الهدهد الرشيد والعصفور الطريد

الهدهد الرشيد والعصفور الطريد

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تفضل الله على نبيه سليمان عليه السلام فعلّمه منطق الطير وآتاه من كل شيء، ولقد توسل سليمان النبي إلى ربه أن يمن عليه بشكر نعمته عليه وعلى والديه وأن يعمل صالحا يرضي ربَّه عز وجل، ولما تفقد الطير لم يجد من بينهم الهدهد، فتوعده بالعذاب الشديد أو الذبح إن لم يأتِ بحجة مبينة تبرر غيابه، فلما حضر الهدهد أخبر نبي الله عن سبب غيابه والذي كان خافيا على سليمان عليه السلام، وهو أن ملكة سبأ التي تتربع على عرشها العظيم والتي أوتيت من كل شيء تسجد هي وقومها للشمس من دون الله وقد زين لهم الشيطان أعمالهم وصدهم عن سبيل الحق فابتعدوا عن الهداية وعاشوا في ضلال مبين.

هذا سبب غياب الهدهد عن طابور العرض الذي تفقد فيه سليمان الطير، ويُلاحظ في طرح الهدهد لسبب غيابه غيرته الشديد على عقيدة التوحيد واستنكاره لسجود الملكة وقومها للشمس من دون الله الذي ينبغي ألا يسجد أحد من الخلق إلا له، فهو الذي يخرج الخبء في السموات والأرض، يعلم ما تخفون وما تعلنون، لا إله إلا هو رب العرش العظيم.

هذا حال هدهد سليمان الرشيد، أما في زماننا هذا فلدينا عصفور طريد، أعمته ثقافته الضحلة وحياته وسط شيوخ الضلال والفسق ومن خلال بطون الكتب الممتلئة بالكذب والجهالات والبعد عن سبيل الهداية والرشاد، فخرج علينا يدعو إلى حذف بعض آيات من كتاب الله، وادَّعى في ذلك حرصه على الشباب من الوقوع في أفكار "داعش" المتطرفة وما يترتب عليها من تخريب البلاد وسفك دماء العباد.

وما كان ما دعوتَ إليه -أيها العصفور الطريد- هو ثمرة ثقافتك عبر سنيّ عمرك، فبئست الثقافة، لقد أفنيتَ عمرك فيما لا طائل من ورائه إلا الندم ما لم تتب إلى الله وترجع إليه وتهتدي بهديه وتتثقف من جيد على شرعه من خلال كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

أيها العصفور الضال، كتابُ الله عز وجل تكفل الله بحفظه عبر قرون طويلة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، وهو ليس محفوظا في أوراق المصاحف فقط -والتي تملأ الدنيا- بل هو محفوظ في صدور كثير من المسلمين في كل الدنيا ذكورا وإناثا صغارا وكبارا، فقد قال عز وجل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون}، ونحن لذلك نسألك: أي مصحف تريد أن ترفع منه بعض الآيات؟

يا له من جهل مطبق هو ثمرة ثقافة ضحلة، نحن ننصحك أن تسارع بتقيؤها واستبدالها بما ينفعك في الدنيا والآخرة.

إنك -على الأرجح- تعلم أن أحدا لن يستجيب إلى دعوتك، ولكنه استعراض خبيث منك، الغرض منه الشهرة وحب الظهور كما تعود الناس منك كلما سكت صوتُك وتجاهلك الناس.

ونحن نتساءل: لحساب من كانت هذه الدعوة؟ وكم هو ثمنها؟ وهل هذه الدعوة تدخل أيضا في مسلسل بث الفتنة وزعزعة استقرار البلاد والذي اتخذ في الآونة الأخيرة مسالك عديدة وسلك دروبا متنوعة؟.

وإذا كنتَ قلقا على الشباب وعلى مصر من أفكار "داعش" المتطرفة فالمصريون والمسلمون في كل مكان قادرون بإذن الله على التخلص منهم ومن أفكارهم مثلما حدث مع أجدادهم لما ظهروا وكثروا أيام الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأظنك ربما تعلم ذلك، وما قرأنا وما علمنا أن أحدا في زمان أمير المؤمنين دعاه أو نصحه بحذف بعض آيات من كتاب الله حتى لا يستغلها الخوارج في بث أفكارهم المتطرفة.

وتخيَّل -أيها العصفور الضال- لو كنتَ موجودا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ودعوتَ بهذه الدعوة، تُرى ما الذي كان سيفعله بك؟

لقد كان هدهد سليمان سببا في نشر عقيدة التوحيد على أرض سبأ الطيبة، وأنت تريد أن تكون سببا في نشر الإلحاد والكفر والضلال على أرض مصر أرض الكنانة.

أقول لك ولأمثالك: خبتم وخاب مسعاكم، وتبوأتم من النار مقعدا لو لم ترجعوا إلى ربكم وتثوبوا إلى رشدكم وتتطهروا من ثقافتكم الضحلة وأفكاركم الضالة.

واعلموا أن باب التوبة مفتوح على مصراعيه بحمد الله، فأسرعوا بإعلان توبتكم وعودتكم إلى سبيل الهدى والرشاد قبل فوات الأوان.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com