد عنها فيجانبها كل المجانبة ويعوذ بالله منها، ذلك كله هو أول سبب للوصول لاتباع سبيل المؤمنين.

2- ثم التوكل على الله والثقة بكفايته وحسن الظن به عز وجل، والتوكل على الله في طلب الهداية وسلوك الطريق القويم والصراط المستقيم وطريق السابقين من المهاجرين والأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكثرة الدعاء والإلحاح فيه ليل نهار في طلب الهداية والثبات على ذلك، ونرى ذلك واضحًا بيِّنًا في دعاء أم الكتاب (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الذي يتكرر في كل ركعة من ركعات صلاتنا.

3- ثم اقتفاء أثر من اهتدى وأنعم الله عليهم وذلك في قوله: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، ومجانبة طرق الضلالة وسبل الشيطان في قوله: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).

4- وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي من الليل قال: "اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".

ويقول الله تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجود أهل البدع والاختلاف". أخرجه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد. 
فالبُعد عن الخلاف وسؤال الله ذلك في جوف الليل سبب عظيم في السير على صراط الله المستقيم، 
5- قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان". أخرجه البخاري ومسلم.
فالإيمان شجرة لها فروعها وأغصانها وثمارها وجذروها في القلب، إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها في كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح والعود بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التذكر، أوشكت أن تيبس، ولابد أن يكون إيمان العبد كإيمان السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) حين ذاك يُشاهَد للإيمان أثر وطعم وحلاوة وقوة تأثير في صاحبه، بل على كل من حوله. قال صلى الله عليه وسلم: "إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم". أخرجه الحاكم.

وحتى لا يقع العبد في الكثير من البدع والمخالفات الشرعية، وحتى تدوم وتكمل وتتم نعمة الإيمان على العبد لابد من يقظة قلبه وسلامته بمعرفة نعم الله وأداء حقها بالشكر ومعرفة جناياته وذنوبه وعمل الحسنات الماحية لها. وحتى تدوم صحوته ويقظته ولا يتقهقر لابد من معرفة الزيادة والنقصان من الأيام بالمحافظة على الوقت وسماع العلم وتحصيله وإجابة داعي الإيمان بتعظيم حرمات الله وصحبه الصالحين والخروج عن العادات والمألوفات وتوطين النفس على مفارفتها والغربة بين أهل الغفلة والإعراض والجهل والغواية.

7- ثم يقظة الفكر والمعتقد والعمل والبُعد عن شهوات الغي في البطون والفروج ومضلات الفتن؛ ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الفتن"، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 
والبلية الوقوع في مضلات الفتن؛ فيضل العبد عن سبيل الله وهو يحسب أنه مهتدٍ والآيات في ذلك كثيرة والأشد ابتلاءً اجتماع شهوات الغي ومضلات الفتن بسبب حب الرئاسة والعلو في الأرض.

والعلاج لكل هذا: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام؛ قال صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون فى النار وواحدة في الجنة وهم الجماعة رواه أحمد (4/102) وأبو داود (4/198). وللحديث شواهد كثيرة، انظرها في السلسلة الصحيحة للعلامة الألباني (جـ 204)، وفي بعض الروايات هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي، وهذا اللفظ رواه جماعة من الصحابة.
فهي زيادة حسنة انظر السلسلة الصحيحة للمحدث الألباني (جـ24).

وقد حصل الاختلاف، فافترقوا في أسماء الله تعالي وصفاته إلى نفاة معطلة وغلاة ممثلة، وفي باب الإيمان والوعد والوعيد إلى مرجئة ووعيدية من خوارج ومعتزلة، وفي أفعال الله وأقداره إلى جبرية غلاة وقدرية نفاة، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته إلى رافضة غلاة وناصبة جفاة، ولقد بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتمًا للأنبياء والمرسلين، وأنزل معه الكتاب والحكمة ليبين للناس جميعًا الطريق الهادي إلى الصراط المستقيم وأيده الله بنصره وبالمؤمنين وهم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، أما غيرهم من المؤمنين فيشملهم الخطاب بعد الصحابة.
وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يضع جيل الصحابة نموذجًا للهداية أمام البشرية إلى يوم القيامة وبهذا يتضح أن القرآن الكريم والسنة النبوية قادران لتحويل أجيال بأسرها إلى نماذج عظيمة في الإيمان والعلم والقيادة والإدارة والقضاء والأخلاق والتربية والإيثار والاستقامة وغير ذلك من تعاليم الإسلام أجيال تقيم العدل والأمان وتحيا على الإسلام والإيمان وتقيم الدولة التي تعظم شعائر الله وحقوق العباد.

ولابد من وجود أولئك لكل عصر من العصور، فلن تخلوا الأرض من قائم لله بحجته، فليلزم الجميع سبيل المؤمنين على منهج الحق وصراط الله المستقيم.
والله الهادي إلى سواء السبيل .. وصلِّ اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com