الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

شبهات الملاحدة (8)

اللوزتان- ضرس العقل

شبهات الملاحدة (8)
إيهاب شاهين
الأحد ١٣ مايو ٢٠١٨ - ١٧:٤٢ م
1896

شبهات الملاحدة (8)

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما زلنا في الكلام على الشبهة السابعة التي يثيرها الملاحدة حول قوله -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين:4).

مضمون الشبهة: يُشكِّك بعض المغرضين في بديع قدرة الله -سبحانه وتعالى- في خلق الإنسان، الذي أخبر عنه قوله -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، متسائلين: أين هذا التقويم الحسن؟ وأين هذا الخلق الذكي؟ والإنسان به الكثير مِن الأعضاء الزائدة التي لا فائدة منها!

ويمثـِّلون لهذه الأعضاء بما يأتي: "الزائدة الدودية - اللوزتان - ضرس العقل".

ثانيًا: اللوزتان: اللوزتان عضو مهم مِن أعضاء جسم الإنسان، يتكون مِن نسيجٍ ليمفاوي متعدد، وبه عدة تجاويف لزيادة مساحة السطح المواجه لأي ميكروب، ويغطي هذا الجزء المكشوف بغشاءٍ يحمل أجسامًا مناعية وأجسامًا مضادة بداخل الخلايا الليمفاوية، وخلايا تنتج مادة تقوي مناعة الجسم، وتقوي اللوزتين، ولَحْمية خلف الأنف، وباقي الخلايا الليمفاوية على جانبي الجزء الخلفي للسان وجدار البلعوم، تعمل على التصدي لأي ميكروب يدخل الجسم عن طريق الأنف أو الفم والتعرف عليه، وإرسال إشارة إلى المحطة التالية للجهاز الليمفاوي (الغدد الليمفاوية المحيطة بالفك السفلي والرقبة) لإنتاج الأجسام المناعية المضادة للميكروب والقضاء عليه عند الإصابة الأولى بهذا الميكروب، وتكون لديها القدرة للتعرف على الميكروب نفسه والتصدي له عند تكرر الإصابة، ويجب ألا تزال اللوزتان في حالة أنهما طبيعيتان، أما إذا حدث لهما التهاب متكرر مِن 4 إلى 5 مرات سنويًّا يفضل إزالتهما.

ونزيد الأمر وضوحًا فنقول: إن مهمة اللوزتين الأساسية هي تشكيل خط دفاعي ضد كل ما يهدد جسم الإنسان مِن ميكروبات غازية، فإذا ما دخل ميكروب غازٍ عن طريق فتحتي الفم أو الأنف، فإن هذا الخط الدفاعي يتصدى له، وتدور رحى معركة ضارية لا تهدأ حتى يتم تحطيم ذلك الميكروب.

ثالثًا: ضرس العقل: هناك شبه إجماع عالمي على سبب هذه التسمية -ضرس العقل-، ونراه مِن خلال التسمية الإنجليزية القريبة مِن التسمية العربية: "ضرس العقل"، فاللغة الإنجليزية تطلق تسمية مشابهة، وهي: (wisdom molar)، ولكن هذا الإجماع هو إجماع على الظن؛ ذاك أن تأويل هذه التسمية ومآلها يعود إلى الفترة الزمنية التي يظهر فيها ضرس العقل في الحفرة الفموية، وهي تمتد نسبيًّا مِن عمر 17 إلى 25 سنة، وعلى ذلك ظهور ضرس العقل ووجوده في الفم يشير إلى سن تعقل الإنسان ونضوجه الفكري.

وكانت النظرية القديمة تلوم ضروس العقل لكونها تبزغ في هذه الفترة مِن الزمان، فإنها تضغط على الأسنان وتسبب تزاحمها، وشاع خلع ضروس العقل كإجراء روتيني لمنع تزاحم الأسنان، وخاصة لهؤلاء الذين عدَّلوا أسنانهم بالتقويم.

وبعد دراساتٍ أخرى أكثر حداثة: أثبت العلماء أن السبب الحقيقي ليس ضروس العقل، وإنما يعود إلى طريقة نمو الوجه والفكين وخاصة الفك السفلي، وأن نموه الذي يمتد إلى ما بعد عمر العشرين ونمو الأنسجة المحيطة، يشكلان السبب في تزاحم الأسنان وليس ضروس العقل؛ لأن كثيرًا مِن الناس الذين ليس لديهم ضروس عقل أو الذين خلعوها ما زالوا معرضين إلى تزاحم الأسنان.

وهذه الدراسات جعلت الأطباء يمنعون خلع هذه الضروس؛ إلا إذا كان هناك ما يستدعي ذلك، مثل: "التسوس أو التهابات اللثة المحيطة"، وقد أصدرتْ بريطانيا نشرة حكومية طبية تمنع خلع ضروس العقل في حالة أنها سليمة، وذلك حين تلقى أطباء الأسنان في بريطانيا تحذيرًا رسميًّا مِن عدم خلع أسنان العقل لمرضاهم إذا كانت في حالةٍ سليمة، حتى لو رغب المرضى في عكس ذلك، وقد جاء ذلك مِن جانب المعهد الوطني للجودة الصحية، ويرجع ذلك إلى أهمية ضروس العقل، والدور الذي تلعبه لصالح جسم الإنسان.

ويمكننا أن نجمل ذلك في النقاط الآتية:

1- أن ضرس العقل "الرحى الثالثة" يلعب دورًا مهمًّا بيْن مجموعة أسنان الفكين، يتجسد هذا الدور في تأمين التراص بيْن الأسنان، وانتظام مجموعة الأسنان في سلسلةٍ متماسكة ومتراصة؛ فقد ثبت أن القلع غير المبرر والمبكر لأضراس العقل، يتسبب في فراغات بيْن الأسنان على مستوى القواطع الأمامية، ولكن حدوث هذه الفراغات يحتاج إلى زمنٍ طويل حتى يظهر، وبالإحصاء تبيَّن أن ظهور هذه الفراغات عند الأشخاص الذين تخلصوا مِن ضرس العقل يظهر بيْن سن 50 - 60 عامًا، وكثيرًا ما يأتي إلى العيادات أشخاص يشكون مِن ظهور فراغات بيْن أسنانهم الأمامية لم تكن موجودة، وبعد الفحص والتأكد مِن عدم وجود أية إصابة على مستوى اللثة والنسج الداعمة، يُلاحظ أن هؤلاء الأشخاص فقدوا أضراس العقل مبكرًا.

2- كثيرًا ما كان لضرس العقل دور مهم في إنقاذ الموقف عندما يكون طبيب الأسنان بصدد إجراء تعويض ثابت "جسور"، في حال فقد الرحى الثانية لأسبابٍ قاهرة، ويشكل هنا ضرس العقل دعامة احتياط تجنب المريض القيام بعملية زرع أسنان، ودخوله في تعقيدات الزرع والتكاليف الباهظة، ونشير إلى أن إصابة الرحى الثانية بأمراضٍ قد تودي بحياتها أمر صعب، ولكن هنا تبقى الرحى الثالثة صمام أمان يجب المحافظة عليه وعدم التعسف في قلعه.

3- أن هذه الأضراس تساعد في عملية المضغ حتى لو أصيبتْ بالتسوس.

4- أنها تشكِّل ركيزة لوضع الأسنان الاصطناعية في حال وقوع الأسنان الطبيعية.

ومِن خلال هذه الفوائد يتبيَّن لنا أهمية ضرس العقل، وأنه لم يُخلق في الإنسان عبثًا؛ ولذلك حثَّ الأطباء على عدم خلعه في حالة أنه سليم مِن التسوس والأمراض.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة