الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

العقوبة بنقيض القصد

أختار من بين الأمثلة التي توضح لنا هذه القاعدة قصة أصحاب البستان

العقوبة بنقيض القصد
علي حاتم
الاثنين ٠٧ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٢:٠١ م
1694

العقوبة بنقيض القصد

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

هي قاعدة عظيمة من قواعد الشرع، دلَّت عليها أمثلة كثير من كتاب الله عز وجل، ومعناها أن الله عز وجل يعاقب شخصًا أو مجموعة من الأشخاص يسلكون مسلكًا يقصدون فيه مخالفة الشرع ويبتغون بذلك تحقيق مصلحة دنيوية، فيعاقبهم الله عز وجل بالحرمان الكامل أو بالحرمان الغالب؛ فلا يتحقق لهم شيء يُذكَر من المصالح والمنافع.

وأختار من بين الأمثلة التي توضح لنا هذه القاعدة قصة أصحاب البستان الذين خرجوا ليلًا وقبل طلوع الفجر ليحصدوا ثمار بستانهم في الخفاء حتى لا يراهم المساكن وبذلك يوفرون هم لأنفسهم ما يحصل عليه المساكين إذا حضروا الحصاد.

وقد أقسم أصحاب البستان على الحصاد في الخفاء، ولكنهم لم يستثنوا في قَسَمهم، بمعنى أنهم لم يقولوا: «إن شاء الله» أو كلمة الاستثناء التي كانت تُقال على عهدهم.

ورغم أنهم أقسموا على ذلك بصوت منخفض يسمع بعضهم بعضًا، قال عنه ربنا عز وجل: (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ . أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) لكن السميع العليم قد سمعهم وعلم عزمهم القوي على الحصاد في الخفاء لحرمان المساكين، قال عز وجل مبينًا ذلك العزم: (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ)، فكانت العقوبة بنقيض القصد؛ حيث أرسل الله إلى بستانهم آفة وهم نائمون حولته إلى قطعة سواء خالية من أي ثمر، قال عز وجل: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ . فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) لدرجة أنهم لما رأوها على هذه الحال ظنوا أنه ليس بستانهم وأنهم قد ضلوا الطريق (فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ) ثم انتبهوا إلى أنه بستانهم فقالوا: (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) لقد أدركوا أنهم عوقبوا بنقيض قصدهم.

إن من أعظم الدروس المستفادة من هذه القصة أن نؤمن بيقين أن حقوق الفقراء والمساكين في أموالنا لا تُنقِصها ولكنها تزيدها بحصول البركة فيها وتفادي عقوبة الله عز وجل والتي تأخذ أشكالًا متعددة، منها: محق بركة المحصول أو التجارة أو غيرها من الأموال، ومنها كثرة المصائب والكوارث والأمراض التي قد تصيب صاحب المال فينفقه أو ينفق الكثير منه في أمور لو كان قد أعطى حق المساكين ما كان أنفقه.

إلى أصحاب الزروع والثمار والمحاصيل، وإلى أصحاب المال المستثمر أو المدخر، إليهم أقول: تفطنوا لهذا الأمر وبادروا بإعطاء زكاة الزروع والثمار وزكاة المال المدخر والمستثمر وفق الأنصبة الشرعية حتى لا يصيبكم الندم حين لا ينفع الندم لا في الدنيا ولا في الآخرة.

لقد استمعتُ إلى قول القائل: إن الأغنياء أصحاب الأموال بشتى أنواعها لو أعطوا حقوق الفقراء والمساكين في أموالهم وفق ما شرع الله ما بقي في بلادنا فقير واحد.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة