الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

آلام المسلمين وسبيل التمكين

عندما تملك حب الدنيا القلوب ضلت العقول والأفهام فتسلط الأعداء

آلام المسلمين وسبيل التمكين
إيهاب شاهين
الاثنين ٠٩ مايو ٢٠١٦ - ١٢:٥٣ م
1372

آلام المسلمين وسبيل التمكين

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
عندما يقلب المرء ناظريه في جنبات الأرض يجد أن الدم الأكثر إراقة هو دم المسلمين، وذلك ليس لهوانه أو مهانته وإنما خوف أعدائه من انتشاره، وهذا الدم الذي يراق سواء كان في سورية الشقيقة أو غزة الحبيبة أو العراق أو اليمن أو ليبيا أو الصومال وإن أردت الحصر فلن تملك ذلك، هي دماء زكية بإذن الله مات أو قتل في هذه الحروب الصليبية الصهيونية الشيعية الغاشمة؛ إما شيخ كبير أو شاب صغير أو طفل رضيع أو إمراة شابة كانت أو عجوز، كل هؤلاء الذين أصبحت صورهم تملأ صفحات التواصل ضحوا بأرواحهم للحفاظ على هويتهم وعقيدتهم من التبديل والتغيير فكأنهم بلسان حالهم يقولون جميعا: "الموت أهون علينا من أن نفرط في عقيدتنا وهويتنا". ولا أقول هذا الكلام استدرارا لعطف متعاطف لا، ليس كذلك وإنما هي الحقيقة التي قد تغيب عن البعض ممن ينظر إلى الدنيا نظرة مادية سياسية بحتة، وللأسف هذا أمر يعلمه أعداؤنا، أن الحرب على الهوية والعقيدة، ويجهله كثير من أبنائنا.

عندما تم حرق المسجد الأقصى عام 1969 قالت رئيسة الوزراء الإسرائيلية "جولدا مائير": بعد أن حرقنا المسجد لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب يدخلون إسرائيل، أفواجا من كل صوب, لكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء، فهذه أمة نائمة.

هي تخيلت أن المسلمين جميعا حكاما ومحكومين سيهبون لنصرة مقدساتهم والحفاظ على إخوانهم، كما كانت تسمع أيام المعتصم وهارون وصلاح الدين أيام العزة ووضوح العقيدة والمنهج، ما يحدث لإخواننا في سورية الحبيبة الآن مما يندى له الجبين لا يستطيع أفراد بمفردهم مقاومته هذا أمر يحتاج إلى دول تسوق جيوشها نحو أعدائها حتي تعلمهم كيف يتعاملون مع المسلمين، ومع ذلك فالأفراد عليهم دور هائل لا تقل أهميته عن جيوش المسلمين، فالمسلمون معهم سلاح لا يخطئ رقبة العدو إن استخدم بطريق صحيحة، سهام الليل لا تخطئ، قالت جولد مائير علينا أننا أمة نائمة، والحمد لله أن الأمة لم تمت فالنائم لا بد أن يأتي عليه وقت ويستيقظ وقد حان وقت الاستيقاظ قبل فوات الأوان أو قبل الهلكة، عندما يصح الاعتقاد ويقوي اليقين والتوكل على الله تعالى تصيب سهام الليل غرضها.

فهذا المأمون لما عظم أمره واشتد إيذاؤه للإمام أحمد بن حنبل بطول الحبس وشدة القيد جثى الإمام أحمد على ركبتيه ورمق بطرفه إلى السماء وقال: سيدي غرَّ حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل، اللهم فإن كان القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤونته، فجاءهم الصريخ.. بموت المأمون في الثلث الأخير من الليل.

فهل من جاث على ركبتيه، حلال لقمته، هاطلة دمعته، يرمق السماء ببصره ويدعو الله أن يزيح الغمة عن الأمة، وأن يهلك الفاجر بشار وشبيحته وأعوانه ومن رضي بقتل إخوانه؟ فهذا سلاح كل مسلم عليه أن يحد شفرته بالعمل الصالح وقيام الليل ويصوبه فإنه بإذن الله صائب.

الأمر الآخر لا بد من تصحيح العقائد والمفاهيم، وأن نتعلم ونعلّم الأمة حقيقة الولي والعدو والمحب من المبغض ومن يريد الخير للأمة ممن يريد هلاكها فكثير هم من يجهلون عقيدة الشيعة الخبثاء، الذين يعاونون بشار النصيري الباطني وشبيحته لأن هدفهم واحد وعقيدته تجاه المسلمين واحدة، فهم يعتقدون أن المسلمين أنجاس يجب قتلهم وتطهير الأرض منهم، لذلك لا ترق قلوبهم لطفل أو امرأة، فهم يقتلون بوحشية عن اعتقاد.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية أكفر من اليهود والنصاري، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم .."

وهم دائما مع كل عدو!! فتجد النصيرية يتعاونون مع كل عدو يريد الهلاك والخراب للمسلمين وديارهم، وتجد القتل والتدمير والتهديم دون أن يوجد أي تدخل أو استنكار أو حتى شجب من منظمات حقوق الإنسان، وكل من ينتفض لقتل رجل غير مسلم أو حتى منظمات حقوق الحيوان التي تقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل كلب أو هر تم قتله بصورة وحشية، ولكن علينا ألا نعول على هؤلاء، فهؤلاء لا يريدون الخير للمسلمين ولا لبلادهم حكاما ومحكومين ولو سنحت لهم الظروف إبادة الجميع ما ترددوا، الأمر يحتاج إلى وقفة جماعية خاصة من حكام المسلمين ورجوع إلى النبع الصافي من المحكومين ومراجعة الأخلاق والآداب والعقائد والمعاملات، فما تسلط علينا أعداؤنا إلا بتقصيرنا في حق ديننا، كما قال تعالى:

﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾. وكما قال النبي صلي الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ".

فعندما تملك حب الدنيا القلوب ضلت العقول والأفهام فتسلط الأعداء.

والتغيير ليس بعيدا ولكن لا بد من الاستباق كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ فإذا غيرنا حالنا إلى الصلاح غير الله ما حل بنا من مصائب وفساد وأوجاع.

وأخيرا فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم". فبين لنا النبي صلي الله عليه وسلم المخرج من تسلط أعداء الله تعالى: "الجهاد"، وهذا لا يستطيعه أفراد، بل يحتاج إلى وقفة واحدة من جيوش المسلمين، ومراجعة الدين اعتقادا ومنهجا وعملا على وفق منهج أهل السنة والجماعة، وهذه يستطيع أن يقوم بها الجميع، فلا تفرط في المقدور وتظل حالم في غير المقدور، نسأل الله تعالى أن يفرج كرب أمتنا، ويردنا إلى دينه ردا جميلا. والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة