الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

عضَّ رجلٌ كلبًا... هو الإعلام!

الوعي والعلم والفهم سلاحنا لمقاومة الحروب: \"الفكرية، والسياسية، والإعلامية، والعسكرية\" على ديننا وأمتنا، وخيراتنا وأرواحنا

عضَّ رجلٌ كلبًا... هو الإعلام!
أسامة شحادة
الثلاثاء ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧ - ١٦:٤٢ م
1129

عضَّ رجلٌ كلبًا... هو الإعلام!

كتبه/ أسامة شحادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأول ما يتعلمه طلبة كليات الإعلام والصحافة أن الخبر الصحفي يشرحه المثال التالي: "إذا عضّ كلبٌ رجلًا؛ هذا ليس خبرًا، أمّا إذا عضّ رجلٌ كلبًا؛ فهذا هو الخبر!".

لا يُعرف بالضبط مَن صاحب هذه الفكرة، لكنها تنحصر بيْن ثلاثة صحفيين غربيين قبْل 100 عام، همْ: ألفريد هارمسورث (1865-1922)، وجون بوجارت (1848-1921)، وتشارلز دان (1819-1897)، والذين كانوا منخرطين فيما يُعرف بصحافة (التابلويد)، وهي صحف صغيرة الحجم تعتمد على العناوين الفضائحية، وهو السائد لليوم في غالبية الإعلام العربي، والذي يركِّز على الهزائم، والشرور والجرائم، ويهمل الجوانب الإيجابية السليمة.

فالإعلام لا يُبرز إلا وقوع الحوادث، وسقوط الطائرات، وقتل بضعة أشخاص، لكن ملايين السيارات والركاب الذين يصلون بسلامة لا يذكرهم الإعلام! ومئات الألوف مِن الطائرات والمسافرين السالمين لا يكترث لهم الإعلام! وملايين المصلّين والصائمين والحجاج ليسوا خبرًا، بينما حفلة راقصة تتصدر الملحق الثقافي!

إذا فهمنا هذه القاعدة الأساسية التي تُحكم مسار الإعلام يمكننا النجاة مِن فخ طوفان الكذب، والتهويل والتضخيم، والتوافه الذي تقصف به عقولنا وقلوبنا صباح مساء! ومِن كل الاتجاهات وعبْر مختلف المنابر، وعلى كافة المستويات!

ومِن أهم ما يجب النجاة منه هو: "فخ الإحباط!".

فإن أهم ما تهدف إليه الهجمات الإعلامية المدبرة زرع الإحباط في قلوبنا وعقولنا، وأننا خسرنا وهزمنا، ولا فائدة مِن المقاومة والممانعة؛ وذلك مِن خلال نشر "الشائعات = القنابل الدخانية"، والتي تمنعك مِن الرؤية الواضحة ونشر "الأكاذيب = القنابل المسيلة للدموع" حتى تنشغل بعلاج حرقة عينك عن مواصلة ما كنت تقوم به مِن قبْل!

فهذه الأخبار الكثيفة والمتواصلة عن الفجور والجرائم، والطعن بأهل الخير والعلماء، والمقالات والبرامج المسمومة التي تهدم ثوابت الدين وأصول الشريعة؛ يُهدف مِن ورائها إيهامك أن الإسلام انتهى، وأن الدعوة الإسلامية والصحوة المباركة قد انتهتْ واضمحلت، وأن الكفر والفحش قد انتصر ودالت له الجولة!

وكل ذلك حتى تنهار نفسيتك وتستسلم لرغبتهم ومطامعهم، كما حدث لما أشيع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قُتل في يوم "أُحد": (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:144).

والوعي بإستراتيجيات التضليل الإعلامي مهم جدًّا، والوعي بالتغيب المقصود والمتعمد للإيجابيات الكبيرة عن الإعلام مهم جدًّا للحفاظ على التوازن النفسي، والثقة بوعد الله -عز وجل- بنصرة دينه وأوليائه.

فالأخبار الجيدة عن الإسلام والمسلمين لا تُبرز بشكلٍ صحيح، وليس الحال سوداويًّا بالكامل كما يروِّج المغرضون، ولعلّ مما يؤكِّد ذلك: دراسات مركز "بيو" حول تصاعد المد الإسلامي في العالم بزيادة عدد المسلمين عبْر الولادة برغم كل الصعاب الاقتصادية، وعبْر الدخول في الإسلام مِن غير المسلمين؛ برغم كل حملات التشويه الإعلامي!

ولو وَجدتْ هذه الدراسات تركيزًا إعلاميًّا مناسبًا، وتحليلًا ذكيًّا؛ لرفعتْ معنويات الكثير مِن المحبطين والمتشائمين، ولساهمتْ في زيادة فعالية الدعاة الصابرين، ودفعتْ كثيرًا مِن المترددين مِن الشباب والفتيات للالتزام الأفضل بالدين، وقضتْ على كثيرٍ مِن شبهات الناعقين في شاشات الفضائيات.

وختامًا: الوعي والعلم والفهم سلاحنا لمقاومة الحروب: "الفكرية، والسياسية، والإعلامية، والعسكرية" على ديننا وأمتنا، وخيراتنا وأرواحنا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً