قرآنيات!
كتبه/ خالد آل رحيم
الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهذه بعض
التغريدات كتبتها تحت عنوان: "قرآنيات"، تحدثتُ فيها عن كيفية تعامل
السلف مع القرآن، وكيف أنهم كانوا يقفون عنده موقفًا مهيبًا، واضعين أمام أعينهم
قول الله -تعالى-: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ
عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ
الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21).
فهذا عمر بن
الخطاب -رضي الله عنه- صلى صلاة الفجر، فافتتح سورة يوسف فقرأها حتى بلغ: (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) (يوسف:84)، بكى حتى انقطع فركع، وكان عمر يمر بالآية مِن
ورده بالليل فيبكي حتى يسقط ويبقي في البيت حتى يُعاد!
ويوم اليمامة
أخذ الراية سالم مولى أبي حذيفة، فقال المسلمون: "يا سالم إنا نخاف أن نؤتى
مِن قِبَلك؟ فقال: بئس حامل القرآن أنا إن أتيتم مِن قِبَلي".
وقرأ قارئ عند مالك بن دينار: (إِذَا زُلْزِلَتِ
الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) (الزلزلة:1)، فجعل مالك ينتفض وأهل المجلس يبكون ويصرخون حتى
انتهى إلى هذه الآية: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة:7-8)، فجُعل مالك يبكي ويشهق حتى غُشي عليه فحُمل مِن
بين القوم صريعًا.
وقرُئ على أبي الجهير مسعود الضرير قوله -تعالى-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا
عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا . أَصْحَابُ الْجَنَّةِ
يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) (الفرقان:23-24)، فصرخ صرخة انكب لوجهه ثم جعل يخور كما يخور
الثور، ثم هدأ فنظروا إليه فإذا هو قد مات.
وسُمع الفضيل ذات ليلة وهو يقرأ سورة محمد ويبكي ويردد هذه الآية: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31)، وجعل يقول: "وتبلو أخبارنا"، ويردد:
"وتبلو أخبارنا... إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا، إن بلوت أخبارنا
أهلكتنا وعذبتنا!" ويبكي.
وقال ابن عياش: "صليت
خلف فضيل بن عياض وإلى جانبه علي ابنه، فقرأ الفضيل: (أَلْهَاكُمُ
التَّكَاثُرُ) (التكاثر:1)، فلما بلغ: (لَتَرَوُنَّ
الْجَحِيمَ) (التكاثر:6)، سقط علي مغشيًّا عليه، وبقي فضيل لا يقدر تجاوز
الآية ثم صلى بنا صلاة خائف. فقلت في نفسي: يا نفس ما عندك مِن الخوف ما عند فضيل
وابنه؟!
وقال أبي:
استأذنت على سفيان الثوري في نحر الظهيرة فأذنت لي امرأة، فدخلت عليه وهو يبكي،
ويقول: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ
وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (الزخرف:80)، فيقول: "بلى يا رب، بلى يا رب"
وينتحب.
جعلنا الله
مِن أهل القرآن وخاصته.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com