الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

بيان مِن الدعوة السلفية بشأن إصرار الرئيس والحكومة في (تونس) على تبديل الشريعة في شأن الميراث

ولقد انتظر الجميع أن يتراجع الرئيس التونسي عن هذا الطريق؛ فإذا به يدفع الاقتراح إلى الحكومة والتي وافقت

بيان مِن الدعوة السلفية بشأن إصرار الرئيس والحكومة في (تونس) على تبديل الشريعة في شأن الميراث
الدعوة السلفية
الاثنين ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٩:٢٨ ص
2169

بيان مِن "الدعوة السلفية" بشأن إصرار الرئيس والحكومة في "تونس" على تبديل الشريعة في شأن الميراث"

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا . فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا . وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا . فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:60-65).

وهذا ينطبق على ما عُرف بـ"لجنة الحقوق الفردية والحريات" في "تونس"، الذين هم مِن جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، ولكن قلوبهم امتلأت بتعظيم القانون الفرنسي والثقافة الفرنسية! وقلَّ حياؤهم مِن الله، ومِن الناس؛ فاستدركوا على شرعه، وسموا شريعته في الميراث: "قانون اللا مساواة!"، وسموا شريعتهم: "شريعة المساواة"؛ تلك الشريعة التي زخرفها لهم شيطانهم، كما قال -تعالى-: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (الشورى:21)، بل لم يكتفوا بذلك حتى جعلوا شريعتهم الشيطانية أصلًا، وجعلوا شريعة الله -عز وجل- استثناءً!

هذا في قضية الميراث وما شرعته لهم شياطينهم مِن مساواة المرأة بالرجلِ في الميراث.

وأما سائر المنكرات؛ فلم يعرِّجوا على ذكر الشريعة، وإنما اقتفوا آثارها محوًا لها، واستبدالًا بها بعد العفة فجورًا، وبعد الستر عريًّا، وبعد الفضيلة زنا ودعارة، ولواطًا وسحاقًا!

ولا يحسبن أحدٌ أن في هذا الكلام أي شيءٍ مِن المبالغة؛ فهذه الألفاظ ألفاظهم بعينها في تقريرهم، وعمدتهم في كل ذلك القانون الفرنسي، فإذا انحط القانون الفرنسي أكثر فأصبح لا يحرِّم كشف العورة المغلظة في الأماكن العامة إلا بقيودٍ فهم يريدون لـ"تونس" أن تكون كذلك! وإذا تسفل فأصبح لا يجرِّم الدعارة إلا مَن تكرر ذلك منها فهم يريدون لـ"تونس" ذلك!

وقد انتقى "الرئيس التونسي" مِن هذا المستنقع مسألتين، هما:

- مساواة المرأة بالرجلِ في الميراثِ.

- مسألةُ إباحة زواج المسلمة مِن الكافر.

ظن بهما أن يمرا دون بقية الموبقات اللاتي وردن في تقرير لجنته؛ فإذا بـ"علماء الأزهر" و"علماء الزيتونة" يعلنون "وبوضوحٍ": أن هذه أمور معلومة مِن الدين بالضرورة، وردت في أدلةٍ قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وأجمعت الأمة عليها، وانتشر حكمها بيْن العام والخاص، والقاصي والداني.

وأولئك يحكمون على أنفسهم بأنهم أرادوا التحاكم إلى الطاغوت الفرنسي، وأنهم إذا قيل لهم: "تعالوا إلى شرع الله"، قالوا: "لا شأن لنا بالقرآن، ولا بأحكام القرآن!"، وقالوا: "نحن دولة مدنية"، وقالوا... وقالوا...

ولقد انتظر الجميع أن يتراجع الرئيس التونسي عن هذا الطريق؛ فإذا به يدفع الاقتراح إلى الحكومة والتي وافقت، ولا نعلم على وجه التفصيل مَن وافق، ومَن اعترض -إن كان منهم مَن اعترض!، ولكن المؤسف أنه لم يخرج منهم ولو واحد معترضًا ومحتجًا، أو مجانبًا لاجتماع هؤلاء خشية نقمة الله -عز وجل-، وقد قال -تعالى-: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) (النساء:140).

والقانون الآن سوف يُعرض على البرلمان التونسي، والأمل معقود عليهم أن يتصرفوا بمقتضى إسلامهم حتى لا يكونوا كهؤلاء الذين قال الله -تعالى- فيهم: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (الزخرف:54).

ونخوفهم بقوله -تعالى-: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44).

وبما أجمع عليه أهل العلم مِن كفر مَن أنكر معلومًا مِن الدين بالضرورة، ومِن ذلك قول الإمام السيوطي -رحمه الله تعالى-: "مُنْكِرُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ أَقْسَامٌ: أَحَدُهَا: مَا نُكَفِّرُهُ قَطْعًا، وَهُوَ مَا فِيهِ نَصٌّ، وَعُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، بِأَنْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَة، الَّتِي يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتهَا الْخَوَاصُّ وَالْعَوَامُّ، كَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَتَحْرِيم الزِّنَا، وَنَحْوِهِ... " (الأشباه والنظائر).

هذا وتعيد الدعوة السلفية التذكير ببيانها الخاص بهذا الشأن الصادر في 23 ذي القعدة 1438هـ - الموافق 15 أغسطس 2017م.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الدعوة السلفية

18 ربيع الأول 1440هـ

26 نوفمبر 2018م

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com