الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

القليل كثير

فعلى المسلم والمسلمة أن يسعيا للنجاح والتقَدُّم

القليل كثير
أسامة شحادة
الاثنين ١٧ أبريل ٢٠١٧ - ١٣:٢٣ م
961

القليل كثير

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

في تعاملنا مع الله -عزّ وجلّ- لا يوجد شيء صغير أو غير مهم، بل إن الله -عزّ وجلّ- يقبل الصغير والقليل "فمَن يعمل مثقال ذَرَّةٍ خيرًا يرَه" (الزلزلة: 7)، وفي السُنّة النبوية أحاديث متعددة، منها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سبق درهم مائة ألف درهم" رواه الحاكم وهو صحيح، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "يا نساء المسلمات، لا تَحقرنَّ جارة لجارتها، ولو فِرسِن شاة" متفق عليه، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا النار ولو بشقّ تمرة" متفق عليه.

 

فإذًا الإسلام يحثّ على عمل الخير، مهما كان مقداره قليلًا أو صغيرًا؛ وهذا لأن الله عز وجل يضع البركة في العمل الصحيح ويجعله ذا أبعاد كبيرة، فهذه نملة تنقذ أمتها بنصيحة فخَلَّدَها اللهُ -عزّ وجلّ- في القرآن الكريم، وهذا الحباب بن المنذر يبادر ليقترح على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُغَيّر موقع جيش المسلمين في بدر، فيستجيب له -عليه الصلاة والسلام- وتكون مشورته من أسباب تحقق النصر.

 

 وواقعنا يشهد بالعديد من الأمثلة على عظم النتائج الإيجابية لأعمالٍ وأقوالٍ قد نظنّها بسيطة ولا قيمة لها تُذْكَر، فمن أمثلة ذلك سيرة الشيخ الألباني -رحمه الله- وكيف أنه -بتوفيق الله عزّ وجلّ وفي سنوات معدودة- أحيا علم الحديث وأصبح تيارًا عامًا عند طلبة العلم في أرجاء العالم ومن مختلف المدارس الشرعية.

 

وأيضا لو تأملنا جهد رجل مثل د. عبد الرحمن السميط -رحمه الله- وكيف بجهد بسيط تمكن من نشر الإسلام بين أكثر من 10 ملايين إنسان، فضلًا عنه قيادته لكثير من حملات الإغاثة التي استفاد منها عشرات الملايين من المحتاجين والمرضى والجوعى.

 

هذان مثالان لجهود أفراد عاديين، ليسوا زعماء ورؤساء، ولا أثرياء ولا أغنياء، ولا قادة جماعات وحركات، بل هو جهد فردي لإنسان مثلنا، لكنه حدَّد مشروعَه وهدفَه مبكرا، وركز جهده عليه ومنحه وقته وقوته وطاقته، وبارك الله في ذلك كله.

 

وكلنا يعرف قصص نجاح وتفوق للكثير من الذين كانوا من بسطاء الناس ولكنهم أصبحوا من القادة أو العلماء أو الأغنياء أو المؤثِّرين، وذلك بسبب أنهم قاموا بعمل وجهد وحركة صحيحة، وواصلوا ذلك حتى وفَّقَهم الله -عزّ وجلّ- وعلا شأنُهم وارتفع ذِكْرُهم.

 

وحين سُئِل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن خير الأعمال، قال: "أدْوَمها وإن قَلّ" رواه البخاري، فما نحتاجه اليوم للنجاح على الصعيد الشخصي والصعيد المجتمعي هو الاستمرار على القيام بالأعمال الإيجابية، ولو كانت بمقدار بسيط.

 

وهذه القاعدة تضمن النجاح في الدنيا والآخرة؛ فمن يمارس الرياضة مثلًا بشكل مستمر ولو لمدة قليلة فهو أكثر حيوية وصحة من غيره، والطالب الذي يذاكر بشكل مستمر ولو لوقت غير طويل هو متفوق في دراسته، والمجتمع الذي يحرص على إلقاء القمامة في المكان المخصص والوقت المحدد لن يحتاج لجهود ضخمة وميزانية هائلة للحفاظ على النظافة العامة، وهكذا؛ كل من داوم على عمل صحيح وسليم فهو أفضل من غيره ولو كان يفعل ذلك لوقت أو بمقدار بسيط وقليل.

 

فعلى المسلم والمسلمة أن يسعيا للنجاح والتقَدُّم -على الصعيدين الشخصي والعام- بالحرص على التزام الأعمال الإيجابية من الطاعات، وعمل الخير بشكل دائم ومستمر، ولو كان بسيطًا؛ وهو الأمر الذي سينعكس على حياتهما الشخصية بالسعادة والراحة، وعلى مجتمعهما ومحيطهما بالنهضة والقوة، وأيضا سيكون بوابة الدخول لجَنَّة الله ونَيل رضوانه.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً