الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حريتنا منضبطة بقيمنا

إذا لم تفعل وجعل فريقٌ ولاءَهم لأعداء الإسلام، يأتمرون بأمرهم، فإنهم لا محالة سيقودونهم إلى التفرق والاختلاف والتقاتل

حريتنا منضبطة بقيمنا
علي حاتم
الأحد ٠١ مايو ٢٠١٦ - ١٣:١٨ م
1529

حريتنا منضبطة بقيمنا

كتبه/ علي حاتم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن أخطر الأسلحة التي يستخدما أعداء الأمة هو إيهام بعض شباب الأمة أن حرياتهم مفقودة، وأنهم لا يفعلون ما يريدون، ولا يقولون ما يريدون، ولا يمكن لمجتمعهم أن يتقدم ويتطور مثلما تقدمت وتطورت مجتمعاتهم إلا بتحقيق الحريات المطلقة لجميع أبنائه.

ومن هذا المنطلق أوهم أعداء الإسلام أبناءنا بأن الإسلام هو الذي قيد حرياتهم وأغلق عليهم أبواب الانطلاق إلى آفاق التطور والتحديث بما فرضه عليهم من قواعد ومبادئ. فلما عارضهم بعض شباب المسلمين ووجد الأعداء فيهم الإصرار على التمسك بدينهم زرعوا فيهم العقيدة المحرفة والأفكار المتطرفة، وجندوهم للحرب على المسلمين وعلى مجتمعاتهم، وزرعوهم داخل هذه المجتمعات كبداية لإسقاطها ولتعويقها عن السير في طريق التقدم والتطور الذي لا يعارضه الإسلام أصلا ولا يمنع منه شريطة التمسك بأصول ومبادئ وقيم الإسلام العظيمة، التي تجعل المتمسكين بها يذوقون أسعد لحظات الحياة في رحاب الإيمان الذي يجدون له حينئذ حلاوة تملأ قلوبهم ونفوسهم، ولمَ لا ونبيهم الأعظم ﷺ يقول: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا».
نحن نقول لأعداء الإسلام: إن الإسلام لا يمنع من الوصول إلى ما وصلتم إليه من تقدم مادي ولكن شريطة ألا يكون هذا التقدم مبنيا على أسس ظالمة، كما هو الحال عندكم ينعدم من خلالها العدل ويسود الظلم وتراق الدماء وتهتك الأعراض وتؤكل أموال الناس بالباطل ويفعل كل إنسان ما يريده بحرية مطلقة دون ضوابط.
كما نقول لأعداء الإسلام في الداخل والخارج: ليست المجتمعات الأوربية التي تعادي الإسلام أول المتقدمين ماديا في تاريخ البشرية، فلقد سبقكم إلى هذا التقدم أمم أخرى، يا ليتكم تعلمون أو تقرؤون حكاية الإسلام عنها حيث قال عز وجل في كتابه العزيز المنزل على نبينا، يحكي للبشرية كلها ما حدث لتلك الأمم التي شيدت القصور والعمارات مثلما فعلتم بحرية مطلقة، دون ضوابط على رأسها عبادة الله وحده والالتزام بما حده من قيم وقواعد وأصول جاء بها الرسل والنبيون للدنيا كلها، لعلكم تقرؤون قول الحق تعالى: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ﴾. ﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِين﴾.
إننا نقول لأعداء الأمة في الداخل والخراج: إن التقدم المادي لا يمنعه الإسلام في ظل حرية منضبطة بقواعد وأصول وقيم ومبادئ وضعها ربنا وخالقنا عز وجل لنا وللدنيا كلها، ووعد الله المتمسكين بها بالسيادة على الدنيا كلها، فقال عز وجل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾.
يا أعداء الأمة في الداخل: انتبهوا ولا تجعلوا أنفسكم فريسة لمخططات أعداء المسلمين، واعلموا أن الحرية غير المنضبطة هي من أسباب هلاك الأمم لأنها من أعظم أدوات الفرقة والاختلاف ومن ثَمَّ السقوط والانحطاط، ولا نجاة للأمة إلا بالانضباط بقواعد دينها العظيم والاعتصام بحبل الله المتين، والوقوف صفا واحدا كما أمر الله عز وجل، وهذا يؤدي لا محالة إلى السير بالأمة إلى الأمام في كل شيء وتفويت الفرصة على أعداء الإسلام الذين سيفزعهم ذلك.
وليعلم كل مسلم أن الله عز وجل وعدنا بالنصر شريطة الالتزام بدينه والاعتصام بحبله والتمسك بضوابطه وقيوده، فقال عز وجل: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾، ونصر الله لنا لا يكون إلا بالاتحاد والتلاحم على كلمة سواء ورد التنازع والاختلاف إلى الله ورسوله كما قال عز وجل: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، وكما قال عز وجل أيضا: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾.

أما إذا لم تفعل وجعل فريقٌ ولاءَهم لأعداء الإسلام، يأتمرون بأمرهم، فإنهم لا محالة سيقودونهم إلى التفرق والاختلاف والتقاتل، وعندئذ لن يكون إلا الهزيمة وسقوط الأمة بيد أعدائها.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة