الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أيها المحلل السياسي الكبير: ما هكذا تُطبق قواعد السياسة

أيها المحلل السياسي الكبير: ما هكذا تُطبق قواعد السياسة
أحمد الشحات
الخميس ٠٣ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٢:٤٨ م
902

أيها المحلل السياسي الكبير: ما هكذا تُطبق قواعد السياسة[1]

كتبه/ أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :-

في مقال هام للكاتب الاسلامي والمحلل السياسي الأستاذ / أحمد فهمي عنونه بـ "هل هكذا يخطط حزب النور للمستقبل؟ " أتي به الكاتب بالعجائب والغرائب ، وحلق في الأفق ، وطوف نحو النجوم ، ثم هبط علي الارض ، ورمي بالأسهم في كل جانب ، وجمع بين المتناقضات ، واستشكل فهم الواضحات واستخدم الخرص والتخمين ، والتهوين والتهويل ، مما أعجزني حقيقة عن فهم طريقته ، أو حتي التأكد من وحده شخصيته أو موضوعيته ، ولكن دعونا نحاول فهم ما يجري.

استهل الاستاذ فهمي مقالته بعبارة (خلينا نستخدم قواعد السياسة) فقلت في نفسي هيا بنا ولنكن جادين وموضوعين ، ولنتعلم السياسة ونفهمها من فم خبرائها ومنظريها (مش زي اللي يدوبك بقالهم سنتين في السياسة).

وبعد اطلالة جريئة من عينة ( القاء الاحجار واختبار المسافات والحدود الافتراضية والذي منه) أخذ كاتبنا يسهب في سرد عدد كبير من مواقف الدعوة والحزب خلال مشاركاتها السياسية في الفترة الماضية ، ثم انبري زاعما بأنه وجد (التايهة) وسيستطيع وصل الخيوط ببعضها والحاق الجزيئات بكلياتها ، وسيخرج علينا بالمشهد كاملا مكملا بل متكهنا بما سيؤول اليه المستقبل القريب وبما سيقدم عليه قاده الحزب في الفترة القادمة كما عبر(ماذا يريد حزب النور تحديدا؟ ليس اليوم أو غدا ، بل بعد غد).

ورغم أن هذه المواقف التي ذكرها الكاتب كان لها سياق زمني لابد أن تفهم من خلاله ، وقد أوضحناها وبيناها في حينها بل ربما كان في بعضها بيانات تفصيلية منشورة حتي الان لمن أراد الوصول اليها ، الا أني أجد نفسي مضطرا للرد علي هذه الجزئيات سريعا حتي يتبين بطلان ما انتهي اليه كاتبنا بناءا علي ما ذكر من مقدمات فأقول :-

أولا : تصويت "مجلس شورى الدعوة" لصالح مرشح الرئاسة "أبو الفتوح" في المرة الاولي :-

مع أن هذا مخالف لاختيار الشيخ ياسر برهامي (المتحكم في مجريات الأمور والمسيطرعلي الدعوة والحزب بطبيعه الحال) ومع ذلك لم يحصل د/العوا الا علي ثلاثة أصوات أحدها كان يخص الشيخ ياسر نفسه ، وقد كنت شاهدا علي هذه العملية الانتخابية منذ بداية التصويت وحتي نهايه الفرز، وأستطيع القول أن د/العوا كان قاب قوسين أو أدني من الحصول علي أغلبية الأصوات حيث كان الرجل أقوي المرشحين حجة ، وأبلغهم حديثا ، وأعمقهم فكرا ، الا أن موقفه من قضية الشيعة قلب عليه الطاولة تماما ولم يحصل الا علي ما ذكرت من الاصوات الثلاثة.
الحاصل أني كنت أظن هذا الموقف من المحامد التي سنشكرعليها ولكن يبدو أن النظارة التي يرتديها الاستاذ فهمي لا تمكنه من رؤية الأشياء علي حقيقتها.

ثانيا: الموقف من قضيه شفيق :-

ببساطة شديدة ربما لا تناسب المحللين الكبار مثلك ، ولكن عذرا تحملني الا تري أن الدعوة السلفية لو أرادت المساهمة في انجاح شفيق في سباق الرئاسة لالتزمت الحياد في الانتخابات ، ولقاطعت جولة الاعادة ووقتها كان فوز شفيق مؤكدا وجازما - وللعلم هذا ما كان يتمناه - الا أن الدعوة وابناءها ساهموا في حملة مرسي أضعاف ما ساهموا في حملة ابوالفتوح ، وذلك للاحساس بالخطر والخوف علي الوطن ليس الا ويشهد القاصي والداني عن حجم المجهود الذي بذلته الدعوة في سبيل انجاح مرسي وقد كان.

أظن أن هذا كافيا في توضيح علاقتنا بشفيق ، أما تصريح د/أحمد فريد فالشيخ يتكلم في نقطة محددة وهي موقف الاخوان والرئاسة من قضيه الشيعة والتي ستجلب علي العباد شرا مستطيرا ولنفرض أن اللفظ قد خانه في التعبير ، فهل كان يتكلم عن شفيق علي أنه الصديق الحميم والحليف الوفي ، أم أنه ذكر أنه من الوارد أن يملأ بنا السجون وهو سيتحمل ذلك في سبيل الحفاظ علي عقيدة عوام المسلمين من التلوث ، ثم لو تأملت قليلا ستجد أنه ألحق شفيق بنظام مبارك الذي كان يقف حائلا أمام أطماع الشيعة وأحلامهم ليس من أجل خوفه علي الدين بالطبع ولكن لمعرفته بالخطر الداهم للشيعة علي الأمن القومي لمصر.

ثالثا: الدفاع عن قضاء مبارك :-
نحن نوافق علي أن هناك قضاة فاسدون كما أن هناك قضاة محايدون وأيضا هناك أسماء معروفة بنزاهتها وصلاحها وقد استعانت الرئاسة نفسها ببعضهم.

وللعلم قضاة مبارك هؤلاء هم الذين كان الاخوان يهتفون لهم في صالات اعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب السابق (ان في مصر قضاة لا يخشون الا الله!!) وهم الذين أعلنوا فوز الدكتور مرسي وهم الذين أشرفوا علي عملية الاستفتاء علي الدستور رغم المطالبات العديدة من الداخل والخارج لهم بالمقاطعة وهم الذين نسمع فيهم شعرا من جانب رئيس الجمهورية!!

عفوا هذا ليس مدحا ولا تغزلا في قضاة مبارك ، ولكن السؤال الطبيعي هنا هل اكتشفنا فجأه أن القضاء يحتاج الي تطهير ، وما هي الالية التي طرحها من يريد أن يطهر حتي نوافقه عليها أو ندعمه فيها أم أن المطلوب أن نسير خلف الاخوان كالقطيع؟

وسؤال خاص شيئا ما هل هذا المقال التحليلي الخطير منك له علاقة بالفشل الذريع التي منيت به جمعة تطهير القضاء التي دعي اليها الاخوان؟! هذا مجرد سؤال!

أما ثناء الزند علي حزب النور فأظنك لو قمت بعملية بحث بسيطة علي مقاطع الفيديو لشاهدت بالصوت والصورة عبارات المحبة وعلاقات الصداقة المتبادلة بينه وبين قيادات الاخوان فارتضي لهذا الموقف جوابا وسوف نرتضيه لأنفسنا أيضا.

رابعا:المبالغة في الحديث عن خطر الشيعة :-

ذكرت في مقالك عن الشيعة (أنهم خطر مستقبلي محتمل) فهب أن الشيعة خطر محتمل ولكن ضرره المباشر سيكون علي دين الناس وعقيدتهم أما يستحق منا أن نمنعه من البداية حتي لا يستفحل؟

وهب أننا لا نتقن من القضايا المنهجية الا قضية الرد علي الشيعة ، وبالتالي كان جل اهتمامنا نحوها وقصرنا في الرد علي تيارات التنصير والعلمنة ، وأفسحنا الطريق لغيرنا لكي يرد عليها فهل يستحق سلوكنا هذا مدحا ام ذما؟ وهلا وجهت نقدك لمن لم يشارك في هذا ولا في ذاك وترك الحبل علي الغارب بل ويسعي بنفسه من التهوين من ذلك " الخطر المستقبلي المحتمل " وهل غفلت عن الماسي التي فعلها الشيعة في العراق ولبنان وسوريا والاحواز وفي ايران نفسها وفي مصر أيام الدولة الفاطمية.

خامسا:مبادرة حزب النور :-

لو كتبت هذا الكلام من عدة أشهر لعذرتك ، ولكن بعدما شرعت الرئاسة مكرهة علي تطبيق بنود المبادره – مع التأكيد طبعا بأن ما تفعله الرئاسة ليس له علاقة من قريب او من بعيد بالمبادرة - ثم اعتراف عدد من قادة الاخوان بأخطاء الرئاسة المتتالية ثم مطالبة الاحزاب الاخري بمطالبات هي في مجموعها مطالب المبادرة فلا أجد لك بعد كل هذا ما أعذرك به ولو شبرا واحدا.

أظن أن ما كتبته يطعن في مصداقية كاتب كبير مثلك أو علي الاقل يطعن في كفاءه محلل سياسي يزعم أنه يعلم بواطن الامور ودفائن الاسرار.

ثم أننا لم نفرض شيئا ولا نمتلك سلطة ذلك وانما قدمنا رؤيتنا استجابة لما طلبه الرئيس وبدأت بعدها حملات التشهير وتلويث السمعة واتهام النوايا والتي شاركت بكلامك هذا بجزء منها.

سادسا : تغير الموقف من الاخوان ومن الرئاسة :-

نحن نمارس حقنا الشرعي في "وان أسأت فقوموني " تماما كما نمارسه في "وان أحسنت فأعينوني" بالاضافة الي حقنا الدستوري في المعارضة الهادئة والهادفة – من وجهه نظرنا – أما أن يطالبنا
أحد بالسكوت والانصياع فهذا بعيد كل البعد عن الشرع وعن السياسة فبأي شييء تطالبوننا اذن؟!

وقد حدث تغير بالفعل في العلاقة ولكن ماهي أسبابه؟

1.    فترة ما بعد الثورة كان الصراع بين القوي السياسية يغلب عليه الصفة الدينية ، وكان هذا واضحا في معارك ما قبل الدستور وفي اثنائه وبالتالي كان من الطبيعي أن يتخندق كل أصحاب المشروع الإسلامي في خندق واحد أمام التيار الأخر الذي يرفض المرجعية الاسلامية من أساسها وكان من المنطقي أيضا أن تنحي أي خلافات جانبية في ذلك التوقيت انشغالا بما هو أهم.

2.    لم يكن الاخوان وصلوا الي سدة الحكم بعد وبالتالي كان التنسيق يجري بين تيارين كبيرين لهما تأثيرهما القوي في المشهد الا أن التغير جاء من جانب الاخوان بعد وصولوهم للحكم واستغناءهم عن خدماتنا كما يقولون وخدمات التيار الاسلامي كله ، الا من أتي منهم رافعا الوية الطاعة لولي الامر وجماعته.

3.    كان نصحنا للاخوان في بداية الامر سرا حفاظا علي وحدة الصف وجمال الصورة الا أن تعنت الاخوان وغرورهم كانا بالمرصاد لكل نصيحة او اقتراح ، وكم من مبادرات من جانبنا تم دفنها بالحياه قبل مبادرة حزب النورالشهيرة فقد كانت هذه اولي المبادرات التي خرجنا بها للشعب مباشرة وقد أصابنا منها ما أصابنا.

4.    لم تكن أخطاء الاخوان في البداية بالخطورة ولا بالكثرة التي رأيناها منهم في الايام الاخيرة والتي كشفت عن وجوه من سياستهم النفعية وأفقدتهم كثيرا من تعاطف الناس معهم.

سابعا:زياره أمريكا :-

لا أفهم وجه الاعتراض علي ذلك ولكن لتعلم أيضا أن معظم مشايخ الدعوة قد زاروا خلال تاريخهم الدعوي كثيرا من البلدان الأوروبية وكذلك أمريكا.

فلتعد العدة يا صديقي لتتحفنا بكنوز أسرارك ، ونفائس معلوماتك وتخبرنا عن الاسباب التي دفعتهم للزيارة وما هو وجه الربط بين البلاد التي زاروها والاشخاص الذين قابلوهم ولتطلق لخيالك العنان مؤصلا ومقعدا لفلسفة هذه الزيارات ، والابعاد الخفية من وراءها علنا نلتمس شيئا من دررك ومواهبك ، طبعا بعد رفض الزيارة معللة من قبل السفارة الامريكية لا أدري ماذا ستفعل حيال ما ظننت به سوءا ورميت به غيرك باطلا واتهمت به نوايا لا يعلمها الا الله؟!

أعرضت عن التعليق عن بعض ماذكرت مثل (حلقات باسم يوسف – الحكم في قضيه سيد بلال وغيرها) لعدم توفر أي قدر من الموضوعية فيما طرحت من شبهات ، ولسخافه ما سيكون عليه الرد عليها فأثرت السلامة.

أما ما بنيت عليه تصوراتك بعد ذلك فلن أناقشك فيها الا بعد أن تراجع أرائك مره أخري ولتبحث باِنصاف وتجرد عن حقيقه ما ذكرت من مواقف ، والا عرضت بضاعتك للكساد وهذه نصيحة ليس الا ، اما اذا قلت أنك فقط كنت تسأل بدون اتهام طبعا ولا طعن في النوايا – لا سمح الله – وكنت ترغب في جواب من كلمة واحده نعم أو لا فجوابنا باِبتسامة عريضة ووجهه مبتهج لا يا سيدي ما هكذا نخطط للمستقبل!!

تم نسخه بتاريخ 26/4/2013

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com



[1] هذا المقال يرد علي الأستاذ / أحمد فهمي في مقالة له نشرها علي صفحته الشخصية ، وعنونها بـ "هل هكذا يخطط حزب النور للمستقبل؟ وقد قام الكاتب بطرح عدد من الشبهات حول مواقف حزب النور في هذه الفترة ، وقد جاء هذا المقال ليفند هذه الشبهات ويرد عليها ، وقد تجنبنا اقتباس فقرات من كلامه خشية الإطالة ، واكتفينا بالعنونة الجانبية للقضية المراد بيانها.

تصنيفات المادة