الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حزب النور وعقوبة الثور الأسود

حزب النور وعقوبة الثور الأسود
أحمد الشحات
الخميس ٠٣ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٢:٤٨ م
879

حزب النور وعقوبة الثور الأسود

كتبه/ أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :-

تحكي لنا الأسطورة القديمة عن ثلاثة ثيران أبيض وأحمر وأسود وأسد أراد أن يفترسهم.......

ولأنه أسد فقد أغرته قوته أن يهاجمهم جميعا دفعة واحدة معتمدا علي شجاعته ثم خوفهم.......

ولكنه فوجيء بأن إتحادهم معا جعل منهم قوة يصعب الفتك بها لذا فقد تراجع الأسد عن مبدأه في القوة وقرر أن يستعير منطق الثعلب في المكر..........

فذهب لإثنين منهم وحاول أن يُصور لهم أن مشكلته الرئيسية ليست معهم بل هو يعتبرهم من صفوة أصدقائه ولكن الأزمة كلها تكمن في الثور الأبيض وطلب منهم أن يخلوا بينه وبينه فوافقا........

فما كان من الأسد إلا أن هاجم الثور الأبيض وقتله.........

ثم لبث الأسد مليا وعاد إلي الثور الأسود وكرر معه نفس الحيلة وطلب منه أن يخلي بينه وبين الثور الأحمر فوافق وافترسه الأسد........

إلي أن عاد الأسد في المرة الثالثة مختالا فخورا فلم يعد محتاجا إلي منطق الثعلب بعد اليوم وهجم علي الثور الأسود بضراوه عندها صاح الثور الأسود قائلا " لقد أُكلت يوم أكل الثور الأبيض"........

والشاهد من ذلك هو أن سبب هلاك الثيران الثلاثة هو تفرقهم وتخليهم عن وحدتهم وعن مبادئهم لذا فإن من السنن التي لا تتبدل أن يشرب الخائن من نفس الكأس لأن الجزاء من جنس العمل وهذا هو ما عبر عنه الثور الأسود وهو يودع الحياة " لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض" فعلي الباغي تدور الدوائر ولو بعد حين.

العجيب أن بعض الناس يري في حزب النور مثالا للثور الأسود الذي ترك إخوانه - بل وخانهم -  بوقوفه في جانب الظالمين والمفسدين وبناءا علي ذلك فهم يتمنون اليوم الذي يأتي لكي يرون له نهاية كنهاية الثور الأسود ولا حول ولا قوه إلا بالله.

وسوف أحسن الظن وأعتبر أن سبب ذلك مرده إلي الجهل بمببراتنا وبواعثنا وأري أن نتناول بعضا من هذه الشبهات سريعا لعلها تكون سببا في تجلية بعض المواقف الغامضة.

أولا: تركتم إخوانكم وشاركتم في عزل أول رئيس مسلم حافظ لكتاب الله وصنعتم ما سُمي بخارطه الطريق!!

للعلم نحن لم نصنع خارطة للطريق وليس في وسعنا ذلك بل الخارطة أصبحت واقعا مفروضا علينا جميعا سواء إشتركنا فيها أم لم نشترك ولكننا إجتهدنا في المشاركة فيها من أجل تقليل الشر قدر المستطاع ومعنا العذر الكامل إذا فشلنا في ذلك لأننا لم نتسبب في شيء مما حدث بل الذي أوصلنا لهذه الحالة هو نوع من التعنت والغرور الذي ظهر علي يد من كان في السلطة وقتها الذي لم يستطع أن يقرأ الأحداث قراءة جيده فكان ما كان.

وقد كان من الشر المستطير أن يُوضع الإسلاميون جميعهم في سلة واحدة فيتم القضاء عليهم بضربة واحدة خصوصا أن النموذج الذي قدمه الإسلاميون وقتها نموذج في قمة السوء حيث كان السائد هو منطق القوة والصدام وليس الحكمة والروية.

ومع ذلك فإني أقول كلمة سيشهد لها التاريخ بعد ذلك وهي أن حضور الدكتور الكتاتني هذا اللقاء كان سيغير كثيرا من مجريات الواقع الأليم الذي تعيشه الأن وقد كان بإستطاعته وقتها أن يفرض علي الحضور شروطا في غاية القوة ولأستطاع أن يحقق من ورائها مكاسب كثيرة ولكن للأسف كان إمتناعه عن حضور هذه الجلسة وما بعدها من جلسات محاولات الإصلاح كانت سببا مباشرا فيما نحن فيه للأسف الشديد.

ثانيا: ولكنهم أحسنوا إستغلالكم في إضفاء غطاء شرعي علي الإنقلاب!!

بداية لا يمكنني كقوة لها وزنها في الشارع أن أغيب عن حادث جلل كهذا ويكفيني أني أولا إنتويت بذلك أن أحقق ما أستطيع أن أصل إليه من مصالح الدين والدنيا وأن أجهر بالحق الذي أراه وأنا أدعو جميع القراء إلي مراجعة نص كلمة المهندس/ جلال مره التي قالها في جلسة إعلان خارطة الطريق لتعرفوا كم هي واضحة وقوية في أننا لم نكن نتمني هذا اليوم أبدا ولم نشارك في الأحداث التي أدت إلية ولكن أما وقد وقع فلا مفرمن أن نرضي بأخف الضررين وإن كنا كارهين لذلك.

ثالثا:شاركتم حقنا للدماء وهاهي الدماء قد سالت بعد ذلك أنهارا فما مبرركم؟!

كون أن الدماء قد سالت فهذا معناه صحة موقفي تماما وبعد نظري إلي أبعد حد لأن ما حذرت منه قد وقع بالفعل فهل متصور أن أدع إجتهادي وقد تحقق لي صدقة إلي إجتهاد غيري وقد ثبت لي فشله؟!

ثم إني في كل مره تسيل فيها الدماء أكرر مناشدتي ونصحي وأوجه إنتقادي ولومي ولكن لا أحد يسمع لا من هنا ولا من هناك.

رابعا:الشيخ ياسر برهامي مدح الفريق السيسي ووصفه بالتدين وهو الذي قتل المتظاهرين وأعتقل الأمنين!!

·       شهادة الشيخ له بالتدين كانت قبل وقوع أي أحداث بها قتل أو عنف من جانب القوات وبالتالي لم تكن هناك أي أدلة مادية توحي بذمه أو الطعن في ديانته مع ما أظهره فعلا من تدين.

·       سبق الإخوان هذا التصريح بمراحل حينما أعلنوا أن السيسي إخوان والعجيب أنهم هم الذين  لقبوه بعد ذلك بالسفاح والقاتل عندما إختلفوا معه ولكن لم يشنع عليهم أحد بذلك مع أنهم هم من جاءوا به إلي هذا المنصب.

·       لم ينفرد الشيخ ياسر بوصفه بالتدين بل كل من جالسه وتكلم معه شهد له بذلك ومنهم الشيخ الحويني.

·       ذكرت زوجه المهندس خيرت الشاطر أن زوجها كان يحكي عنه أنه صوام قوام وقاريء للقرأن فلماذا الكيل بمكيالين!!

خامسا: وقفتم خلف القسيس لعزل الرئيس الشرعي الحافظ لكتاب الله!!

يذكرني هذا الإعتراض بقصة "جحا وإبنه مع الحمار" فقد إنتقد الناس كل الأوضاع التي جربها جحا رغبة في إرضائهم ومع ذلك فلم يستطع إرضاء الجميع.

الشاهد أننا فعلنا ذلك كما ذكرنا من أجل مصلحة نراها وقد أثبتت لنا الأحداث أن غيابنا عن هذا المشهد كان حلما وأملا يتمناه الكثيرين ممن لا يريدون أي وجه إسلامي يظهر في المشهد حتي لا يكون للإسلاميين أي دور في الحياه بعد ذلك سواء كان في الدعوة أو في السياسة.

فهل هناك فرقا جوهريا بين أن نقف خلف القسيس أم علي يساره أو أمامه؟!

أما عن وجوده في المشهد فنحن لم نستدعه ومن دعانا دعاه وقد تبين لنا أن حضورنا ألجمه عن كثير من المطالب الكارثية التي كان يتمني أن تتحقق بالإتفاق في الغرف المغلقة.

سادسا : شاركتم في لجنه الخمسين وهي التي أنشئت علي الدستور الشرعي الذي حاز أغلبية الشعب!!

حتي يكون اللوم منطقيا دلني علي البديل الأفضل وأنا سأتجه له مباشرة !!

أعرف أن اللجنة معينة وأنها قضت علي الدستور الذي أُستفتي عليه الشعب ولكن البديل عن عدم المشاركة هو أن أجلس في بيتي متباكيا علي اللبن المسكوب دون أن أخوض غمار التجربة حتي ولو كنت ضعيفا ولعل الله أن يجعلني سببا في إحقاق الحق ولو عجزت عنة فلن أخسر شيئا وسأقول للناس حاولت ولم أستطع وسأنصح الناس بما أراه صوابا.

وللعلم فقد كنا في اللجنة التأسيسية 17 عضوا من أصل 100 وقد كان الجميع متفقون علي عدم الزيادة علي المادة الثانية بصياغتها القديمة بما في ذلك الأزهر والإخوان ومع ذلك وفقنا الله لإقناع الجميع بها وإنتهت الأزمة بفضل الله.

لكن للأسف هناك بعض الناس من يعميهم الحسد عن رؤية الخير طالما لم يكن علي يديه بل يصل به الحال إلي أن يتمني الشر للأخرين طالما عجز هو عن تقديم الخير لهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وبعد فيا أخي الكريم يا من تتمني لنا الخزي وتدعو علينا بالشر والبلاء:

رويدا علي نفسك فالأمر ليس كما تتوهم؛غاية ما هنالك أن نكون قد إجتهدنا فأخطأنا ونحن لم نمنع النصح عن إخواننا حتي أخر لحظة والله يشهد كم بذلنا من الجهد لإثنائهم عن الطريقة التي يديرون بها الدولة وذكرنا لهم أن عاقبة ذلك الدمار والهلاك لنا ولهم وللمشروع الإسلامي كله ولكنهم لم يستمعوا للنصيحة فما ذنبنا نحن؟!

مع أنهم كانوا في غاية الضعف والهشاشة وإلا فلماذا لم يستطع الدكتور مرسي أن يعزل الفريق السيسي عندما تأكد له أنه عازم علي الإنقلاب؟ في الحقيقة هو كان أعجز من أن يتخذ هذه الخطوة لأن الجيش كان قد إستولي علي مفاصل الدولة ووضع يده عليها تماما وبالتالي فقد كان الأقرب إلي الشرع والعقل والسياسة أن يتفهم الدكتور مرسي وجماعته الأمر الواقع ويتعاملوا بناءا عليه بدلا من أن يقول روحي فداءا للشرعية وأنتم كذلك لا تفرطوا فيها وإن كلفكم ذلك دماءكم فبأي منطق يفكرهؤلاء؟!

تم نسخه بتاريخ  7/11/2013

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة