الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

طريق الجنة

(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)

طريق الجنة
محمود دراز
الخميس ٢٥ فبراير ٢٠٢١ - ٢٢:١٨ م
332

طريق الجنة

كتبه/ محمود دراز

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فإن جميع البشر ممن اعتقدوا بالجنة والنار أمنياتهم أن يكونوا من سكان الجنة، بل من سكان الفردوس فيها؛ فكيف يكون الطريق إلى الجنة؟

لقد اختصر الله لنا الكلام بقوله -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، فمن هنا نعلم كيف يكون الطريق إلى الجنة وهو عبادة الله، ولكن كيف تكون العبادة؟ فهناك مَن يعبد الله بجهل، فيشرك معه غيره؛ لذا اشترط الله أن يغفر الذنوب جميعًا إلا الشرك، وهذا في قوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (النساء:48).

وقد وضع القرآن والسنة لنا القواعد التي نعبد الله بها، والاعتقاد بالتوحيد أول الطريق؛ لذا أرسل الله الكثير من الرسل والأنبياء، وكلهم يشتركون في تبيلغ التوحيد؛ أي: إفراد الله بأسمائه وصفاته؛ ولذا كان أول الأركان في رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث بُني الإسلام على خمس الذي رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللهُ، وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ).

وشهادة أن لا إله إلا الله فيها النفي والإثبات؛ نفي أي إله غير الله، وإثبات الألوهية لله وحده لا شريك، ولا ند له -سبحانه-، وبعد إقرارك بتوحيد الله، إقرارك واعتقادك بأن محمدًا رسول الله، ومَن لا يعتقد ذلك فهو من زمرة الكافرين المخلَّدين في جهنم، وبعد إقرارك بالتوحيد والنبوة بدأ بالعبادات البدنية والقولية، وهي إقامة الصلاة فذُكر فيها مِن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعن أبيه عن النبي -صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: (بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ).

وهذا لشدة تاركها، وقد فصَّل العلماء فيمَن تركها جاحدًا أو تكاسلًا بين التكفير والتفسيق، وكلاهما مجرم في حق نفسه، عاصيًا لأوامر الله، خاسرًا خسرانًا عظيمًا.

وبعد ذلك العبادات المالية وهي حق الفقير من أموال الزكاة، وهذا لمن امتلك المال وبلغ النصاب وحال عليه الحول، ولكن هناك الكثير من النفوس الشحيحة التي تُسقط هذا الركن من حسبانها بعدم تنفيذه، وهناك مَن لا يزكي بالمبلغ المفروض عليه.

وبعد ذلك الحج، وهو عبادة قائمة على الاستطاعة من حيث الصحة والمال وقضائها، واجب لمن استطاع حتى لو مات صاحب المال، وذلك لما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ: (نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟)، قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: (اقْضُوا اللَّهَ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ) (رواه البخاري).

وبعد ذلك صوم رمضان، والصوم يبلغ فيه الصائم أعلى درجات العبادة كما جاء في حديث الإيمان الطويل لما سُئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مِن جبريل -عليه السلام- عن الإحسان، فقال: (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) (متفق عليه).

فيا مَن تبحث عن طريق الجنة؛ فالطريق أمامك واضح في كتاب الله وسنة نبيه دون واسطة أو تحايل على شرع الله!

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة