الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رسالة إلى ماكرون

نحن كمسلمين قصرنا كثيـراً في حقكم عندما أخفينا عنكم معلومات عن رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي ابتعثه الله للدنيا

رسالة إلى ماكرون
سعيد السواح
الخميس ١٢ نوفمبر ٢٠٢٠ - ٠٧:٥٥ ص
518

رسالة إلى ماكرون

كتبه/ سعيد السواح

 

لماذا تلك المحاولات المستمرة للنيل من الإسلام والمسلمين؟

ولماذا تلك المحاولات المستمرة للنيل من الرموز الإسلامية في محاولة إسقاطها من نفوس المسلمين؟

ولماذا المحاولات المستمرة والمستفزة لمشاعر المسلمين؟

ولماذا النيل من شخص النبي صلى الله عليه وسلم؟

أنت لم تعرفه!!!

ولو عرفته لن تستطيع أن تخفي مشاعر احترامه وتوقيره بل ومحبته ، فستجده شخصية جديرة بالاحترام والتقدير والتبجيل

قصرنا معكم وفي حقكم

نحن كمسلمين قصرنا كثيـراً في حقكم عندما أخفينا عنكم معلومات عن رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي ابتعثه الله للدنيا ، فرسالته عامة لجميع الخلق من الإنس والجن

(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)الأعراف/158.

وكذلك استأثرنا بالرسالة الخاتمة التي هي ليست للمسلمين فقط ولكنها لكل البشرية دون تمييز.

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)المائدة/67.

(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)سبأ/28.

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)آل عمران/64.

الإسلام وقضايا معاصرة

لقد عالج الإسلام قضايا هي مستعصية في زماننا كنتيجة للابتعاد عن منهج الإسلام ، ومن أبرز هذه القضايا (قضية العنصربة)

فقضية العنصربة جالبة للبغضاء و الشحناء ، فالإسلام قضى على العنصرية بجميع صورها وأشكالها ونشر المحبة والإخاء وتكلم عن الإنسانية بصورة راقية متحضرة مقرراً ومعترفاً بحق الإنسان في العيش والحياة بكرامة.

(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)الإسراء/70.

استمع وكن منصفاً من نفسك

فالعالم الذي يصفونه بالمتقدم والمتحضر يعيش في حضيض ، فهم يرفعون شعارات زائفة لا مضمون لها في الواقع ، والواقع هو الذي يقول ذلك ، فأين حقوق الإنسان التي يتشدقون بها ؟.

وأين حق الإنسان أمام الرفق بالحيوان؟!.

كيف يفرقون بين الإنسان والإنسان للون البشرة؟

فالإنسان صاحب البشرة البيضاء له حق السيادة ، أما صاحب البشرة السوداء فكأنه لا يندرج تحت الجنس الإنساني.

كيف قضى الإسلام على العنصرية؟.

الفخروالشرف والرفعة لكل مسلم فإنه لا يرتفع إلا بدينه ، فالحمد لله على نعمة الإسلام ، ونقول لهؤلاء الذين تشرئب أعناقهم يتطلعون إلى بلاد أوروبا وأمريكا ويتمنون أن لو كانوا من أهلها بل ومحاولات مستمرة للوصول إلى تلك البلدان التي نرى فيها العنصرية طافحة.

كيف بدأ الخلق وكيف كانت النشأة؟.

البشرية جمعاء من نسل واحد:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)النساء/1.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)الحجرات/13.

إن أكرمكم عند الله أتقاكم.

وهذا رسولنا الكريم ينادي بأعلى صوته.

(يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ)أبو نعيم (حلية الأولياء)

اختلاف الألوان واللغات كيف نشأ؟.

قال النبي صلى الله عليه وسلم.

(إن اللهَ خلَقَ آدمَ مِن قبضةٍ قَبَضَها مِن جميعِ الأرضِ ، فجاءَ بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ : جاء منهم الأحمرُ ، والأبيضُ ، والأسودُ ، وبينَ ذلك ، والسَّهْلُ ، والحَزْنُ ، والخبيثُ ، والطيِّبُ وبين ذلك)أبو داود.

(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)الروم/22.

تطبيقات على أرض الواقع:

ماذا قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عن ضعفاء المسلمين؟.

(وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ)الأنعام/52.

يقول الله تعالى

يا محمد لا تبتعد عن مجالستك ضعفاء المسلمين لتقبل على السادة والكبراء فهؤلاء الضعفاء يعبدون ربهم ليلاً ونهاراً يريدون بأعمالهم الصالحة وجه الله تعالى ، ما عليك من حساب هؤلاء الفقراء من شيء إنما حسابهم على الله تعالى وليس عليهم من حسابك من شيء ، فإن أبعدتهم فإنك تكون من المتجاوزين حدود الله تعالى الذين يضعون الشيء قي غير موضعه.

وهذا اسامة بن زيد رضي الله عنهما (حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمارة على الجيش وكان أسود اللون ما رأينا اعتراضاً ولا تمعراً.

بلال بن رباح رضي الله عنه لقد ولي الآذان فكان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أسود البشرة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم.

(اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله)البخاري.

ماذا لو كان أمير المؤمنين رجل أسود البشرة؟.

نسمع له ونطيغ طالما يحكمنا بكتاب الله تعالى.

العنصرية الدينية

ماذا قال الإسلام عن حرية الاعتقاد؟. وكيف نعامل المخالف لنا في العقيدة؟.

(لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)البقرة/256.

(لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ)الممتحنة/8-9.

أهل الكتاب وممارستهم للعنصرية الدينية.

فحرية العقيدة كلمة يتشدقون بها ولكنها لا رصيد لها في حياتهم / فتـراهم يمارسون العنصرية الدينية.

(وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)البروج/8-9.

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ )المائدة/59.

انطر إلى مقدار الحقد والغل والحسد الذي ملأ قلوب هؤلاء والسبب أنك تخالفهم في معتقدهم.

(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ)البقرة/109.

والمعركة عندهم لم تنتهي إلا باتباعهم على باطلهم.

(وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا)البقرة/217.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)الأنفال/36.

                   (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)البقرة/120

انظرإلى حال المسلمين في الصين ، الهند ، بورما ،ولماذا يُقعل بهم هذا التنكيل وتلك الإبادة ما جريمة هؤلاء التي ارتكبوها؟.

جريمته أنه مسلم!!!

(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ)الحج/39-40.

الاسلام والإنسانية:

جاء الإسلام بقيم إنسانية عامة لجميع الناس من دون تفريق مقرراً حق الإنسان أن يعيش آمناً ، مقرراً حرية العقيدة لا حرية السب والشتم والإنتقاص من الناس بل وقرر عقوبة على من يتعدى على أعراض الناس ، فأعراض الناس ليست بعُرضة للسب والشتم والنيل منها فإنها محفوظة ومُصانة وليست بعُرضة للتجريح والإنتقاص منها ، فقيراً كان أو غنياً كبيراً كان أو صغيراً ذكراً كان أو أنثى فكلنا جميعاً ننتمي إلى جنس واحد وقد خُلقنا جميعاً من مادة واحدة وليست مواد متعددة.

(فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ)الطارق/5-7.

فنحن نعيش جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها في مجتمع يجمعنا جميعاً وثَمَّ علاقات لابد أن تتم بين أفراد هذا المجتمع الواحد فعلينا أن نسعى إلى الائتلاف والاجتماع والتـرابط وفي المقابل ننبذ الفرقة والاختلاف فنريد أن نعيش جميعاً ونحيا في أمن وأمان أعيش وأنا آمن على نفسي ، آمن على مالي ، آمن على أهلي ، آمن على ولدي ، آمن على عرضي، فلا بد من قيم وقواعد وأسس تحكمنا جميعاً كأفراد لا نختلف عليها وهي قيم وقواعد لا تصادم الفطرة السليمة والعقول الصحيحة الصريحة.

فلنتفق جميعاً على أهم هذه القيم الانسانية وهي وجود خالق نتوجه إليه بأفعالنا وله الحق في محاسبة كل من يخالف لعدله وحكمته وعدم ظلمه لأحد لسعة علمه ولقوته وقدرته وأنه لا يُدافَع ولا يُغالَب مع رحمته وحلمه وعفوه وصفحه.

رسالة الإسلام للإنسانية.

النداء الأول للإنسانية.

وذلك بترتيب الكتاب.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ)البقرة/21

 

فالله الخالق نادى على جميع خلقه بلا استثناء أن اعبدوني ، وذكر الحيثيات التي بها يستحق أن يُعبد دون سواه.

(اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ)البقرة/21-22.

فالله هو المتفرد بالخلق والمتفرد بالرزق لا يشاركه في ذلك أحداً ولا يشابهه في ذلك أحداً ولا يماثلة ولا يساويه فليس ثَمَّ خالق إلا الله ، ولا رازق إلا الله.

وهذا وصف الإله المعبود:

(وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)البقرة/163-164.

 

فليس ثَمَّ إلهاً آخر فعل ذلك مع رب العالمين فلا معاون له ولا مساعد.

(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)البقرة/255.

هذا وصف الإله المعبود وصفاته التي انفرد بها وحده فلا تجعلوا له أنداداً

من هذه القيم الإنسانية.

التنزه عن الحرام الخبيث:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)البقرة/168-169.

فربكم الخالق الرازق أحل لكم الطيبات وأمر خلقه ألا يطعموا إلا الحلال الطيب ليطيب العيش وأرسل لنا رسولاً يبين لنا ما الحلال الطيب والحرام الخبيث.

(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ)الأعراف/157.

 

فكانت هذه الرسالة التي اختاره ربه الخالق الرازق لها ليبلغها للناس كافة دون تمييز وهي رسالة منظمة للعلاقات الانسانية بين أفراد المجتمع الإنساني والمنظمة للحياة الإنسانية واستقامتها بلا انحراف حتى لا نغرق في وحل الفرقة والاختلاف وحتى لا يتصدع المجتمع الانساني ويتفرق ويتشرذم فيكون الجور والظلم هو الحاكم.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)النساء/170.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)يونس/57.

 

وهذه الرسالة ترسم للإنسانية خط سيرها في الحياة حتى لا نضل.

(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)يونس/108-109.

من القيم الإنسانية الهامة الخوف والرهبة من الله المعبود وخوف من عقابه وعذابه

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)الحج/1-2.

 

فإيمان بالبعث والعرض على رب العالمين للحساب والجزاء يعين الإنسان في سعيه ليبادر بفعل الخيرات وترك المنكرات والمخالفات.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ)الحج/5-7.

 

من القيم الانسانية الهامة الاعتراف لله بفضله ونعمته وعدم جحودها أو إنكارها.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)فاطر/3.

الإسلام واحترام آدمية الإنسان:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)الحجرات/11-12.

فرسالة الإسلام للإنسانية هي رسالة لجميع الخلق بلا استثناء أو تمييز أو عنصرية وقد اشتملت على قيم ومبادئ إنسانية رفيعة راقية لتنتظم الحياة بلا انحراف أو اعوجاج.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه تعالى اتصف بالخلق المستقيم فإن أردت أن تتعرف عليه فها هو كتاب الله الذي جاء به يحدثك عن خُلقه وسلوكه ومدى انضباطه واستقامته في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وهمساته على المنهج الذي جاء به ودعا إليه - فلقد كان صلى الله عليه وسلم خُلقه القرآن ، أي ما من أمرٍ من أوامر الله إلا وامتثل ذلك الأمر وما من نهي أو تحذير إلا كان أبعد الناس عنه وما من خُلق حسن لا يختلف عليه أحد من الناس إلا وقد تخلق به وما من خُلق سيء قبيح إلا كان متخلياً عنه ، ولك أن تقوم بدراسة متأنية مدققة لسيرته ثم عرضها على المنهج الذي جاء به من ربه ودعا إليه جميع الخلق وبلغه بكامله فلن تجد انحرافاً سلوكياً.

الرسول الإنسان:

أذكر لك موقفاً واحداً لترى خُلق النبي صلى الله عليه وسلم في العفو والصفح عمن أذاه وآذى اتباعه بل وحارب دعوته سنوات طوال فما ظنك ما هو فاعل بهم لو تمكن من رقابهم؟!.

لقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة بعد ثمان سنوات من هجرته وأصحابه بعدما ألجأهم كفار قريش للهجرة.

ثلاث عشرة سنة قبل الهجرة أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته لقومه ولك أن تتخيل مدى الصد والتعذيب والتنكيل الذي حدث لأتباعه ومدى سفاهة القوم وتطاولهم على النبي صلى الله عليه وسلم.

فأكثر من عشرين عاماً قضاها كفار مكة في حربهم لهذه الدعوة والصد عن سبيلها بل وتفننوا في تعذيب من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم والتضييق عليهم والنيل منهم ولما عاد إليهم بعد هجرته بثمان سنوات جاءهم في جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل وتمكن من القوم - فماذا قال لهم؟!.

من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.

ومن ألقى السلاح فهو آمن.

ومن أغلق بابه فهو آمن.

أرأيت شخصية في تاريخ الأمم مثل هذه الشخصية الذي كان سمته العفو والصفح عمن أذاه بعد تمكنه من رقابهم ولا ترى أي معقب على فعله لو فعل ، بل قد نراه محقاً لو أمر بقطع رقاب من آذوه وآذوا صحابته فتنوهم عن دينهم ، نراه محقاً لو انتقم ممن سبه أو شتمه أو نال من عرضه ولكنه لم يفعل وكيف يفعل وهو صاحب الأخلاق القويمة المستقيمة - فقد كان خُلقه القرآن.

فهذا موقف واحد مع تعدد المواقف التي لا تحصى المبينة لتربيته على المعاني الأخلاقية حتى قال عنه ربه (وإنك لعلى خلق عظيم) لم نعرف في التاريخ شخصية كشخصية النبي صلى الله عليه وسلم - لا نعرف لها مثيلاً في العفو والصفح.

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)

هم قد آذوه وضربوه حتى أدموه وقد سال منه الدم من ضربهم وما دعا عليهم ولكنه دعا لهم بالهداية.

أمثل هذا يُسب أو يُعاب أو يُساء إليه؟!!!.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً