الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين

أكد القرآن وقصر الولاء على مستحقيه فقط

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين
علي حاتم
السبت ٠٥ نوفمبر ٢٠١٦ - ١٥:٠٦ م
1097

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين

كتبه/ علي حاتم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

إن هذه الآية الكريمة بل والسورة التي نزلت فيها من أعظم السور التي وردت في كتاب الله الكريم، والتي وصفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنها براءة من الشرك.

والعجيب أن أدعياء العلم والمُلبِّسين على الناس دينهم، وكذلك المروجين للزيف والضلال عبر أجهزة الإعلام، يستخدمون هذه الآية للتدليل على أن الإسلام يدعو إلى حرية التعبير وحرية الفكر، بل وحرية اعتناق الإنسان للدين الذي يريده ويرغب فيه سواء كان اليهودية أو النصرانية، وغرضهم في الترويج لذلك إظهار الإسلام بأنه دين المحبة والإخاء والمساواة بين الناس، وغير ذلك من المصطلحات التي تطمس معنى الولاء والبراء عند المسلمين.

والحقيقة أن الآية المذكورة تدل على عكس ذلك تمامًا؛ فهي آية البراءة من الشرك والمشركين، ولا تدل -بأي حال من الأحوال- على أي معنى من المعاني التي يذكرها هؤلاء، والذي فسَّر هذه الآية ووصف السورة التي نزلت فيها بأنها (براءة من الشرك) هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفسه الذي أنزل الله عليه القرآن، وعلَّمه مقاصد كل آية فيه ومدلولاتها ومعانيها.

والمرء يتساءل: هل بعد تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم من تفسير؟! وهل بعد بيانه من بيان؟! وهل بعد علمه من علم؟! وهل بعد فهمه من فهم؟!

وقد روى الترمذي وغيره عن فَروَة بن نوفل عن أبيه -رضي الله عنه- أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، علِّمني شيئا أقوله إذا أويتُ إلى فراشي. قال: «اقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُون} فإنها براءة من الشرك». [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي].

يقول ابن كثير -رحمه الله-: إنها سورة البراءة من العمل الذي عليه المشركون. وقال: إنها تشمل كل كافر على وجه الأرض.

وذكر الشنقيطي -رحمه الله- أن هذه الآية نظير ما جاء في سورة يونس: {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}، ونظير قوله -عزّ وجلّ- في سورة القصص: {لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}.

أقول لأدعياء العلم الملبِّسين على الناس دينهم: أنتم تريدون طمس عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين ومجاملة ملة أعداء الإسلام على حساب الإسلام، في الوقت الذي تتغافلون فيه عن محاربتهم للإسلام والمسلمين في كل وقت بجرأة ووقاحة ليس لهما نظير.

وقد أكد القرآن وقصر الولاء على مستحقيه فقط، فقال عز وجل: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا}، يقول ابن كثير: «أي ليس اليهود بأوليائكم بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين».

وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: «من أسلم فقد تولى اللهَ ورسولَه والذين آمنوا».

وأسألُ أدعياء العلم: هل يعقل في سورة البراءة من الشرك بعد أن علَّم اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}، هل يعقل بعد ذلك أن يعلمه أن يقول لهم على سبيل التخيير وحرية اعتناق الدين الذي يريدونه ويرغبونه {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}؟! إنه أمر عجيب حقًا!!

هذا ولفظ الدين في القرآن ورد في العديد من الآيات بعدة معانٍ، من بينها ما يتناسب مع الآية المشار إليها كما يقول المفسرون: «الإسلام، والتوحيد، والجزاء، والملَّة» وغيرها. فيكون المعنى بعد تبرّؤ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من شرك المشركين وكفرهم: لكم شرككم ولي إسلامي، أو: لكم شرككم ولي توحيدي، أو: لكم جزاؤكم -أي: النار-، ولي جزائي -أي: الفردوس الأعلى في الجنة-، أو: لكم ملَّتكم ولي ملَّتي.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة