الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أصلي في البيت

إن الله -سُبحانَه- يُـحِبُّ مِن عِبادِه المؤمنينَ أنْ يأْخُذوا بِتَخفيفِه ورُخَصِه

أصلي في البيت
عصام زهران
السبت ٢٥ أبريل ٢٠٢٠ - ٢٢:٣٥ م
643

أصلي في البيت

كتبه/ عصام زهران

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فيشعر الكثير منا في ظل هذه الأزمة التي تمر بها البلاد؛ بفقدان لذة العبادة؛ لأن المساجد أغلقت! وحرمنا من الجمعة والجماعات، وأردتُ أن أوضِّح في مقالي هذا بعض المعاني عن لذة العبادة التي افتقدناها.

- إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحصر لذة العبادة وحضور القلب بمكانٍ أو زمانٍ؛ وهذا مِن علو شأن شريعتنا الغراء، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ) (رواه ابن حبان والبيهقي، وصححه الألباني).

- إن الله -سُبحانَه- يُـحِبُّ مِن عِبادِه المؤمنينَ أنْ يأْخُذوا بِتَخفيفِه ورُخَصِه، وهذا الحديثُ يُوضِّحُ ذلك، حيثُ يقولُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ)، والرُّخَصُ: هي التَّخفيفاتُ في الأحكامِ والعِباداتِ، والتسهيلُ فيها على الـمُكَلَّفِ لِعُذْرٍ، ومَحبَّةُ اللهِ لها؛ لِما فِيها مِن دَفْعِ التكبُّرِ والترفُّعِ عنِ استباحةِ ما أباحَهُ الشرعُ؛ فإنَّ مَن استكْبَرَ وأنِفَ ممّا أباحَهُ الشرعُ وترفَّعَ عنه، فسَدَ دِينُه.

(كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ): العزائمُ هي الأُمورُ واجبةُ الفِعلِ؛ لأنَّ أمْرَ اللهِ فِي الرُّخَصِ والعزائمِ واحدٌ، وهذا للتَّحذيرِ مِن التنطُّعِ في الدِّينِ، والأخذِ بالتَّشديدِ في جميعِ الأُمورِ؛ فإنَّ دِينَ اللهِ يُسرٌ.

وفي هذا تَطييبٌ لِقُلوبِ الضُّعفاءِ الذين يأْخُذون بِالرُّخَصِ لِعِلَّةٍ عِندَهم؛ حتى لا يَنتهيَ بهم ضَعفُهم إلى اليأْسِ والقُنوطِ مِن القُدرةِ على فِعْلِ العزائمِ، فيَتْرُكوا الـميسورَ مِن الخيرِ عليهم؛ لِعَجْزِهم عن الوصولِ لِـمُنتهى دَرجاتِ العزائمِ، وهذا الحديثُ يُوافِقُ قولَه -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة:185)، وهذا في عامَّةِ أُمورِ الدِّينِ.

- في حصار شعب أبي طالب؛ تسأل نفسك كيف كان يصلي النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في ظل هذه الأزمة الكبيرة!

أين لذة العبادة؟!

وقد بلغ الجهد بالمحاصرين حتى كان يسمع أصوات النساء والصبيان يصرخون من شدة وألم الجوع، وحتى اضطروا إلى التقوت بأوراق الشجر، بل وإلى أكل الجلود، وقد ظلت هذه العملية وتلك المأساة البشرية طيلة ثلاثة أعوام كاملة! ثلاث سنوات من الظلم والقهر والإبادة الجماعية.

لكن يعلمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا: أن قدسية العبادة ولذتها لا تنحصر في مكانٍ أو وقتٍ أو ظرفٍ، أو قوة أو ضعف، أو صحة أو مرض، وإنما اللذة الحقيقية أن تكون مع الله -تعالى-، وأن تلهث بذكره -سبحانه وتعالى-.

- إن المنع ربما يكون هو العطاء؛ وإن المرض ربما يكون عين الشفاء، وإن المحنة تكون منها المنحة.

ألا تتذكر (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) (الفتح:1)، وكيف أغلق الكفار البابَ أمام أهل الاسلام ففتحه الله، وكان فتحًا مبينًا؟!

فانتظروا أيها المسلمون... فإن الفرج قريب جدًّا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة