لا
تتعلم!
كتبه/
جمال فتح الله عبد الهادي
الحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمَن تدبر شريعتنا
الغراء وتمعن في مقاصدها الشريفة وجد عجبًا؛ حافظتْ على الأنفس، والدين، والأموال،
والعقول، وصانت الأنساب، وإذا أمر الله -عز وجل- بأمرٍ نهى عن ضده، وكذلك النبي
-صلى الله عليه وسلم-.
وعلى المسلم العاقل
أن يتعلم ما ينفعه في دينه ودنياه، وإذا تزاحما؛ فليقدِّم الآخرة -أي أمر الدين-،
ويجب ألا يتعلم المحرمات، ولا الضار بالدين والدنيا، والآخرين، وإذا أراد أن يعرف
الشر؛ فليكن مِن باب: "عرفتُ الشر لا للشر، ولكن لتوقيه".
لذا أنصح
نفسي والقراء الكرام بعدم تعلـُّم الأشياء الآتية:
- لا
تتعلم الغيبة: قال الله -تعالى-: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ
يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ) (الحجرات:12)، ففي هذه الآية نهى الله -عز وجل- عن الغيبة، وأكل لحوم الناس، والسلامة لا
يعدلها شيء.
- لا
تتعلم النميمة: قال الله -تعالى-: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (القلم:11)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ) (رواه مسلم). فهذا جزاء النمام.
- لا
تتعلم الكذب:
قال الله -تعالى-: (مَا يَلْفِظُ مِنْ
قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق:18)، وقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: (وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ،
فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى
النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى
يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا) (متفق عليه). فالكذب مِن صفات
المنافقين.
- لا تتعلم
شهادة الزور: قال الله -تعالى-: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) (الحج:30)، وقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ
الْكَبَائِرِ؟) ثَلَاثًا: (الْإِشْرَاكُ بِاللهِ،
وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ -أَوْ قَوْلُ الزُّورِ-).
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ،
فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. (متفق عليه). فهذه الصفة الذميمة مِن أكبر الكبائر.
- لا
تتعلم سب المسلمين وأذيتهم: قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)
(الأحزاب:58)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالفُسُوقِ، وَلاَ يَرْمِيهِ
بِالكُفْرِ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ)
(رواه البخاري). فهذا نهي عن إيذاء المسلمين وعدم رميهم بالكفر، وإلا ردت
عليه.
- لا
تتعلم التباغض والتقاطع: قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا
تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَقَاطَعُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ
إِخْوَانًا) (متفق عليه).
وقد نهى النبي -صلى
الله عليه وسلم- عن هذه الصفات الذميمة؛ ليكون المجتمع المسلم متماسكًا كالجسد
الواحد، وبينه روابط قوية.
- لا
تتعلم احتقار المسلمين: قال الله -تعالى-:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ
مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ
عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا
تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) (الحجرات:11)، وقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ
أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ) (رواه مسلم).
- لا
تتعلم الغش والخداع: قال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا)
(رواه مسلم). أي ليس مِن هدينا ولا أخلاقنا، ولا مِن صفاتنا. وقال -صلى
الله عليه وسلم-: (مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ، أَوْ
مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) (رواه أبو داود، وصححه الألباني). وهذا نهي عن الإفساد والخديعة.
- لا
تتعلم أكل الربا: قال الله -تعالى-:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ
تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (البقرة:278-279). وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) قِيلَ: يَا رَسُولَ
اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللهِ،
وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ،
وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ،
وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ) (متفق عليه).
- لا
تتعلم النظر إلى المرأة الأجنبية: قال الله -تعالى-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ
إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور:30). وقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: (فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا
النَّظَرُ،) (متفق عليه).
- لا
تتعلم السحر: قال الله -تعالى-: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ
النَّاسَ السِّحْرَ) (البقرة:102)، وقال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ
الْمُوبِقَاتِ) ومنها: (السِّحْرُ).
- لا
تتعلم البدع: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)
(رواه مسلم،
والنسائي واللفظ له)، وقال -صلى الله
عليه وسلم-: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا
لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) (متفق عليه). وقال ابن مسعود
-رضي الله عنه-: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم"، وقال ابن عمر -رضي
الله عنهما-: "كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة!".
إن العمل الذي لم
يشرعه الله -تعالى- لا يؤثر في النفس بالتزكية والتطهير؛ لِخلوهِ مِن مادة التطهير
والتزكية التي يوجدها الله -تعالى- في الأعمال التي يشرعها ويأذن بفعلها.
- لا
تتعلم سُـوء الظن بالمسلمين: قال الله -تعالى-:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا
مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (الحجرات:12)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِيَّاكُمْ
وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ) (متفق عليه).
- لا
تتعلم الغدر: قال الله -تعالى-: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) (الإسراء:34)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لِكُلِّ
غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ
غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ) (رواه مسلم). اللهم عافِنا
والمسلمين مِن كل هذا.
وبعد، فهذه جملة مِن
الصفات والأخلاق الذميمة لا يجوز للمسلم أن يتعلمها؛ بل يتعلم صفات المؤمنين
الصالحين.
والحمد لله رب
العالمين.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com
