الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

إياكم والعلو في الأرض والاستكبار

كلما أفرط الإنسان بالبعد عن طاعة الله، كلما بحث عن العلو في الأرض بمعناه المذموم

إياكم والعلو في الأرض والاستكبار
علي حاتم
الأربعاء ٢٧ يناير ٢٠١٦ - ١٢:٢٤ م
2477

إياكم والعلو في الأرض والاستكبار

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الواجب على كل مسلم أن يحذر من طلب العلو في الأرض والفساد؛ فإن الثمن الذي يدفعه في مقابل ذلك لا طاقة له به ولا قدرة له عليه وهو خسران الآخرة في ذلك اليوم الذي قال عنه عز وجل: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا وما عملت من سوء...)، والله عز وجل قد بيَّن لنا ذلك الثمن الباهظ في قوله: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين).

 

ومعنى العلو في الأرض كما ذكر العلماء: التجبر والتكبر والغرور والبغي والظلم والافتخار، ومعنى الفساد: العمل بالمعاصي.

 

وكلما أفرط الإنسان بالبعد عن طاعة الله، كلما بحث عن العلو في الأرض بمعناه المذموم، والعكس صحيح؛ فلا أحد ينال العلو في الأرض والاستكبار إلا إذا ابتعد عن ربه عز وجل بفعل المعاصي، وهذه الأمور يشاهدها كل عاقل.

 

وفرعون أحد أشهر الظالمين المتجبرين الطغاة، قال عنه المولى عز وجل: (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا)، فكان مصيره الغرق في الدنيا وجعله الله عبرة لمن يعتبر، وفي الآخرة ينتظره العذاب الأليم.

 

وقارون -أحد أشهر المغرورين المتجبرين المفتخرين بكثرة المال- لما خرج يومًا في زينته كعادته مزهوًّا بنفسه متطاولًا على خلق الله وقد اغتر به بعض الناس، قال عز وجل عنه: (فخسفنا به وبداره الأرض) فندم هؤلاء الذين كانوا يتمنون أن يؤتوا مثل أوتي قارون، وشكروا الله عز وجل أن لم يجعلهم مثله فيحدث لهم مثل ما حدث له.

 

ما أجمل الذين ينالون الرفعة والعلو بالتواضع ولين الجانب لعباد الله والحرص على دوام الطاعة.

 

قال صلى الله عليه وسلم: «من تواضع لله رفعه الله»، وكما قال عز وجل: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)، فهنيئًا لهؤلاء بالرفعة في الدنيا التي يستحقونها وطيب المقام في الآخرة.

 

وعجبًا لأولئك الذين يبذلون الجهد الكبير والمال الوفير طلبًا للعلو في الأرض والاستكبار، وهم ليسوا أهلًا لتلك المناصب التي يحصلون عليها، لقد اكتسبوا المال من حرام وأنفقوه في الحرام وأرادوا العلو في الأرض مهما كان الثمن، فاستحقوا الجزاء المذكور في الآية الكريمة وهو خسران الآخرة.

 

ولله در عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، الذي روي عنه أنه ظل يردد هذه الآية حتى قبض، ولم يرددها وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو أمير المؤمنين وكبير المتواضعين في زمانه ومجدد زمانه؛ فنال هذ المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة في قلوب المؤمنين إلى قيام الساعة.

 

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة