السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مرشحي الرئاسة وصراع الفيله

مرشحي الرئاسة وصراع الفيله
أحمد الشحات
الأربعاء ٠٩ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٣:١٩ م
909

مرشحي الرئاسة وصراع الفيله

كتبه/ أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :-

سباق الرئاسة القادم يبدو كأن له طابعا مميزا من حيث من سيتقدمون للترشح فيه إبتداءا ثم مرورا بالحملات الإنتخابية وطرق دعمها ودور وسائل الإعلام فيها وإنتهاءا بالفرز والصناديق وإعلان الفائز .

وهذه العملية السابقة ليست سهلة علي الإطلاق لأن هذا المنصب عادة ما يكون له طامحون كُثر وهناك جماعات مصالح عديدة تتحكم في سير العملية فضلا عن أوراق القوة التي يعتمد عليها كل مرشح أمام خصومه.

وإذا عدنا إلي الإنتخابات الرئاسية السابقة سنجد أن طابعا هزليا بدا عليها وكأن من يتحكم في اللعبة أراد أن يديرها لهدف ما بحيث يستوعب الحالة الثورية التي كانت مشتعلة في هذا الوقت بالإضافه إلي حرصه علي عدم فقدانه السيطرة علي توجيه الأمور بدرجه ما.

 وربما تكون الملاحظة الجديرة بالإهتمام في تلك التجربة أن المؤسسة العسكرية كانت في مواجهة حامية مع الشعب بإعتبارها من إستلم قيادة البلاد في الفترة الإنتقالية وبإعتبارها متهمة بمحاولة الإستيلاء علي السلطة وإنهاء المسلسل الثوري في البلاد والقبض علي أزمة الأمور وبالتالي كانت دائما ما تحرص علي تبرئة نفسها من هذه الأطماع.

 حتي المحاولة الوحيدة التي إرتدي فيها المشير طنطاوي البدلة الملكية وصافح المواطنين في الشارع وقامت كاميرا التليفزيون المصري بتصويره والحديث عما إذا كانت فكرة ترشحه مقبوله أم لا فكانت عاصفة الرفض من كل القوي السياسية في ذلك الوقت كفيلة بأن تقضي علي هذه الفكره في مهدها.

ولكن هل مازالت هذه الفكرة مرفوضة من المواطنين ومن النخب السياسية أم أصبحت فكرة مقبولة ومرحب بها بل ويقف وراءها مطالبات لحوحه من قوي سياسية وحركات شعبية؟

الظاهر في رأيي أنه ليس ثمة مشكلة في الأساس مع مسألة ترشح أحد أفراد القوات المسلحة من جانب كثير من القوي السياسية وقطاع عريض من الشعب لكن المشكلة كانت تكمن في أن المجلس العسكري وقتها كان هو مجلس مبارك وكان تشكك الشعب في ولاء هذا المجلس لقائده الأعلي كبيرا ولولا ما لمسه الشعب في البداية من إنحياز القوات المسلحة لمطالبهم لأنقلب عليه هو الأخر ولكن قدر الله الخير للبلاد ومرت المرحلة.

 وقد كان أمام هذا المجلس وتحديدا رئيسه فرصة تاريخية للإنحياز الكامل لمطالب الثورة والقضاء علي النظام القديم وإقامة المحاكمات العادلة للقتلة والمجرمين بالإضافة إلي حزمة أخري من الإجراءات التي تخدم مصالح المواطنين بشكل مباشر؛ أقول لو تم هذا بالفعل أو شيئا قريبا منه لدخل هؤلاء القادة التاريخ من أوسع أبوابه ولهتف الناس بحياتهم في الشوارع والميادين ولكن تصرفات المجلس العسكري وقراراته التي غاب عن بعضها الحكمه والإخلاص كانت سببا مباشرا في سخط الناس عليهم مرة أخري.

لكن اليوم الوضع مختلف فالمجلس العسكري الجديد علي رأسه قيادة أخري وروح مختلفة وتعيش البلاد ظروفا صعبة جعلت منه منقذا ومخلصا للجماهير من غضب الإخوان الذي كانوا يتوقعونه في أي لحظه بل ويشعرون أنه قادم عليهم لا محاله بسبب الموجه الإعلامية الشرسة التي ساهمت في تعبئة الناس بهذه الأفكار وإذا أضفنا إلي هذه الروح المسيطرة علي الناس الأن شعورا عاما بأن البلد في خطر وأن الفترة حساسة وحرجة بدرجة تحتم أن يكون قائد البلاد من ذوي الخلفية العسكرية حتي يستطيع أن يعبر بها بر الأمان مرة أخري سنتأكد أن تقبل الناس لفكرة المرشح العسكري صارت أمرا واقعا بدرجة ما.

لو إنتهي الأمر عند هذا الحد لهان الخطب ولكننا فوجئنا أنه علي مستوي هذه الشريحة – أعني جنرالات الجيش الذين يمكن أن يتقدموا لهذا المنصب – يوجد نوع من الصراع المكتوم الذي بدت ملامحه تخرج إلي العلن بشكل يعطي إنطباعا أن ثمة أمور تجري في الكواليس سيكون لها أعظم الخطر علي إستقرار البلاد في وقت لا تحتمل فيه أي إهتزازات ولعلكم تذكرون معي محاوله إغتيال اللواء عمر سليمان في أثناء أحداث الثورة بعدما عزم أن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية وذلك في أواخر عهد الرئيس مبارك وماذا كانت دلالة حدث مثل هذا في ذلك التوقيت.

وسوف نجعل من تحركات الفريق سامي عنان وما صاحبها من أحداث مثالا لتوضيح هذه الحاله التي نتحدث عنها وعن تبعاتها:-

·       بدايه قام الفريق سامي عنان بتقديم إستقالته كمستشار عسكري للرئيس مرسي بعدما تأكد أنه في طريقة للرحيل لا محالة مع أن الجميع يعرف أن منصبه هذا منصبا شرفيا وليس حقيقيا وبالتالي جاءت إستقالته بهذا الشكل مثيره للسخريه بقدر ما ؛خصوصا وأن المشير طنطاوي لم يُقدم علي هذه الخطوة رغم أنه يحمل نفس لقب عنان " مستشار عسكري للرئيس".

 

·       أعلن الفريق عنان نيته للترشح بشكل مفاجيء وبدون مقدمات ويبدو أنه بدون التنسيق مع القوات المسلحة ولا أجهزه المخابرات مما جعل هذا القرار قرارا فرديا لا يليق بمثله أن يأخذه بهذه الطريقه وكأن الفريق عنان إعتمد علي أنه رئيس الأركان السابق وأن كل الموجودين في المؤسسة العسكرية هم من جملة مرؤسيه وغفل عن أن رجل الجيش يستمد قوته من رتبته فإذا إمتلكها وهبته قوة المنصب وسطوته وإذا فقدها جردته من كل شيء.

 

·       سارع الفريق عنان بنشر مذكراته الشخصية التي تتركز بشكل أساسي علي أحداث الثورة وما دار فيها من تحركات وقد رأي فيها الجيش كشفا لأسرار قومية لا يجوز الإفصاح عنها علي الأقل في هذه الأيام.

 

·       الذي يقرأ المذكرة التي نشرها عنان يجد أنها مُنصبه في المقام الأول علي تبرئته من شبهة التنسيق مع الأمريكان أو التعاون معهم مع إبراز لدوره في الثورة - المنحاز للشعب طبعا - مع أن المدقق فيما بين الكلمات ربما يتأكد لديه ما يريد عنان أن ينفيه عن نفسه لا العكس .

 

 

·       مسأله الإنقلاب الناعم التي ذكرها عنان في مذكراته أثارت عند القوات المسلحة الحالية توترا غير مسبوق لأنها لا تألوا جهدا في دفع تهمة الإنقلاب عن نفسها وتنكر أن يكون لدي القوات المسلحه هذه العقيده من حيث الأصل ثم تأتي مذكرة عنان لتهدم هذا الكلام من أساسه.

 

·       كان من نتائج هذا التوتر أن غاب وجه الفريق عنان عن مشهد إحتفالات ذكري أكتوبر في الوقت الذي ظهر فيه المشير طنطاوي مما يعني أن هناك أزمة حادة بينه وبين القيادة الحالية في القوات المسلحة لا ندري إلي حد ستصل.

 

·       في المقابل ظهرت تسريبات لفيديوهات سرية تخص الفريق السيسي في إجتماعاته مع بعض قاده الجيش وهم يتناقشون في أمور الدولة وشئون الحكم والتي كشفت عن بعض السقطات أو الهنات التي تجرح من يطمح لمثل هذا المنصب والعجيب في الأمر أن هذه التسريبات جاءت علي لسان شبكة رصد الإخوانية.

 

·       بسرعة شديدة حمل الإعلام مسئوليه التسريبات للرئيس السابق(د/مرسي) وأظهره في مظهر الخائف الذي لا يأتمن وزرائه فيتجسس عليهم ثم قرأ الفيديوهات قراءة تصب في مصلحة الفريق السيسي لا العكس.

 

·       تزامن مع ظهور هذه الفيديوهات تحركات تصعيدية للمظاهرات التابعة للإخوان مع إرتفاع نبرة التهديد للإنقلابيين علي حد وصفهم وظهرت مرة أخري أحلام عودة مرسي بعدما كانت في طريقها إلي الإختفاء خصوصا بعد الإعلان عن عدد من المبادرات من جهات محايدة أعلن الإخوان عن المشاركة فيها بالفعل.

 

·       ظهرت تسريبات صوتية أخري للفريق السيسي وهو يتناقش مع عدد من الأشخاص منهم الصحفي ياسر رزق الذي كان يدير معه الحوار وكشف هذا اللقاء عن عدد من الكوارث أفصح عنها السيسي الذي بدا وكأنما يتكلم علي سجيته بالإضافه أن موضوع الحوار أكبر من أن تتم مناقشته مع مجرد صحفي وبالتالي فتحت هذه المقاطع الباب لعدد كبير من الأسئلة لم تظهر لها إجابات حتي الأن.

 

·       هل سيؤدي هذا الخلاف بين المرشحين التابعين للجيش إلي إستهجان فكرة المرشح العسكري وبالتالي إنسحابهم جميعا من المشهد أو علي الأقل إنصراف الناس عن إختيارهم ؟ خصوصا وأن صراع الكبار غالبا ما يكون من النوع الصفري الذي ينتهي بفائز وحيد والكل خاسر فهل يليق أن يصبح مستقبل الأوطان محلا للمقامرة وصراع المصالح؟!

إلي هنا نتتهي من رصد المشهد وما يحتف به من دلالات التي لا ترتقي حتي الأن لمنزلة اليقين ولكنها إرهاصات وإشارات لأحداث ربما تلوح في الأفق القريب ونحتاج إلي تفهمها والتعامل معها لأن المتغيرات كثيرة وحركتها الزمنية قصيرة ولكن نتائجها قويه ومؤثرة فاللهم سددنا ووفقنا لما فيه الخير يا رب.

 تم نسخه بتاريخ 26/10/2013

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة