الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

إلى القرآن يا عباد الله -2

ينبغي أن ننصر النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم- ودين الرحمن تحت راية القرآن، وأن نطرح رايات الضلال والخذلان التي يدعو إليها ويحميها الأشقياء من أولياء الشيطان

إلى القرآن يا عباد الله -2
عادل نصر
الاثنين ٠٧ مارس ٢٠١٦ - ١٢:٤٦ م
2118

إلى القرآن يا عباد الله (2)

كتبه/ عادل نصر

السلف والقرآن:

لم يكن حال السلف مع القرآن كحالنا اليوم، ولا صنيعهم كصنيعنا، بل كانوا كما ذكر أبو عبد الرحمن السلمي عنهم فقال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما: إنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل. قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا".

ولهذا كانوا ينفقون مدة في حفظ السورة.

وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جل فى أعيننا.

وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين، قيل: ثمان سنين. ذكره مالك.

وذلك أن الله تعالى قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]، وتدبـر الكلام بدون فهـم معانيه لا يمكن، وكذلك قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف:2]، وعقل الكلام يتضمن فهمه.

ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد مبانيه، فالقرآن أولى بذلك، وأيضا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه، فكيف بكلام الله تعالى، الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم، وقيام دينهم ودنياهم؟!

أما نحن اليوم فكل همنا حفظ الآيات أو تلاوتها أو سماعها دون النظر إلى معانيها ومعرفة ماذا يريد الله - عز وجل- منا، ذلك لأن الأوائل قرءوا كتاب الله - عز وجل- للعمل به كما كان الحال في سائر علوم الشرع، يتعلمون للعمل، بخلاف ما نحن عليه اليوم.

هتف العلم بالعمل

 

فإن أجابه وإلا ارتحل

فالويل لمن قرأ القرآن ليقال عنه قارئ، أو تعلم ليقال عنه عالم، قال - صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ، نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ»([1]).

فإنما ينتفع بالقرآن من جمع قلبه عليه، وتدبر آياته، وسلك مسلك السابقين، فجمع قالبه على إتيان أوامره واجتناب نواهيه، فالخير كل الخير في ذلك والشر كل الشر في الإعراض عنه، يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله: "ومع هذا كله فإن أكثر المنتسبين للإسلام اليوم في أقطار الدنيا معرضون عن التدبر في آياته، غير مكترثين لقول من خلقهم: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]، لا يتأدبون بآدابه ولا يتخلقون بما فيه من مكارم الآخلاق، يطلبون الأحكام في التشريعات الضالة المخالفة له، غير مكترثين بقول ربهم: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [النساء:44]، وقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء:60]، بل المتأدب بآداب القرآن المتخلق بما فيه من مكارم الأخلاق محتقر مغموز فيه عند جلهم إلا من عصمه الله، فهم يحتقرونه، واحتقاره لهم أشد، كما قال الشافعي رحمه الله:

فهذا زاهد في قرب هذا

 

وهذا فيه أزهد منه فيه

وإياك يا أخي ثم إياك أن يزهدك في كتاب الله تعالى كثرة الزاهدين فيه، ولا كثرة المحتقرين لمن يعمل به، ويدعو إليه، واعلم أن العاقل الكيس الحكيم لا يكترث بانتقاد المجانين"([2]).

فعلى العبد أن يحذر أشد الحذر أن يأتي يوم القيامة فيكون من جملة من شكى النبي - صلى الله عليه وسلم- حاله إلى ربه: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30]، يقول ابن القيم رحمه الله: "هجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والايمان به والاصغاء اليه. والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به. والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم. والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه. والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان:30].

وسبب ذلك قساوة القلوب، وكثرة الذنوب، فالأمر كما قال عثمان- رضي الله عنه- لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم، يقول تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16]، قال ابن مسعود: وما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين. فهذه الآية تتضمن توبيخًا وعتابا لمن سمع هذا السماع ولم يحدث له في قلبه صلاحًا ورقة وخشوعًا، فإن هذا الكتاب المسموع يشتمل على نهاية المطلوب وغاية ما تصلح به القلوب، وتنجذب به الأرواح، فيحيى بذلك القلب بعد مماته، ويجتمع بعد شتاته، وتزول قسوته بتدبر خطابه وسماع آياته، ولذلك لا يجتمع في قلب عبد حب القرآن ومحبة الغناء والمعازف التي هي أصوات الشيطان، ولذا نجد الفرق واضحًا بيننا وبين حال سلف الأمة، طهرت قلوبهم فلم يملوا من سماع كتاب ربهم ولا تلاوته ولا مدارسته، ولم يرضوا عنه بديلاً، خلاف حالنا اليوم، فلقد أقبل الكثيرون على السماع المحرم من المعازف وغيرها، وطربت لها قلوبهم، وأعرضوا عن كتاب ربهم، يقول ميمون بن مهران: "إن هذا القرآن قد خَلَقَ([3]) في صدور كثير من الناس، والتمسوا حديثًا غيره، وهو ربيع قلوب المؤمنين، وهو غض جديد في قلوبهم" وقال محمد بن واسع: "القرآن بستان العارفين، حيثما حلوا منه حلوا في نـزهة"، وقال مالك بن دينار: "يا حملة القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم، فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض"، وقال الحسن: "تفقدوا الحلاوة في الصلاة وفي القرآن وفي الذكر، فإن وجدتموهم فامضوا وأبشروا، وإن لم تجدوها فاعلموا أن الباب مغلق" وكان داود الطائي يرنم بالآية بالليل فيرى من سمعه أن جميع نعيم الدنيا جُمع في ترنمه" قال أحمد بن أبي الحواري: "إني لأقرأ القرآن فأنظر في آية منه فيحار فيها عقلي، وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم، ويسعون أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما لو فهموا ما يتلونه وعرفوا حقه وتلذذوا به، واستحلوا المباحات به، يذهب عنهم النوم فرحا بما رُزقوا" قال ابن مسعود: "لا يسأل أحد عن نفسه غير القرآن، فمن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله" قال سهل: "علامة حب الله حب القرآن"، قال أبو سعيد الخزاز: "من أحب الله أحب كلام الله ولم يشبع من تلاوته" ويروى عن معاذ أنه قال: "سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب، فيدرس، فيقرأونه لا يجدون له شهوة"([4]).

قلت: من هنا نعلم السرَّ في احتفاء الخلف بالأناشيد وغيرها، وتوسعهم في ذلك مخالفين ما كان عليه سلف الأمة - رضي الله عنهم-، إن السر في هذا أن صحابة النبي - رضي الله عنهم- طهرت قلوبهم، فأقبلوا على كتاب الله - عز وجل-، فقد كانوا يجدون لذتهم في سماع القرآن والإقبال عليه، ولذا أنكر علماء القرون الأولى بشدة على الذين انشغلوا بالسماع عن القرآن، يقول الحسن بن عبد العزيز الحراني: "سمعت الشافعي يقول: خلفت ببغداد شيئا احدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن وأولياء الله العارفون يعرفون ذلك ويعلمون أن للشيطان فيه نصيبا وافرا، ولهذا تاب منه خيار من حضره منهم"، وقال شيخ الإسلام عقبه([5]): "وهذا من كمال معرفة الشافعي وعلمه بالدين، فإن القلب إذا تعود سماع القصائد والأبيات والتذ بها حصل له نفور عن سماع القرآن والآيات، فيستغني بسماع الشيطان عن سماع الرحمن"([6]).

"وقد صح عن النبى أنه قال" «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» وقد فسره الشافعى وأحمد بن حنبل وغيرهما بأنه من الصوت فيحسنه بصوته ويترنم به بدون التلحين المكروه، وفسره ابن عيينة وأبو عبيد وغيرهما: بأنه الاستغناء به. وهذا وإن كان له معنى صحيح فالأول هو الذى دل عليه الحديث، فإنه قال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به» وفى الأثر: "إن العبد إذا ركب الدابة أتاه الشيطان وقال له: تغن. فان لم يتغن قال له: تمن. فإن النفس لابد لها من شيء فى الغالب تترنم به فمن لم يترنم بالقرآن ترنم بالشعر، وسماع القرآن هو سماع النبيين والمؤمنين والعارفين والعالمين، قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}[مريم:58] الآية، وقال: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ}[المائدة:83] الآية، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ}[الإسراء:107] الآيتين، وقال: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ}[الزمر:23] الآية، وقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}[الأنفال:2] الآية.

وهذا السماع هو الذى شرعه الله للمؤمنين فى الصلاة وخارج الصلاة، وكان أصحاب رسول الله إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم يقرأ والناس يستمعون"([7]).

إننا اليوم إن كنا صادقين في نصرة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- ودين الإسلام، يلزمنا أن نرجع إلى القرآن نتلوه آناء الليل وأطراف النهار، ونحكمه في سائر شئوننا، وصدق الله - عز وجل- إذ يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة:50]، ونهجر كل ما خالف القرآن من شرائع وعادات وتقاليد وثقافات، ونلزم طريق القرآن، فإنه يهدي للتي هي أقوم، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء:9]، كما ينبغي أن نعلم أن من تعظيمنا اللقرآن أن نعتقد أنه كلام الله - عز وجل-، منه بدأ وإليه يعود، تكلم به حقيقة وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، وهو الحق دون سواه، كما أننا ينبغي أن نتأدب مع القرآن في فهم آياته، فلا نحرف الكلم عن مواضعه كما فعلت اليهود، حيث أمروا أن يقولوا: (حطة) فقالوا: (حنطة)، فما أشبه صنيع أولئك الذين قالوا: (استولى) بدلا من (استوى) في قول ربنا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:5]، فما أشبه لامهم التي زادوها بنون اليهود.

ومن الأمور التي ينبغي أن ننبه عليها هنا أن نعلم أن القرآن قد حثَّ على طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم- في آيات كثيرة، فاتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- التي هي الوحي الثاني ولا نستطيع أن نفهم القرآن بغيرها، بل ولا دين الإسلام، فقد قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر:7]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}[النساء:64]، ومن هنا نعلم ضلال أولئك الذين يزعمون أنه يمكننا الاستغناء بالقرآن عن السنة والحديث الشريف، هذا مما لا شك أمر في غاية الضلال والزيغ، كيف والنبي - صلى الله عليه وسلم- هو المبين للقرآن؟ قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل:44]، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلاَ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ، وَلاَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ»([8])، فأولئك الذين يزعمون هذا الزعم كاذبون في تعظيمهم للقرآن، فلو عظموه لامتثلوا أوامر ربهم فيه الآمرة بوجوب طاعة النبـي - صلى الله عليه وسلم- والتزام هديه وسنته، بل إن القرآن قد جعل اتباع النبـي - صلى الله عليه وسلم- علامة محبة رب العالميـن، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:30-31].

فخلاصة القول وصفوته أننا ينبغي أن ننصر النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم- ودين الرحمن تحت راية القرآن، وأن نطرح رايات الضلال والخذلان التي يدعو إليها ويحميها الأشقياء من أولياء الشيطان. والله المستعان.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 



([1]) رواه مسلم: كتاب الإمارة، باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، برقم (1905).

([2]) ((أضواء البيان)) 1/3-4.

([3]) خلق: أي بلي.

([4]) ((نـزهة الأسماع في مسألة السماع)) 83-86.

([5]) يعني: بعده.

([6]) ((مجموع الفتاوى)) 11/532.

([7]) ((مجموع الفتاوى)) 11/532-534.

([8]) رواه أبو داود: كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4604)، وصححه الألباني.

تصنيفات المادة