الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الرسالة الإيجابية من خلال وقائع وأحداث قصة يوسف -عليه السلام-

الرسالة الإيجابية من خلال وقائع وأحداث قصة يوسف -عليه السلام-
سعيد السواح
الأحد ٢٨ مارس ٢٠٢١ - ١٨:٠٣ م
873

الرسالة الإيجابية من خلال وقائع وأحداث قصة يوسف -عليه السلام-

كتبه/ سعيد السواح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقصة ووقائع وأحداث هذه القصة؛ قصة يوسف عليه السلام ، تعطي الأمل والتفاؤل، وتدفع إلى العمل، وتعالِج الإحباط، والهزيمة النفسية والانهزامية، واليأس الذي ينتاب الإنسان إذا تعذر التغيير والتمكين.

التساؤلات:

- كيف مكَّن الله -عز وجل- لرجلٍ واحدٍ، فحفظ به البلاد والعباد من الضياع والهلاك؟

- وما مقومات هذا الرجل الذي مَكَّن الله له؟

فيوسف عليه السلام رجلٌ واحدٌ مَكَّن الله له، وأصلح به البلاد والعباد من الضياع والهلاك، فبالنظر إلى مجريات الأحداث التي مَرَّ بها يوسف عليه السلام ، وخاصة إلى ظاهرها ما كان أحدٌ يظن أن تبلغ في النهاية ما بلغت ولكن ربك فعال لما يريد، غالب على أمره ولكن أكثـر الناس لا يعلمون! فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون.

وإن كل ما يتمناه مَن يرى أحداث هذه القصة ويتابعها، أن يُنقذ يوسف عليه السلام مما تعرض له مِن محنٍ وفتنٍ وابتلاءاتٍ، ولم تشر الأحداث من قريبٍ ولا من بعيدٍ، أن هذا الرجل سيُمكَّن له.

- يوسف -عليه السلام- في الجب.

- يوسف -عليه السلام- يقع في الرق.

- يوسف -عليه السلام- في بيت العزيز

- يوسف -عليه السلام- في فتنة امرأة العزيز.

- يوسف -عليه السلام- في السجن.

ثم ماذا بعد؟!

يوسف -عليه السلام- على خزائن الأرض!

- يوسف -عليه السلام- في الجب:

إخوة يوسف -عليه السلام- قد أخذوا قرارهم بالتخلص منه لينزعوه مِن أحضان أبيه يعقوب -عليه السلام-؛ لأنهم رأوا أن أباهم قد صَرَف اهتمامه إلى يوسف -عليه السلام- وأخيه بنيامين، وأنهما استحوذا على مشاعر أبيهم يعقوب -عليه السلام- فلم يعد يهتم بهم، فكان قرارهم بالتخلص من يوسف -عليه السلام- لكي يصرفوا وجه أبيهم إليهم، ثم كان الاقتـراح البديل أن يُلقوه في الجب بدلًا مِن القتل... وقد نفذوا هذا المخطط.

- يوسف -عليه السلام- في الرق:

يقدِّر الله -تعالى- ليوسف -عليه السلام- أن يمر بالبئر قومٌ سفر، يدلون دلوهم -لما أرادوا السقاية من البئـر-، فيمسك يوسف -عليه السلام- بالحبل المدود للدلو، فيُنقذ من موت محقق، ثم أسروه عبدًا لهم.

- يوسف -عليه السلام- في بيت العزيز:

يقدِّر الله -تعالى- ليوسف -عليه السلام- أن تبيعه هذه السيارة، فكان البيت الذي اشتراه بيت ملك وسلطان (بيت عزيز مصر)، وقد ألقى الله -عز وجل- محبة يوسف -عليه السلام- في قلب العزيز وامرأته، فعاملوه أحسن معاملة، وفُرِّغ للعلم والدراسة والتحصيل، وهذا مما أُهِّلَ به يوسف -عليه السلام- لأمرٍ قد قَدَّره الله له.

- يوسف -عليه السلام- وفتنة امرأة العزيز:

ولما أصبح يوسف -عليه السلام- شابًا يافعًا فتيًّا، لَعِب الشيطان بامرأة العزيز، فأرادت يوسف لنفسها، وراودته عن نفسه؛ فقد بُهرت بيوسف -عليه السلام- وشبابه وجماله، وحسن صورته، ولكن يوسف -عليه السلام- امتنع واعتصم بربه -سبحانه-، وأصر على امتناعه؛ على الرغم من اجتماع نسوة الكبـراء والأشراف على يوسف -عليه السلام- لكي يجيب مطلب سيدته، ولكنه اعتصم بربه على الرغم مما تعرض له مِن ضعوط نفسيةٍ وإكراهٍ؛ فنجَّاه الله مِن هذه الفتنة فأودعوه السجن.

- يوسف -عليه السلام- في السجن:

تم إيداع يوسف -عليه السلام- السجن، وتم اعتقاله بعد ما تأكدوا من برائته، لكن رأى الملأ أن يودع السجن حتى حين من غيـر مدة محددة؛ بلا قضية، وبلا تهمة أو جريمة! ولبث في هذا السجن بضع سنين، وكـأنهم نسوه! وكيف يفكرون في يوسف وهو عبد مملوك؛ فلا ينشغلون به حتى لو قَضَى مدة حياته وعمره في السجن حتى الموت؟! فهذا لا يشغل الملأ؛ لأنك لا تنتظر من الظلمة غير ذلك.

- يوسف -عليه السلام- وخروجه من السجن:

قَدَّر الله -تعالى- ليوسف -عليه السلام- أن يخرج من السجن فقدَّر الله للملك أن يَرى في منامه رؤيا؛ رأى سبع بقرات سمانٍ يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، وعرض الملك رؤياه على الملأ لكي بُعَبّـرون له الرؤيا، فعجزوا عن تعبيرها، وزيادة في جهلهم قالوا: إنها ليست برؤيا، ولكنها أضغاث أحلام!

وقَدَّر الله -تعالى- لهذا السجين الذي كان مع يوسف في السجن، وكان قد خرج كما أَوّلَ له يوسف -عليه السلام- رؤياه التي رآها، فتذكر يوسف -عليه السلام- وعِلْمَه بالتأويل، وتعبيـر الرؤيا، فطلب مِن الملك أن يرسله إلى السجن حيث يوسف -عليه السلام-، فإنه عليم بتأويل الرؤيا.

فمكَّن الله ليوسف -عليه السلام- أن يؤول هذه الرؤيا، فوقعت الموقع في قلب الملك والقوم، فطلب الملك أن يأتوه بيوسف -عليه السلام-، فرفض الخروج حتى يعلن برائته مما نسب إليه، واتُهم به، وقال لهذا الرسول: (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) (يوسف:50)؛ فاعترفن ببـراءة يوسف -عليه السلام-، ونزاهته، وعفته وطهارته؛ حتى امرأة العزيز أعلنت ذلك، واعترفت أن يوسف -عليه السلام- طاهرٌ غفيفٌ.

فما كان مِن المَلِك إلا أن جعل يوسف -عليه السلام- من خواصه، ومن المقربين إليه، واستمع إلى قصته، فطلب منه يوسف -عليه السلام- أن يجعله على خزائن الأرض؛ لأن معه من المقومات والمؤهلات التي تجعله يسوس هذا الأمر ويديره، فهو حفيظ عليم.

- يوسف -عليه السلام- في الملك والسلطان:

فمكَّن الله ليوسف -عليه السلام- أن يكون على خزائن الأرض؛ ليدير هذه الأزمة التي ستتعرض لها البلاد والعباد، (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:56).

- يوسف -عليه السلام- يعلن كيف مَكَّن الله له:

(إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:90).

- الرسالة الإيجابية:

ماذا بعد المحن والابتلاءات؟

أنها لا تزيد المؤمن إلا صلابة في دين الله -تعالى-، وتبصرة بالطريق ثم يكون التمكين، فلم يُمَكِّن الله -تعالى- ليوسف -عليه السلام-؛ إلا بعد الابتلاءات والزلازل التي تَعَرَّض لها.

رجل واحد أنقذ الله به مصر من الهلاك والضياع، بل وكانت مصر لها الأيادي الطيبة على البلاد المجاورة في هذه الأزمة حيث يأتون إلى مصر، ويحملون معهم من خيراتها بعد ما أصابهم الجدب والقحط.

- الإرشاد والتوجيه المستفاد من القصة:

العمل المتواصل في الدعوة لدين الله بعلم وبصيرة، وبعقيدة سليمة صحيحة: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108).

فلم يتمكن يوسف -عليه السلام- إلا مِن خلال ما حصَّله مِن علوم؛ سواء شرعية أو علوم تختص بالعمران، وكان يوسف -عليه السلام- عبد صالح؛ وصفه الله -تعالى- بأنه من المحسنين، ومن المخلصين، ولم يصل إلى هذه الرتبة إلا من خلال إقامة ما أمر الله به مِن عبادات وسلوكيات.

- فها هي طبيعة الطريق إلى الجنة: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً