الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها -1

يشرع إظهار التكبير والجهر به في الأسواق في العشر

فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها -1
صلاح عبد المعبود
السبت ٠٣ أغسطس ٢٠١٩ - ١٧:٢٩ م
1039

فضل أيام عشر ذي الحجة والأعمال الواردة فيها -1

كتبه/ صلاح عبد المعبود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

الحمد لله الذي امتن على عباده بمواسم الخيرات، تضاعف لهم فيها الحسنات، وتمحى فيها السيئات، وترفع فيها الدرجات، فله الفضل والمنة على عباده بهذه النعم، وله الحمد على ما أعطانا مِن هذه العبادات العظيمة التي يقوم بها شأن الدين، وتزكى بها النفوس، وتتجه إلى الخالق -جل وعلا-.

ومِن هذه المواسم: ما شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها أفضل أيام الدنيا، ألا وهي عشر ذي الحجة، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ) -يعني: أيام العشر- قَالُوا: "وَلا الْجِهَادُ؟"، قَالَ: (وَلا الْجِهَادُ إِلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) (رواه البخاري).

وروى الإمام أحمد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ) (رواه أحمد، وحسنه الحافظ ابن حجر، وصححه الشيخ أحمد شاكر)، بل إن الله -عز وجل- أقسم بهن، فقال: (وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:1-2). قال ابن عباس وابن الزبير، ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي، ومقاتل ومسروق، وغير واحد من السلف: "إنها عشر ذي الحجة".

ومعلوم أن الله إذا أقسم بشيء؛ دل ذلك على عظمته وأهميته، وفي هذه العشر أعمال فاضلة وطاعات متعددة ينبغي على المسلم أن يحرص عليها، منها:

1- أداء العمرة والحج: وهو أفضل ما يعمل، ويدل على فضلة عده أحاديث، منها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ) (متفق عليه).

2- الإكثار من الأعمال الصالحة: من نوافل العبادات: كالصلاة، والصدقة، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك، فإنها مِن الأعمال التي يضاعف أجرها في هذه الأيام، فالعمل فيها وإن كان مفضولًا فإنه أفضل وأحب إلى الله مِن العمل في غيرها وإن كان فاضلًا، حتى الجهاد الذي هو أفضل الأعمال، إلا مَن عقر جواده وأهريق دمه.

3- الصيام: فيُسن للمسلم صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها، وبالأخص يوم عرفة، ولا شك أن جنس الصيام مِن أفضل الأعمال، وهو مما اصطفاه الله لنفسه، كما في الحديث القدسي: (الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) (متفق عليه). وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) (رواه مسلم).

4- التكبير والذكر: قال ابن رجب الحنبلي: "استحباب الإكثار مِن الذكر فيها، فقد دل عليه قوله -عز وجل-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج:??)، فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء. وفي حديث ابن عمر: (فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ)، واختلف العلماء: هل يشرع إظهار التكبير والجهر به في الأسواق في العشر؟ فأنكره طائفة، واستحبه أحمد والشافعي، لكن الشافعي خصه بحال رؤية بهيمة الأنعام، وأحمد يستحبه مطلقًا، وقد ذكر البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة الجزم عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. وروى عفان عن مجاهد قال: كان أبو هريرة وابن عمر يأتيان السوق أيام العشر، فيكبران ويكبر الناس معهما، ولا يأتيان لشيءٍ إلا لذلك" (لطائف المعارف).

والتكبير في هذا الزمان صار مِن الطاعات المهجورة، ولا سيما في أول العشر، وينبغي الجهر به في مواضعه؛ إظهارًا للعبادة، وإحياءً للسنة، وتنبيهًا للغافلين.  

وصيغ التكبير: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر كبيرًا)، و(الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، وورد غير ذلك.

5- التوبة النصوح: والإقلاع عن المعاصي والذنوب، والتخلص مِن مظلم العباد وحقوقهم، فإن العبد لا يدري في أي لحظة يموت.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com