الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

تناقض العلمانيين

لا نريد منكم طعنا على هؤلاء ولكن نريد منكم أن تكفوا ألسنتكم وأذاكم عن شعائر الدين الإسلامي

تناقض العلمانيين
إيهاب شاهين
الاثنين ٢٩ فبراير ٢٠١٦ - ١٨:٢٢ م
2392

تناقض العلمانيين

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

في مقارنة غير عادلة ممن يكيل الأمور بمكيالين، من العلمانيين الذين يتشدقون بمبادئ الحرية والمساواة زعموا، تراهم يدشنون حربا سافرة على مبادئ إسلامية راسخة، ولو حاكمناهم لمبدئهم من الحرية الشخصية لما استطاعوا ردا ولا صدا، كمن قال يجب على المرأة المنتقبة في المستشفيات والجامعات أن تخلع نقابها، وأصبح هذا الأمر شغله الشاغل، هل هذا النقاب يعيق العمل أو يؤثر عليه سلبا؟ أين معاني الحرية الشخصية في زي الإنسان كما زعموا وقالوا عمن تلبس لباسا يظهر جسدها أو جزءا منه أن هذا من باب الحرية الشخصية؟ ثم يوجه إليك التهم المعلبة كيف تتكلمون عن ذلك؟ إذن أنتم أعداء الحرية الشخصية، أنتم الظلاميون أعداء المرأة والثقافة والتحضر. فضلا أن يخرج مثل هذا الكلام من مسؤول كبير يتبوأ منصبا رفيعا ينادي في كل مكان بأن الطالبات في الجامعات والعاملات في المستشفيات وغيرها يجب أن تخلع النقاب، وكأن الفساد الذي يسري في المنشئات التي يذكرها سببها لباس المرأة؛ حجابها ونقابها. ولم يسلط الضوء على أي نوع من أنواع الفساد الحقيقي داخل هذه المنشئات، وسبب تدهورها وإنما سلط لسانه على قضية الحجاب والنقاب، وكأنه إن انتصر في هذه المعركة بزعمه سيعم العدل والصلاح، وستنتهي المشكلات داخل المؤسسات، وهذا من الناحية الإدارية يجعل الناظر يقول: إن مثل هذا الرجل يريد ظهورا إعلاميا ومكاسب سلطوية، على حساب طعنه ولمزه في قضية الحجاب والنقاب. فضلا أنه من المسلمين ومن المفترض أن يعلم أن هذه القضية عقيدة راسخة وفرض من الله عز وجل، ولأنهم يطالبون بفصل الدين عن الحياة كلها، وأن شعائر الدين تكون في دور العبادة فقط، أما خارجها فلا. وعند التأمل فهذه الحرب على شعائر الدين الإسلامي وفقط، أما إذا وجدت شعيرة أو فريضة عند غير المسلمين كما هي عند المسلمين تجد هؤلاء القوم يعظمون ذلك، ويمدحونه أو قل على الأقل لا يستطيعون أن يتفوهوا بكلمة واحدة، وإلا كان مصيرهم أن يغضب عليهم أسيادهم، ولكن النفس إذا اشتهت أمرا تعمي عن مضآره وسوءاته، والفطرة إذا انتكست ترى الفضيلة فضيحة، والفضيحة فضيلة والحق باطلا والباطل حقا.

لا أريد أن أخوض في مسألة النقاب أو كشف الوجه والكفين والخلاف الواقع بين العلماء في أيهما الواجب، ولكن أريد أن آخذ العامل المشترك بين الفريقين، وهو الإجماع على الحجاب والخلاف في أمر النقاب هل هو مستحب أم واجب. فمن درس العلوم الشرعية، لا يكاد يجد خلافا بين العلماء المعتبرين في فريضة الحجاب، وهذه بعض أدلة الحجاب والنقاب من القرآن، تذكرة لمن قد نسي أو تناسى، قال تعالي {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور 31:24)

وقال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (الأحزاب 33:33).

ويعلل القرآن الكريم الأمر بالحجاب ويبين أن المراد منه حماية المرأة من الأذى المحتمل، الذي قد تتعرض له إذا ما اطلع الرجال على جمالها وزينتها. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (الأحزاب 59:33).

فهذا القرآن إن كان لكم عناية به، وإلا فإن كنتم ممن يقول إن القرآن نص تاريخي، وليس مقدسا وبه أمور تحتاج إلى نقد أو نقض، فهذا يحتاج إلى وقفات أخري، وعندما تنظر إلى شريعة اليهود تجد أن هذا مقرر في شريعتهم، وتجد أن الراهبات يخرجن لا أقول بحجاب مكشوف الوجه والكفين، بل بنقاب يغطي وجوههن وتجدهم يعتزون بذلك، ويرون في تمسكهم بهذه الشعيرة عزهم وفخرهم، ونحن لا ننكر عليهم تمسكهم بذلك كمن ينكرون علينا ذلك، ولكن العجيب والمفارقة الكبيرة من هؤلاء العلمانيين الذين يكيلون بمكيالين، ينظرون إليهم نظرة الفخر والإكبار ولا تجد لسانا يتكلم أو قلما يكتب بأنه يجب منعهم من حجابهم، أو أن هذا علامة تخلف ورجعية وإهانة للمرأة، وحجبها عن الحضارة والتمدن، بل تجد العكس تماما؛ أن هذا حرية وديمقراطية وغير ذلك من هذه الشعارات الرنانة، التي تأتي عند شعائر وثوابت المسلمين وتقف، وكأن القوم لا يعرفونها. بل عند النصارى يقول أحدهم: كيف تأمروني أن أنتقد الحجاب وصورة مريم البتول بحجاب، ومن المفترض أن يتشبه بها نساؤنا رمز العفة والطهارة، ولا تجد من يعلق أو يتكلم، لتعلم أن الحرب ليست من أجل مبادئ حرية وديمقراطية، بل هي حرب على الإسلام. ونزيد الأمر غصة في حلوق هؤلاء ببيان أدلة الحجاب والنقاب عند اليهود والنصارى من كتبهم، ففي العهد القديم: “وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: ‘مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟’ فَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ سَيِّدِي. فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ” (سفر التكوين 24 :64-65)

وفيه أيضا: “خُذِي الرَّحَى وَاطْحَنِي دَقِيقاً. اكْشِفِي نُقَابَكِ، شَمِّرِي الذَّيْلَ” (سفر إشعياء 2:47)، “هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ” (سفر نشيد الأناشيد 1:4)، “وكانَت سوسَنَّةُ لَطيفَةً جِدّاً جَميلَةَ المَنظَر. ولَمَّا كانَت مُبَرقَعَة، أَمَرَ هذانِ الفاجِرانِ أَن يُكشَفَ وَجهُها، لِيَشبَعا من جَمالِها” (دانيال 13 :31-32).

وها هو العهد الجديد يحض المرأة على الحجاب ويزجرها عن التكشف والسفور؛ فتقرأ في العهد الجديد ما يلي: “وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً فَتَشِينُ رَأْسَهَا لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. إِذِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً بِالْمَرْأَةِ أَنْتُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورونثوس 11 :5-6)

كما يأمر العهد الجديد المرأة بالحجاب عند الصلاة؛ فنقرأ فيه ما يلي: “احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورونثوس 13:11)

ويأمر العهد الجديد المرأة بالاحتشام في لباسها والتورع والتعقل، وينهاها عن التبرج والتكشف والسفور؛ فنقرأ ما يلي: “وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 9:2).

فما قولكم على هذه النصوص؟؟ التي وافقت الحق عندنا، ما لكم تكيلون بمكيالين ولا نسمع لكم طعنا ولا نقدا؟ لا نريد منكم طعنا على هؤلاء ولكن نريد منكم أن تكفوا ألسنتكم وأذاكم عن شعائر الدين الإسلامي أفيقوا قومنا وعودوا إلى رشدكم وصوابكم.

والحمد لله رب العالمين

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً