الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

شهر ذي القعدة

تتأكد الطاعات والسنن في هذه الأيام، وكذلك يغلظ ويفحش الذنب ويعظم عند الله في هذه الأيام

شهر ذي القعدة
أحمد حمدي
الأحد ٠٦ أغسطس ٢٠١٧ - ١٤:٠٩ م
813

شهر ذي القعدة

كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فشهر "ذي القعدة" أحد أشهر الحج، وكذلك أحد الأشهر الحرم الأربعة، قال الله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ) (البقرة:197)، (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) (التوبة:36)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) (متفق عليه).

وهو المعني في قوله -تعالى-: (وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (الأعراف:142). فالثلاثون ليلة هي: شهر ذي القعدة، والعشر هي: العشر الأول مِن ذي الحجة، وقد كان بعض الصحابة كعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يصوم الأشهر الحرم، وورد في الأثر -وإن كان به ضعف-: "صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ".

وتتأكد الطاعات والسنن في هذه الأيام، وكذلك يغلظ ويفحش الذنب ويعظم عند الله في هذه الأيام، فالله -عز وجل- نهى عن الظلم فيها خصوصًا، قال الله -تعالى-: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (التوبة:36)، فينبغي تجديد التوبة، وترك الذنوب والمعاصي، ومراعاة حرمة الزمان، قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32).

- وشهر "ذي القعدة" حدثتْ فيه غزوة "بني قريظة" في العام الخامس مِن الهجرة عقب غزوة "الأحزاب" مباشرة؛ بسبب خيانة اليهود ونقضهم العهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى-: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (البقرة:100)، فقتلتْ مقاتلتهم وكانوا قرابة ستمائة، وسبيت نساؤهم وذراريهم، وغنمت أموالهم.

- وحدث في هذا الشهر "حصار الطائف" في العام الثامن مِن الهجرة؛ فلما استعصت على النبي -صلى الله عليه وسلم- شهرًا؛ ضربهم بالمنجنيق، وهو ما يعم به الهلاك -فلا يقصد النساء والصبيان-، وكذلك لا يمكن التمييز بينهم وبيْن الرجال المحاربين.

- وكذلك حدث في هذا الشهر "صلح الحديبية" في العام السادس مِن الهجرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قادم للعمرة مع 1400 مِن الصحابة، فأرسل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لقريشٍ، فشاع خبر مقتل عثمان؛ فبايعه 1400 تحت الشجرة على الموت، وسميتْ "بيعة الرضوان"، ونزل فيها "سورة الفتح"، ثم تبيَّن عدم مقتل عثمان؛ فراسلت قريش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكرز بن حفص، وعروة بن مسعود، وسهيل بن عمرو.

وحدثتْ مفاوضات على أن يتم الصلح عشر سنين، ويتحلل النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن إحرامه هذا العام، ويرجع ويعود لعمرة القضية في العام القادم، وتم التوافق على بعض الشروط الجائرة؛ منها: مَن أتى مِن قريشٍ مسلمًا يرده النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فرد النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا جندل وأبا بصير.

ولهذا الصلح فوائد ودروس عظيمة ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "زاد المعاد"، وهو درس عظيم في السياسة الشرعية، وفقه المآلات، والمصالح والمفاسد، وبُعد النظر، وعدم الانجرار وراء العاطفة، والتسرع، وأحكام كثيرة في المعاهدات والاتفاقيات.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً

آداب العمل الجماعي -3
621 ٣٠ أبريل ٢٠٢٠
رمضان في ظروف خاصة!
781 ٢٧ أبريل ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -2
612 ٢٢ مارس ٢٠٢٠
فضل العمل الجماعي -1
930 ١٩ مارس ٢٠٢٠
الطموح -2
621 ١٠ مارس ٢٠٢٠
الطموح (1)
677 ٢٧ فبراير ٢٠٢٠