آداب العمل الجماعي -3
كتبه/ أحمد
حمدي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما
بعد؛
من آداب العمل
الجماعي مراعاة أن:
1- معصية
الفرد تضر بالجماعة: ذنب مِن ذنوب الخلوات مِن واحدٍ مِن بنى اسرائيل كان سببًا لمنع المطر لبني إسرائيل
وفيهم نبي الله موسى -عليه السلام- ومعصيه 40 واحدًا من الرماة يوم أُحد كانت
سببًا للهزيمة، فمعصية واحده لأوامر النبي -صلى الله عليه وسلم- في جيش قوامه 700
مقاتل أي حوالي 5% من الجيش كان سببًا لهزيمة جيش فيهم رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- والمبشرون بالجنة، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا
فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم
مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ)
(آل
عمران:152)، (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ
مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:165)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فِي اللَّهِ، أَوْ فِي الْإِسْلَامِ،
فَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا) (رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني).
2- تقديم
المصلحة العامة على المصالح الخاصة الشخصية عند التعارض، وعدم إمكان الجمع، ولا بد من التنسيق حتى لا يقع هدم أو إضعاف
للعمل والكيان.
3- يسع الفرد
ما لا يسع الجماعة، ويسع الفرد الذي لا ينتمي لكيانٍ ما لا يسع الفرد الذي ينتمي
لكيان؛ فالفرد قد
يأخذ بالعزيمة ويتحمل هو الأذى، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ)
(رواه أحمد،
وصححه الألباني)، بينما
القائد يمشي على أضعف الركب، ولا يعرِّض أتباعه للفتنة، فقد هاجر النبي -صلى الله
عليه وسلم- في السر حتى لا يُتأسى به، فيهاجر الصحابة جهرًا فيتعرضون للأذى،
فالانفعال والحدة في النبرة، والتصرفات العشوائية بدون مرجعية قد يؤدي إلى ضرر عام
بأفراد الكيان.
4- الجدية في
الالتزام بالقرار الناتج عن الشورى في المسائل الاجتهادية، والسياسة الشرعية، والتنفيذ له حتى إن خالف اجتهاده ورأيه، وتحمُّل
تبعات القرار وعدم التلاوم أو التوبيخ؛ انظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان
رأيه يوم أُحد التحصن بالمدينة فنزل على قول شباب الصحابة، وخرج لملاقاة المشركين
خارج المدينة، فلبس -صلى الله عليه وسلم- لَأمة الحرب، ونظَّم الصفوف، ودرس أرض
المعركة، وجبل الرماة، ثم لما حدثت الهزيمة لسببٍ آخر وتقصير البعض؛ لم يحدث تلاوم
بعد القرار.
5- الإخلاص
والتجرد، وذوبان الفرد في الكيان وعدم الحرص على الإمارة والصدارة، أو حب الظهور، كما قال الراهب لغلام أصحاب الأخدود: "أنتَ
اليوم أفضل مني!"، وكما التزم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ثاني اثنين إذ
هما في الغار، وعنده 61 سنة السمع والطاعة لقائده أسامة بن زيد وعمره 17 عامًا في
قتال الروم، وكذلك عندما قام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعزل خالد بن الوليد
وتوليته لأبي عبيده بن الجراح مكانه في فتوح الشام؛ قاتل خالد بنفس القوة وهو
جندي، ولم يتأثر بذلُه وتضحيته وجديته.
وللحديث بقية -إن شاء الله-.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com