الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تغيروا حتى تتغير الأمة -2

على كل فرد أن يؤمن إيمانا صادق وأن يتذكر على الدوام أن أمته لن تتغير وتتقدم إلى الأمام إلا إذا تغيَّر كل فرد فيها

تغيروا حتى تتغير الأمة -2
علي حاتم
الثلاثاء ٢٩ ديسمبر ٢٠١٥ - ١١:٢٤ ص
1185

تغيروا حتى تتغير الأمة (2)

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تحدثنا في مقالنا السابق تحت هذا العنوان عن ضرورة أن يتغير كل فرد من أفراد الأمة إلى الأفضل في جميع الأحوال حتى تتغير أمته وتتقدم إلى الأمام في شتى مناحي الحياة وذلك تأسيسا على أن تغيُّر الأمم إلى الأمام في كل المجالات إنما يتم بتغير أفرادها أولاً. وقلنا إن أولى خطوات التغيير هي ألا يرضى كل فرد عن نفسه، وأما ثاني هذه الخطوات هي أن يبدأ كل فرد على الفور بمصاحبة الصالحين وهجر رفاق السوء الذين امتلأ بهم المجتمع.

ونكمل حديثنا اليوم بأن ثالث خطوات التغيير هي أن يتوب كل أفراد الأمة توبة نصوحا؛ امتثالا لأمر الله عز وجل الذي ربط الفلاح بهذه التوبة فقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فالأمر يحتاج من كل فرد إلى مراجعة أحواله بجدية وحزم وسرعان ما سيكتشف مواطن الخلل في سلوكه وأخلاقياته وتحديد ما يتعارض منها مع ما يرضي الله عز وجل.

ولابد في هذه الخطوة من الوقوف مع النفس وقفة المحاسب المدقق والمتفحص لأحواله وتصرفاته العالم بضرورة أن يحاسب نفسه قل يحاسبه ربه، ثم يتوقف على الفور عن فعل ما لا يرضي الخالق عز وجل، ويعزم عزما أكيدا على ألا يعود لتلك الأفعال أخرى، ويندم على ما فعله منها ندما يشعر به في نفسه، ويتألم له قلبه، وينعكس ذلك على جوارحه، فتدمع له عيناه ويخضع له بصره وينصرف بسببه سمعه وكافة جوارحه عن ما يغضب الله، ويتحرك لسانه على الدوام بذكر الله والاستغفار من كل ذنب.

أما عن الخطوة الرابعة من خطوات التغيير: فهي المسارعة فيما سبق من خطوات وعدم التسويف، فمن المعلوم أن الآفة التي تقف في وجه كل فرد يفكر في أن يغير من حاله هي التسويف والتأجيل واستبطاء الرحيل عن الدنيا وأن الفرصة لا تزال متاحة، وكأنه لا يدري أن الموت يأتي فجأة وإذا بالعبد لا يقدر على أن ينطق ولو بكلمة، والله عز وجل يقول آمرا بالسرعة في العودة إلى ما يرضيه: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}، ويقول: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}.

والمرء يتعجب من أحوال الناس ويتساءل ما هو الحال إذا علم الناس أن سلعة مهمة يتم عرضها في مجمع –مثلا- من المجمعات الاستهلاكية؟ والجواب معلوم بلا شك، فالأمر يصل في كثير من الأحيان إلى حد الاقتتال من شدة الزحام.

أما عن الخطوة الخامسة من خطوات التغيير فهي الاستعانة بالله عز وجل وحده والتذلل له وحده وكثرة الدعاء {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، فلا هداية إلا منه، فهو وحده الذي يهدي العباد الخير، وهو وحده الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وهو وحده المطلع على قلوب العباد فيعلم الصادق منهم في ندمه وفي عزمه على الرجوع إليه وفي تخليه عن كل ما لا يرضيه عز وجل من الكاذب في كل ذلك والمسوِّف الغافل عن أن أجل الله قريب إذا جاء لا يؤخر لحظة واحدة.

على كل فرد أن يؤمن إيمانا صادق وأن يتذكر على الدوام أن أمته لن تتغير وتتقدم إلى الأمام إلا إذا تغيَّر كل فرد فيها وانضبط في إيمانه وفي سلوكه وفي تصرفاته وأخلاقه وفي معتقداته وأصبح يؤدي عمله في موقعه على النحو الذي يرضي خالقه عز وجل.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة