السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

"الهلالي" والانسلاخ من الدين

الأمر يحتاج إلى قرار جريء

"الهلالي" والانسلاخ من الدين
علي حاتم
الثلاثاء ٣٠ أغسطس ٢٠١٦ - ١٤:٤٥ م
1930

"الهلالي" والانسلاخ من الدين

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إنه رجل يعمل أستاذا للفقه في جامعة الأزهر، وتستضيفه بعض القنوات الفضائية المشبوهة التي تعمل بتوجيه وتميل لبث الفتن وزعزعة الاستقرار في المجتمع، والرجل يؤدي مهمته في ذلك بأكثر مما يطلبون منه، مما ينعكس على وجوه مقدمي البرامج بالاستبشار والسرور، والرجل بلا شك قد تعلَّم ويا ليته ما فعل فإن من العلم ما سيكون وبالا على صاحبه يوم العرض على رب العباد عز وجل.

الرجل يعلِّم تلاميذه ومستمعيه أن من حق المسلم أن يختار من أقوال الفقهاء الشاذ والضعيف، وذلك ليوافق هواه ويترك الراجح عند الفقهاء والعلماء والذي يثبت بالأدلة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة الهدى والدين، أي أنه في النهاية يقيم دينه ودين من يستمع إليه ويطيعه على ألَّا دين.

ثم فاجأنا "الهلالي" في آخر تخاريفه بالتأكيد على أن المسلم يكفيه من الشهادتين أن يشهد أن لا إله إلا الله فقط ويترك الشق الثاني الذي يُثبت الرسالة لخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.

وهذا الكلام في الحقيقة دعوة صريحة إلى الانسلاخ من الدين بالكلية بإلغاء اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فالدين كما هو معلوم توحيد واتباع وتزكية.

وترك اتباع النبي صلى الله عليه وسلم معناه ترك طاعة الله عز وجل الذي قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}.

ومعناه أيضا ترك تبيين النبي صلى الله عليه وسلم للأمة كيف تطيع ربها وتعبده وحده لا شريك له وكيف تفهم مراد الله عز وجل من آيات كتابه الكريم فقد قال عز من قائل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون}.

والمسلمون منذ عهد الصحابة تعلموا منه صلى الله عليه وسلم كيف تكون الصلاة وما هي مقادير الزكاة وكيف يكون الحج إلى بيت الله الحرام، وغير ذلك مما امتلأت به سنته صلى الله عليه وسلم.

ولا شك أن الذي ينكر بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعو إلى عدم اتباعه كافر مرتد عن دين الإسلام.

وسأترك الخوض في الحكم على هذا الرجل للعلماء من أهل السنة والجماعة.

غير أني سأحاول أن ألقي الضوء على ما يمكن أن يكون قد قصده هذا الرجل الغريب وهو واحد من اثنين:

إما أنه أراد أن يعالج التطرف في الدين الذي يقوده الآن أحفاد الخوارج، فوقع فيما هو أشد منه وهو الانسلاخ من الدين بالكلية، وذلك بالدعوة إلى النطق بشق واحد من شقي شهادة التوحيد على أن هذا يكفي للفرد -بزعمه- أن يكون مسلما.

شاء هذا الرجل أو أبى، وشاء المعجبون به أو أبو، فلا دين ولا نجاة من الموقف يوم العرض الأكبر إلا لمن نطق بالشهادتين كاملتين باللسان وصدَّق بالجنان، كما أنه لا طاعة لله إلا بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال عز وجل: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}، فلا أحد يمكنه أن يدّعي أنه مطيع لله وهو في نفس الوقت منكر لرسوله وغير متبع له صلى الله عليه وسلم، والعكس بالعكس، والله عز وجل قد وصف من يعصي اللهَ ورسولَه بالتولي، كما أنه لن يطأ الجنة إلا من قال الله عنهم: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}.

الأمر الثاني الذي يمكن أن نفهمه من كلام هذا المدعي للعلم هو أنه ربما يكون قد انخدع عن عمد أو أراد أن يخدع أتباعه ومستمعيه بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه من الإيمان ما يزن بُرّة أو شعيرة».

وهذا المخادع يعلم بالتأكيد أن هذا الأمر يتعلق بعُصاة الموحّدين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم ومن غيرهم من أمم الأنبياء، والشق الثاني معلوم بالبداهة، فالذي قدر الله أن يعذبه في طبقات النار العليا من أمة نوح مثلا يشهد أن لا إله إلا الله وأن نوحا رسول الله، والآخر من أمة الخليل إبراهيم يشهد أن لا إله إلا الله وأن إبراهيم رسول الله، وهكذا حتى نصل إلى عصاة الموحدين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم بإبهام الشق الثاني من شهادة التوحيد في هذا الحديث لأنه معلوم لكل مسلم موحد بالله متبع لرسوله الذي أرسله الله إليه.

إن هذا الرجل هو في الحقيقة أحد عناصر بث الفتن والقلاقل داخل المجتمع.

ولقد التقيتُ بأحد تلاميذه، ولما عرفتُ أنه أستاذ له وقد قال هذه الكلمة لي بإضافة كلمة (مع الأسف) مؤكدا على أن معظم تلاميذه بالجامعة يضيقون به ذرعا من هذا الانحراف في عقيدته وفي منهجه لكن الأمر يتعلق -كما يقول تلميذه- بحالة الاضطرار.

وأنا أتساءل: كيف يُبقي الأزهرُ على هذا الرجل معلِّما؟!

أليس هناك خوف على الدارسين من أبناء الأمة؟!

إن الأمر يحتاج إلى قرار جريء.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة