بناء الإنسان أساس النهضة
كتبه / مصطفى خطاب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ، صلى الله عليه
وسلم .. وبعد ..
فمن أول الدروس التي نتعلمها من السيرة النبوية هو
أن بناء الإنسان هو أهم أولويات القيادة ، وهو ما تمثل في مواقف عديدة مرت في السيرة
النبوية بما يوحى أنها كانت من الأولويات والأهداف التي كانت تحرص القيادة النبوية
على تحقيقها باستمرار.
و يمكن ملاحظة ذلك الأمر بوضوح في هجرة النبي صلى
الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، فبمجرد الوصول إلى المدينة كان أول ما بدأ به
هو بناء المسجد ؛ ليكون منارة العلم ورمز الدولة في المدينة ، ومدرسة يتخرج فيها قادة
الأمة ، ويتعلمون فيها قواعد وأصول الدين والحضارة ، وبه تتهذب النفوس وتزكو.
و هذا يوضح بجلاء أهمية التعليم في إدارة المجتمعات
، وأنه لابد أن يكون من أولى أولويات القائد ، فإننا نجد أن النبي صلى الله عليم وسلم
في كثير من المواقف والأحداث دائمًا ما يحض على طلب العلم والترغيب فيه ، وليس المقصود
العلم الشرعي وحسب – على شرفه وأهميته - و لكن العلم بكافة أنواعه التي تساعد على نهضة
المجتمع ؛ كما حدث في فداء بعض أسارى بدر ، وطلبه صلى الله عليه وسلم من زيد أن يتعلم
لغة اليهود ، وغيرها من المواقف والأحداث التي تمتلئ بها كتب السيرة.
وهذا الأمر يشعرنا بمدى الإدراك لأهمية التعليم ،
ولكن بالنظر إلى وضعنا الحالي وإلى الإحصائيات المتعلقة بالتعليم في بلادنا ؛ نكتشف
أن التعليم تراجع الاهتمام به فعليًّا ، وإن تم التصريح بخلاف ذلك ؛ فليست العبرة بالتصريحات
، لكن بالفعل والتطبيق .
فطبقا لما تشير إليه الإحصائيات المتعلقة بالتعليم
نكتشف أن عدد الأميين في بلادنا يصل إلى 18.4 مليون فرد ، وهو ما يمثل 26% تقريبًا
من عدد السكان ، وأن حجم الإنفاق على التعليم لا يمثل 4% من إجمالي الناتج القومي ،
وأن المخصصات المالية للتعليم في مصر في تناقصٍ حقيقي مستمر في السنوات الأخيرة ، وهو
أمر مفزع حقيقة ؛ لأنه يوضح مدى الأزمة التي نعيشها ، وأن التعليم ليس على رأس أولويات
المسئولين.
فلقد أصبح من البديهيات أن أي أمة تريد لنفسها التنمية
والنهوض والتقدم فإنها تهتم بالتعليم اهتمامًا خاصًّا ، فليست تجارب دول مثل ماليزيا
وكوريا الجنوبية واليابان وألمانيا وغيرها من البلدان منا ببعيد ؛ حيث كان التعليم
هو أحد أركان دعائم التنمية والنهضة .
فإن أردنا لأمتنا نهضة حقيقة فإن الأمر يستلزم منا
العمل بجد وتفان في ملف التعليم ووضعه في مكانه اللائق حقيقة ، وليس شعارًا ليس له
في الواقع أي صدى .
فبناء الإنسان أولى وأهم من تشييد البنيان ؛ فالبنيان
الذي لا يتولى تخطيطه وإدارته أجيال ذات وعي وإدراك ومهارات متميزة ؛ فلن يتمكن من
إتمام وإنجاز مستديم يستمر ، ولكن سيكون عملًا على إهدار الطاقات والموارد باستمرار
، ولن تتحقق الأهداف !!
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com