الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

دِيناً قِيَماً

لم تُغلق المساجد، ولم يُنَسخ القرآن، ولم يُرفع عنك التكليف، أمامك الفرصة سانحة فاغتنمها

دِيناً قِيَماً
جمال فتح الله
الأربعاء ٢٠ يوليو ٢٠١٦ - ١٤:٢٤ م
1155

دِيناً قِيَماً

كتبه/ جمال فتح الله

الحمد لله الذى أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضىَ لنا الاسلامَ ديناً، وأشهد أن لا إله إلا الله المتفرد بالخلقِ والرزقِ،

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أعلم الخلق بربه وأفضل من عَبَد الله، صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم.

                   قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)

         وقال الله تعالى: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

فى الأية الأولى: بين اللهُ عزوجل أنه أكمل لنا الدين بكل شرائعة العظيمة والمتنوعة التي تعبد بها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "صَلّوا كما رأيتموني أُصلي"، وقال: "خذوا عني مناسككم"، هذه العبادات نعمة عظيمة من الله علينا وتستحق الشكر لمن عَقِلها ووُفِّق إلى أدائِها كما أداها النبى صلى الله عليه وسلم، فالحمد لله الذي رضيَ لنا الإسلام ديناً. ونحن نرضى به ونشكره على هذه النعمة العظيمة، "وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ".

فى الأية الثانية :اهتداء النبى صلى الله عليه وسلم إلى الصراط المستقيم "دِينَاً قِيمَاً" إلى "مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا"، مائلاً إلى الحق، بعيداً عن الشرك متبرئاً منه ومن أهله، داعياً إلى التوحيد، وجميع الأنبياء، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).

والعبادة لله تقوم على الحب الخالص لله مع الذل الكامل له، مر شهر رمضان سريعاً وانتهى، تماماً مثل سوق أُقيم ثم انفض، ربحَ فيه من ربح وخسرَ فيه من خسر، لكن المسلم لا ينسى أبداً أنه يعتنق دِيناً قيماً، لا تنتهى العبادات  إلا بالموت، فعندنا من العبادات القيمة، من صلاة، خمس صلوات فى اليوم والليلة يمحو الله بها الخطايا، ومن صيام نوافل، قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان  كصيام الدهر"، وسئل  صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الإثنين فقال: "ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بُعثت أو أُنزل علىَ فيه". وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الإثنين والخميس، وقال أبوالدرداء أوصانى حبيبى صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى وبأن لا أنام حتى أُوتر. والأفضل من الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر العربي، الذى يجب أن نؤرخ به جميعاً.

وعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل".

بهذا الالتزام بالسنن عن النبى صلى الله عليه وسلم لا ينتهى الصيام ولا القيام ولا قراءة القرآن، فالإسلام هو إسلام النفس كلها لله؛ أن يكون كيان الانسان متوجهاً إلى اللهِ، "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ".

فالإنسان لم يُخلق لمجرد أن يأكل ويشرب ويلهو ويلعب ثم بعد ذلك يموت، وإنما خُلق لغاية أسمى؛ فالمؤمن يعيش ليعبد الله وحده، ويقرِّرُالقرآنُ هذه الحقيقة بوضوح وجلاء، حين يَذكر الغاية من خلق الجن والإنس، قال تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ". لأن العبادة سبيل إصلاح المجتمع، فهي شاملة لكلِ أوجه الإصلاح الفردي والاجتماعي. والعبادة تحرر المؤمن من الخضوعِ لغير الله، حقاً "دِيناً قِيماً".

فالعبادات فى الاسلام تنظم علاقة الفرد بربه، وتظهر عبوديته لله تعالى، فهي حقُ خالص لله تعالى على عِبادِهِ، وهي بمجموعها تقوي الإيمان وترسخه، والعملُ الصالح في الاسلامِ هو ثمرة الإيمان بالله واليوم الآخر، وهو التطبيق العملي للإيمان، والمتابعة الصادقة للنبي صلى الله عليه وسلم.

والعملُ الصالح المرتكز على الإيمانِ هو الذي يؤهل للحياةِ الطيبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

ففي هذه الأية تُقَرّر القواعد الآتيه:

أن العمل الصالح لابُد له من قاعدةِ يرتكز عليها وهي الإيمان، والإيمان والعمل الصالح جزاؤه الحياة الطيبة، والحياة الطيبة في الدنيا لا تنقص أجر الآخرة، والأجر في الآخرة على أحسن ما عمل المؤمنون العاملون في الدنيا؛ فالله يتجاوز عن سيئاتِهم .

قال ابن كثير: الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت، وقال ابن عباس رضى الله عنه: هي الرزق الحلال الطيب، وقال الضحاك: هي الرزق الحلال والعبادة فى الدنيا.

فإذا كان المسلمون تنعّموا وتلذذوا بالعبادة في شهر الصيام، من عبادات متنوعة من صيام وقيام وقراءة قرآن؛ فهل يليق بهم بعد رمضان أن يتهاونوا في أي طاعة؟! لا يمكن هذا لمسلم ذاق طعمَ الايمان وحلاوة الطاعة وأراد الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.

وكان صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته، وكان عمله صلى الله عليه وسلم دِيمَة، وقال صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى اللهِ أدومُها وإن قل".

نقول -وبكل فخر- : "دِينَاً قِيَماً"، عبادات لم تنتهِ، بل يزداد فيها المسلم، كما قيل: من ذاق عرف، ومن عرف اغترف.

ومن رحمة الله علينا تنوع العبادات، فدونك شهر شوال، صم كما صام صلى الله عليه وسلم، وقم كما قام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، فهل تورمت قدما أحدِنا؟.

لم تُغلق المساجد، ولم يُنَسخ القرآن، ولم يُرفع عنك التكليف، أمامك الفرصة سانحة فاغتنمها، وطالما مازال النفس يدخل ويخرج، فاحمد الله على الحياة .

قال إسحاق بن ابراهيم: سمعت الفضيل يقول: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل كبلتك خطيئتك، وقال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله: رجل يطلب العلم لا يكون له ورد بالليل؟!، أي من القيام.

واعلم أن أسعد الخلق أعظمهم عبودية لله.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

ربما يهمك أيضاً

نطهر صيامنا (2)
72 ١٢ مارس ٢٠٢٤
نطهر صيامنا (1)
66 ٠٤ مارس ٢٠٢٤
إنما الحلم بالتحلم (1)
47 ٣١ يناير ٢٠٢٤
لا تحمل همًّا!
102 ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٣
محطات تطهير!
97 ١٩ يونيو ٢٠٢٣