الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

صيحة تحذير

أيها الزعيم؛ اتقِ دعوة المظلوم؛ فإنها تُحمل فوق الغمام

صيحة تحذير
مصطفى دياب
السبت ٠٥ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٣:٤٦ م
1656

صيحة تحذير

كتبه/ مصطفى دياب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، وبعد؛

إن مِن المُسلمات حب المسلم الخير لوطنه وبلده ووحدة بلاده واستقرارها وانتشار الخير والبر فيها وانتشار العدل والحق بين أبنائها شعبًا وقادة.

وإن من المُسلمات كذلك شدة أرق المسلم وانزعاجه واضطراب فؤاده وخوفه على تفكك بلاده وانهيار مؤسساتها وضياع شعبها وانتشار الشر والفساد في ربوعها.

ومن المُسلمات كذلك أن الظلم من أعظم معاول هدم الأمم وضياع القمم، وما ظنك بقومٍ لا يحبهم الله ولا يهديهم (وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، (وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فكيف تكون لهم النجاة وقد أوحى ربك بنذير هلاكهم (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ)، وكثيرًا ما يظن الظالمين أنهم بحصانتهم المادية والحراسة المشددة حولهم والقصور والأبراج العالية والسلاح والجنود والمصفحات التي حولها يظنون أنهم في مأمن من عقاب الله (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) وقد رأينا في هذه الأيام تغول بعض أجهزة الدولة وظهور ألوان الفساد والظلم فيها، ولم نَر حسابًا لظالمٍ أو لفاسدٍ؛ ولذا وجب التذكير وإصدار صيحة تحذير لكل القادة والمسئولين والعاملين في مؤسسات الدولة أن اتقوا الله وحافظوا على وطنكم، ولا تكونوا سببًا في انهياره وضياع شعبه بظلمكم وطغيانكم "الظلم ظلمات يوم القيامة"، ودولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.

أيها المسئول؛ إن الحلول الديكورية والتوجيهات السطحية والأوامر الروتينية والتصريحات الدبلوماسية لن تعفيك من المسئولية أمام رب البرية.

وعن دعوة المظلوم قال تعالى في الحديث القدسي: "وعزتي وجلالي لأنصرنكِ ولو بعد حين".

وقد دعا موسى عليه السلام على فرعون وقومه فقال الله له ولأخيه: (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا)، ثم إن الله عز وجل أغرق فرعون وقومه بعد أربعين عامًا، فلا تغتر أيها الظالم؛ بترك الله لك؛ فإن الله يمهل الظالم ولا يهمله: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)، ولقد استجاب الله لنبيه نوح حين دعا على قومه لَمَّا ظلموه وآذوه قال نوح في دعائه: (إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) سائلًا ربه النصر على الظالمين، وكانت الإجابة -هذه المرة- أسرع من ذي قبل وبصورة لم يتوقعها بشر (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ . وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) فكان الطوفان الذي أغرق الله به الظالمين وأنجى به المؤمنين.

أيها الزعيم؛ اتقِ دعوة المظلوم؛ فإنها تُحمل فوق الغمام .. اتقِ دعوة المظلوم؛ فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة .. اتقِ دعوة المظلوم؛ فإنها ليس لها حجاب دون الله عز وجل.

اتقِ دعوة المظلوم؛ فإن الله يقول: "وعزتي وجلالي لأنصرنكِ".

اتقِ دعوة المظلوم؛ فكلما قويَ الظلم قويت الاستجابة.

اتقِ دعوة المظلوم؛ فهي مستجابة وإن كان فاجرًا، فكيف لو كان مسلمًا؟

اتقِ دعوة المظلوم؛ فبها تزول العروش والمناصب والكراسي.

لن ينفعك أحد .. قال تعالى: (إِنَّ إِلينَا إِيَابَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)، وقال: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ)، وقال: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)، ففي يوم القيامة يقتص للمظلوم من الظالم .. أتدرون مِن المفلس "المفلس مَن يأتي يوم القيامة بحسنات مثل الجبال، فيأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا مِن حسناته وهذا من حسناته ...".

عزيزي المسئول

ضرب .. شتم .. أخذ مال .. سفك دماء .. قتلٌ وتعذيب وحبس دعاة معتدلين وسجنٌ! هل يحدث هذا في مؤسسات دولتك أم لا؟!

لمصلحة مَن انهيار الدولة وضياع كيانها؟! نخاف من منظمات حقوق الإنسان ولا نخاف من الله الواحد القهار؟

إن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ويزيل الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة.

إني أرى وكأن رجلًا يضع حجرًا يبني والآخر خلفه ينقض ذلك الحجر .. فمتى يتم البنيان؟!

أيها القائد؛ انظر حولك واختر البطانة الصالحة والمساعدين المخلصين، واحذر ممن يهدم ما تبني ويحفر قبرك.

أيها الظالم؛ ليس كل ساكت عاجزًا؛ فالمظلوم لو سكت ولم يدعُ على ظالمه ولم يعفُ عنه؛ فإن الله يقتص له منه يوم القيامة.

أيها الظالم؛ إن الله قال في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا"؛ يعني: لا يظلم بعضكم بعضًا.

أيها الظالم؛ اعلم أن المظلوم إذا رفع شكواه إلى الله فقد نقل ملف قضيته مِن قاضي الدنيا إلى الملك الحق الحكم العدل، وهذا شأنٌ آخر .

أيها الظالم؛ كيف تهنأ بالنوم والراحة وبين يديك مظلوم دعوته لا ترد "ثلاث دعوات يُستجاب لهن لاشك فيهن: دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده ".

أيها الظالم؛ نامت جفونك والمظلوم منتبهٌ *** يدعو عليك وعين الله لم تنمِ

أيها الظالم؛ عذرًا؛ لا عذر لك يوم القيامة (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمَينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء الدَّارِ) .. حافظوا على بلدكم، ولا تكونوا سبب هدمه وضياعه بظلمكم، وتوبوا وعودوا إلى الله، وخذوا على أيدي الظالم حتى نعبر جميعًا بسفينتنا بسلام إلى بر الأمان.

اللهم قد بلغت .. اللهم فاشهد.

وصلِّ اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

ممنوع الاقتراب!
192 ١١ أكتوبر ٢٠٢٢
أحبك يا رب
127 ٢١ فبراير ٢٠٢٢
هل لك منارة؟
202 ١١ ديسمبر ٢٠٢١
اضبط البوصلة
251 ٣٠ نوفمبر ٢٠٢١
صناعة النموذج
212 ٠٦ نوفمبر ٢٠٢١
اترك أثرًا (4)
122 ٠٢ نوفمبر ٢٠٢١