الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

المخطط الخبيث

وجدوا أن هذه الحروب تدفع الناس للتمسك بعقيدتهم وهويتهم، فلجئوا إلى حرب تدمير الثوابت الأخلاقية والعقدية

المخطط الخبيث
إيهاب شاهين
الأربعاء ٢٧ يناير ٢٠١٦ - ١٢:١٦ م
1266

المخطط الخبيث

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لا يخفى أن هناك الكثير من المؤامرات التي تحاك ببلادنا خاصة والأمة الإسلامية عامة، والتي هدفها الأساسي أن يعيش الفرد في أمته بلا هوية، حاولوا القضاء على الأمة من خلال تدمير المجتمع بشن الحروب الضروس عليه، فوجدوا أن هذه الحروب تدفع الناس للتمسك بعقيدتهم وهويتهم، فلجئوا إلى حرب تدمير الثوابت الأخلاقية والعقدية، من خلال بث الأفكار الغربية في عقول شباب ينشأ بين أسوار بيئته، ويتشبع بأفكار الغرب ويبثها بلسانها في وسط مجتمعه، حتى يكون أقرب إلى إقناع المجتمع بكلامه، حيث لسانه لسانهم وهيئته هيئتهم، فبدءوا مخططهم الخبيث على مراحل أربع؛ أولًا: الزعم بأن هناك ثمة تعارض بين النص والعقل مع تعظيم دور العقل جدًّا أمام النصوص، وأطلقوا على أنفسهم العقلانيين والتنويريين والمثقفين، وأن عقولهم فوق جميع العقول ومن ثم لهم فهم للنصوص لا يفهمه أحد مثلهم إلا من كان على شاكلتهم، وأوهموا السامع أن النصوص القرآنية والنبوية نصوص جامدة، وأن عقولهم تدرك من هذه النصوص ما لا يدركه الأولون، ومن ثم كانت تفسيرات النصوص ظلامية جامدة متطرفة وتفسيراتهم هم تنويرية مشرقة، فجعلوا النصوص في منزلة دنيا حتى تقل هيبة هذه النصوص في حس المجتمع أمام العقول الجديدة، والحقيقة أن العلاقة بين الدين والعقل علاقة تكاملية وليست تصادمية؛ فهناك أمور لا تدرك إلا بالعقل مع مكنون الفطرة في الإنسان؛ كإثبات وجود الله سبحانه وتعالى للمشرك، وهناك أمور للدين لا يتدخل بها العقل؛ كالأوامر والنواهي في الدين، مع السماح للعقل بالتفكر بعلّة الحكم، وهناك أمور مشتركة بين الطرفين، كإثبات يوم القيامة والقبر عذابه ونعيمه، وسائر الغيبيات، فيمكن أن يشتركا بإثبات هذه المسائل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العقل شرط في معرفة العلوم وكمال وصلاح الأعمال وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلًا بذلك، بل هو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين، فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس والنار، وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها.

ثانيًا: الطعن فيمن نقل إلينا النصوص، وهم الصحابة رضي الله عنهم، فهم يقولون: هم رجال ونحن رجال لهم عقول ونحن لنا عقول، كانوا يعيشون في بيئة بدوية ليست حضارية، أما الآن فنحن قد انفتحنا على العالم أجمع، وتوجد أمور هم لم يطلعوا عليها، فضلًا عن أنهم ليسوا بمعصومين، وبدءوا بسلسلة الطعن والتشويه لنقلة النصوص، والأمر كما قال النسائي رحمه الله: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة؛ إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب - إنما يريد دخول الدار، وحتى لا تختلط الأوراق فنحن نتكلم عن فهم الصحابة لأمور الدين والنصوص؛ فإنهم هم الذين عايشوا الوحي، وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، وبيَّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم ألفاظ القرآن ومعانيه، ونقلوا لنا ذلك بأدق طرق النقل التي لا يوجد في أمة من الأمم طرق لنقل الأخبار بهذا التسلسل كما في أمة الإسلام عن طريق علم يسمي مصطلح الحديث، أما أمور الدنيا فلم يقل أحد: "إننا نقف عند ما وقفوا عليه في زمانهم"، بل نقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنتم أعلم بأمور دنياكم"، طالما أن حدود الشرع واضحة فالأصل في أمور الدنيا والتعامل بين الناس الإباحة واليسر، لكن غرض هؤلاء الطعن في عدالة الصحابة حتى يسقطوا هويتنا، فإن كان نقلة الدين مجروحين، إذن ما جاءوا به لا يلزمنا هكذا أرادوا.

ثالثًا: الطعن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونقلتها فتجد الطعن على الإمام البخاري، خاصة لأنه كالقبة بالنسبة لغيره من المحدثين فإن سقط البخاري فما دونه أيسر عندهم فبدأت حملة التشكيك في كتاب البخاري، أنه ليس كتابًا معصومًا، بل به من الضعيف بل الكذب الصريح، حتى يسقطوا هذا الثابت الأشم من قلوب الناس، وتكون النتيجة إذن ما في كتاب البخاري عرضة للرد والقبول، وبالبحث والتنقيب وجدنا أن البخاري يكذب وينقل الكذب، إذن كتابه لا يصلح أن يحتج به، وبذلك يسقطون السنة بإسقاط ناقليها، أو يأتون بشبهات علي فهم نصوص السنة على غير المراد تمامًا، ويقولون: نحن لسنا بحاجة إلى السنة فعندنا القرآن يكفينا، به كل شيء، مع أن الثابت في ديننا أننا لا نستطيع فهم القرآن ولا الدين إلا من خلال سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن أمرنا بالصلاة، لقوله تعالى: (وأقيموا الصلاة)، أين نجد في القرآن كيفية الصلاة وأركانها وواجباتها لا يمكن أن نعرف كيفية الصلاة إلا من خلال السنة النبوية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وهكذا مع باقي العبادات، لذلك كانت السنة وحيًّا أيضًا، كما أن القرآن وحي من الله، قال تعالى: (والنجم إذا هوى . ما ضل صاحبكم وما غوى . وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى)، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، لذلك كان القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن، قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).

رابعًا: الطعن في القرآن بقولهم إن القرآن نص تاريخي وليس مقدس، ويعنون بذلك أن القرآن قابل للنقض كما قال واحد منهم: "أعطوني قلمًا أحمر لأصحح لكم أخطاء القرآن"، وقال أيضًا للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلًا عن إثبات هذه القضية التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة، ولذلك خرج واحد من هؤلاء الآن يقول نحن نؤجل الطعن في القرآن؛ لأن الناس لا تتحمل ذلك، فهم يريدون في هذه المرحلة إسقاط القرآن، فينقطع الرابط بين السماء والأرض ويسقط الدين زعموا، ولكن الأمر كما قال الله: يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره، فهذه مراحل أربع لخصوم الدين للقضاء عليه أو تشويهه في نفوس الناس.

نسأل الله أن يرد كيدهم في نحرهم آمين .. والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة