السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

سورة الإخلاص (4)

تفسير قوله -تعالى-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)

سورة الإخلاص (4)
رضا الخطيب
السبت ٢٠ يناير ٢٠١٨ - ١٧:٥٦ م
1010

سورة الإخلاص (4)

كتبه/ رضا الخطيب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما زال الكلام موصولًا مع "سورة الإخلاص".

تفسير قوله -تعالى-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ):

(قُلْ) أي: لا تقله مِن عند نفسك؛ بل قل: هذا الذي عرفته صادقًا يقول لي: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، أي (اللَّهُ): هو العلم على ذات الله، المختص بالله -عز وجل-، لا يتسمى به غيره, وجميع الأسماء تضاف إليه, كما قال: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الأعراف:180).

وقال الله -تعالى-: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ . هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ . هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الحشر:22-24)، وهذه الآيات الكريمات قد اشتملتْ على كثيرٍ مِن أسماء وأوصاف عظيمة الشأن، وبديعة البرهان لاسم لفظ الجلالة: (اللَّهُ).

و(اللَّهُ): الإله، وإله بمعنى مألوه، أي: معبود، وهو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالًا وتعظيمًا.

وهو اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى؛ لحديث بريدة -رضي الله عنه- أنه دخل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد، فإذا رجل يصلي ويدعو، يقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

(أَحَدٌ): أي "الْأَحَدُ الْفَرْدُ" الَّذي لَا ضِدَّ لَه، ولَا نِدَّ لَه، ولَا شرِيك لَه فِي إِلَهِيَّتِه ورُبوبِيَّتِه, وَلَا مُتصَرِّف مَعَه في ذرَّة مِن ملَكوتِه, ولَا شَبِيه لَه ولَا نظير لَه فِي شيءٍ مِن أَسْمائِه وصِفاتِه؛ فَهُوَ أَحَدٌ فِي إِلَهِيَّتِهِ، لَا معْبُود بِحقٍّ سِوَاهُ، ولَا يسْتحقُّ الْعِبادةَ إِلَّا هُو؛ ولِذا قَضَى أَلَّا نَعْبُد إِلَّا إِيَّاه.

وَهُوَ أَحَدٌ فِي رُبُوبِيَّتِهِ؛ فَلَا شَرِيك لَه فِي مُلكِه، ولَا مضادَّ، ولَا مُنازِع له، ولَا مُغَالِبَ.

وهو أَحَدٌ فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ فَلَا شَبِيه لَه ولَا مَثِيل: (ليْس كمِثْلِه شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11)، (يَعْلَم ما بَيْن أَيْدِيهِم ومَا خَلْفَهُم ولَا يُحِيطُون بِه عِلْمًا) (طه:110).

فَكما أَنَّه الْأحَدُ الفرْدُ فِي ذَاتِه وَإِلهيَّتِه وَرُبوبيَّتِه، وَأَسْمائهِ وصِفَاته؛ فهو الْمُتفرِّد فِي مَلكوتِه بِأَنْوَاع التَّصرُّفاتِ مِن الْإِيجاد والْإِعدَام، والْإِحْياء وَالْإِمَاتةِ، وَالخَلقِ والرِّزقِ، والْإِعْزازِ والْإِذلَال، والهِدايَة والْإِضلَال، والْإِسعَاد وَالْإِشْقاءِ، وَالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، وَالْعَطاءِ وَالْمَنعِ، وَالْوَصلِ وَالْقطْع، وَالضُّرِّ وَالنَّفْعِ.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة