الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حوار موقع صوت السلف مع الشيخ حنفي مصطفى

حوار موقع صوت السلف مع الشيخ حنفي مصطفى
صوت السلف
الأربعاء ١٤ أغسطس ٢٠١٩ - ١٠:٥٠ ص
416

حوار موقع صوت السلف مع الشيخ حنفي مصطفى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الله مَنًّ على عباده بمواسم للطاعات، تنشط فيها الهمم لكثير من القربات، وتكون فرصة لتكفير السيئات، ومن أعظم تلك المواسم هو رمضان شهر الخير واليمن والبركات ..

وفي هذه الأجواء الإيمانية .. المفعمة بالنفحات العلوية .. كان لنا هذا اللقاء مع فضيلة الشيخ (حنفي مصطفى) شيخنا الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

بداية

ما هي ذكرياتكم لأول رمضان مر عليك بين إخوانك في الله، وماذا تفتقد من ذلك الآن؟

حنفي مصطفى: كان أول رمضان مر عليّ بين إخواني في الله له مذاق خاص، لا أزال أجد أثره إلى الآن؛ فقد وجدت فيه حلاوة الإيمان، وذقت فيه لذة العبادة وطعمها؛ لأنه كان نقطة ومحطة التحول في حياتي الإيمانية والدعوية.

وإني لأفتقد من ذلك الآن بعض إخواني الذين بعدوا لأسباب ما فأسأل الله -جلّ وعلا- أن يعيدهم إلينا غير مفتونين، ولا مبدلين.

صوت السلف: ما هو الشيء الذي تمنيتموه في رمضان العام السابق ولم يحدث، وتتمنوا أن لو رأيتموه هذا العام؟

حنفي مصطفى: كنت أتمنى في رمضان العام السابق بالنسبة للأمة نصرة أهل السنة والجماعة، وخذلان أهل البدعة: الشيعة الروافض، ودحض شبههم، ونصرة المسلمين المستضعفين في فلسطين على اليهود الكافرين.

وبالنسبة لي كنت أتمنى مزيد من ختم القرآن الكريم، وارتقاء أكثر في زيادة الإيمان والطاعة، وعمرة في رمضان، وزيادة في الدعوة، وبذلاً في نشر السنة عملاً وتعليمًا، ونسأل الله ذلك بمنه وفضله، وأتمنى لو رأيته هذا العام.

صوت السلف: رمضان هذا العام أطول نهارًا وأقل ليلاً فما هي نصيحتكم للعابدين لحسن استغلال ذلك؟

حنفي مصطفى: 1- استثمار طول النهار في كثرة تلاوة القرآن الكريم والذكر المطلق، من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وزيارة المرضى، وصلاة الجنائز، واستشعار عظم الأجر والثواب، وقضاء حوائج المسلمين.

2- أما قصر الليل: فبالحرص على صلاة التراويح، وقراءة ورد القرآن بعدها، ثم النوم لأخذ قسط من الراحة، ثم الاستيقاظ في وقت السحر لصلاة التهجد، أو الذكر والدعاء قبل السحور.

صوت السلف: ما هي الفرص المتاحة لتقوية أواصر الأخوة بين الإخوة في هذه الأيام؟

حنفي مصطفى: في رمضان فرص كثيرة بفضل الله لتقوية أواصر الأخوة بين الإخوة فمنها:

1- الزيارات في الله فهي تديم المحبة والمودة.

2-  الاجتماع على حلقات الذكر من القرآن الكريم وحلق العلم، والإفطارات الجماعية.

3- الاتفاق على عيادة المرضى من أهل المسجد، وغيرهم من المسلمين.

4- تبادل سماع الشرائط والاسطوانات النافعة علمًا وموعظة، وتبادل الكتب أو الرسائل النافعة بين الإخوة.

صوت السلف: تواجه عقيدة الولاء والبراء حملات شرسة لإضعافها في نفوس الأمة فما هو دور رمضان في إحياء هذه العقيدة؟

حنفي مصطفى: تأتي من زيادة الرابطة الأخوية الإيمانية، والمحبة الصادقة بين المؤمنين في صلاة التراويح، والإفطارات، والحث على الدعاء للمسلمين المستضعفين في العالم، واستشعار أنهم مظلومون، وأن لهم الحق علينا لنصرتهم والدفاع عنهم؛ فالولاء حقهم علينا، وأن البراءة من المشركين والمنافقين من أهل البدع الموالين للمشركين على أهل السنة والجماعة، فالبراءة من هؤلاء نابع من بغضهم، وبغض أفعالهم، ومحاربتهم لدين الله -جل وعلا-، فنتبرأ منهم، وكذلك في نشر ذلك وتعليمه للناس في دروس رمضان، وغيرها من طرق الدعوة.

صوت السلف: يقتصر بعض الدعاة في هذه الأيام على طرح المعاني الوعظية فهل هذا يكفي مراعاة لكون الشهر شهر عبادة وصوم؟ أم أن الأولى استغلال الشهر في تعليم الناس القضايا الأساسية التي تغيب عنهم؟ ولو كان الأمر كذلك فما هي هذه القضايا؟

حنفي مصطفى: وخاصة أن الناس في احتياج إلى معرفة دينهم، وسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، والعقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة، مع القضايا التربوية والسلوكية، ونشر السنة العملية، ومعرفة السيرة النبوية، والآداب الخاصة والعامة، وذلك لاستغلال كثرة المصلين في المساجد في صلاة الجمع والتراويح.

صوت السلف: رمضان شهر خلوة وصيام وتبتل، فهل هناك تعارض بين هذا وبين بذل الجهد في الدعوة إلى الله في رمضان؟

حنفي مصطفى: - ليس هناك تعارض بين العبادة في رمضان والدعوة إلى الله -تعالى-؛ لأن الدعوة عبادة وقربى إلى الله، بل هي سبيل الأنبياء والمرسلين، واستثمار الفرص في الوصول إلى قلوب الناس وقد تهيأت في رمضان للخير والنصيحة والتربية، ولكن نحتاج إلى التوازن بينهما، وترتيب الأعمال ومعرفة فقه الأولويات.

صوت السلف: يقول البعض: يعاني الناس في رمضان من ضعف وخمول نتيجة للصيام فيقل جهدهم في الأعمال الدنيوية فما هي الحكمة في أن يأتي شهر كامل يؤدي إلي تباطؤ اقتصاد المسلمين وإضعافه؟ أم أن الأمر يمكن النظر له من زوايا أخرى؟

حنفي مصطفى: قول بعض الناس: "إن الصيام يؤدي إلى تباطؤ اقتصاد المسلمين وإضعافه":

قول لضعاف الإيمان الذين نظرتهم عادية؛ لأن الصيام عبادة ربانية، وتربية روحية على التقوى والمراقبة؛ فيؤدي ذلك إلى إتقان العمل والبذل فيه حرصًا على مصالح الأمة، وكذلك يربي الصيام على خلق الصبر، وذلك نتيجة لاعتياده عبادة الصيام، أما غيره فيضعف ويقل إنتاجه؛ لأنه ما اعتاد عبادة الصيام، ثم إن للصيام فوائد أخرى لا تحصى ولا تعد؛ صحية، وتربوية، واجتماعية، وغيرها من الفوائد.

صوت السلف: القرآن منهج حياة؟ فكيف يمكن للدعاة ترسيخ هذا المعنى في نفوس المقبلين على المساجد في رمضان؟

حنفي مصطفى: القرآن منهج حياة؛ لأنه كلام الله -تعالى-، الذي أنزله ليكون هداية للخلق في حياتهم، ونورًا لهم، وإمامًا لهم في آخرتهم، فلابد من حث الناس على تلاوته، وتدبره وتعلمه، والعمل بما فيه من الخير، ويكون ذلك في الخطب، والدروس الرمضانية بين التراويح، وبيان هذا المعنى وترسيخه في النفوس، وأن العزة والنصرة، والغلبة والتمكين في التمسك بهذا الحبل المتين؛ كلام رب العالمين.

صوت السلف: ينتقل بعض الإخوة ـومنهم مؤثرون في الدعوةـ بين المساجد طلبا للقارئ حسن الصوت، فما هي رؤيتكم لهذا التصرف؟

حنفي مصطفى: التنقل وراء حسن الصوت ليس من هدي السلف الصالح؛ لأن المقصود تدبر القرآن الكريم، ويكون ذلك بالصلاة خلف الإمام الذي تستشعر فيه الخشوع عند تلاوته القرآن الكريم، فهناك فرق بين قراءة الخاشع ولو كان غير حسن الصوت، وبين جمال الصوت وحسنه، فربما يكون ذلك سبب لصرف الخشوع، وتدبر القرآن إلى الإصغاء والتأمل لجمال الصوت ونغمته لا التدبر للآيات، وكذلك تنقل المصلون وكثرتهم خلف حسن الصوت ولو كان صغير السن مدعاة للفتنة له ولهم، والله المستعان.

صوت السلف: ماذا يمثل رمضان للأقليات الإسلامية في الخارج؟ وكيف يؤثر في حياتهم وفي تعاملاتهم مع غير المسلمين؟

حنفي مصطفى: رمضان للأقليات الإسلامية في الخارج: يعتبر زاد إيماني، وحصن، وصيانة إيمانية للقلوب وزكاة للنفوس؛ لأن مخالطة أهل الكفر والشرك والعصاة تمرض القلوب وتضعفها فيكون رمضان محطة تزود للإيمان والعمل الصالح، وكذلك مؤثر في التعاملات مع غير المسلمين في إظهار محاسن الإسلام وحرصه على تزكية النفس، وتربيتها بعبادة الصيام، وإظهار لقوة المؤمن في الالتزام بطاعة ربه وأمره، والصبر في الامتناع عن المباحات، والمحرمات من الشهوات والملذات، فذلك دليل قوة قلبه، وزكاة نفسه، وأنه يقدم ما يحبه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- على هوى النفس؛ فيدع شهوته، وطعامه وشرابه طاعة لله -جل وعلا-.

صوت السلف: نصيحة توجهونها في رمضان لـ "طلبة العلم، الشباب، النساء، التجار، الآباء وأولياء الأمور".

حنفي مصطفى: فنصيحتي لطلبة العلم:

أن يجتهدوا ويبذلوا ما في وسعهم؛ لتعليم الناس دينهم، وأن يجتهدوا في العبادة؛ لأن العبادة بأنواعها من التقوى التي هي سبب نيل العلم النافع فضلاً من الله.

ونصيحتي للشباب:

العودة إلى الله -تعالى-، والإنابة إليه.

استغلال طاقة وفتوة الشباب في العبادة وخدمة المسلمين، وقضاء حوائجهم.

أما النساء:

تقوى الله في نهار رمضان بلبس الزي الشرعي، وأن يكون عونـًا للآباء والأزواج والأبناء على العبادة في رمضان، بتهيئة البيوت لذلك، والتعاون على البر والعمل الصالح بالنصيحة والتعليم، وطاعة وحسن معاشرة الأزواج.

ونصيحتي للتجار:

تقوى الله -تعالى- في تجارتهم، وعدم الغش والتدليس على المسلمين؛ لأن الصيام يريبهم على خصلة وصفة التقوى، ومراقبة الله -جل وعلا-.

أما الآباء وأولياء الأمور فنصيحتي:

بحسن النصيحة والتربية للأبناء، ولمن ولاهم الله أمرهم، وبذل الطاعة في توجيههم وإرشادهم إلى الخير، بالترغيب والحث عليه، وترهيبهم من الشر والبعد عنه.

صوت السلف: يزداد الزخم الإعلامي في رمضان بكل وسائله الملهية والمفسدة فكيف يمكن للدعاة مواجهة هذه الحملة بإمكانياتهم المحدودة؟

حنفي مصطفى: يمكن للدعاة مواجهة هذه الحملة الإعلامية:

أولاً: بحسن التوجه إلى الله -تعالى-، وكثرة الدعاء.

ثانيًا: توعية الناس وترشيدهم، وتعليمهم الدين الحق.

ثالثـًا: أسلوب الوعظ بالترغيب والترهيب من خلال الخطب، والدروس الرمضانية في المساجد، بل وفي الدعوة الفردية في كل مكان ما أمكن ذلك من خلال التعليم والتوجيه إلى فعل الخير، وترك واجتناب الشر؛ لنجاة النفس أولاً من عذاب الله -تعالى-، ونجاة الأمة كذلك من الضعف والسير في ركاب المفسدين، وكذلك عن طريق المطويات، والرسائل والملصقات.

صوت السلف: طول فترة النهار وشدة الحر... كيف سيؤثر ذلك على تدريب الأبناء على الصيام؟ وكيف يمكن التعامل مع هذا الأمر؟

حنفي مصطفى: بإشغال الأبناء بالعمل المفيد الجماعي، أو العمل المفيد الفردي في القراءة والاطلاع، والسماع، وشراء احتياجات البيت، والصلاة في المساجد، ونوم القيلولة، وتعليمهم السنة والآداب النبوية، وأخذهم إلى دروس وحلقات العلم بعد صلاة العصر، وحثهم على كثرة الذكر، والمحافظة على ورد القرآن، وأذكار الصباح والمساء، وصلاة الضحى والسنن الراتبة، والنوافل.

صوت السلف: لا يأتي رمضان إلا والمسلمون يعانون من نكبة أو جرح هنا أو هناك فما هو واجبنا تجاه إخواننا لا سيما في هذه الأيام المباركة؟

حنفي مصطفى: أولاً: الدعاء لهم في أوقات وأحوال الإجابة وحث الغير على ذلك.

ثانيًا: توجيه وتعليم الناس الإسلام والدفاع عنه، تربية أجيال تحمل هم الإسلام وهم المسلمين في قلوبهم، واستشعار عظم المسئولية الملقاة على أكتافهم.

ثالثـًا: المشاركة الوجدانية للمسلمين في أحزانهم وآلامهم.

رابعًا: تبصير المسلمين بموالاة إخوانهم، والبراءة والعداوة لأعدائهم.

خامسًا: غرس الأمل في قلوب المسلمين بوعد الله -تعالى-، بالنصرة والعزة لهذه الأمة، والسناء والتمكين، وأن دولة الباطل ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة، وأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، وأنه لابد من التضحية والبذل في سبيل نصرة هذه الأمة والله -تعالى- أعلم.

 

تصنيفات المادة