الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

ثلاثية القرظي والعقوبة في الدنيا

ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به

ثلاثية القرظي والعقوبة في الدنيا
علي حاتم
الثلاثاء ٣١ مايو ٢٠١٦ - ١٤:٢٩ م
1159

ثلاثية القرظي والعقوبة في الدنيا

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أورد ابن كثير رحمه الله في تفسيره لسورة فاطر قوله محمد بن كعب القرظي رحمه الله: «ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به: مَن مكر أو بغى أو نكل، وتصديقها في كتاب الله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}، {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}».

أما عن الخصلة الأولى وهي المكر السيء فقد قرنه الله عز وجل بالاستكبار في الأرض فقال: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ}، ومعناه أنهم أنفسهم استكبروا عن اتباع آيات الله ولم يكتفوا بذللك بل مكروا بالناس فصدوهم عن سبيل الله فكانت العاقبة المشينة حيث قال عز وجل: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، اي إنما وبال ذلك المكر لا يعود إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم.

وأما عن الخصلة الثانية وهي البغي فقد قال عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}، وجاءت هذه الآية في سورة يونس في سياق الحديث عن أولئك الذين يسيرهم الله عز وجل في البحر فيحفظهم بحفظه ويكلؤهم برعايته وحراسته {إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا}، أي بينهما هم كذلك يسيرون مطمئنين فرحين {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي ظنوا أنهم هلكوا {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي أنهم أفردوه بالعبادة فالدعاء هو العبادة كما قال صلى الله عليه وسلم، ولم يشركوا معه أحدا {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ} أي من هذه الحال {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} أي من المطيعين لك الذين يفردونك بالعابدة والتوحيد ويخلصون لك بالدعاء، قال عز وجل: {فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ} أي من تلك الكارثة {إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} أي كأن لم يحدث لهم شيء {كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ}، ثم قال عز وجل موضحا عاقبة ذلك البغي: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} أي إن عاقبة هذا تعود عليكم أنتم، تذوقون ضرره ووباله وحدكم ولا يعود على غيركم.

واستدل ابن كثير في هذا الموضع بالحديث: «ما من ذنب أجدر من أين يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم».

وأما الخصلة الثالث وهي نكث لعهد، فذلك قوله عز وجل: { فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}، والآية في سورة الفتح نزلت يوم بيعة الرضوان، ولكن العبرة ليست بخصوص السبب بل بعموم النص، فكل من عاهد الله عهدا وجب عليه الوفاء به، قال عز وجل: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، أما من نكث فإنما ينكث على نفسه حيث وبال ذلك على الناكث وحده، والله عز وجل غني عنه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة