الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفرق بين الرد والردع

الفرق بين الرد والردع
أحمد الشحات
الخميس ٠٣ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٢:٤٨ م
1248

الفرق بين الرد والردع[1]

كتبه/ أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :-

أتفهم أن يقتنع بعض الممارسين للسياسة بنظرية " الردع " وخلاصتها أنها :- (مفهوم سياسي يبحث في الطرق الكفيلة للرد علي الخصم عندما يبدأ في العدوان بهدف تحطيم اماله في معاودة هجومه مرة أخري أو تهديده حتي لا يفكر في البدء في العدوان من الأساس).

وهذه نظرية معروفة لدي السياسيين وصحيحة من حيث الأصل وتم تطبيقها بالفعل في عدد من الأحداث علي مر التاريخ المعاصر فقد طبقت أمريكا هذه النظرية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011 – بغض النظرعن الفاعل الحقيقي لها – الا أنها إستغلت هذا الحدث في تدشين عدوان همجي وبربري علي ما أسمته "دول محور الشر" وقد كان من جراء ذلك ما كان.

وقد طبقته أيضا قبل ذلك في عملية " عاصفه الصحراء " من أجل تقليم أظافر الرئيس العراقي السابق – صدام حسين – فقد إستخدمت قوات التحالف في هذه العملية القوة المفرطة بشكل فاق كل التوقعات لأن المقصود من العملية لم يكن مجرد رد العدوان علي دولة الكويت وفقط ولكن ردع القوة العراقية وتحطيم إمكانياتها الي الأبد.

وبالتالي فالفرق بين الرد والردع أن الردع قد يكون فعل وقد يكون رد فعل وهو في أي منهما يعتمد علي الإفراط في إستخدام القوة والرغبة في تحطيم الخصم لذا قد يقول قائل طالما أنها طريقة معروفة وتعتمد عليها أنظمة حكم ويطبقها قادة سياسيون فما المشكلة إذن أن يتم إستلهام هذا الإسلوب وتطبيقه علي أرض الواقع؟

 نقول حتي يتم هذا الإقتباس بطريقه سليمه لابد أن نتعرف علي باقي أبعاد النظرية بدقه حتي نعرف مدي ملاءمتها للواقع من عدمه وإلا كانت سببا في الهلاك الأكيد فمن أهم ملامح ولوازم النظرية ما يلي:-

1 – من يستخدم هذا الإسلوب لابد أن يمتلك قوة هائلة – وغالبا ما تكون تدميرية وفتاكه – تمكنه من تركيع خصمه وإخضاعه بالضربات القاضية وفي وقت قصير مع الحرص علي إجهاض أي محاولة لمعاودة الرد من قِبل الخصم.

2 – تؤدي هذه الطريقة الي إحتمالية إستمرارالمواجهة لفتره طويلة من الزمن لوجود نيه للثأرعند المعتدي عليه وهذا يحتم ضرورة التيقظ الدائم لتحركات الخصم ورفع حالة التأهب والإستعداد المستمرة.

3 – لابد أن يكون الهدف من الردع ثمينا وهاما لأنه يكلف القائم بالردع تكاليف باهظة علي كل المستويات وبالتالي فالخطأ في حسابات المكسب والخساره يجعل النتيجة مؤلمة وكارثية.

4 – إذا لم تفلح الضربات الإجهاضية الأولي في القضاء علي الخصم ربما أدي ذلك الي إستقواء الخصم والتحول من مربع الدفاع الي مربع الهجوم.

5 – الردع الإجهاضي يحتل قمة الهرم في أساليب الرد وبالتالي فإستخدامه يعني إستنفاذ كل الأوراق المتاحة وإنسداد جميع الطرق الأخري وهذه مجازفة خطيرة.

الخلاصة إذن بعد الاستعراض السريع لأهم خصائص الردع الفعال نريد تطبيق ذلك علي حدث واقعي وهو ما دعا إليه بعض الأفراد من التجمع عند مقر الأمن الوطني بمدينة نصر ردا علي بوادر إستعادة نشاطه مرة أخري متمثلهً في رصد مكالمة تليفونية من أحد ضباط هذا الجهاز وبين أحد الإخوة , فأقول أن هذه الدعوة للتجمهر- من وجهة نظري - تعتبر ردعا وليس ردا وهي بطبيعة الحال لا تتوافر فيها الشروط اللازمة لإستخدامها إستخداما فعالا وذلك لسببين:-

أولا:الموقف المذكور – رغم أهميته وضروره الإنتباه إليه – لا يستلزم كل هذا التصعيد خصوصا إذا إستحضرنا أنه حادث فردي وأن الوزارة أعلنت عدم مسئوليتها عنه وبراءتها منه وهذا في حد ذاته يكفي مبدئيا كرد فعل رسمي.

ثانيا:عدم توفر القوة الكافية التي تستطيع تحقيق الردع مع إحتمالية إستخدام العنف والعنف المضاد ومع عدم تفاعل الشارع الشعبي مع هذه القضية لأنها لا تمسه علي وجه التحديد وليكن لنا في أحداث العباسية العظة والعبرة.

هذا وقد حرص الداعون الي الوقفة في بيانهم علي إتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ علي سلمية الوقفة ومنع المندسين والمخربين من التسلل إليها ووضع نهاية زمنية  للتظاهر الي غير ذلك من الإحتياطات فجزاهم الله خيرا ونسأل الله عزوجل أن يقيهم من كل شر وسوء وأن يجنبنا وبلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .أمين.

تم نسخه بتاريخ 2/5/2013

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

 



[1] جاء المقال رداً علي دعوة بعض الشباب للتجمع عند مقر الأمن الوطني بمدينه نصر ، فيما سماه الزيارة الأخيرة ، وذلك احتجاجاً علي بدء عودة نشاط جهاز أمن الدولة مرة أخري.

تصنيفات المادة